«الغرافين يتحدث»... ابتكار يساعد في مراقبة جودة المنتج

عبر معالجة الإشارات الصوتية

«الغرافين يتحدث»... ابتكار يساعد في مراقبة جودة المنتج
TT

«الغرافين يتحدث»... ابتكار يساعد في مراقبة جودة المنتج

«الغرافين يتحدث»... ابتكار يساعد في مراقبة جودة المنتج

قبل نحو 12 عاماً منحت الأكاديمية الملكية السويدية للعلوم جائزة نوبل في الفيزياء للعالمين الروسيين بجامعة مانشستر «أندريه غييم» و«كونستانتين نوفوسيلوف» عن ابتكارهما لمادة الغرافين عام 2004. ومنذ ذلك التاريخ لم ينقطع الاهتمام بهذه المادة، المشتقة من الكربون، والتي تتمتع بمزايا توصيل الكهرباء، مع ميزة السماح بنفاذ الحرارة والضوء عبر جزيئاتها، وهو ما أهلها للاستخدام في عدة مجالات، مثل إنتاج الشرائح الإلكترونية والاستخدامات الطبية، وتحلية مياه البحر، وتنقية المياه من الملوثات.
وكانت أحدث الأبحاث في مجال إنتاج الغرافين، استخدام الصوت، حيث سمع شقيقان في مختبر جامعة رايس الأميركية، شيئاً غير عادي أثناء صنعه، وفي النهاية قررا أن الصوت نفسه يمكن أن يمنحهم بيانات قيمة حول المنتج.
والشقيقان هما، جون لي، خريج جامعة رايس، يدرس الآن في جامعة ستانفورد، وفيكتور لي، الذي كان طالباً في مدرسة ثانوية في نيويورك وهو الآن طالب جديد في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، وأصبح الاثنان مؤلفين رئيسيين لورقة بحثية تدور حول تحليل الوقت لإنتاج الغرافين المستحث بالليزر (LIG) من خلال الصوت.
وكان الشقيقان يعملان في مختبر جيمس تور للكيمياء بجامعة رايس، عندما توصلا إلى فرضيتهما وقدماها في اجتماع جماعي. ويتذكر جون لي، في تقرير نشره الموقع الإلكتروني لجامعة رايس يوم 19 يناير (كانون الثاني) الماضي «قال الأستاذ تور، إنه أمر مثير للاهتمام، وطلب منا متابعته كمشروع محتمل».
وتصف النتائج، التي ظهرت في دورية «المواد الوظيفية المتقدمة» مخططاً بسيطاً لمعالجة الإشارات الصوتية، بما يساعد في تحليل الغرافين المستحث بالليزر في الوقت الفعلي لتحديد شكله وجودته.
والغرافين المستحث بالليزر، الذي قدمه مختبر تور عام 2014، يصنع طبقات من صفائح الغرافين المترابطة عن طريق تسخين الجزء العلوي من لوح بوليمر رفيع إلى 2500 درجة مئوية (4532 درجة فهرنهايت)، تاركاً وراءه ذرات كربون فقط، وتم تطبيق هذه التقنية منذ ذلك الحين لصنع الغرافين من المواد الأولية الأخرى، وحتى الطعام.
يقول جون «في ظل ظروف مختلفة، نسمع أصواتاً مختلفة بسبب حدوث عمليات مختلفة، لذلك إذا سمعنا اختلافات أثناء التركيب، فسنكون قادرين على اكتشاف المواد التي يتم تشكيلها».
ويشير إلى أن التحليل الصوتي يسمح «بقدرات مراقبة جودة أكبر بكثير وهي أسرع بكثير من توصيف الغرافين الناجم عن الليزر بواسطة تقنيات الفحص المجهري».
ويضيف «في تحليل المواد، غالباً ما تكون هناك مفاضلات بين التكلفة والسرعة وقابلية التوسع والدقة، لا سيما فيما يتعلق بكمية المواد التي يمكنك معالجتها بشكل منهجي، وما لدينا هنا يسمح لنا بتوسيع نطاق إنتاجية قدراتنا التحليلية بكفاءة إلى الكمية الكاملة من المواد التي نحاول توليفها بطريقة قوية». ودعا جون شقيقه الأصغر إلى هيوستن، مدركاً أن خبرته ستكون ميزة إضافية في المختبر.
يقول «لدينا مجموعات مهارات تكميلية تقريباً حسب التصميم، حيث أتجنب التخصص في الأشياء التي يعرفها جيداً، وبالمثل يتجنب المجالات التي أعرفها جيداً، لذلك نشكل فريقاً قوياً للغاية».
ويوضح أنه «بشكل أساسي، يمكن لنمط الأصوات الصحيحة أن تتوافق مع المنتج الصحيح، وربطنا الأصوات المختلفة التي تتوافق مع المنتجات المختلفة».
ومن خلال ميكروفون صغير بقيمة 31 دولاراً من أمازون ملصق برأس الليزر وملحق بهاتف محمول داخل خزانة الليزر يتم التقاط الصوت لتحليله.
يقول تور: «قام الأخوان بتحويل نمط الصوت من خلال تقنية رياضية تسمى تحويل فورييه السريع، حتى يتمكنوا من الحصول على البيانات الرقمية من البيانات الصوتية، ومن خلال بعض الحسابات الرياضية، يمكن أن تكون هذه البيانات أداة تحليلية لتقييم نوع المنتج ونقاوته».
يقول جون لي إن الأصوات المنبعثة «توفر معلومات عن استرخاء مدخلات الطاقة عندما يضرب الليزر العينة ويتم امتصاصه أو نقله أو تناثره أو انعكاسه أو تحويله بشكل عام إلى أنواع مختلفة من الطاقة، وهذا يسمح لنا بالحصول على معلومات عن خصائص البنية الدقيقة للجرافين، وخصائص مورفولوجيته وخصائص المقياس النانوي».
ويبدي تور إعجابه بالنتائج قائلاً «ما توصل إليه هؤلاء الإخوة مذهل... إنهم يسمعون أصوات التوليف أثناء إجرائها، ومن ثم يمكنهم تحديد نوع المنتج وجودته بشكل شبه فوري، وقد يكون هذا نهجاً مهماً أثناء التوليف لتوجيه معايير التصنيع».


مقالات ذات صلة

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

تكنولوجيا تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

نصح تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، مطوري التطبيقات في المنطقة باحتضان العملية بدلاً من التركيز على النتائج.

مساعد الزياني (دبي)
تكنولوجيا خوارزمية «تيك توك» تُحدث ثورة في تجربة المستخدم مقدمة محتوى مخصصاً بدقة عالية بفضل الذكاء الاصطناعي (أ.ف.ب)

خوارزمية «تيك توك» سر نجاح التطبيق وتحدياته المستقبلية

بينما تواجه «تيك توك» (TikTok) معركة قانونية مع الحكومة الأميركية، يظل العنصر الأبرز الذي ساهم في نجاح التطبيق عالمياً هو خوارزميته العبقرية. هذه الخوارزمية…

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)
خاص يمثل تحول الترميز الطبي في السعودية خطوة حاسمة نحو تحسين كفاءة النظام الصحي ودقته (شاترستوك)

خاص ما دور «الترميز الطبي» في تحقيق «رؤية 2030» لنظام صحي مستدام؟

من معالجة اللغة الطبيعية إلى التطبيب عن بُعد، يشكل «الترميز الطبي» عامل تغيير مهماً نحو قطاع طبي متطور ومستدام في السعودية.

نسيم رمضان (لندن)
خاص من خلال الاستثمارات الاستراتيجية والشراكات وتطوير البنية التحتية ترسم السعودية مساراً نحو أن تصبح قائداً عالمياً في التكنولوجيا (شاترستوك)

خاص كيف يحقق «الاستقلال في الذكاء الاصطناعي» رؤية السعودية للمستقبل؟

يُعد «استقلال الذكاء الاصطناعي» ركيزة أساسية في استراتيجية المملكة مستفيدة من قوتها الاقتصادية والمبادرات المستقبلية لتوطين إنتاج رقائق الذكاء الاصطناعي.

نسيم رمضان (لندن)

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
TT

«مرايا» الذكاء الاصطناعي تعكس دواخلها «مع كل التحيزات»

«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها
«بوابة السحاب» مرآة تعكس الحياة وتشوهاتها

قبل بضع سنوات، وجدت شانون فالور نفسها أمام تمثال «بوابة السحاب (Cloud Gate)»، الضخم المُصمَّم على شكل قطرة زئبقية من تصميم أنيش كابور، في حديقة الألفية في شيكاغو. وبينما كانت تحدق في سطحه اللامع المرآتي، لاحظت شيئاً، كما كتب أليكس باستيرناك (*).

وتتذكر قائلة: «كنت أرى كيف أنه لا يعكس أشكال الأفراد فحسب، بل والحشود الكبيرة، وحتى الهياكل البشرية الأكبر مثل أفق شيكاغو... ولكن أيضاً كانت هذه الهياكل مشوَّهة؛ بعضها مُكبَّر، وبعضها الآخر منكمش أو ملتوٍ».

الفيلسوفة البريطانية شانون فالور

تشويهات التعلم الآلي

بالنسبة لفالور، أستاذة الفلسفة في جامعة أدنبره، كان هذا يذكِّرنا بالتعلم الآلي، «الذي يعكس الأنماط الموجودة في بياناتنا، ولكن بطرق ليست محايدة أو موضوعية أبداً»، كما تقول. أصبحت الاستعارة جزءاً شائعاً من محاضراتها، ومع ظهور نماذج اللغة الكبيرة (والأدوات الكثيرة للذكاء الاصطناعي التي تعمل بها)، اكتسبت مزيداً من القوة.

مرايا الذكاء الاصطناعي مثل البشر

تبدو «مرايا» الذكاء الاصطناعي مثلنا كثيراً؛ لأنها تعكس مدخلاتها وبيانات التدريب، مع كل التحيزات والخصائص التي يستلزمها ذلك. وبينما قد تنقل القياسات الأخرى للذكاء الاصطناعي شعوراً بالذكاء الحي، فإن «المرآة» تعبير أكثر ملاءمة، كما تقول فالور: «الذكاء الاصطناعي ليس واعياً، بل مجرد سطح مسطح خامل، يأسرنا بأوهامه المرحة بالعمق».

غلاف كتاب «مرايا الذكاء الاصطناعي»

النرجسية تبحث عن صورتها

كتابها الأخير «مرآة الذكاء الاصطناعي (The AI Mirror)»، هو نقد حاد وذكي يحطِّم عدداً من الأوهام السائدة التي لدينا حول الآلات «الذكية». يوجه بعض الاهتمام الثمين إلينا نحن البشر. في الحكايات عن لقاءاتنا المبكرة مع برامج الدردشة الآلية، تسمع أصداء نرجس، الصياد في الأساطير اليونانية الذي وقع في حب الوجه الجميل الذي رآه عندما نظر في بركة من الماء، معتقداً بأنه شخص آخر. تقول فالور، مثله، «إن إنسانيتنا مُعرَّضة للتضحية من أجل هذا الانعكاس».

تقول الفيلسوفة إنها ليست ضد الذكاء الاصطناعي، لكي نكون واضحين. وسواء بشكل فردي، أو بصفتها المديرة المشارِكة لمنظمة «BRAID»، غير الربحية في جميع أنحاء المملكة المتحدة المكرسة لدمج التكنولوجيا والعلوم الإنسانية، قدَّمت فالور المشورة لشركات وادي السيليكون بشأن الذكاء الاصطناعي المسؤول.

نماذج «مسؤولة» ومختبرة

وهي ترى بعض القيمة في «نماذج الذكاء الاصطناعي المستهدفة بشكل ضيق والآمنة والمختبرة جيداً والمبررة أخلاقياً وبيئياً» لمعالجة المشكلات الصحية والبيئية الصعبة. ولكن بينما كانت تراقب صعود الخوارزميات، من وسائل التواصل الاجتماعي إلى رفاق الذكاء الاصطناعي، تعترف بأن ارتباطها بالتكنولوجيا كان مؤخراً «أشبه بالوجود في علاقة تحوَّلت ببطء إلى علاقة سيئة. أنك لا تملك خيار الانفصال».

فضائل وقيم إنسانية

بالنسبة لفالور، إحدى الطرق للتنقل وإرشاد علاقاتنا المتزايدة عدم اليقين بالتكنولوجيا الرقمية، هي الاستفادة من فضائلنا وقيمنا، مثل العدالة والحكمة العملية. وتشير إلى أن الفضيلة لا تتعلق بمَن نحن، بل بما نفعله، وهذا جزء من «صراع» صنع الذات، بينما نختبر العالم، في علاقة مع أشخاص آخرين. من ناحية أخرى، قد تعكس أنظمة الذكاء الاصطناعي صورة للسلوك أو القيم البشرية، ولكن كما كتبت في كتابها، فإنها «لا تعرف عن التجربة الحية للتفكير والشعور أكثر مما تعرف مرايا غرف نومنا آلامنا وأوجاعنا الداخلية».

الخوارزميات والعنصرية وعدم المساواة

في الوقت نفسه تعمل الخوارزميات المدربة على البيانات التاريخية، بهدوء، على تقييد مستقبلنا بالتفكير نفسه الذي ترك العالم «مليئاً بالعنصرية والفقر، وعدم المساواة، والتمييز، وكارثة المناخ».

«كيف سنتعامل مع تلك المشكلات الناشئة التي ليست لها سابقة؟»، تتساءل فالور، وتشير: «مرايانا الرقمية الجديدة تشير إلى الوراء».

الاعتماد على السمات البشرية المفيدة

مع اعتمادنا بشكل أكبر على الآلات، وتحسينها وفقاً لمعايير معينة مثل الكفاءة والربح، تخشى فالور أننا نخاطر بإضعاف عضلاتنا الأخلاقية أيضاً، وفقدان المسار للقيم التي تجعل الحياة تستحق العناء.

مع اكتشافنا لما يمكن أن يفعله الذكاء الاصطناعي، سنحتاج إلى التركيز على الاستفادة من السمات البشرية الفريدة أيضاً، مثل التفكير القائم على السياق والحكم الأخلاقي، وعلى تنمية قدراتنا البشرية المتميزة. كما تعلمون. وهي تقول: «لسنا بحاجة إلى هزيمة الذكاء الاصطناعي. نحن بحاجة إلى عدم هزيمة أنفسنا».

* مجلة «فاست كومباني» - خدمات «تريبيون ميديا»

اقرأ أيضاً