نظم ذكاء صناعي مدعومة بـ«البصيرة البشرية»

نظم ذكاء صناعي مدعومة بـ«البصيرة البشرية»
TT

نظم ذكاء صناعي مدعومة بـ«البصيرة البشرية»

نظم ذكاء صناعي مدعومة بـ«البصيرة البشرية»

كيف يمكن للتقنية النّاشئة أن تساعد الشركات في القضاء على التحيّز وبناء الثقة. منذ عقدين وأنا أعمل على طرق مساعدة نظم الذكاء الصناعي على العمل مع الجموع وأؤمن بحقّ بقدرته على منحنا حياة أكثر صحّة وسعادة وإنتاجية.
توجهات الذكاء الصناعي
يصاحب الذكاء الصناعي الكثير من التحديات طبعاً (كأي تقنية ناشئة أخرى) لا سيما أن الشركات باتت تفعّله بشكلٍ كامل. في الواقع، يشهد هذا العام تقدّم ثلاثة اتجاهات بارزة للذكاء الصناعي على الأقلّ... وأنا أراقبُ عن كثب كيف ستساعد هذه التحوّلات الأعمال في الاستمرار في مسيرة حلّ مشكلات الذكاء الصناعي عبر القضاء على الانحياز وبناء الثقة.
• التوجه الأوّل- تفعيل أخلاقيات وحوكمة الذكاء الصناعي: يتحدّث العالم منذ سنوات عن التخلّص من الانحياز في نماذج الذكاء الصناعي.
لا تسيطر هذه المخاوف على خبراء الصناعة فحسب، بل تبرز بازدياد في وسائل الإعلام العادية. فقد بثّت شبكة «إن بي سي» أخيراً حلقة من برنامج «أميركان أوتو» ركّزت على السيّارات الذاتية القيادة وفشلها في التعرّف على أصحاب البشرة الملوّنة وفي الضغط على الفرامل عند مصادفتهم.
يشهد هذا العام أيضاً أحاديث عن أخلاقيات الذكاء الصناعي ونقل موضوع تخفيف الانحياز من أُطر العمل النظرية إلى التطبيق في العالم الحقيقي. يتلقّى هذا التحوّل الدعم من الشركات الناشئة التي تؤمّن حلول الذكاء الصناعي للمراقبة والحوكمة للشركات. ولكنّ السؤال الكبير الذي يسيطر اليوم على الشركات التي تستخدم الذكاء الصناعي في أعمالها هو: هل يجدر بها إسناد مراقبة التعلّم الآلي لشركات خارجية كـ«كريدو» و«فيدلر» و«أرايز آي آي»، أو تطوير قدراتها الخاصّة لاختبار ومراقبة وتحليل نماذج التعلّم الآلي؟
توصية: لا تكثروا من التفكير بهذا القرار. ففي شركة «سمارت آي»، طبّقنا الكثير من إجراءات الدعم الداخلية، ولكنّني أتطلّع قدماً لاستكشاف الشراكات المحتملة مع الشركات الناشئة في مجال الحوكمة.
• التوجه الثاني- تنامي دور الذكاء الصناعي في مساحات العمل الهجينة: أظهر بحثٌ أخير أجرته شركة «مايكروسوفت» أنّ ما يزيد على 70% من العمّال حول العالم يرغبون باستمرار الخيارات المرنة للعمل عن بُعد. وقد صُممت بيئات العمل الهجينة لتبقى... وحتّى في شركتي، نعمل حالياً على تصوّر شكل مكان العمل الهجين في الواقع، وكيف يمكننا تجنّب الإنهاك الذي قد يصيب الموظفين. ولكنّني واثقة من أمرٍ واحد وهو أنّ الذكاء الصناعي مستمرّ في دعم الابتكار المستقبلي في عالم العمل.
لقد شهدنا أخيراً ارتفاعاً في عدد المنظّمات التي تحتضن التعاون وأدوات مساحات العمل المصممة لتعزيز مستويات المشاركة والسعادة. في الخطوة التالية، يمكن لترتيب مستويات الذكاء الصناعي أن يساعد المستخدمين في معرفة الكثير عن حال فريق العمل وأدائه. أنا مثلاً من أشدّ معجبي الشركات الناشئة من نوع «راي آي آي». التي تراقب الاجتماعات في الوقت الحقيقي لتحديد الأكثر مشاركة من الموظفين، والشعور العام المسيطر على «الغرفة»، وغيرها من السلوكيات المختلفة. مع الوقت، سيساعد جمع هذه المعلومات قادة الفرق على تحسين التجارب المستقبلية للموظفين، ونشر الرؤى التدريبية المفيدة، واكتشاف مهارات أعضاء الفريق.
استكشافات مستقبلية
• التوجه الثالث- استكشاف الذكاء الصناعي و«الويب 3.0»: لا بدّ أيضاً من مراقبة توجه ثالث يتمثّل بتقاطع الذكاء الصناعي مع عالم «الويب 3.0» والعملات المشفّرة والرموز غير القابلة للاستبدال.
يجب أيضاً التركيز على استخدام الذكاء الصناعي في البيانات الصناعية... أو ما يُعرف بالبيانات المبتكرة صناعياً. في عالمي، نلجأ إلى البيانات الصناعية طوال الوقت لتفعيل نماذج التعلّم وتدريب النماذج التوليديّة دون الحاجة إلى تخصيص أوقاتٍ طويلة وأموال طائلة لإنتاج أنساق متنوّعة من البيانات. لقد أصبحنا نرى شيئاً فشيئاً استخدام شبكات الخصومة التوليدية في «الويب 3.0» حيث يستطيع المستخدم ابتكار آلاف الشخصيات الصناعية والفريدة لملء الميتافيرس. يفتح هذا الأمر الباب لهندسة تجارب استخدام جديدة وحتّى لاستكشاف فرص تسويق وصناعة أموال جديدة (على شكل مؤثرين في الميتافيرس).
الأمر نفسه ينطبق على الرموز غير القابلة للاستبدال. صحيحٌ أنّ هذه الأخيرة لا تزال جديدة، ولكنّها تخفي الكثير من الفرص للاندماج مع الذكاء الصناعي وزيادة تفاعليتها. تخيّلوا مثلاً أن يُصار إلى تطوير رمز ذكي غير قابل للاستبدال قادرٍ على فهم اللغة الطبيعية، والقدرات الحسيّة، والرؤية الكومبيوترية، ويستطيع مشاركة الجماهير في المحادثات... قد يصبح لدينا رمز غير قابل للاستبدال قادر على إطلاعنا على «جذوره» مثلاً.
• «أنسنة» النظم: والمهم هو الإبقاء على أنسنة الذكاء الصناعي مهما اختلفت التوجهات، إذ تختلف الاتجاهات وتتعدّد ولكنّ العامل الثابت في عام 2022 هو الإبقاء على المركزية البشرية في معادلة الذكاء الصناعي. ويمهّد هذا الهدف الطريق أمام نشوء فئة تقنية جديدة هي الذكاء الصناعي المدعوم بالبصيرة البشرية... أي تقنيات ذكاء صناعي مصممة لتفهم وتدعم البشر وتتنبّأ بسلوكهم في البيئات المعقّدة.
لقد بدأت حتّى التحسينات التي أسهمت فيها استراتيجيات الذكاء الصناعي المدعوم بالبصيرة البشرية بالظهور للعالم، من التصاميم الداخلية للسيّارات إلى بيئات العمل الهجينة... وربّما حتّى في الميتافيرس. ولكنّ الأكيد أنّ تطبيق الذكاء الصناعي المدعوم بالبصيرة البشرية في أي مجال سيصبّ في مصلحتنا، وأنتظر بتوق توظيف هذه العوامل البشرية في دعم جميع أنواع تجارب الذكاء الصناعي خلال عامنا هذا وما بعده.
* مهندسة ومخترعة أميركية من أصل مصري،
أسست شركة «أفكتيفا» (Affectiva) بهدف تطوير
«الذكاء العاطفي للأجهزة التكنولوجية»، «مانسويتو فنشرز»
– خدمات «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

تكنولوجيا تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

نصح تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، مطوري التطبيقات في المنطقة باحتضان العملية بدلاً من التركيز على النتائج.

مساعد الزياني (دبي)
تكنولوجيا خوارزمية «تيك توك» تُحدث ثورة في تجربة المستخدم مقدمة محتوى مخصصاً بدقة عالية بفضل الذكاء الاصطناعي (أ.ف.ب)

خوارزمية «تيك توك» سر نجاح التطبيق وتحدياته المستقبلية

بينما تواجه «تيك توك» (TikTok) معركة قانونية مع الحكومة الأميركية، يظل العنصر الأبرز الذي ساهم في نجاح التطبيق عالمياً هو خوارزميته العبقرية. هذه الخوارزمية…

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)
خاص يمثل تحول الترميز الطبي في السعودية خطوة حاسمة نحو تحسين كفاءة النظام الصحي ودقته (شاترستوك)

خاص ما دور «الترميز الطبي» في تحقيق «رؤية 2030» لنظام صحي مستدام؟

من معالجة اللغة الطبيعية إلى التطبيب عن بُعد، يشكل «الترميز الطبي» عامل تغيير مهماً نحو قطاع طبي متطور ومستدام في السعودية.

نسيم رمضان (لندن)
خاص من خلال الاستثمارات الاستراتيجية والشراكات وتطوير البنية التحتية ترسم السعودية مساراً نحو أن تصبح قائداً عالمياً في التكنولوجيا (شاترستوك)

خاص كيف يحقق «الاستقلال في الذكاء الاصطناعي» رؤية السعودية للمستقبل؟

يُعد «استقلال الذكاء الاصطناعي» ركيزة أساسية في استراتيجية المملكة مستفيدة من قوتها الاقتصادية والمبادرات المستقبلية لتوطين إنتاج رقائق الذكاء الاصطناعي.

نسيم رمضان (لندن)

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)
تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)
TT

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)
تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

نصح تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، مطوري التطبيقات في المنطقة باحتضان العملية بدلاً من التركيز على النتائج، وقال: «المتعة تكمن حقاً في الرحلة. في كثير من الأحيان، نركز فقط على الوجهات - سواء كان ذلك إطلاق التطبيق الأول أو تحقيق الاكتتاب العام الأولي - ونفتقد الإنجاز الذي يأتي من المسار نفسه».

وشجَّع كوك، خلال لقاء خاص بعدد من المطورين في العاصمة الإماراتية أبوظبي، المطورين الشباب على متابعة شغفهم مع معالجة التحديات في العالم الحقيقي. وقال: «وجد المطورون الذين التقيتهم تقاطعاً بين اهتماماتهم وإحداث تأثير ذي مغزى، سواء كان ذلك من خلال تقديم خصومات على الطعام، أو تحسين أداء الرياضات المائية، أو تحسين إمكانية الوصول».

وشدَّد الرئيس التنفيذي لـ«أبل» على ثقته في منظومة المطورين المزدهرة في الإمارات، ودور «أبل» في تعزيز الإبداع، في الوقت الذي أكد فيه دور البلاد بوصفها مركزاً للتكنولوجيا والإبداع؛ حيث يستعد المطورون لإحداث تأثير عالمي دائم.

قصص للمبدعين

وشدَّد تيم كوك على النمو والديناميكية الملحوظة لمجتمع المطورين في المنطقة، مشيراً إلى وجود قصص للمبدعين المحليين، وشغفهم بإحداث فرق في حياة الناس.

وقال كوك في حديث مع «الشرق الأوسط»، على هامش زيارته للعاصمة الإماراتية أبوظبي: «مجتمع المطورين هنا نابض بالحياة وينمو بشكل كبير. لقد ازدادت الفواتير بنسبة 750 في المائة على مدى السنوات الخمس الماضية، مما يدل على نمو غير عادي».

وأضاف: «المسار لا يصدق»، مشيراً إلى حماس والتزام المطورين المحليين. ووصف التفاعل مع المبدعين بأنه «لمحة مباشرة عن الابتكار الذي يقود التغيير المؤثر».

وحول زيارته للمطورين في العاصمة السعودية، الرياض، قال الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، في منشور على منصة «إكس» للتواصل الاجتماعي: «من الرائع قضاء بعض الوقت في أكاديمية المطورات الخاصة بنا في الرياض. نحن فخورون بدعم مجتمع المطورين النابض بالحياة هنا، وتوسيع برنامجنا الأساسي لخلق مزيد من الفرص في البرمجة والتصميم وتطوير التطبيقات».

منظومة «أبل» وتمكين المطورين

وعندما سُئل عن دعم «أبل» للمطورين، أكد تيم كوك على منظومة «أبل» الشاملة، وقال: «نحن ندعم المطورين بطرق مختلفة، بداية من علاقات المطورين، إلى أدوات مثل (Core ML). نسهِّل على رواد الأعمال التركيز على شغفهم دون أن تثقل كاهلهم التعقيدات التقنية».

وزاد: «يلعب النطاق العالمي لمتجر التطبيقات، الذي يمتد عبر 180 دولة، دوراً محورياً في تمكين المطورين من توسيع نطاق ابتكاراتهم».

وأشار الرئيس التنفيذي لشركة «أبل» إلى أن «رائد الأعمال في أي مكان في العالم يمكنه، بلمسة زر واحدة، الوصول إلى جمهور عالمي، حيث تمَّ تصميم مجموعة أدوات وأنظمة دعم (أبل)؛ لتمكين المطورين، ومساعدتهم على الانتقال من النجاح المحلي إلى العالمي».

ويواصل اقتصاد تطبيقات «أبل» إظهار نمو كبير وتأثير عالمي، حيث سهّل متجر التطبيقات 1.1 تريليون دولار من إجمالي الفواتير والمبيعات بحسب إحصاءات 2022، مع ذهاب أكثر من 90 في المائة من هذه الإيرادات مباشرة إلى المطورين، حيث يُعزى هذا النمو إلى فئات مثل السلع والخدمات المادية (910 مليارات دولار)، والإعلان داخل التطبيق (109 مليارات دولار)، والسلع والخدمات الرقمية (104 مليارات دولار).

وذكرت الإحصاءات أنه على مستوى العالم، يدعم اقتصاد تطبيقات «iOS» أكثر من 4.8 مليون وظيفة في جميع أنحاء الولايات المتحدة وأوروبا، مما يعكس دوره القوي في دفع التوظيف والابتكار، حيث تمتد منظومة «أب ستور» عبر 180 سوقاً، حيث يستفيد المطورون من الأدوات التي تبسِّط توزيع التطبيقات وتحقيق الدخل منها.

رئيس «أبل» مع حسن حطاب مطور للوحة مفاتيح خاصة لضعاف البصر

الالتزام بالنمو وخلق فرص العمل

وألقى الرئيس التنفيذي الضوء على مساهمات «أبل» في اقتصاد المنطقة وفي الإمارات، وتطرَّق إلى خلق الشركة نحو 38 ألف وظيفة في الإمارات، تشمل المطورين وأدوار سلسلة التوريد وموظفي التجزئة.

وقال: «نحن ملتزمون بمواصلة هذا النمو»، مشيراً إلى الإعلان الأخير عن متجر جديد، مما يجعل إجمالي حضور «أبل» في الإمارات 5 متاجر. وزاد: «يعكس هذا التوسع تفانينا في دعم مجتمع المطورين ومساعدتهم على الوصول إلى الجماهير في جميع أنحاء العالم».

يذكر أن كوك زار كلاً من السعودية والإمارات، والتقى عدداً من المطورين في البلدَين، بالإضافة إلى مسؤولين من البلدين.

مَن هو تيم كوك

تيم كوك هو الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، إحدى شركات التكنولوجيا الكبرى في العالم. وقد خلف ستيف جوبز في منصب الرئيس التنفيذي في أغسطس (آب) 2011، في الوقت الذي تعدّ فيه «أبل» أكبر شركة من حيث القيمة السوقية في العالم بقيمة نحو 3.73 تريليون دولار.

شغل في البداية منصب نائب الرئيس الأول للعمليات العالمية. لعب كوك دوراً حاسماً في تبسيط سلسلة توريد «أبل»، وخفض التكاليف، وتحسين الكفاءة، وغالباً ما يوصف أسلوبه القيادي بأنه «هادئ، ومنهجي، وموجه نحو التفاصيل».