أُعلنت مساء يوم الأحد (أول من أمس)، نتائج الاحتفال الثامن والعشرين من جوائز «سكرين أكتورز غيلد» السنوية وذلك في حفل امتلأت به قاعة باركر هانغَر في سانتا مونيكا، لوس أنجليس، والأسماء الفائزة هي الأكثر احتمالاً للفوز بجوائز الأوسكار بعد 28 يوماً من الآن.
هذا لأن القسم الأكبر من أعضاء أكاديمية العلوم والفنون السينمائية (موزعة الأوسكار) هم من الممثلين المنتمين إلى نقابة الممثلين ما يعني أن ما انتخبوه من ممثلين وممثلات لمنحهم جوائزهم في هذا المجال، هم أنفسهم الذين سينالون أوسكارات أفضل ممثل، وأفضل ممثلة، وأفضل ممثل مساند، وأفضل ممثلة مساندة. الاختلاف المحتمل الوحيد هو إذا ما جمع ممثلون آخرون أصواتاً كافية من باقي أعضاء الأكاديمية، في مجال الكتابة والإخراج والتصوير وباقي الشؤون والهيئات الفنية، ما يمكنهم من قلب النتائج المتوقعة.
زلازل هوليوودية
عدد أعضاء «سكرين أكتورز غيلد» يبلغ 160 ألف عضو وهم جميعاً مشاركون في عملية التصويت التي جرت لانتخاب الفائزين، لكن قبل هذه المرحلة هناك 2500 عضو تختارهم النقابة لكي يرشّحوا الأسماء التي ستقود الترشيحات، كما ورد هنا في مقال سابق.
فاز على صعيد فردي كلٌ من ويل سميث وجيسيكا شستين. الأول كأفضل ممثل في دور قيادي عن فيلم «الملك ريتشارد»، والثانية في المقابل النسائي لهذه الجائزة عن دورها في «عينا تامي فاي».
مايكل كيتون نال الجائزة ذاتها، إنّما عن مسابقة أفضل مسلسل تلفزيوني محدود (Limited Series) عن دوره في Dopesick، والمقابل الأنثوي له هي الممثلة البريطانية كيت وينسلت عن دورها في مسلسل Mare of Easttown.
وهناك جائزتان، واحدة سينمائية والأخرى تلفزيونية، لأفضل تمثيل جماعي.
تلك السينمائية ذهبت لممثلي فيلم «كودا» (CODA) عن عائلة من أربعة، ثلاثة منهم بُكم؛ والتلفزيونية ذهبت إلى 15 ممثلاً وممثلة هم قوام المسلسل الدرامي «خلافة» (Succession).
ويل سميث كما بدا في فيلم «الملك ريتشارد»
لكن قبل تفنيد المزيد من الجوائز والفائزين بها لا بد من الإشارة إلى أنّه في الوقت الذي أقيمت حفلة نقابة الممثلين بحضور فعلي حاشد بعيداً عن تدابير (كوفيد - 19) التي كان معمولاً بها إلى وقت قريب، طغى وضع آخر عبّر عنه الممثل برايان كوكس (بين عدد آخر من المعلّقين) مذكّراً بالحرب الدائرة في أوكرانيا مادحاً رئيس الجمهورية «الذي كان كوميدياً وأصبح رئيس جمهورية».
كوكس فاز بجائزة أفضل فيلم تلفزيوني أو مسلسل محدود عن دوره في «دوبسيك» وهو موضوع قاس على المشاهدين كونه يتعامل والمصابين بالإدمان على الأفيون. في الوقت ذاته، بث البرنامج (على قناة «هولو» ذات البث المنزلي) إشعاراً بمدى التغيير الذي أصاب العديد من برامج التلفزيون والبث المباشر للمنازل في الآونة الأخيرة لناحية المواضيع الاجتماعية الداكنة التي تُنتجها المحطات كافة باتجاه معاكس لمفهوم الإنتاجات التلفزيونية قبل عشرين سنة عندما كانت غالبية الإنتاجات من النوع الترفيهي وذلك منذ بداية انتشار التلفزيون في الخمسينات.
لكن هناك متغيّرات أخرى على أرض الواقع تمر بها هوليوود من بينها انتشار تلك المحطات المنزلية. حتى وقت قريب كانت «نتفليكس» الوحيدة الرائدة. اليوم هناك «أمازون»، و«أبل»، و«هولو»، و«ديزني تشانل»، بين أخرى. حتى على صعيد الشركات السينمائية جرت خلال السنوات القريبة وحتى أسابيع قليلة مضت تغييرات منذرة: ديزني بلعت فوكس.
«ڤياكوم سي بي أس» احتوت باراماونت ومترو غولدوين ماير (وشريكتها يونايتد آرتستس) باتا من ممتلكات أمازون فعلياً.
هذا ترك هوليوود، كموقع إنتاجي ضخم، أقرب إلى التعبير اللبناني «كل واحد بشطارتو»، حيث على كل استديو أن يدبّر نفسه في مرحلة إعادة بناء وإعادة تشكيل وإعادة جمع وطرح أسهم واستحواذها.
جيسيكا شستين أفضل ممثلة عن «عينا تامي فاي»
رابحون وخاسرون
إذ فاز «كودا» بجائزة النقابة كأفضل تمثيل جماعي لفيلم (لجانب أنّ أحد ممثليه وهو تروي كوتسور فاز بجائزة أفضل ممثل مساند) فإنّه من الضروري التذكير بأنّ الأوسكار يخلو من جائزة جامعة كهذه، لكن فوز كوتسور يخوّله توقع اعتلاء منصّة الأوسكار فائزاً بالجائزة ذاتها في الحفل المقبل.
هناك العديد من المفارقات التي تجمع وتفصل بين جوائز نقابة الممثلين وجوائز الأوسكار في فئات الممثلين، أبرزها احتمال تكرار الأسماء ذاتها حين إعلان نتائج الأوسكار. لذلك سيبدو الأمر خرقاً للعادة المستديمة لو استطاع ممثل آخر غير ويل سميث وممثلة أخرى غير جيسيكا شستين الفوز كل بأوسكاره المنتظر.
فوز ممثلي فيلم «كودا» قد يكون فعلاً عاطفياً بسبب موضوعه وتمثيل ثلاثة ممثلين فاقدي النطق فعلاً. الممثلون الذين تحلّقوا في أفلام أخرى كانوا أفضل أداءً واحترافاً. نتحدّث بالأخص عن سلمى حايك، وآل باتشينو، ولايدي غاغا، وجيريمي آيرونز، وآدم درايڤر في «منزل غوتشي»، وليوناردو ديكابريو وجنيفر لورنس وكايت بلانشِت عن «لا تنظر لفوق».
ومع فوز جيسيكا شستين بجائزة أفضل ممثلة، انضوت آمال لايد غاغا في نيل الجائزة (عن دورها في «منزل غوتشي»)، هي وأوليفيا كولمن عن «الابنة المفقودة» ونيكول كيدمان عن «أن تكون ريكاردوس».
رجالياً حام طائر الحظ فوق أندرو غارفيلد عن دوره في «تك، تك... بوم»، وبنديكت كمبرباتش عن «قوّة الكلب»، ودنزل واشنطن عن «تراجيديا مكبث»، قبل أن يحط على رأس ويل سميث لينال الحظوة عن «الملك ريتشارد».
في سياق أفضل ممثلة مساندة، كان متوقعاً فوز أريانا دبوز عن دورها في «وِست سايد ستوري»، واستحقت ما حصلت عليه عنوة عن كايت بلانشِت عن دورها في Nightmare Alley (ثاني فيلم لها في هذه الآونة) وكيرستين دانست عن «شقوّة الكلب».
كان متوقعاً كذلك أن ينال تروي كوتسور جائزة أفضل ممثل مساند عن دوره في «كودا»، لكن ألم يكن بن أفلك («ذا تندر بار») أو برادلي كوبر («بيتزا بعرق السوس») أو جارد ليتو («منزل غوتشي») أفضل؟ هل المسألة في نهاية المطاف أن الأداء العاكس لإعاقة ما لا بد أن يكون الأفضل فعلاً؟
سنتأكد من ذلك عندما يُعلن عن جوائز الأوسكار قريباً علما بأن جوائز جمعية المنتجين، التي ستعلن في الأيام القليلة المقبلة، ستلقي الضوء على جانب آخر من ترشيحات الأوسكار فهي متخصصة بالأفلام. وكما هي العادة، سترتفع آمال وتهبط أخرى، لكن المفاجآت ستبقى.