الزيت والماء يقدمان تفسيراً لـ«إصبع التوهجات الشمسية»

صورة للتدفقات التي توصف بأنها تشبه الإصبع (ناسا)
صورة للتدفقات التي توصف بأنها تشبه الإصبع (ناسا)
TT

الزيت والماء يقدمان تفسيراً لـ«إصبع التوهجات الشمسية»

صورة للتدفقات التي توصف بأنها تشبه الإصبع (ناسا)
صورة للتدفقات التي توصف بأنها تشبه الإصبع (ناسا)

في يناير (كانون الثاني) 1999 لاحظ العلماء حركات غامضة داخل التوهج الشمسي، فعلى عكس التوهجات النموذجية التي تُظهر طاقة ساطعة تنفجر من الشمس، فإن ذلك التوهج الشمسي أظهر أيضاً تدفقاً هبوطياً للحركة، كما لو كانت المادة تتراجع نحو الشمس. وتساءل علماء الفلك وقتها عمّا كانوا يرونه بالضبط.
الآن، وفي دراسة نُشرت 27 يناير الماضي، بدورية «نيتشر أسترونومي»، قدم علماء الفلك في مركز «هارفارد - سميثونيان» للفيزياء الفلكية تفسيراً جديداً لهذه التدفقات غير المفهومة.
يقول المؤلف الرئيسي عالم الفلك تشنغ كاي شين في تقرير لـ«هارفارد - سميثونيان» نشر بالتزامن مع الدراسة: «أردنا أن نعرف كيف تحدث هذه الهياكل، التي تشبه الأصابع الداكنة، وما الذي يدفعها للارتداد، وهل هي مرتبطة حقاً بإعادة الاتصال المغناطيسي؟». افترض العلماء أن هذه الهياكل مرتبطة بإعادة الاتصال المغناطيسي منذ اكتشافها في التسعينات، حيث تحدث عندما تنكسر الحقول المغناطيسية، وتطلق إشعاعات سريعة الحركة وحيوية للغاية، ثم يتم إصلاحها.
تقول كاثي ريفز، الباحثة المشاركة في الدراسة: «يوجد على الشمس الكثير من المجالات المغناطيسية التي تسير في جميع الاتجاهات المختلفة، وفي النهاية يتم دفع المجالات المغناطيسية معاً إلى النقطة التي تعيد تكوينها وتطلق فيها الكثير من الطاقة على شكل توهج شمسي». وتضيف: «الأمر أشبه بمد شريط مطاطي يتم قصَه من المنتصف، فسوف يعود إلى الوراء». وافترض العلماء أن التدفقات السفلية المظلمة هي علامات على انكسار الحقول المغناطيسية التي «تعود» إلى الشمس بعد اندلاع التوهج الشمسي. يقول المؤلف المشارك بن تشين، عالم الفلك في معهد نيوجيرسي للتكنولوجيا، معظم التدفقات إلى الأسفل التي لاحظها العلماء «بطيئة بشكل محير، بينما من المفترض وفق نظرية شريط المطاط أن تكون أسرع بكثير، وهو تضارب يتطلب بعض التفسيرات الأخرى». ولمعرفة ما كان يحدث، حلل الفريق صور التدفق السفلي التي التقطها مرصد ديناميكيات الطاقة الشمسية التابع لوكالة «ناسا» الفضائية، والذي يلتقط صوراً للشمس كل اثنتي عشرة ثانية في سبعة أطوال موجية مختلفة من الضوء، لقياس الاختلافات في الغلاف الجوي للشمس، ثم قاموا بعمل محاكاة ثلاثية الأبعاد للانفجارات الشمسية وقارنوها بالملاحظات.
أظهرت النتائج أن معظم الاضطرابات لا تتولد عن طريق إعادة الاتصال المغناطيسي. وبدلاً من ذلك، تتشكل من تلقاء نفسها في بيئة مضطربة وهي نتيجة تفاعل تماثِل تفاعل سائلين بكثافات مختلفة. تقول ريفز: «العلماء يرون نفس الشيء الذي يحدث عندما يختلط الماء والزيت معاً: فكثافتا السائلين المختلفتان غير مستقرتين ومنفصلتان في النهاية». وتضيف: «تلك الفراغات المظلمة التي تشبه الأصابع هي في الواقع غياب للبلازما، فالكثافة أقل بكثير من البلازما المحيطة».
ويخطط الفريق لمواصلة الدراسة باستخدام المحاكاة ثلاثية الأبعاد لفهم إعادة الاتصال المغناطيسي بشكل أفضل، من خلال فهم العمليات التي تسبب التوهجات والانفجارات الشمسية من الشمس، قد تساعد في النهاية في تطوير أدوات للتنبؤ بطقس الفضاء وتخفيف آثاره.


مقالات ذات صلة

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

تكنولوجيا تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

نصح تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، مطوري التطبيقات في المنطقة باحتضان العملية بدلاً من التركيز على النتائج.

مساعد الزياني (دبي)
تكنولوجيا خوارزمية «تيك توك» تُحدث ثورة في تجربة المستخدم مقدمة محتوى مخصصاً بدقة عالية بفضل الذكاء الاصطناعي (أ.ف.ب)

خوارزمية «تيك توك» سر نجاح التطبيق وتحدياته المستقبلية

بينما تواجه «تيك توك» (TikTok) معركة قانونية مع الحكومة الأميركية، يظل العنصر الأبرز الذي ساهم في نجاح التطبيق عالمياً هو خوارزميته العبقرية. هذه الخوارزمية…

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)
خاص يمثل تحول الترميز الطبي في السعودية خطوة حاسمة نحو تحسين كفاءة النظام الصحي ودقته (شاترستوك)

خاص ما دور «الترميز الطبي» في تحقيق «رؤية 2030» لنظام صحي مستدام؟

من معالجة اللغة الطبيعية إلى التطبيب عن بُعد، يشكل «الترميز الطبي» عامل تغيير مهماً نحو قطاع طبي متطور ومستدام في السعودية.

نسيم رمضان (لندن)
خاص من خلال الاستثمارات الاستراتيجية والشراكات وتطوير البنية التحتية ترسم السعودية مساراً نحو أن تصبح قائداً عالمياً في التكنولوجيا (شاترستوك)

خاص كيف يحقق «الاستقلال في الذكاء الاصطناعي» رؤية السعودية للمستقبل؟

يُعد «استقلال الذكاء الاصطناعي» ركيزة أساسية في استراتيجية المملكة مستفيدة من قوتها الاقتصادية والمبادرات المستقبلية لتوطين إنتاج رقائق الذكاء الاصطناعي.

نسيم رمضان (لندن)

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً