«رقصة مطر»... مأساة ممزوجة بالنغمات

مسلسل عن صراع العنف والموسيقى على مذبح الموت

مكسيم خليل ورلى بقسماتي في لقطة من المسلسل
مكسيم خليل ورلى بقسماتي في لقطة من المسلسل
TT

«رقصة مطر»... مأساة ممزوجة بالنغمات

مكسيم خليل ورلى بقسماتي في لقطة من المسلسل
مكسيم خليل ورلى بقسماتي في لقطة من المسلسل

لم يطل غياب مكسيم خليل عن المسلسلات البوليسية الحائمة حول الجريمة. منذ أشهر، عرض له «شاهد» مسلسل «8 أيام»، وأنهى أخيراً عرض «رقصة مطر» من بطولته وإيميه الصياح ورلى بقسماتي. ينزع الفنان السوري عنه شخصية ليتنفّس أخرى. هو «المايسترو» بصراع الخير والشر المحتدم في داخله.
وإيميه الصياح تبلغ بشخصية «حنين» مرتبة الشغف. لا ترضى معها بأنصاف الأشياء. فهي الحب والخيانة والجنوح، والاندفاع والفوضى والاحتراق بالنار. بينهما، رلى بقسماتي بدور المحامية «رانيا». برغم بعض المبالغات، تفرض كامل حضورها. تحت سماء ماطرة يخترقها صوت الرعد، يحمل «المايسترو بسام القاضي» جثة «حنين ماضي» بفستانها الأحمر المموّج بالسواد ويرميها بجانب منزله. يظهر مرتكب الجريمة في الحلقة الأخيرة، بعدما التصقت التهمة به، فأبعدها بحيله عنه، وبشطارة محاميته «رانيا»، حبيبته السابقة المأخوذة بلفحات الحنين، والمندفعة تجاهه بكثير من مشاعر الماضي. تُرفع أصابع الاتهام في وجه المايسترو الشهير، ثم تعلن براءته حين يخرج إلى الضوء مشتبه فيه آخر، هو الموسيقي السابق في فرقته «نزيه» (وسام صليبا). سرعان ما يدفع ثمن فبركة القضية، وبشفرة، يقطع أوتاره في السجن وينهي حياته. في القصة (تأليف بيتر صموعة) تداخُل يجعل المتابع يتلهّف لفضح المستور. 13 حلقة، ترفعها موسيقى زياد بطرس إلى فوق. رائعة إيقاعاته في الخلفية، وفي منعطفات الأحداث ومصير الشخصيات. المأساة الممزوجة بالنغمات، متعة أخرى. كأن ينتحر «نزيه» وينزف جمالاً بدل الدماء! لقطة العزف على الكمان، كدلالة إلى أحلامه المقتولة، تزامناً مع لحظة قطعه شرايين يديه، يقدّمها جو بو عيد باحتراف إخراجي. كلقطة اعتراف «بسام» لـ«رانيا» بأنه قاتل حنين، والكاميرا تدور كأنها تراقص الموسيقى. استعادة مذهلة لتحوّل الإنسان من فنان إلى وحش.

                                                                          إيميه الصياح في شخصية «حنين»

لولا رشّة الألوان الإضافية على الصورة، وإهمال حقيقة أنّ ما يزيد على حدّه ينقلب إلى ضدّه، ولولا الشعر المستعار (المضحك!) على رأس «بسام» للدلالة إلى لقطات من ماضيه، لفرضَ أداء جو بو عيد الإخراجي اعترافاً صادقاً بتميّزه. ومع ذلك، مرّت مشاهد مشبّعة بالجمال، خصوصاً لحُسن الاستفادة من موسيقى فنان كبير كزياد بطرس، وتوظيفها لمصلحة روعة المسلسل. في المعركة نحو العدالة، يتكاثر الضحايا. يحمل «بسام» من طفولته إحساساً بالاضطهاد ونفوراً من مجتمع يُصدر أصواتاً مزعجة بلا رحمة، داخل المنزل وعلى الطرقات وأماكن العمل وفي العلاقات ولغة التخاطب. يجد في الموسيقى عزاءه، هو المخبّئ اضطرابه خلف صورة مايسترو كبير، يقف له الجمهور مع نهاية العرض ويصفقون بحرارة. فقائد الفرقة ينهمك بـ«المثالية»، يرتّب حياته كأنها قميص يخرج للتو من لهيب المكواة، يخشى مساً بمساحته وعبثاً بعوالمه. عاش عذابات المصحة العقلية، ولفّق كذبة إصابته بالباركنسون لإبعاد تهمة القتل عن أصابعه. «إيغو» عالٍ، وغرور يلمع تحت الضوء. الرهان عليه دائماً في محلّه.
بدافع فشل حياتها العاطفية من بعده (ومعه)، تتمسك «رانيا» بالمرافعة عنه بعد الاشتباه فيه بقتل «حنين». وبدافع الخيبة العاطفية نفسها تتسمّك لاحقاً بإيجاد دليل إدانته، لا لتحقيق العدالة للمقتولة خنقاً بوتر بيانو، والمرمية ليلاً في الشارع تحت المطر، بل لإزاحته من حياتها، بعدما عاد ليدخلها من الباب العريض، فإذا بها بزجّه في السجن تتخلص من سطوة حبه. لكن، بلقطة فنية عالية، يعيد الزمن نفسه، فيخنقها كما خنق «حنين»، بالاقتصاص نفسه وبإعلاء مقولة «من الحب ما قتل».
ظلّت القضية مبهمة والحقائق غير مكتملة حتى الحلقة الأخيرة، حيث المواجهة النهائية على طاولة العشاء. ورغم أنّ وسام صليبا أدّى بمهارة شخصية «نزيه»، وفرض التعاطف مع الموسيقي المخذول في داخله، لا سيما من أبيه، وبعده من زوجته (بياريت قطريب بشخصية «سامية» الغامضة)، ومنحها بُعداً فنياً صادقاً، بدا مستغرباً تنفيذه أوامر «بسام»، عدوّه اللدود، ومُجهض أحلامه في قيادة الفرقة، فيُقدم على الانتحار بمجرّد إشارة منه! تراءى الدافع هزيلاً، من دون تبريرات مقنعة. ومع ذلك، يؤكد صليبا تقدّماً في اللعب بالملاعب الصعبة.
المتلاعبة بالشخصيات من مسلسل إلى آخر هي إيميه الصياح. تخبّئ «حنين» في صورة الشابة الطموحة، المستعدة للحب والمحتاجة له، حقيقة أشدّ فداحة عنوانها الانتهازية والمصلحة والطعن في الظهر. سيّج «بسام» لنفسه عالماً «سعيداً» يكون نجمه التوّاق إلى الخلود بالموسيقى، فاخترقته متستّرة بقدرتها على التحوّل من عاشقة إلى لعوب. منحها أنبل ما يملك: الثقة، وأدخلها إلى غرفة أسراره، حيث مقطوعاته التي لم تُعزف. فلش حياته أمام عينيها، وباتفاق مع «نزيه» مقابل المال، أوقعته في فخّها وسرقتها.
تمثيلها لا يزيح على الخط. في إيميه الصياح مَلَكة «التورّط» في الشخصية، فتحبّ من دون إثارة الشك بمشاعرها، وتخون على المهل، ثم ترتكب «جريمتها» وتدفع ثمنها. الأهم أنها حقيقية أمام الكاميرا. بسهولة، نصدّقها.
خيوط تلو الخيوط، بقبضة المحامية «رانيا»، صاحبة الشخصية القوية في الظاهر، الهشّة عاطفياً من أعماقها. رلى بقسماتي في دور يكاد يشكل نقلة بين أدوارها التمثيلية. في إمكانها أن تكون الحالتين: الصلابة والضعف البشري. تجسّدهما باحتراف. ولأنها عاشقة من دون أمل، باغتتها أحاسيسها، ففي المرة الأولى أرادت رجلها بريئاً بأي ثمن، كردّ اعتبار لنفسها كامرأة تشاء تأكيد دورها في حياته وبأنه لا يستطيع النجاة من دونها؛ وفي المرة الثانية بإثبات التهمة عليه لطي صفحته إلى الأبد. تمنح «الصباح أخوان» المسلسل ما يحتاجه للارتقاء في المستوى، بدءاً من موسيقى الشارة والموسيقى التصويرية، مروراً بالتفاصيل. في كل منا شرٌ إنساني، ثمة ما يتحكم في ضبطه. لم يكن «بسام» ليخاف على شيء كخوفه على كنزه الموسيقي، وحين سرقته «حنين»، دمّر الغضب الفنانَ فيه، فقتل مرتين. أبشع صورة عن المرء تخرج منه حين تُنتزع سعادته.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.