مرافقو نائبة صدرية يعتدون على ناشطين في بابل

أحدهم تعرض لجروح خطيرة كادت تودي بحياته

صورة على الإنترنت لنواب حركة امتداد وضمنهم أمينها العام علاء الركابي في جلسة احتجاجية لمحاسبة المتورطين في الحادث
صورة على الإنترنت لنواب حركة امتداد وضمنهم أمينها العام علاء الركابي في جلسة احتجاجية لمحاسبة المتورطين في الحادث
TT

مرافقو نائبة صدرية يعتدون على ناشطين في بابل

صورة على الإنترنت لنواب حركة امتداد وضمنهم أمينها العام علاء الركابي في جلسة احتجاجية لمحاسبة المتورطين في الحادث
صورة على الإنترنت لنواب حركة امتداد وضمنهم أمينها العام علاء الركابي في جلسة احتجاجية لمحاسبة المتورطين في الحادث

حتى فجر أمس، الأربعاء، كان عدد كبير من الناشطين والمؤيدين للحراك الاحتجاجي ينتظرون بفارغ الصبر الأخبار الواردة من أحد المشافي في مدينة مستشفى الحلة، عن حالة الناشط ضرغام ماجد وخمسة من رفاقه بعدما تعرضوا للضرب المبرح بالعصي والهراوات على يد مرافقي النائبة عن التيار الصدري سهى السلطاني.
ووسط أنباء عن تردي حالة ضرغام الصحية واحتمال مفارقته للحياة، كتب الناشط المدني في محافظة النجف أبو زين العابدين الحسناوي، فجراً، على «الفيسبوك»: «تم إيقاف نزف (دماغ) الدكتور ضرغام والفعاليات الحيوية (في جسده) مستقرة جميعها وجار التحضير الآن لنقله إلى ردهة الإنعاش لحين استقرار حالته الصحية».
في الصباح، ظهرت آثار الجروح والكدمات على وجه الناشط وهو يطالب أصدقاءه ومؤيديه، عبر فيديو، بالحفاظ على أرواحهم استعداداً لجولة مظاهرات جديدة.
في خلفية حادث الاعتداء، يؤكد ناشطون أن ضرغام ماجد كان يقود مبادرة لتسليم أعضاء البرلمان عن محافظة بابل دعوات لمحاسبة الحكومة بشأن الارتفاع الأخير للمواد الغذائية، فتعرض للاعتداء ورفاقه من قبل مرافقي النائبة سهى السلطاني.
أفلام فيديو متداولة أظهرت قيام المرافقين بإطلاق النار العشوائي لتفريق المتظاهرين والهجوم عليهم بالعصي والهراوات. كما أظهرت مقاطع مصورة عشرات المتظاهرين وهم يهتفون أمام المشفى الذي نقل إليه ضرغام وبقية المصابين: «كلا... كلا... للتيار»، في إشارة إلى التيار الصدري.
وفيما لم يصدر عن السلطاني أو التيار الصدري (حتى إعداد هذا التقرير) أي بيان حول تفاصيل الحادث وملابساته، تحدثت مواقع إخبارية عن قيام مقتدى الصدر بتوجيه كتلته البرلمانية لفتح تحقيق فوري بالحادث.
ضرغام ماجد هو منذ سنوات من أشهر الناشطين في الحراك الاحتجاجي، ومعروف بهجماته الكلامية اللاذعة والتي تخرج أحيانا عن «حدود المتعارف» ضد معظم القوى والأحزاب السياسية وخاصة الشيعية منها.
ونظم عدد من أعضاء حركة «امتداد» النيابية وقفة احتجاجية في مكان الاعتداء مطالبين بتقديم المتورطين إلى القضاء. و«امتداد» انبثقت عن حراك تشرين الاحتجاجي عام 2019، وحصلت على 9 مقاعد برلمانية في انتخابات أكتوبر (تشرين الأول) 2021.
وأعلنت قيادة شرطة بابل فتح تحقيق شامل لمعرفة ملابسات الحادث. وقالت في بيان: «فُتح تحقيق شامل لمعرفة ملابسات حادث اعتداء طال ستة من المتظاهرين ضمنهم الناشط الدكتور ضرغام». وأوضحت أن «المعلومات الأولية تشير إلى أن الاعتداء حدث برمي الحجارة واستخدام العصي الغليظة، وفتح الرصاص الحي، وأن الخسائر اقتصرت على إصابة خمسة متظاهرين بجروح متفاوتة بالحجارة والعصي، والسادس بطلق ناري... تم نقل الجميع إلى أحد مستشفيات المحافظة لتلقي العلاج وكانت إصابة الناشط الدكتور ضرغام هي الأشد بينهما».
وأكدت القيادة «اعتقال أحد أفراد الحماية المتورطين بالحادث على خلفية صدور عدد من أوامر القبض من السلطة القضائية شملت جميع المعتدين، وأن الاجهزة الأمنية المختصة تلاحق البقية الآن».
ولا يعرف على وجه التحديد ما هي الخطوة التالية التي ستقدم عليها جماعات الحراك في الأيام التالية، لكن أوساطهم تتحدث عن إمكان انطلاق موجة جديدة من الاحتجاجات، يغذيها الارتفاع الكبير في أسعار السلع والمواد الغذائية، إلى جانب ما يثيره التلاعب المكشوف الذي تمارسه القوى السياسية بالنسبة للاستحقاقات الدستورية المتعلقة بانتخاب رئيس الجمهورية وتشكيل الحكومة.
ولعل أول بوادر موجة الاحتجاجات انطلقت، أمس، في مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار الجنوبية ضد ارتفاع الأسعار، ويعتزم ناشطون في أكثر من محافظة الخروج بمظاهرات مماثلة.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.