أربكت رسالة إيرانية إلى خصوم مقتدى الصدر في «الإطار التنسيقي» الشيعي في بغداد حسابات قادته في احتمالات التفاوض مع زعيم «التيار الصدري» ومنعت تفكك «الإطار» أو التحاق أطراف فيه بحكومة الأغلبية الوطنية التي يسعى إليها زعيم «التيار الصدري».
وكتب المرشد الإيراني علي خامنئي جواباً عن رسالة من «الإطار»، قطع الطريق بشكل نهائي على أي تقارب بين الصدر وهادي العامري زعيم «تحالف الفتح». المصادر الخاصة تقول إن الرسالة وصلت إلى طهران عن طريق الخطأ.
وكانت وسائل إعلام محلية زعمت، نهاية الشهر الماضي، أن الرسالة كتبها قادة «الإطار» وتكفل زعيم «ائتلاف دولة القانون» بإرسالها إلى خامنئي، لكن المصادر أكدت لـ«الشرق الأوسط»، أنهم «لم يتفقوا على إرسالها»، سوى أن المالكي «سربها من وراء ظهورهم، لعلمه بأن الجواب سيقضي على أي فرصة للتحالف بين الصدريين و(الفتح)».
وتتضارب المعلومات بشأن مضمون الرسالة، لكن المرشح منها «سؤال خامنئي عن إمكانية تحالف أطراف داخل (الإطار) مع الصدر، بغض النظر عن مواقف الآخرين منه» قبل فوات الأوان. ولأن الجميع كان يدرك أن الجواب سيأتي بالرفض، فقد قرروا التريث وعدم إرسالها لعلمهم بطبيعة الجواب. المالكي استغل هذه الفرصة وأعاد تماسك الإطار بـ«فرمان» من طهران.
ونقل مصدر رفيع من داخل «الإطار» أن أحد قادته «اقترح بعد الانتهاء من كتابة الرسالة انتظار النتائج التي ستفسر عنها المحاولات الجارية مع الصدر والزعيم الكردي مسعود بارزاني لإيجاد صيغة جديدة لفك النزاع»، لكن شرط الصدر عزل المالكي أثار الشكوك داخل قوى «الإطار» من أن «أحدهم سيقفز سريعاً من السفينة إلى بر الصدر».
وبعد جواب خامنئي، اضطر قادة «الإطار» من جديد إلى إعلان «تماسكهم ووحدة قواهم» في مواجهة مشروع الأغلبية الذي يقوده الصدر. تماسك مدفوع بما يشبه الفتوى الإيرانية برسم المرشد، فيما تحول العامري إلى زعيم حائر تاهت منه البوصلة. قال لمحدثه المراسل التلفزيوني قبل أيام: «لا أحد يعرف ما سيجري».
ويعكس تبادل الرسائل المباشرة بين «الإطار» وخامنئي طبيعة الدور الذي يقوم به قائد «فيلق القدس» الإيراني إسماعيل قاآني في العراق. وعلى خلاف الجنرال قاسم سليماني، فإن طريقة «ساعي البريد» بين طهران وبغداد وأربيل والحنانة سمحت للفرقاء الشيعة بالارتجال والاجتهاد في هندسة السياسات الآنية. قاآني لم يجد مرونة في موقف زعيم «الحزب الديمقراطي» مسعود بارزاني، ولم يحقق اختراقاً يذكر لإصرار الصدر على شروطه، فيما يبالغ «الإطار» في تقدير أدواته السياسية.
«تماسك» الإطار يتزامن مع اضطراب سياسي على وقع تجميد المرشح لرئاسة الجمهورية هوشيار زيباري، ومقاطعة غالبية الكتل السياسية جلسة انتخابه، أول من أمس الاثنين، ولاحقاً فتح باب الترشيح للمنصب ليكسب الجميع 30 يوماً أخرى، قد يعود خلالها زيباري إلى السباق، بموقف قانوني سليم.
وبهذا يكون «الإطار التنسيقي» أسيراً لمسار سياسي واحد هو المضي حتى النهاية في مناهضة مشروع الصدر، معتمداً فقط على حليفه الكردي «الاتحاد الوطني الكردستاني» الذي يغامر بخلافه مع «الحزب الديمقراطي الكردستاني»، مصراً على برهم صالح، وإن لم يكن؛ فمرشح بديل من الحزب نفسه. ويقول مفاوض من حزب طالباني: «لن نرضخ لإرادة بارزاني. هذا أمر مصيري بالنسبة لنا ولجمهورنا».
ثمة تضافر بين هذه العوامل، اضطرار «الإطار» تحت ضغط خامنئي، وإثبات الوجود لـ«الاتحاد الوطني» في مناطقه الانتخابية، وهو يحاول طبابة آثار التسميم بين أبرز قادته العام الماضي. إنه تضافر على تثبيت الانقسام وتعزيز «السواتر» داخل البرلمان العراقي، بين الموالاة والمعارضة.
وأسفر التضافر الظرفي بين معارضي الصدر عن تحشيد سياسي محموم لما بات يعرف بـ«الثلث المعطل» لجلسة انتخاب رئيس الجمهورية، وهو الذي سمحت به المحكمة الاتحادية في تفسيرها لضوابط ومحددات انتخابه، ليسارع الصدر إلى إفشال جلسة البرلمان الاثنين الماضي.
ويستقر المعسكران، الصدر و«الإطار»، في جبهتين واضحتين تحاولان كسب القوى الصغيرة، من المستقلين والحركات الناشئة، لضمان العدد الكافي من المقاعد الضامن لانتخاب رئيس الجمهورية، الذي سيفتح الطريق أخيراً لتكليف مرشح الكتلة الكبرى لرئاسة الحكومة.
العراق: خامنئي يقطع الطريق على التحاق العامري بالصدر
المالكي سرّب رسالة من حلفائه إلى «المرشد الإيراني» تطلب نصيحته
العراق: خامنئي يقطع الطريق على التحاق العامري بالصدر
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة