قبل 100 عام، وضعت صحيفة «أم القرى» الإطار العام للحركة الإعلامية والثقافية مع صدور عددها الأول في ديسمبر (كانون الأول) من عام 1924، لتصبح بعد ذلك الذاكرة الرسمية التي تحمل بين صفحاتها أبرز القرارات والأنظمة واللوائح التي اعتمد على تفاصيلها كثير من وسائل الإعلام.
كانت الصحيفة عاملاً مهماً في توثيق المحطات التاريخية التي انطلقت مع دخول الملك عبد العزيز - رحمه الله - لمكة المكرمة، تحت عنوان «هذا بلاغ» في عددها الأول، واستمرت على هذا المنوال في التوثيق والرصد للأحداث الكبيرة التي تمر بها البلاد إبان مرحلة التوحيد، ومن ذلك قرار تغيير المسمى من «المملكة الحجازية النجدية وملحقاتها»، إلى المملكة العربية السعودية في عام 1932 وهي من أبرز الأخبار التي كان لها صدى لدى العامة، فيما كان أكثر الأخبار حزناً ما جاء تحت عنوان «المصاب الجلل بموت عاهل الجزيرة الأكبر».
ورصدت «أم القرى» المسار الفكري الذي كان سائداً قبل 80 عاماً أو يزيد، وتعاملت مع الأحداث بكل دقة بكلمات بليغة مدعومة بالصورة للمتلقي لتجعله يعيش الحالة كما ينبغي، وكان ذلك واضحاً في كثير من تقاريرها المصورة، ومنها تقريرها عن كسوة الكعبة في عام 1931 تحت عنوان «مناظر من كسوة الكعبة المشرفة المصنوعة في مكة»، كذلك دقتها في نقل الأحداث العامة للمتلقي والاحتفالات، وذلك بهدف رسم المشهد العام في كلمات، ومن ذلك ما كتب على صفحتها الأولى، وهي تنقل الاحتفال الرسمي بإعلان ملكية نجد وملحقاتها في عام 1927، إذ تذكر في مطلع المادة؛ ترتيب الحفل، تشريف نائب الملك، خطاب الأمير، لتنتقل إلى تفاصيل الحفل مع وصول الأمير بعبارة «إنه في الساعة الثالثة والدقيقة العاشرة بدأت الحفلة» مع وصف الأثاث والترتيبات بشكل موسع لتنقل الموجود لمن هو غير موجود.
وحرصت الصحيفة على نقل الاجتماعات الهامة، ومن ذلك «ميثاق جامعة الدول العربية» المؤرخ في عام 1945. وأفردت حينها صفحات لهذا الحدث المهم، شمل بنود الميثاق، وما جرى بعد التوقيع من احتفالات، وهذا يوضح بحسب مختصين في الإعلام أن الصحيفة لم يقتصر دورها على نقل الحدث فقط، وإنما التوسع فيما بعد الخبر، وكان واضحاً ذلك في كثير من التقارير والأخبار التي كانت تنقلها برفقة أحداث رسمية. ومن أبرز الأعداد ما صدر تحت عنوان «المرسوم الملكي بشأن إبرام ميثاق الأمم المتحدة» في عام 1945، الذي تناول توقيع السعودية على ميثاق الأمم المتحدة.
وتناوب على رئاسة الصحيفة عدد من الكفاءات الإعلامية البارزة والمؤثرة، تقدمهم في السنوات الأولى للصحيفة الشيخ يوسف ياسين، وحقق كثيراً من الإنجازات، ليسلم الراية بعد ذلك إلى رشدي ملحس، وهما من الشخصيات الهامة في السلك الدبلوماسي، ووضعوا إبان رئاستهم الخطوط العريضة وشخصية الصحيفة في المواد والإخراج، وتعاقب بعد ذلك عدد من الرؤساء محمد سعيد عبد المقصود، ثم فؤاد شاكر، وعبد القدوس الأنصاري.
وفي محاولة للحفاظ على هذا الكم من التاريخ في بطن الأوراق التي تصدرها صحيفة أم القرى من الهلاك وعبث حشرة «العثة» في بعض أعدادها القديمة، سارعت الصحيفة بالتعاون مع «دارة الملك عبد العزيز» في ترميم ومعالجة الأعداد التي تعرضت للتلف، على يد خبراء متخصصين قاموا بعمليات ترميم وتحسين للأعداد التي تعرضت لشيء من التلف للحفاظ عليها من الضياع، ومن ثم دخلت هذه الأعداد بعد تحسينها مرحلة الأرشفة إلكترونياً واستكمال ما نقص منها بالتعاون مع الشركاء.
«أم القرى» رصدت الحراك الثقافي والفكري على مدى 100 عام
تناوبت على رئاستها كفاءات إعلامية بارزة ومؤثرة
«أم القرى» رصدت الحراك الثقافي والفكري على مدى 100 عام
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة