- Moonfall
> إخراج: رولاند إيميريش
> الولايات المتحدة (2022)
> النوع: خيال علمي | عروض: تجارية
> ★ ★ : وسط
«أهذا وجهك أو وجه القمر؟»، ما زال البعض يقول لمن يحب مرحباً. بعد هذا الفيلم يمكن -لو صدقت توقعاته- تغيير العبارة الغزلية إلى كابوسية: «أهذا وجهك أو وجه رولاند إيميريش؟».
في «مونفول» يواصل المخرج الأميركي منواله القائم على تقديم أفلام الكوارث. كل كارثة كان يمكن لها، لو كانت حقيقية، أن تجعل إنتاج فيلم آخر مستحيلاً لأن الأرض دُمرت في هذه الأفلام أكثر من مرّة. أو على الأقل دخلت صراع بقاء قطع أوصالها.بدأت المعاناة سنة 1994 عندما قدّم هذا المخرج «ستارغايت» حيث الدمار كان جزئياً. بعد عامين ابتدع حالة دمار أوسع في «يوم الاستقلال» وما بقي سالماً من بقع حياة على الأرض في ذلك الفيلم غزاه «غودزيلا» ودمّره سنة 1998. ترك غودزيللا نيويورك أشلاء قبل أن يعيدها، والأرض، إلى الحياة ليدمرها ثانية في فيلم «2012» سنة 2009. أوه... وقبل أن أنسى كان قد دمّر وجه الأرض في «اليوم التالي للغد» The Day After Tomorrow سنة 2004.
المختلف هذه المرّة أن الخطر قادم من القمر. لقد هوى. تزحزح عن مكانه ومن دون إنذار ها هو ينطلق صوب الأرض وعلى نخبة الممثلين المشتركين: هال بيري، وباتريك ويلسون، وتشارلز بلامر، وجون برادلي. ولو أن دور برادلي الوحيد هنا هو إشاعة جو النكتة للتخفيف من رعبٍ لا يتحقق في الصالة، وإنقاذ ما يمكن إنقاذه والتصدّي للقمر بإطلاق صواريخ نووية لتفادي الصدام المحتمل. كاتبو الفيلم، وبينهم إيميرش نفسه، يكتشفون أن للأرض جاذبية وبعض المطلوب هنا هو تحييد هذه الجاذبية لكي لا تجذب إليها القمر كما يقول أحد «كبار» خبراء الأجسام العملاقة في الفيلم.
حتى الآن تعرضت الأرض لكل نيازك الكون ولبعض كواكبه. بعض تلك الكواكب يحمل أسماء معروفة (مثل «المريخ» و«فينوس»، والبعض الآخر آت من وراء ما هو معروف بمخلوقات متوحشة أو حتى بلا حياة فوقه). والحال واحد في كل الحالات: بطولة أرضية. فشل بعض المؤسسات في معالجة الوضع ونفيها لما يراه العلماء من احتمالات قبل أن تتراجع وقد تبيّن لها أنهم على حق. كذلك لا بد من طفل هنا وعائلة هناك وشخص خفيف الظل وآخر شرير.
لو أن إيميريش حاول أن يغيّر قليلاً من هذه التركيبة لحقق نتيجة أفضل، لكن كل ما نراه هنا يبدو أليفاً وحين نغادر الصالة ليلاً سنرى القمر ما زال في مكانه وعلى وجهه ابتسامة ساخرة. أما الحياة على الأرض فما زالت مليئة بالأفكار المستنسخة وتحيكها نظم الكومبيوتر غرافيكس من خدع بصرية يستخدمها هذا الفيلم حتى الذروة. ينجح عبرها في تحقيق ما يريد الفيلم تحقيقه من إبهار، لكنه كان يحتاج إلى أكثر من ذلك لكي يزيل سمة السخف عن حكايته.
بعض الفيلم مسلٍّ، لكنها تلك التسلية التي تجعل بعضنا يشعر بعد ذلك بتأنيب الضمير كما لو أنه ارتكب جرماً بدخوله هذا الفيلم.
- CODA
> إخراج: شيان هَدر
> الولايات المتحدة (2022)
> النوع: دراما | عروض: ترشيحات الأوسكار
> ★★★: جيد
في عام 2021 شهد «كودا» عرضه العالمي الأول في مهرجان صندانس الأميركي. التقارير التي وردت من هناك تحدثت عن فيلم خلاّب بمشاعره الحميمة والواقعية حول عائلة كل من فيها، باستثناء فرد واحد، أبكم. قيام منصّة Apple بشراء الفيلم بـ25 مليون دولار أضاف للفيلم مستوى آخر من الاهتمام حتى إذا ما تم عرضه في بعض المحافل وعلى أثير الإنترنت زاد الإعجاب به وتوقع له كثيرون وصوله إلى مدار المناسبات السنوية، وهو فعل ذلك بلا ريب.
كلمة «كودا» تعني الشيفرة التي يتعامل وإياها فاقدو نعمة النطق، وفي الوقت ذاته هي تعبير عن مفردة تُستخدم في الموسيقى. وبطلة الفيلم روبي (لندنر إميليا جونز) تمارس المعنيين في وجهتين مختلفتين: تتواصل مع أفراد عائلتها حيث هي الوحيدة الناطقة تستخدم الإشارات اليدوية في ذلك، وتعمد إلى الغناء على يدي أستاذ مهتم ببلورة وحماية موهبتها (يوجينيو درباز). باقي الفيلم هو سبيل المخرج هَدر لتقديم دراما خفيفة ومسلية ومتعاطفة حول حكاية روبي وما تواجهه من حالات عاطفية وصدامات مع أهلها ومع نفسها في بعض الأحيان.
يمر الفيلم بلا عُقد تتمنى لو أمّت المخرجة بعضها. يحتوي على الكثير من المفارقات المثيرة للاهتمام وأقل من ذلك من العمق. منفّذ جيداً كعمل يجمع بين مادّة جديدة لا تستنزف أي رغبة ميلودرامية رخيصة أو بكائية وبين موضوع غير مطروق من قبل. وكلا العالمين معالج بما يناسب ذوق المُشاهد الذي لا يطلب أكثر مما يراه ليشعر بأنه مهتم بهذه الشخصيات. على أن القصّة تتهاوى في النصف الثاني مسببةً هواناً في الحفاظ على ما تم اكتسابه من اهتمام. هنا يحفل الفيلم بأحداث متوقعة قبل وردوها مزوّدة بنسبة عالية من السكّر كتحلية لموضوع هو في الصميم تراجيدي أو كان يمكن له أن يكون أكثر جدّية مما جاء عليه.
- استعادة
> إخراج: رشيد مشهراوي
> فلسطين - فرنسا (2021)
> النوع: وثائقي | عروض: مهرجان البحر الأحمر
> ★★★★: ممتاز
في أفلام المخرج رشيد مشهراوي القريبة (من بينها «يوميات شارع جبرائيل») ابتعاد واضح عن الإثارة السياسية وانتهاج أوضح للرغبة في تناول ما هو فلسطيني من خلال ذاكرة لا مقصد لها سوى التمتع بقدرة السينما على الإيحاء بزمن مضى أو بموقع بعيد.
في «يوميات شارع جبرائيل»، الذي عرضناه هنا قبل نحو شهرين، حديث عن أحد شوارع حي مونمارتر الباريسي خلال قرار منع التجوّل من دون إذن بسبب «كورونا» ومن زاوية تسجيل يوميات الشارع وأشخاصه. يقارن المخرج بين هذا الحجر والحجر الآخر الموجود في وطنه حتى من دون أن يمنح المقارنة أكثر من تعليق عابر.
في «استعادة»، الذي شارك رسمياً في مهرجان البحر الأحمر في جدة، إيحاء آخر بما كان وما هو الحال اليوم. إنه عن مدينة حيفا قبل سنة 1948. المدينة التي وُلد فيها أبو المخرج قبل رحيل العائلة إلى غزة. عن أناسها وشوارعها وبحرها وصيادي السمك ومرتادي المطاعم والمقاهي وصالات السينما.
على عكس فيلمه الآخر، يقلل المخرج من شريط التعليق كونه يُجري مقابلة مع «حيفاوي» قديم (الطاهر القليبي) يتذكر الماضي كما لو كان يمر أمام عينيه الآن. لكن في معظم ما تبقّى من الوقت (نحو ساعة) الفيلم هو صور صامتة تحكي تاريخاً. هي أكثر فاعلية فيما لو صاحَبَها تعليق.
بطبيعة الحال بالنسبة إلى المخرج تجري السينما في شريان حياته، يتوقّف من خلال ذكريات القليبي، على صالات السينما في حيفا الأمس البعيد مثل «الشرق» و«نبيل» و«الحمرا» ويعرض بعض ما كان فلسطينيو ذلك الزمان يشاهدونه من أفلام مصرية مثل «نشيد الأمل» مع أم كلثوم (نسمع كذلك بعض أغانيها) و«ضربة القدر» مع يوسف وهبي.
يكشف الفيلم كذلك بعض ما كنّا نجهله عن بدايات الفيلم الفلسطيني آنذاك: «إبراهيم سرحان أسس استديو فلسطين وأنتج (فيلم) «عاصفة في بيت» مع أحمد سمحان وحياة قدري (في البطولة)».
الفيلم متكامل صوتاً وصورة من حيث إن كلاً من هذين العنصرين يعمل ضمن إيقاع متّحد. ليس هناك من رغبة في صدام مع الحاضر ولا رغبة في تعجيل وتيرة وإيقاع ما نراه. الهدوء ينجلي عبر تلاحم الصور الكثيرة التي يعرضها الفيلم كتاريخ (يميل إلى المزج المتأني) والتعليق حميم وبنبرة دافئة. كذلك فإن كتابة التعليق هنا أنجح مما جاء في فيلم مشهراوي السابق حيث ساد مطلع الكثير من الجمل كلمات مكررة. لكن في الحالتين، هناك التزام بمادة تتحدث عن مكنونات كل فيلم من دون الحاجة لصراخ أو بكاء.
★ ضعيف| ★ ★ : وسط| ★★★: جيد | ★★★★: ممتاز | ★★★★★: تحفة