فتح المجال الجوي أمام الرحلات «الإنسانية» إلى اليمن

مناشدة الجهات الخيرية والمنظمات الدولية لمد يد العون للنازحين والعالقين

طفل يمني يملأ غالونا بالمياه في صنعاء أمس في ظل أزمة غذائية وطبية في اليمن بسبب اعتداءات الحوثيين (رويترز)
طفل يمني يملأ غالونا بالمياه في صنعاء أمس في ظل أزمة غذائية وطبية في اليمن بسبب اعتداءات الحوثيين (رويترز)
TT

فتح المجال الجوي أمام الرحلات «الإنسانية» إلى اليمن

طفل يمني يملأ غالونا بالمياه في صنعاء أمس في ظل أزمة غذائية وطبية في اليمن بسبب اعتداءات الحوثيين (رويترز)
طفل يمني يملأ غالونا بالمياه في صنعاء أمس في ظل أزمة غذائية وطبية في اليمن بسبب اعتداءات الحوثيين (رويترز)

أكد المجلس الأعلى للجاليات اليمنية حول العالم فتح المجال الجوي أمام الرحلات الجوية الإنسانية فقط، وذلك اعتبارا من أمس، مما يعني أن الرحلات التجارية لا تزال معلقة، حتى إشعار آخر.
وكشف لـ«الشرق الأوسط»، أمس، صائل بن رباع، رئيس المجلس الأعلى للجاليات اليمنية، أن فتح المجال الجوي لرحلات الطيران الإنسانية جاء بهدف مساعدة العالقين خارج البلاد في العودة إلى ديارهم، بعد أن تقطعت بهم السبل منذ بدء العمليات العسكرية لقوات التحالف العربي المساندة للشرعية في اليمن.
وأمام تأخر فتح المجال الجوي حتى الآن، أكد ابن رباع أنه سيتم اللجوء لخيار آخر لإنقاذ العالقين في الخارج، بقوله إنه «في حال لم يفتح المجال الجوي سنلجأ للدول المجاورة للسماح بإعطاء تأشيرات عبور، ورغم وجود هذا الحل فإن البوادر تشير للسماح لفتح المجال الجوي في الأسبوع المقبل للطيران التجاري، التي لها الأولوية لإعادة العالقين في الخارج». وأكد أن الخطوط اليمنية تمكنت من تسيير رحلة إنسانية (غير تجارية)، أمس، من القاهرة إلى صنعاء، بعد تقدم طيران الخطوط اليمنية بطلب لنائب الرئيس اليمني خالد بحاح بفك الحبس عن الطائرات التابعة للخطوط اليمنية والمحجوزة بطلب من الحكومة اليمنية، وتسيير الرحلات التي لها الأولوية مثل القاهرة والأردن لوجود كثافة في عدد العالقين. وأوضح: مصر تضم أكثر كثافة في عدد العالقين اليمنيين والذين بلغ عددهم 5 آلاف يمني، ما بين مرضى وطلاب وسياح ورجال أعمال، تليها الأردن (عمَان) التي يوجد فيها نحو ألفي يمني، ثم الهند التي يوجد فيها 1800 عالق، فضلا عن 300 في أديس أبابا ومائتي في ماليزيا، إضافة إلى 500 في جيبوتي، ناهيك بالنازحين الذين ذهبوا عبر البحر والذين بلغ عددهم 900 نازح. وبيّن أن المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة تواصلت مع عدة جهات لإجلاء العالقين اليمنيين في الخارج، ومن بينهم المجلس الأعلى للجاليات، وعدد من المنظمات والحكومة اليمنية، وكثير من الهيئات الإغاثية، إضافة إلى مناشدة منظمة الهجرة الدولية لتسيير رحلات.
وشدد على أهمية دور العائلات التجارية في اليمن ودعمهم المادي لتكفلهم بعودة العالقين، إضافة إلى الجاليات اليمنية في الخارج التي استضافت العالقين في منازلهم، والطلاب في الهند ومصر والأردن الذين فتحوا منازلهم للعالقين وتقاسموا معهم المعيشة، بروح واحدة من دون مناطقية ومذهبية وعنصرية.
من جهته، أبلغ «الشرق الأوسط» محمد الأهدل، أمين سر المجلس الأعلى للجاليات اليمنية حول العالم، أن الاجتماع الطارئ الذي عقده المجلس خلص إلى عدة توصيات، جاء على رأسها مناشدة جميع الأطراف الحكومية في صنعاء والرياض لتقديم كل ما يستطيعون تقديمه للتخفيف من الأزمة.
وناشد المجلس أيضا الجهات الخيرية والإغاثية والمنظمات الدولية لمد يد العون لإخوانهم النازحين والعالقين، داعيا في الوقت نفسه إلى تنظيم حملة إعلامية لتسليط الضوء على معاناة العالقين والنازحين.
وبحسب الأهدل، أوصى المجلس أيضا بأهمية التنسيق مع كل من يعمل في هذا المجال الإنساني، وتشكيل لجنة لمتابعة مخرجات هذا الاجتماع الطارئ للمجلس الأعلى للجاليات اليمنية.
وأكد الأهدل حل مشكلة العالقين في الهند بموجب التواصل مع نادية السقاف، وزيرة الإعلام ومسؤولة الإغاثة والمعونات، التي أفادت أنه، وبموجب توجيهات نائب الرئيس ورئيس مجلس الوزراء خالد محفوظ بحاح، تم حل مشكلة العالقين هناك.
وبيّن أن توجيهات نائب الرئيس اليمني تضمنت إجلاء المواطنين اليمنيين العالقين في الهند اعتبارا من الأحد المقبل، مشيرا إلى أنه تم إبلاغ العالقين بأن «على من لديه تذكرة طيران على الخطوط اليمنية أو أي طيران آخر التواصل مع مكتب الخطوط اليمنية في مومباي وتسجيل اسمه، ليتم الحجز له على أقرب رحلة عائدة إلى اليمن».
وعلى صعيد تحرك المؤسسات الخيرية العالمية لإغاثة الشعب اليمني، اعتمدت «مؤسسة بيل ومليندا غيتس» للعمل الخيري والإنساني منحة مالية بقيمة 800 ألف دولار لصالح الهيئة الطبية الدولية، وهي منظمة إنسانية عالمية غير ربحية متخصصة بإنقاذ الأرواح وتخفيف المعاناة من خلال التدريب والرعاية الصحية وبرامج الإغاثة والتنمية، لتمكينها من تقديم الإغاثة الطارئة للمدنيين اليمنيين من خلال 78 منشأة صحية، تتضمّن 10 وحدات طبية متنقلة، تدعمها الهيئة في مختلف أنحاء اليمن.
ومن المقرر أن تُستخدم هذه المنحة في تمويل عمليات توزيع أطقم معالجة الإصابات البليغة والأدوية والمستلزمات الطبية والمكملات الغذائية التي سيتم توفيرها لمن هم بحاجة إليها من خلال هذه المنشآت الصحية.
وقال حسن الدملوجي، رئيس علاقات الشرق الأوسط، في «مؤسسة بيل ومليندا غيتس»، إن كثيرا من أفراد الشعب اليمني يواجهون ظروفًا صعبة منذ عدة سنوات بسبب حالة عدم الاستقرار السائدة، وباتوا اليوم في أمس الحاجة إلى دعم المنظمات الإنسانية أكثر من أي وقت مضى.
وشدد على أن مؤسسة «بيل ومليندا غيتس» تتطلع بفارغ الصبر إلى اللحظة التي تبدأ فيها مرحلة التنمية الحقيقية في اليمن، لننتقل حينها من الإغاثة والدعم الطارئ إلى المشاريع التنموية طويلة الأجل التي من شأنها توفير مقومات العيش الكريم والحياة المستقرة لأبناء الطبقة الفقيرة في هذا البلد.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».