نقص التمويل يهدّد بتقويض عمل المستشفيات شمال غربي سوريا

سيدة سورية تجالس قريبتها داخل «مستشفى الرحمة» في مدينة داركوش بإدلب (أ.ف.ب)
سيدة سورية تجالس قريبتها داخل «مستشفى الرحمة» في مدينة داركوش بإدلب (أ.ف.ب)
TT

نقص التمويل يهدّد بتقويض عمل المستشفيات شمال غربي سوريا

سيدة سورية تجالس قريبتها داخل «مستشفى الرحمة» في مدينة داركوش بإدلب (أ.ف.ب)
سيدة سورية تجالس قريبتها داخل «مستشفى الرحمة» في مدينة داركوش بإدلب (أ.ف.ب)

تضيق أقسام مستشفى رئيسي في شمال غربي سوريا بالمرضى، من صغار وكبار يتلقون طبابة مجانية. لكن المرفق الحيوي مهدّد بالإقفال بعد توقّف إحدى الجهات المانحة عن تمويله.
والمستشفى الواقع في بلدة دركوش في محافظة إدلب واحد من مستشفيات عدة في المنطقة مهدّدة بالإقفال جزئياً أو كلياً جراء تقلّص الدعم الدولي، فيما وجّهت «منظمة الصحة العالمية» نداءً طارئاً لتوفير أكثر من 257 مليون دولار لتلبية الاحتياجات الصحية الملحة في سوريا.
في قسم أمراض النساء في المستشفى، تمكث أم علاء منذ ثمانية أيام. وتقول لوكالة الصحافة الفرنسية: «الرعاية هنا جيدة... لكن المشكلة أننا نشتري الأدوية من خارج المستشفى ولا أقوى على توفير ثمنها». وتضيف: «هذا المستشفى هو الأقرب إلى مكان سكني وأتمنى ألا يغلق أبوابه، لأنني غير قادرة على توفير تكلفة التوجّه إلى مستشفى آخر».

ويقدّم المستشفى خدماته مجاناً لأكثر من ثلاثين ألف مريض شهرياً. لكن منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني)، أوقفت إحدى المنظمات الدولية دعمها له كلياً، وكانت مساهمتها تشكل ثمانين في المائة من إجمالي المساعدات التي يتلقاها.
ويشرح الدكتور أحمد غندور، رئيس مجلس إدارة المستشفى: «تبلغنا في نهاية الشهر التاسع بتوقف الدعم، وخلال شهري أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، وفّرت المنظمة دعماً جزئياً، ولكن من دون أدوية ولا مستهلكات». ويوضح: «نعمل حالياً بالمواد والأدوية المخزنة في المستودعات لكنها بدأت تنفد. لا يمكننا الاستمرار أكثر من شهرين على أبعد تقدير».
وتوقفت أقسام الإسعاف والعمليات والأطفال والحواضن والمختبر عن العمل حتى الآن جراء توقف الدعم، وفق غندور، بينما تواصل الأقسام المتبقية والعيادات تقديم خدماتها. ويعمل الطاقم الطبي منذ مطلع العام بشكل تطوعي، لكن ذلك ليس كافياً «لأننا بحاجة إلى أدوية ومستهلكات ولوازم مختبر وتصوير وعمليات ومواد لأقسام العناية والأطفال».
وينذر احتمال توقّف المستشفيات والمراكز الطبية عن العمل في مناطق سيطرة «هيئة تحرير الشام» وفصائل أخرى في إدلب ومحيطها، حيث يقيم ثلاثة ملايين شخص نصفهم نازحون، بكارثة صحية جديدة. وبحسب منظمة الصحة العالمية، يحتاج 3.1 مليون شخص من إجمالي 4.4 مليون في شمال غربي سوريا إلى مساعدة صحية.

ويؤكّد الدكتور سالم عبدان، مدير هيئة صحة إدلب المحلية التي تتولى تسيير الشؤون الصحية في مناطق سيطرة الفصائل، «توقف دعم نحو 18 مستشفى» في إدلب ومحيطها منذ نهاية العام الماضي. واعتادت المستشفيات الحصول على «دعم تشغيلي ورواتب ومستهلكات طبية» عبر مانحين دوليين، بينهم منظمة الصحة العالمية ومنظمات إنسانية.
ويربط عبدان تقلّص الدعم «بطول أمد الأزمة... وبموجة كوفيد - 19 والوضع الاقتصادي الصعب الذي نجم عنها في العالم»، مطالباً «الجهات المانحة بعدم إهمال شمال غربي سوريا لا إغاثياً ولا طبياً». وتربط منظمة الصحة العالمية تراجع دعم المستشفيات في إدلب ومحيطها بنقص التمويل بالدرجة الأولى.
ويقول الدكتور محمود ضاهر، مدير مكتب منظمة الصحة العالمية في غازي عينتاب: «يتناقص الدعم الدولي بينما الحاجة تتزايد»، لافتاً إلى توقف بعض المستشفيات عن العمل، من دون تحديد عددها الإجمالي. ورغم أن عدداً منها سيتلقى قريباً دعماً من صندوق الأمم المتحدة للدعم الإنساني، لكن ذلك لا ينفي تداعيات نقص التمويل المقدم لدعم القطاعات الإنسانية مجتمعة بينها القطاع الصحي.
وتضم منطقة شمال غربي سوريا، وفق ضاهر، أكثر من 490 مؤسسة صحية، بين مستشفيات ومراكز صحية يعتمد أغلبها على مساعدات دولية من الأمم المتحدة أو الدول الداعمة، خصوصاً الأدوية. ومن شأن أي نقص في هذا الإطار، بحسب ضاهر، أن «يؤثر على حياة مئات الآلاف من الأشخاص». ويشدّد على أن «الدعم الدولي هو الأساس في تلبية احتياجات السكان الإنسانية في شمال غربي سوريا ومن ضمنها الصحة».
وخلال عام 2021. تلقت الأمم المتحدة وشركاؤها 46 في المائة فقط من إجمالي التمويل المطلوب (4.2 مليار دولار) بموجب خطة الاستجابة الإنسانية لسوريا. ودفع نقص التمويل منظمة الصحة العالمية الشهر الماضي إلى توجيه نداء طارئ لتوفير 257.6 مليون دولار لتلبية الاحتياجات الصحية في سوريا والحفاظ على الرعاية الصحية الأساسية، بما يشمل الاستجابة لـ«كوفيد - 19» وتقديم خدمات منقذة للحياة وبناء نظام صحي مرن.
وفي عموم البلاد، تتوقع المنظمة حاجة 12.2 مليون شخص للمساعدة الصحية، بينهم أربعة ملايين نازح. واستنزفت سنوات الحرب الطويلة النظام الصحي، خصوصاً في شمال وشمال غربي البلاد، حيث شكلت المنشآت الصحية هدفاً للهجمات العسكرية. وفاقم تفشي «كوفيد - 19» وضع القطاع الصحي سوءاً.
ونبّهت «منظمة أطباء من أجل حقوق الإنسان» في تقرير الشهر الماضي إلى أن «الاحتياجات الصحية للسكان تفوق كثيراً طاقة المرافق المتاحة والموظفين المتوفرين في شمال سوريا»، لافتة إلى أن «الوضع الأمني المتحرك وتقلب أولويات المانحين يهددان قدرة الجهات الإنسانية على تقديم الرعاية المنقذة للحياة والدعم المستدام».
ويقول ضاهر: «النداء موجّه لكل الدول المانحة، فالشعب السوري ما زال يعاني في مناطق وجوده كافة وبحاجة للدعم».



تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
TT

تقرير أممي: تدهور الأراضي الزراعية سيفقد اليمن 90 مليار دولار

اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)
اليمن يخسر سنوياً 5‎ % من أراضيه الزراعية بسبب التصحر (إعلام محلي)

وضع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي سيناريو متشائماً لتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن إذا ما استمر الصراع الحالي، وقال إن البلد سيفقد نحو 90 مليار دولار خلال الـ16 عاماً المقبلة، لكنه وفي حال تحقيق السلام توقع العودة إلى ما كان قبل الحرب خلال مدة لا تزيد على عشرة أعوام.

وفي بيان وزعه مكتب البرنامج الأممي في اليمن، ذكر أن هذا البلد واحد من أكثر البلدان «عُرضة لتغير المناخ على وجه الأرض»، ولديه أعلى معدلات سوء التغذية في العالم بين النساء والأطفال. ولهذا فإنه، وفي حال استمر سيناريو تدهور الأراضي، سيفقد بحلول عام 2040 نحو 90 مليار دولار من الناتج المحلي الإجمالي التراكمي، وسيعاني 2.6 مليون شخص آخر من نقص التغذية.

اليمن من أكثر البلدان عرضة لتغير المناخ على وجه الأرض (إعلام محلي)

وتوقع التقرير الخاص بتأثير تدهور الأراضي الزراعية في اليمن أن تعود البلاد إلى مستويات ما قبل الصراع من التنمية البشرية في غضون عشر سنوات فقط، إذا ما تم إنهاء الصراع، وتحسين الحكم وتنفيذ تدابير التنمية البشرية المستهدفة.

وفي إطار هذا السيناريو، يذكر البرنامج الأممي أنه، بحلول عام 2060 سيتم انتشال 33 مليون شخص من براثن الفقر، ولن يعاني 16 مليون شخص من سوء التغذية، وسيتم إنتاج أكثر من 500 مليار دولار من الناتج الاقتصادي التراكمي الإضافي.

تحذير من الجوع

من خلال هذا التحليل الجديد، يرى البرنامج الأممي أن تغير المناخ، والأراضي، والأمن الغذائي، والسلام كلها مرتبطة. وحذّر من ترك هذه الأمور، وقال إن تدهور الأراضي الزائد بسبب الصراع في اليمن سيؤثر سلباً على الزراعة وسبل العيش، مما يؤدي إلى الجوع الجماعي، وتقويض جهود التعافي.

وقالت زينة علي أحمد، الممثلة المقيمة لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في اليمن، إنه يجب العمل لاستعادة إمكانات اليمن الزراعية، ومعالجة عجز التنمية البشرية.

تقلبات الطقس تؤثر على الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية في اليمن (إعلام محلي)

بدورها، ذكرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) أن النصف الثاني من شهر ديسمبر (كانون الأول) الحالي يُنذر بظروف جافة في اليمن مع هطول أمطار ضئيلة في المناطق الساحلية على طول البحر الأحمر وخليج عدن، كما ستتقلب درجات الحرارة، مع ليالٍ باردة مع احتمالية الصقيع في المرتفعات، في حين ستشهد المناطق المنخفضة والساحلية أياماً أكثر دفئاً وليالي أكثر برودة.

ونبهت المنظمة إلى أن أنماط الطقس هذه قد تؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وتضع ضغوطاً إضافية على المحاصيل والمراعي، وتشكل تحديات لسبل العيش الزراعية، وطالبت الأرصاد الجوية الزراعية بضرورة إصدار التحذيرات في الوقت المناسب للتخفيف من المخاطر المرتبطة بالصقيع.

ووفق نشرة الإنذار المبكر والأرصاد الجوية الزراعية التابعة للمنظمة، فإن استمرار الظروف الجافة قد يؤدي إلى تفاقم ندرة المياه، وزيادة خطر فترات الجفاف المطولة في المناطق التي تعتمد على الزراعة.

ومن المتوقع أيضاً - بحسب النشرة - أن تتلقى المناطق الساحلية والمناطق الداخلية المنخفضة في المناطق الشرقية وجزر سقطرى القليل جداً من الأمطار خلال هذه الفترة.

تقلبات متنوعة

وبشأن تقلبات درجات الحرارة وخطر الصقيع، توقعت النشرة أن يشهد اليمن تقلبات متنوعة في درجات الحرارة بسبب تضاريسه المتنوعة، ففي المناطق المرتفعة، تكون درجات الحرارة أثناء النهار معتدلة، تتراوح بين 18 و24 درجة مئوية، بينما قد تنخفض درجات الحرارة ليلاً بشكل حاد إلى ما بين 0 و6 درجات مئوية.

وتوقعت النشرة الأممية حدوث الصقيع في مناطق معينة، خاصة في جبل النبي شعيب (صنعاء)، ومنطقة الأشمور (عمران)، وعنس، والحدا، ومدينة ذمار (شرق ووسط ذمار)، والمناطق الجبلية في وسط البيضاء. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع حدوث صقيع صحراوي في المناطق الصحراوية الوسطى، بما في ذلك محافظات الجوف وحضرموت وشبوة.

بالسلام يمكن لليمن أن يعود إلى ما كان عليه قبل الحرب (إعلام محلي)

ونبهت النشرة إلى أن هذه الظروف قد تؤثر على صحة الإنسان والنباتات والثروة الحيوانية، وسبل العيش المحلية في المرتفعات، وتوقعت أن تؤدي الظروف الجافة المستمرة في البلاد إلى استنزاف رطوبة التربة بشكل أكبر، مما يزيد من إجهاد الغطاء النباتي، ويقلل من توفر الأعلاف، خاصة في المناطق القاحلة وشبه القاحلة.

وذكرت أن إنتاجية محاصيل الحبوب أيضاً ستعاني في المناطق التي تعتمد على الرطوبة المتبقية من انخفاض الغلة بسبب قلة هطول الأمطار، وانخفاض درجات الحرارة، بالإضافة إلى ذلك، تتطلب المناطق الزراعية البيئية الساحلية التي تزرع محاصيل، مثل الطماطم والبصل، الري المنتظم بسبب معدلات التبخر العالية، وهطول الأمطار المحدودة.

وفيما يخص الثروة الحيوانية، حذّرت النشرة من تأثيرات سلبية لليالي الباردة في المرتفعات، ومحدودية المراعي في المناطق القاحلة، على صحة الثروة الحيوانية وإنتاجيتها، مما يستلزم التغذية التكميلية والتدخلات الصحية.