أثار تفشي وباء «كورونا» حملة عالمية غير مسبوقة للسيطرة عليه والتصدي له. وتم ضخ المليارات من الأموال العامة والخاصة في الأبحاث العلمية بشكل لم يسبق له مثيل.
لكن يبدو أن انتشار فيروس «كورونا» سيكون له تأثير إيجابي على مستقبل الطب والعلوم، وفقاً لما نقلته صحيفة «الغارديان» البريطانية.
ويبدو أن أولى بوادر هذا التأثير هو اللقاح التجريبي ضد الطاعون، الذي تم تطويره العام الماضي باستخدام تقنية مشابهة لتلك المستخدمة مع لقاح «أسترازينيكا» المضاد لـ«كورونا»، وهي تقنية «Chadox»، والتي تعتمد على نسخة ضعيفة ومعدلة وراثياً من الفيروس المسبِّب لنزلات البرد تصيب الشمبانزي عادةً.
ومن المتوقع إجراء تجارب قريباً على لقاحات وعلاجات لأمراض خطيرة أخرى مثل «حمى الضنك» وفيروس «زيكا»، بالاستعانة بتقنيات لقاحات وعلاجات «كورونا».
كما يقوم العلماء في الوقت الحالي بإجراء تجارب بشرية على لقاح آخر ضد فيروس «إيبولا».
وتقول الدكتورة سارة غيلبرت، وهي واحدة من الخبراء الذين ابتكروا لقاح «أسترازينيكا»: «لقد صنعنا كعكة جميلة بالفعل، ويمكننا الآن وضع الكرز أو الفستق فوقها. فتقنية لقاح (كورونا) يمكن تعديلها لتطوير لقاحات للأمراض المختلفة».
وأشار خبراء الصحة إلى أن الأبحاث المتزايدة في مجال صنع اللقاحات عالية التقنية يمكن أيضاً أن تفيد مرضى السرطان في المستقبل. وفي الوقت نفسه، يمكن للدراسات التي أُجريت على فيروس «كورونا طويل الأمد» أن تؤدي للتوصل إلى علاجات لتجلطات الدم والتهاب الدماغ والنخاع العضلي ومتلازمة التعب المزمن.
علاوة على ذلك، قد يدعم تفشي «كورونا» جهود التصدي للسمنة ونقص الفيتامينات بالجسم، بوصفها عوامل تسهم في زيادة فرص إصابة الأشخاص بأعراض الفيروس الخطيرة.
ويقول دينان بيلاي، أستاذ علم الفيروسات في جامعة كاليفورنيا في لوس أنجليس: «تطوير العلم يستغرق سنوات كثيرة ويحتاج إلى فرصة ليتم تنفيذه. لقد وفّر وباء (كورونا) بيئة تنظيمية أسهل للأبحاث الطبية، مع تجارب سريعة التتبع، لذا فإن تطوير اللقاح، على سبيل المثال، كان سريعاً حقاً».
وأضاف: «قبل ظهور (كورونا)، كان تطوير لقاح أو دواء جديد يستغرق ربما عقداً أو أكثر حتى يمر بجميع مراحل التطوير والتنظيم. ولكن الآن أصبحت لدينا ثقافة تطوير اللقاحات في غضون 12 شهراً من الظهور الأول للمرض».
من جهته، يقول ريتشارد بوكالا، رئيس كلية الطب بجامعة ييل: «لقد كانت هناك فائدة غير متوقعة للوباء فيما يتعلق بتقنية لقاح (الحمض النووي الريبوزي المرسال) المستخدَمة في لقاحي (فايزر) و(موديرنا). فهذه التقنية لم يتم الاستثمار في البحث في فاعليتها بشكل كبير قبل ظهور الوباء».
وأشار بوكالا إلى أن هذه التقنية قد تفيد في علاج الملاريا وفيروس نقص المناعة البشرية.
من ناحيته، يرى ديفيد براون، عالم الأورام الذي يركز على العلاجات المناعية للسرطان في مركز «ييل للسرطان» في نيو هيفن، أن هذا التقدم المذهل الذي ظهر في مثل هذه الفترة الزمنية القصيرة نسبياً يعطي بصيصاً من الأمل للجميع حول التطور الكبير الذي سيحدث في مستقبل الطب.
كيف سيؤثر وباء «كورونا» على مستقبل الطب؟
كيف سيؤثر وباء «كورونا» على مستقبل الطب؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة