Encounter ★★★
- إخراج: مايكل بيرس
- الولايات المتحدة (2021)
- النوع: تشويق
- عروض: Amazon
هناك نجم ثاقب أو نيزك صغير أو بقايا مركبة فضائية تتجه صوب الأرض في مطلع هذا الفيلم الثاني لمخرجه البريطاني مايكل بيرس «وحش»، 2017. يضعنا هذا المشهد المبدئي على حافة الاعتقاد بأننا نشاهد فيلم خيال - علمي حول هبوط مخلوقات من الفضاء. يكمل المخرج فنرى نفاذ حشرات وديدان تحت الجلد ونفهم أن هذا «الشيء» الذي حط على الأرض حملها معه لكي تدخل البدن عنوة وتتوالد فيه.
لكن باقي الفيلم لا علاقة له بنوع الخيال العلمي، وهذه الحشرات هي تهيؤات رجل عاد من الحرب العراقية اسمه مالك خان (ريز أحمد) وفي قناعته أن زوجته وملايين البشر في أميركا تعرضوا لمثل هذه الحشرات التي تغير طباع الإنسان وتجعله خطراً على الآخرين ممن تجنب حتى الآن مثل هذه العاقبة. هذا ما يدفعه لخطف ولديه جاي (لوسيان - ريفر شوهان) وبوبي (أديتيا غيدادا) من منزل مطلقته والهرب بهما لأنه موقن من أن زوجته السابقة وزوجها الجديد من بين أولئك المصابين.
بهذا المنوال، يصبح الفيلم تشويقياً ثم يزيد الجرعة فيتحول إلى فيلم رعب، ولو أن هذا التحول يعود فينحسر. في حين أن هذا قد يؤخذ على الفيلم من زاوية أنه لم يجد الصياغة الصحيحة للانتقال من وإلى كل نوع، إلا أن المخرج بيرس يحسن، على الأقل، إرساء القواعد لفيلم من نحو 100 دقيقة فيه من المواقف الغامضة والمثيرة ما يجعل المشاهد يتسمر أمام الشاشة.
إن طريقة عرضه هي التي تفصل بين الهوان والقوة. فصل المشاهد التي نرى فيها شرطياً يوقف مالك في ليل على طريق بري وشحنات الغضب المكتوم والخوف الحذر والوتيرة الحادة والتقطيع بينهما ثم بينهما وطفلي مالك من أكثر مشاهد الفيلم قوة. في هذا الفيلم سنرى أن مالك يعتقد أن الشرطي ممن دخلتهم الحشرات وأنه لم يعد آدمياً تماماً.
لذلك هي مفاجأة محسوبة عندما ينتقل الفيلم بنا من الشك إلى اليقين. نرتاب في أن مالك على حق، ثم نكتشف أنه مخطئ تماماً، وأن شيئا مما يعتقد حدوثه ليس واقعاً على الإطلاق. تساعدنا شخصية المشرفة عليه (كونه خرج من مصحة نفسية قبل حين) واسمها هاتي (أوكتافيا سبنسر) في فهم هذه الناحية ووضع كل شيء على الأرض عوض أن يبقى في فضاء ما يرد في خاطرنا.
لا بد أن المخرج بيرس شاهد كل ما استطاع الوصول إليه من أفلام غموض وإثارة سواء أكانت حديثة أو قديمة، أفلام خيال علمي أو مجرد تشويقية، لأن السبيل الذي يعمد إليه يجمع بين ما هو مطروق ليستخدمه في حكايته الجديدة. والمفاجآت التي يوزعها على خط الأحداث فاعلة.
من بين هذه المفاجآت اكتشاف ابنه الأكبر جاي بأن والده مريض بالوهم، وأنه يُشكّل خطراً على نفسه وعليه وشقيقه. تتداخل عند هذه النقطة، على بعد 20 دقيقة من نهاية الفيلم، بفاعلية مثيرة لكن مشهد النهاية يحمل، بنتيجته، إحباطاً. كان الفيلم قد حشد ضابطين فيدراليين لجانب المشرفة الاجتماعية هاتي لمعالجة هذا الوضع، لكن القليل جديد هنا وكان من الأفضل لو أن هاتي وحدها هي التي كانت تطارده.
Licorice Pizza ★★★
بيتزا بعرق السوس
- إخراج: بول توماس أندرسن
- الولايات المتحدة (2022)
- النوع: كوميديا رومانسية
- عروض: تجارية
أفلام بول توماس أندرسن، مثل بعض سواه، ليست كلها من مستوى واحد، لكنها جميعاً جيدة وبعضها، مثل «سيكون هناك دم» There Will Be Blood و«الخيط الشبحي» (The Phantom Thread)، تحف فعلية على صعيد أو أكثر.
فيلمه الجديد «بيتزا بعرق السوس» يكمن ما بين الممتاز والجيد، خصوصاً في نصفه الأول. بعد ذلك هناك قدر من الاستطراد، ولو أنه لا يخلو من المفاجآت.
هو فيلم رومانسي كما لم تعد السينما الأميركية تنجح في توفيره. معظم ما يأتي في هذا النوع يتمتع بقدر ملحوظ من توجيه المشاعر غصباً وفرضها بسذاجة. أندرسن لديه الحنكة الكافية ليجعل مما يعرضه هنا صادقاً وملهماً. وإذا توخينا بعض الإمعان هو - في نصفه الأول كذلك، على الأقل - يتميز بتلك النعومة التي كانت للفرنسي الراحل كلود سوتيه.
غاري فالنتاين (كوبر هوفمن، ابن الممثل الراحل فيليب سيمور هوفمن الذي قاد بطولة The Master أحد الأفلام المرموقة لأندرسن، سنة 2012) فتى في الخامسة عشرة من العمر يتعلق بحب من النظرة الأولى مع فتاة تكبره سناً اسمها ألانا (ألانا هايم) التي ترده في مطلع الأمر، ثم تقبل به كـ«صديق فقط وليس كبوي فرند»، كما تقول له. لكنها لاحقاً، وتبعاً لأحداث متوالية، تترك لقلبها أن يستجيب، ثم ينسحب ثم يستجيب مجدداً.
كل ما يقع، وهو كثير، قابل للتصديق ليس فقط لأن معالجة المخرج ذكية وفي وقت واحد خفيفة ورصينة معاً، بل لأن الأحداث تقع في السبعينات عندما كان كل شيء ممكنا على النسق الذي نراه. هناك معالجة أمينة لأجواء الفترة الاجتماعية وللكيفية التي كان فيها المراهقون يتصرفون حيال الحب الأول في حياتهم. لا يدعون المعرفة، بل ينساقون إليها والمخرج أندرسن لا يخادع حين يمنح الفترة كامل مزاياها وملامحها. ينقل السبعينات الزاهية (وقليل من خلفياتها) إلى الشاشة، فينقلك إلى الفترة، كما لو أنه ليس هناك أي حاجز بينك وبين التاريخ. والحكاية لا تتمحور حول غاري وحده، بل حول ألانا التي تحاول أن تتصرف مع غاري بحكمة، لكنها تكشف كم هي بدورها في حب ذلك الفتى الوديع والخالي من العقد.
استوحى المخرج فيلمه من شخصيات ومفارقات ومصادر مختلفة، لكنه صاغها بحيث لا يهم ما هي تلك المصادر أو لماذا استوحاها. من ناحية كان الممثلان، هوفمن وهايم، رائعين في الكر والفر وكان أداؤهما يحمل صدقاً يماثل صدق المعالجة.
Commitment Hasan ★★
- إخراج: سميح قبلانوغلو
- تركيا (2021)
- النوع: دراما اجتماعية
- عروض: {كان}
نظراً لأن المخرج التركي سميح قبلانوغلو سبق وحقق أعمالاً بديعة من قبل («قمح»، «بيض» «عسل») فإن الناقد يتوقع أن يرى في فيلمه الأخير هذا ما يوازي تلك الأعمال إجادة. لم يتأخر قبلانوغلو هنا عن مواكبة الانشغال على حكايات الريف وأهله كما الحال في تلك الأفلام السابقة، لكن الذي تغير هو أن تلك الأفلام تميزت بجمالها البديع. حقيقة أنه اختار لها مناطق جبلية وبيئة غير متوقعة ساعد تلك الأعمال على بلورة الحكايات تماماً صوب الغاية التي اختارتها: الكشف عن المحيط البيئي وتأثيره على الأفراد الذين يعيشونه.
هنا تنتقل الحكاية إلى منطقة ريفية منبسطة. لكن المشكلة ليست في طبيعة المنطقة، بل في أن معظم الفيلم هو أيضاً «منبسط» بلا تصاعد وبلا نتوء أو مواقف قابلة للبقاء طويلاً في البال. يدور الفيلم حول حسن (أوموت قرداش) الذي يملك أرضاً واسعة (سيضيف إليها أرضاً أخرى) ومشاكل كثيرة،
ذكر المنشور إعلاني صاحب الفيلم لمهرجان «كان» في يوليو (تموز) الماضي، أن نصب عمود اتصالات كبير في أرض الفلاح حسن هو محور مشاكله. لكن ذلك ليس صحيحاً. الفيلم من ساعتين ونصف وحسن يواجه عدة مشاكل فيه مالية وإدارية ومع الآخرين في بيته والخارج. لا واحد منها يُحل كما يرغب، لكن معظمها يبقى فالتاً بلا حل.
قيمة المضمون، إذن، مهدورة. كذلك هناك الرتابة القاتلة. الفيلم يمضي ويمضي ويمضي من دون تحديد حدث مفصلي واحد. حتى ولو كان ذلك مقصوداً فإن ما يحتاجه الفيلم طوال مدة عرضه هو بعض الحرارة، وربما لممثل آخر يغضب أو يضحك أو يعكس شعوراً نتفق عليه.
★ ضعيف| ★ ★ : وسط| ★★★: جيد | ★★★★: ممتاز | ★★★★★: تحفة