عقوبات أميركية تستهدف الاحتياطات المالية الروسية

صعوبات أمام الروس للسفر إلى الخارج

TT

عقوبات أميركية تستهدف الاحتياطات المالية الروسية

أصدرت إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أمس (الاثنين)، عقوبات فورية وقاسية ضد البنك المركزي الروسي قضت بحظر تعاملاته بالدولار الأميركي، وأخرى ضد صندوق الاستثمار المباشر الروسي بما يقوض قدرة الحكومة الروسية على الوصول إلى الأموال التي تحتفظ بها بالدولار أو بالعملات الأوروبية الأخرى ويحد منقدرتها على دفع اقتصادها وإنقاذ عملتها من الانهيار.
وأعلن البيت الأبيض أن الرئيس بايدن يجري محادثات مع الحلفاء والشركاء حول التطورات في التحركات العسكرية الروسية ضد أوكرانيا والخطوات المنسقة المقبلة، حيث أوضحت مجموعة السبع الصناعية استعدادها لاتخاذ إجراءات أخرى، إذا لم توقف روسيا عملياتها العسكرية.
جاء ذلك بعد قرار غربي الأحد، بتجميد احتياطيات روسيا من العملات الأجنبية التي تقدر بنحو 630 مليار دولار وتحتفظ روسيا بهذه العملات خارج البلاد، وهي خطوة عقابية غير مسبوقة يمكن أن تكون لها عواقب وخيمة على الاستقرار المالي الروسي وستؤدي إلى زيادة الضغوط على الروبل وتقويض قدرة السلطات المالية على دعم العملة المحلية. وقال مسؤول أميركي كبير للصحافيين أمس، إن العقوبات التي تم الإعلان عنها كانت للتأكد من أن الاقتصاد الروسي يتراجع إذا قرر الرئيس بوتين مواصلة المضي قدماً في الغزو على أوكرانيا. وأضاف المسؤول الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته: «لدينا الأدوات لمواصلة القيام بذلك، وإذا استمر بوتين في التصعيد فسوف نقوم أيضاً بالتصعيد وجميع الخيارات مطروحة على الطاولة، بما في ذلك أشد العقوبات التي يمكن التفكير فيها على الإطلاق ضد روسيا». وأشار المسؤول الأميركي إلى أن البنك المركزي الروسي يمثل اقتصاداً يتجاوز تريليوناً ونصف التريليون دولار، وأن صندوق احتياطات روسيا من العملات الأجنبية يحوي نحو 630 مليار دولار، وتم تجميده حتى يمنع البنك المركزي الروسي من بيع هذه الاحتياطات مقابل شراء الروبل. وقال: «بعد هذه العقوبات، اليوم لن يكون بإمكان البنك المركزي الدفاع عن عملته، وقد ضاعف سعر الفائدة إلى 20 بالمائة، وهو الأعلى منذ عقدين، وعملة الروبل في حالة من السقوط الحر وسيرتفع التضخم».
وأوضح المسؤول الأميركي أنه من الواضح أنه «عندما استعدت روسيا لغزو أوكرانيا كانوا يعتمدون على استخدام أصول البنك المركزي للتخفيف من أي صعوبات اقتصادية ناجمة عن العقوبات، ويحاول البنك المركزي الروسي إعادة تلك الأصول إلى روسيا أو إلى ملاذات آمنة حتى يمكن استخدامها لدعم الاقتصاد والعملة، والعقوبات اليوم لحظر التعامل مع البنك المركزي الروسي والصندوق السيادي للثروة ستعيق قدرة موسكو عن الوصول إلى أصول بمئات المليارات من الدولارات سواء في الولايات المتحدة أو بأي عملات أخرى (اليورو والجنيه الإسترليني) في كل دول الاتحاد الأوربي، وستضطر روسيا إلى استنفاد احتياطاتها المحلية مع تفاقم لمشكلة السيولة وانهيار العملة المحلية».
وأوضح أن هذه الجولات من العقوبات هي تتويج لأشهر من التخطيط والإعداد بين الحكومات الغربية عبر القنوات الفنية والدبلوماسية والسياسية. وقال: «كنا مستعدين، وهذا ما سمح لنا بالتحرك في غضون أيام وليس أسابيع أو شهور من تصعيد بوتين وقيامه بغزو أوكرانيا واستراتيجيتنا ببساطة هي التأكد من أن الاقتصاد الروسي يتراجع طالما استمر بوتين في المضي قدماً بغزوه لأوكرانيا». وشدد المسؤولون على أن هذه العقوبات ستدفع الاقتصاد الروسي إلى الانهيار. ورداً على سؤال عما إذا كانت جميع أصول الكيانات الخاضعة للعقوبات في روسيا قد تم تجميدها نتيجة للإجراءات الأخيرة، قال المسؤول: «إذا كان لدى مؤسسة مالية أميركية أصول البنك المركزي الروسي، فلا يمكنها فعل أي شيء بها. إنهم عالقون في تلك المؤسسة». وفيما يتعلق بأصول روسيا المتنوعة، بما في ذلك اليورو والين والجنيه الإسترليني، أوضح المسؤول: «بسبب العمل الذي قمنا به في التنسيق مع الحلفاء، هذا يعني أن هذه الأصول معطلة أيضاً، وغير متاحة لاستخدامها».
وقال مسؤول ثانٍ، تحدث أيضاً شريطة عدم الكشف عن هويته، إن الإعلان صدر أمس (الاثنين): «لأننا أردنا وضع هذه الإجراءات وتفعيلها قبل فتح أسواقنا». وأشار المسؤول إلى أن روسيا كانت تحاول نقل الأصول وتهريبها بمجرد فتح الأسواق صباح الاثنين، وقال: «روسيا تتخذ إجراءات غير مسبوقة لمحاولة دعم اقتصادها».
وقال المسؤولون بإدارة بايدن إن كلاً من ألمانيا وفرنسا والمملكة المتحدة وإيطاليا واليابان والاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى دول أخرى ستنضم إلى الولايات المتحدة في استهداف البنك المركزي الروسي. ورداً على سؤال حول العقوبات الإضافية المحتملة على بيلاروسيا، التي يبدو أنها تستعد لرفع دورها في الغزو الروسي على أوكرانيا، قال المسؤول إن الولايات المتحدة تراقب الأحداث «بعناية شديدة»، وإن العقوبات على بيلاروسيا «ستستمر في التصعيد أكثر من ذلك بكثير».
ومع الموجات المتعاقبة من العقوبات، سيواجه المواطنون الروس ارتفاعاً مزداداً في الأسعار وعرقلة السفر للخارج، حيث تتسبب هذه العقوبات في انخفاض عملة الروبل، خصوصاً بعد منع بعض البنوك الروسية من نظام سويفت وتقييد استخدام روسيا لاحتياطاتها الضخمة من العملات الأجنبية، وهو ما يعني اضطراباً اقتصادياً عميقاً خلال الأسابيع المقبلة إذا تسببت صدمات الأسعار وارتفاع تكلفة سلاسل التوريد في إغلاق المصانع الروسية، وسيتعين على الحكومة الروسية التدخل لدعم الصناعات والبنوك والقطاعات الاقتصادية، لكن دون الوصول إلى العملات الصعبة مثل الدولار واليورو قد تضطر إلى طبع مزيد من الروبل، وهي خطوة سترفع من معدلات التضخم بشكل مفرط.
بدوره، أعلن مكتب مراقبة الأصول الأجنبية التابع لوزارة الخزانة الأميركية أمس، فرض عقوبات على البنك المركزي الروسي وصندوق الاستثمار المباشر الروسي، وصندوق الثروة الوطني (RDIF) ورئيسه التنفيذي كريل ديميترييف، الحليف المقرب لبوتين، ووزارة المالية الروسية. وجاء في بيان وزارة الخزانة أن «الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ودائرته المقربة اعتمدوا منذ فترة طويلة على RDIF وديميترييف لجمع الأموال في الخارج، بما في ذلك بالولايات المتحدة». وقال مسؤولو الخزانة الأميركي إن حلفاء بوتين مثل ديميترييف يمثلون رموز الفساد الروسي المتجذر وانتشار النفوذ على مستوى العالم. وقال مسؤول بالخزانة الأميركي إن ما يجعل هذه العقوبات مهمة ليس فقط مقدار الأصول أو حجم الاقتصاد الروسي الذي تستهدفه، ولكن السرعة التي عمل بها شركاؤنا وحلفاؤنا لسن هذه العقوبات والاستجابة بشكل سريع. وفي محاولة للتخفيف من تأثير العقوبات على مستهلكي الطاقة بالولايات المتحدة وأوروبا ستعفي وزارة الخزانة معظم المعاملات المتعلقة بالطاقة من العقوبات.
وهذا الإعلان هو الأحدث في موجة من العقوبات الاقتصادية المفروضة على روسيا عقب غزوها لأوكرانيا الأسبوع الماضي. وأدت هذه التحركات العقابية في دفع الروبل للهبوط بنسبة 40 في المائة، ما أجبر البنك المركزي الروسي على محاولة الدفاع عن العملة من خلال رفع سعر الفائدة القياسي إلى 20 في المائة. وكانت هناك أيضاً دعوات لتبادل العملات المشفرة لحظر عناوين المستخدمين الروس، لكن البورصات - رفضت بشكل واضح القيام بذلك.
ويقول محللون إن جهود العقوبات تستهدف كسب الوقت وليس لها قوة لردع بوتين وتراجعه عن غزو أوكرانيا. وقد استعد بوتين بالفعل للمخاطر الاقتصادية، لكنه لم يتوقعها بهذه السرعة، ولذا يجب أن تكون هناك خطوات تتجاوز العقوبات أكثر من مجرد مزيد من العقوبات مثل حصار البحرية الروسية في موانئ البحر الأسود، وهذا سيعيق قدرة بوتين في حدود القوة البحرية الروسية. ويسير الروس على حبل مشدود مع تركيا حارسة البوابة إلى البحر الأسود من البحر الأبيض المتوسط.



مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
TT

مقتل المئات جراء إعصار في أرخبيل مايوت الفرنسي (صور)

تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)
تلة مدمَّرة في إقليم مايوت الفرنسي بالمحيط الهندي (أ.ب)

رجحت سلطات أرخبيل مايوت في المحيط الهندي، الأحد، مقتل «مئات» أو حتى «بضعة آلاف» من السكان جراء الإعصار شيدو الذي دمر في اليوم السابق قسماً كبيراً من المقاطعة الفرنسية الأفقر التي بدأت في تلقي المساعدات. وصرّح حاكم الأرخبيل، فرانسوا كزافييه بيوفيل، لقناة «مايوت لا بريميير» التلفزيونية: «أعتقد أنه سيكون هناك مئات بالتأكيد، وربما نقترب من ألف أو حتى بضعة آلاف» من القتلى، بعد أن دمر الإعصار إلى حد كبير الأحياء الفقيرة التي يعيش فيها نحو ثلث السكان، كما نقلت عنه وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف أنه سيكون «من الصعب للغاية الوصول إلى حصيلة نهائية»، نظراً لأن «معظم السكان مسلمون ويدفنون موتاهم في غضون يوم من وفاتهم».

صور التقطتها الأقمار الاصطناعية للمعهد التعاوني لأبحاث الغلاف الجوي (CIRA) في جامعة ولاية كولورادو ترصد الإعصار «شيدو» فوق مايوت غرب مدغشقر وشرق موزمبيق (أ.ف.ب)

وصباح الأحد، أفاد مصدر أمني لوكالة الصحافة الفرنسية بأن الإعصار الاستوائي الاستثنائي خلّف 14 قتيلاً في حصيلة أولية. كما قال عبد الواحد سومايلا، رئيس بلدية مامودزو، كبرى مدن الأرخبيل، إن «الأضرار طالت المستشفى والمدارس. ودمّرت منازل بالكامل. ولم يسلم شيء». وضربت رياح عاتية جداً الأرخبيل، مما أدى إلى اقتلاع أعمدة كهرباء وأشجار وأسقف منازل.

الأضرار التي سببها الإعصار «شيدو» في إقليم مايوت الفرنسي (رويترز)

كانت سلطات مايوت، التي يبلغ عدد سكانها 320 ألف نسمة، قد فرضت حظر تجول، يوم السبت، مع اقتراب الإعصار «شيدو» من الجزر التي تبعد نحو 500 كيلومتر شرق موزمبيق، مصحوباً برياح تبلغ سرعتها 226 كيلومتراً في الساعة على الأقل. و«شيدو» هو الإعصار الأعنف الذي يضرب مايوت منذ أكثر من 90 عاماً، حسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية (فرانس-ميتيو). ويُرتقَب أن يزور وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو، مايوت، يوم الاثنين. وما زالت المعلومات الواردة من الميدان جدّ شحيحة، إذ إن السّكان معزولون في منازلهم تحت الصدمة ومحرومون من المياه والكهرباء، حسبما أفاد مصدر مطلع على التطوّرات للوكالة الفرنسية.

آثار الدمار التي خلَّفها الإعصار (أ.ف.ب)

في الأثناء، أعلن إقليم لاريونيون الواقع أيضاً في المحيط الهندي ويبعد نحو 1400 كيلومتر على الجانب الآخر من مدغشقر، أنه جرى نقل طواقم بشرية ومعدات الطبية اعتباراً من الأحد عن طريق الجو والبحر. وأعرب البابا فرنسيس خلال زيارته كورسيكا، الأحد، تضامنه «الروحي» مع ضحايا «هذه المأساة».

وخفّض مستوى الإنذار في الأرخبيل لتيسير حركة عناصر الإسعاف، لكنَّ السلطات طلبت من السكان ملازمة المنازل وإبداء «تضامن» في «هذه المحنة». واتّجه الإعصار «شيدو»، صباح الأحد، إلى شمال موزمبيق، ولم تسجَّل سوى أضرار بسيطة في جزر القمر المجاورة من دون سقوط أيّ ضحايا.