البندقية تعود لترتدي أبهى حللها وراء الأقنعة... بعد صوم كرنفالي فرضه كوفيد

البندقية تعود لترتدي أبهى حللها وراء الأقنعة... بعد صوم كرنفالي فرضه كوفيد
TT

البندقية تعود لترتدي أبهى حللها وراء الأقنعة... بعد صوم كرنفالي فرضه كوفيد

البندقية تعود لترتدي أبهى حللها وراء الأقنعة... بعد صوم كرنفالي فرضه كوفيد

بعد عودته إلى ألمانيا من زيارته الأولى إلى البندقية كان فريدريك نيتشه يردد أنّه كلّما بحث عن مرادف لعبارة «موسيقى» لا يجد أفضل من اسم عروسة البحار الإيطالية التي قال مارسيل بروست إنه عندما ذهب إليها اكتشف أن حلمه تحوّل إلى عنوانه الدائم.
البندقية هي اليوم بالذات هذا الحلم الذي حبسته الجائحة وراء قيود التباعد والعزل، والموسيقى التي تحاصرها طبول الحرب التي تُقرع في قلب القارة التي كانت ظنّت أنها تحصّنت ضد جنون المغامرات.
بعد عامين من الصوم الكرنفالي الذي فرضه كوفيد، تعود البندقية لترتدي أبهى حللها وراء الأقنعة التي، مع مرّ الزمن أصبحت من علاماتها الفارقة مثل القوارب المتهادية بين القصور المتراصة على حفاف الأقنية التي تنساب تحت عشرات الجسور والقناطر.
يعود الكرنفال هذا العام تحت شعار «تذكّر المستقبل» المستوحى من عبارة شهيرة للرسّام الإسباني سالفادور دالي، ليذكّرنا بأن معجزة هذه المدينة التي منذ مئات السنين ترى إلى ذاتها على صفحة المياه التي منها هلاكها الموعود لتكتشف أنها فعلاً موجودة، ولتقول لنا إن أجمل الجمال، مثل اللذات الكثيفة، ما هو عابر ومحكوم بالفناء.
وُلد كرنفال البندقية في عام 1020 ولم تنقطع الاحتفالات به حتى في ذروة انتشار وباء الطاعون مطلع القرن الرابع عشر، لكن جائحة كوفيد في عصر العولمة فرضت إلغاءها خلال العامين المنصرمين لتعود هذه السنة كي تقول لنا إن للجنّة فرعاً على هذه الأرض اسمه البندقية.
لم يُعلن الكرنفال عيداً رسمياً حتى بداية القرن الثالث عشر، وبلغ أوجه أواسط القرن الثامن عشر عندما كانت جمهورية البندقية بلغت من النفوذ والثراء ما دفع بالعاهل الفرنسي هنري الثالث إلى القول إنه لو لم يكن ملكاً على فرنسا لاختار أن يكون مواطناً في البندقية.
كانت البندقية في ذلك العهد مجتمعاً أوليغارشيّاً بامتياز، وكانت احتفالات الكرنفال فرصة لكي تنفسّ الطبقات الفقيرة عن معاناتها وتتوهّم لأيام وراء الأقنعة وبالتنكّر أن الثراء أصابها وارتقت في مراتب المجتمع، وذريعة للنبلاء والأرستقراطيين كي يتحرّروا من الضوابط المسلكية والأخلاقية التي كانت مفروضة عليهم بحكم مواقعهم.
معظم الأقنعة التي كانت تستخدم في تلك العصور ما زالت شائعة إلى اليوم وهي، في غالبيتها، مستوحاة من شخصيات «كوميديا الفنون»، ولعلّ أشهدها على الإطلاق هو قناع الأنف الطويل الذي كان يرتديه الأطباء الذين يداوون مرضى الطاعون ويحشونه بالأعشاب العطرية ظنّاً منهم يومذاك بأنّ الوباء ينتقل عن طريق الروائح الكريهة.
في ذروة ازدهار جمهورية البندقية كانت احتفالات الكرنفال تدوم أشهراً وتمتدّ أحياناً حتى مطالع الصيف، لكن مع انحسار نفوذ «مليكة البحار» التي كانت تملك أكبر أسطول تجاري في العالم وتبسط سيطرة سفنها الحربية على معظم الموانئ الأوروبية، راح يخبو بريق تلك الاحتفالات إلى أن أمر نابوليون بونابارت بإلغائها نهائياً عام 1797 بعد أن احتلّ المدينة وتقاسمها مع إمبراطور النمسا.
وبعد أن استعادت البندقية احتفالات الكرنفال أواسط القرن التاسع عشر، لم تنجح مساعي المدينة لاسترجاع البريق السابق، وفي عام 1937 قرّر الزعيم الفاشي بنيتو موسوليني إلغاءها مرة أخرى إلى أن عادت البلدية وأعلنتها عيداً رسمياً في عام 1979 وشكّلت لجنة لتجديدها وتنظيمها تضمّ نخبة من الفنانين والمهندسين والشخصيات البارزة من أبناء المدينة.
تُرجع الدراسات تاريخ أعياد الكرنفال والاحتفالات التنكرية إلى آلاف السنين خلال عصور الحضارتين السومرية والفرعونية، وهي عبرت كل الحدود الفاصلة بين البلدان والبحور والقارات والثقافات والأديان، وانتشرت مناسبات ومواسم تستدرج الناس إلى إطلاق العنان لرغبات التمتع بهذه الحياة السائرة إلى الفناء. لكن لعلّ العبرة الأساس في هذه الاحتفالات هي أنّ الأقنعة لا تخفي بقدر ما تكشف، وأنّنا نتنكّر دائماً وراء جوهر حقيقة كلّ منا.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.