بوتين يحدد 3 شروط للتهدئة في أوكرانيا

كييف تطالب موسكو بوقف النار في الجولة الأولى من المفاوضات في بيلاروسيا

الرئيس بوتين يرأس اجتماعاً اقتصادياً في الكرملين أمس (سبوتنيك - أ.ف.ب)
الرئيس بوتين يرأس اجتماعاً اقتصادياً في الكرملين أمس (سبوتنيك - أ.ف.ب)
TT

بوتين يحدد 3 شروط للتهدئة في أوكرانيا

الرئيس بوتين يرأس اجتماعاً اقتصادياً في الكرملين أمس (سبوتنيك - أ.ف.ب)
الرئيس بوتين يرأس اجتماعاً اقتصادياً في الكرملين أمس (سبوتنيك - أ.ف.ب)

حدد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أمس، شروط بلاده للتوصل إلى تسوية حول الوضع في أوكرانيا، وقال خلال مكالمة هاتفية مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون إن بلاده تصر على «أخذ مصالحها في الاعتبار من دون قيد أو شرط». وتضمنت الشروط الروسية الاعتراف بضم القرم ونزع سلاح أوكرانيا وإعلانها الحياد. وجاء ذلك، في وقت أجرى مفاوضون روس وأوكرانيون جولة مفاوضات أولى مطولة على الحدود مع بيلاروسيا. في الوقت ذاته سار بوتين خطوة جديدة نحو مواجهة عقوبات الغرب الذي وصفه بأنه «إمبراطورية الكذب»، ووقع أمس مرسوماً يضع قيوداً واسعة على نشاط الشركات المتعاملة مع المستثمرين الأجانب.
وأفاد بيان أصدره الكرملين بأن بوتين أبلغ ماكرون خلال المكالمة استعداده لمواصلة الحوار، لكنه شدد على أن تسوية الوضع حول أوكرانيا ممكن «فقط إذا تم أخذ المصالح المشروعة لروسيا في مجال الأمن في الاعتبار دون قيد أو شرط». ووفقا للبيان فقد شدد بوتين على ضرورة التزام كييف بثلاثة شروط من أجل تهدئة الوضع ووقف العملية العسكرية، وهي الاعتراف بالسيادة الروسية على القرم، ونزع السلاح وإنهاء هيمنة القوميين المتشددين على الدولة الأوكرانية، فضلاً عن ضمان الوضع المحايد لأوكرانيا.
وأشارت الدائرة الصحافية للكرملين إلى أن المحادثة جرت بمبادرة من الجانب الفرنسي، وإلى أن الشروط الروسية جاءت رداً على تصريح ماكرون بـ«آراء معروفة بشأن العملية العسكرية الخاصة التي تنفذها روسيا لحماية دونباس». وأوضح بوتين، خلال المحادثة، أن بلاده «منفتحة على المفاوضات مع ممثلي كييف وتأمل أن تؤدي إلى النتائج المرجوة». كما لفت الانتباه إلى أن الجيش الروسي «لا يهدد المدنيين في أوكرانيا ولا يوجه ضربات هجومية على المدن». وأضاف أن «التهديد يأتي من القوميين الأوكرانيين الذين ينشرون أسلحة ضاربة في مناطق سكنية لاستخدام السكان المدنيين كدروع بشرية».
في المقابل، أعلن الإليزيه أن ماكرون «كرر مطالبة المجتمع الدولي بإنهاء الهجوم الروسي ضد أوكرانيا، وأكد مجدداً على الحاجة إلى وقف فوري لإطلاق النار». وأضافت الخدمة الصحافية للرئيس الفرنسي أن «رئيس الجمهورية دعا الرئيس الروسي للبقاء على اتصال في الأيام المقبلة للحيلولة دون تفاقم الوضع. ووافق الرئيس بوتين على ذلك».
وتعد الشروط التي طرحها بوتين العنوان الأساسي لمحادثات الوفد الروسي مع الأوكرانيين. واستمرت جولة المحادثات الأولى أمس على الحدود البيلاروسية لأكثر من خمس ساعات، أعلن بعدها الطرفان عن توقف مؤقت للتشاور، على أن تعود الوفود إلى جولة مفاوضات جديدة لاحقا.
وكان الناطق الرئاسي الروسي ديمتري بيسكوف تجنب الكشف عن المطالب التي يحملها الجانب الروسي إلى الوفد الأوكراني، مشيراً إلى أن «المحادثات يجب أن تجري في هدوء».
لكن إعلان الكرملين لاحقاً عن شروط بوتين تم تفسيره بأن موسكو قدمت هذه المطالب إلى الوفد الأوكراني أمس. في المقابل، تحدثت المصادر الأوكرانية عن مطلبين أساسيين قدمهما الوفد الأوكراني هما وقف إطلاق النار فوراً وانسحاب القوات الروسية «من كل أراضي أوكرانيا». وأفاد أحد أعضاء الوفد بأن الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي وضع الملامح الأساسية لمفاوضي بلاده، وأكد أن «الحديث لا يمكن أن يدور عن تنازل عن متر واحد من أراضينا».
وعلى خلفية هذا التباين الواسع في المواقف، بدا غريباً أمس استمرار جولة الحوار لمدة خمس ساعات متواصلة، وهو ما فسرته مصادر روسية بأن الطرفين «أجريا عملية نقاش مستفيضة وتفصيلية». وضم الوفد الأوكراني وزير الدفاع أليكسي ريزنيكوف؛ رئيس الكتلة البرلمانية لحزب «خادم الشعب» الحاكم ديفيد أراخاميا؛ نائب وزير الخارجية نيكولاي توشيتسكي؛ مستشار رئيس مكتب الرئاسة ميخائيل بودولاك؛ النائب رستم عمروف؛ النائب الأول لرئيس الوفد الأوكراني في مجموعة الاتصال الثلاثية للتسوية في دونباس أندريه كوستين. أما الوفد الروسي، فقد ضم فلاديمير ميدينسكي مساعد الرئيس الروسي، ومسؤولين على مستوى نواب وزيري الدفاع والخارجية والسفير الروسي لدى بيلاروسيا بوريس غريزلوف ورئيس لجنة الشؤون الدولية بمجلس دوما (النواب) الروسي ليونيد سلوتسكي.
في غضون ذلك، سار الرئيس الروسي خطوة إضافية لمواجهة التداعيات الاقتصادية على بلاده بسبب العقوبات الحازمة التي فرضها الغرب. وعقد بوتين اجتماعا صباح أمس في الكرملين مع أركان الشق الاقتصادي في الحكومة. وندد بقوة بما وصفها «الأعمال العدائية التي لا تتوقف من جانب إمبراطورية الكذب»، مشيراً في هذه العبارة إلى خطابه حول إعلان الحرب الذي أطلق خلاله هذه الصفة على الولايات المتحدة وحلفائها.
ووقع بوتين في وقت لاحق أمس مرسوماً رئاسياً بشأن «تطبيق إجراءات اقتصادية خاصة فيما يتعلق بالإجراءات غير الودية للولايات المتحدة والدول الأجنبية والمنظمات الدولية التي انضمت إليها». تم نشر الوثيقة على الموقع الرسمي للكرملين ونصت على فرض قيود واسعة على التعاملات المالية مع الجهات الأجنبية.
ووفقا للمرسوم فقد بات على المتعاملين مع أي نشاطات اقتصادية أجنبية بيع 80 في المائة من تحويلات العملات الأجنبية الواردة من الخارج، ويسري القانون منذ مطلع العام، وتنطبق القاعدة أيضاً على الأموال المتراكمة لديهم على أن تبدأ عمليات البيع خلال ثلاثة أيام. كما حظر المرسوم المعاملات المتعلقة بالعملات التي يقدمها المقيمون لصالح غير المقيمين بالعملة الأجنبية بموجب اتفاقيات القروض. ووضع المرسوم قيودا متعددة على التعامل المصرفي للشركات المرتبطة بالغرب.
في سياق متصل، ردت موسكو على قرارات بلدان الاتحاد الأوروبي بإغلاق المجال الجوي أمام حركة الطيران الروسي، بتدابير مماثلة، في حين لفت الأنظار اتساع عدد الدول التي دعت مواطنيها إلى مغادرة الأراضي الروسية أو عدم التوجه إليها. وشكل إغلاق المجال الجوي الأوروبي أمام الروس مشكلة جدية بالنسبة إلى نحو 30 ألف شخص قالت موسكو إنهم يرغبون بالعودة إلى روسيا. وقال نائب وزير الخارجية يفغيني إيفانوف إن روسيا تعمل على ترتيب آليات لإقامة ممر جوي مناسب بهدف إعادة مواطنيها من دول الاتحاد الأوروبي التي أوقفت الرحلات الجوية مع روسيا.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».