جدل عراقي حول مشروع قانون «الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية»

جدل عراقي حول مشروع قانون «الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية»
TT

جدل عراقي حول مشروع قانون «الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية»

جدل عراقي حول مشروع قانون «الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية»

ترى القوى السياسية المؤيدة لمشروع قانون «الدعم الطارئ للأمن الغذائي»، وهي هنا قوى تحالف «إنقاذ وطن» المؤلف من (الكتلة الصدرية، الحزب الديمقراطي الكردستاني، تحالف السيادة)، أن القانون يحقق الأمن الغذائي للعراق ويخفف من حدة الفقر ويحقق الاستقرار المالي في ظل الظروف الدولية الراهنة ويسهل عملية تقديم الخدمات للمواطنين والارتقاء بمستواهم المعيشي. في مقابل ذلك، ترى قوى نيابية أخرى أن مشروع القانون ربما يشكل مدخلاً جديداً للفساد وهدراً للأموال وذريعة للقوى المهيمنة على البرلمان لتجاهل قانون الموازنة الاتحادية.
ومن بين أكثر من 10 ملاحظات يقدمها، يعتقد النائب أحمد الربيعي أن مشروع القانون «خطير جداً ويحوّل صلاحيات البرلمان في إعداد الموازنة للحكومة بشكل دائمي ويُفرغ الموازنة السنوية العامة تماماً من مضامينها ويجعل قرارات الحكومة حاكمة ومقدمة على قرارات البرلمان المالية».
ويتفق باحثون ومحللون خارج القبة البرلمانية على انتقاد مشروع القانون ويعتبرونه أيضاً طريقة أخرى من طرق الفساد وخرقاً للقانون، باعتبار أن حكومة تصريف الأعمال الحالية لا يحق لها إرسال مشاريع القوانين إلى البرلمان لانتهاء ولايتها، حيث لا تسمح القوانين لمجلس النواب بتشريع القوانين، إلا في حدود ضيقة، ما لم ترسل من قبل مجلس الوزراء أو رئاسة الجمهورية.
والواضح أن مشروع القانون المقترح هو أحد نتائج ما بات يعرف بـ«الانسداد السياسي» نتيجة الصراع على السلطة بين القوى السياسية الذي يحول دون إقرار حزمة القوانين التي تمس حاجة البلاد إليها وتنعكس بشكل وثيق على حياة المواطنين ومنها قانون الموازنة الاتحادية التي يتوقع عدم إقرارها هذا العام نتيجة تأخر إعلان تشكيل الحكومة بعد أكثر من 5 أشهر على إجراء الانتخابات البرلمانية العامة.
من جانبها، استضافت اللجنة المالية في البرلمان، أمس الثلاثاء، وزراء المالية والتجارة والدولة لشؤون مجلس النواب، إلى جانب وكيل وزارة المالية مدير عام دائرة الموازنة ومدير عام الحسابات في الوزارة، لمناقشة حيثيات قانون الدعم الطارئ والأمن الغذائي والتنمية والتعديلات اللازمة بشأنه، طبقاً لبيان الدائرة الإعلامية في البرلمان. وأضاف البيان أن «نواب اللجنة بحثوا مواد مشروع القانون لأخذ ملاحظاتهم القانونية والأسباب التي أدت لإرساله إلى المجلس، وكيفية توزيع التخصيصات اللازمة للمشاريع، والتأكيد على حذف المادة المتعلقة بالاقتراض في ظل الوفرة المالية».
‏ولفت إلى أن «مداخلات أعضاء اللجنة المالية تركزت بالكشف عن الحسابات الختامية ونسب الإنفاق والإيرادات، إضافة إلى أهمية تعظيم الإيرادات غير النفطية والتزاماتها وحقوق إقليم كردستان إضافة إلى معرفة أسباب الاقتراض الداخلي والخارجي وكيفية صرف الأموال وتسديد الديون والرسوم والضرائب».
بدوره، يقول النائب هادي السلامي إن «مشروع القانون من حيث المبدأ ربما يساعد في تقليل العبء المعيشي عن المواطنين في ظل أزمة ارتفاع الأسعار الحالية وتراجع أوضاع البلاد الاقتصادية، لكن يجب أن يشرع بطريقة لا تسمح لمافيات الفساد باستغلاله والنفاذ من بعض ثغراته». لكن السلامي يرى في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن «تشريع القانون يواجه مشاكل عديدة ومنها أنه لم يمرر إلى مجلس الدولة للمصادقة عليه إلى جانب تقديمه من قبل حكومة تصريف الأعمال وهذا الأمر غير قانوني ولا أستبعد الطعن فيه أمام المحكمة الاتحادية في حال أصرت القوى الداعمة له على تمريره في البرلمان».
ويعرب السلامي عن خشيته من أن يمثّل القانون «موازنة مصغرة ويكون بديلاً عن الموازنة العامة». ويمول مشروع القانون، طبقاً لمسودته الأولية التي ناقشها البرلمان، أول من أمس، من الأموال الموجودة في حسابات وزارة المالية إلى جانب المنح الإعانات المقدمة من الدول والمنظمات المحلية والدولية، وتخصص 35 في المائة منها لتحقيق الأمن الغذائي وتخفيف حدة الفقر والتنمية، ويخصص مثلها لمشاريع الوزارات والجهات غير المرتبطة بوزارة، ويذهب ما تبقى من الأموال لتعزيز السيولة الوقائية للخزينة العامة والديون الخارجية واستيراد الغاز والطاقة وكلف إنتاج النفط والنفقات الطارئة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».