تحرير بيحان يمهّد الطريق إلى البيضاء ومأرب

مقتل عشرات الحوثيين جراء المعارك وضربات «التحالف»

صورة متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي  تظهر جانباً من ضربات التحالف لمواقع حوثية
صورة متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر جانباً من ضربات التحالف لمواقع حوثية
TT

تحرير بيحان يمهّد الطريق إلى البيضاء ومأرب

صورة متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي  تظهر جانباً من ضربات التحالف لمواقع حوثية
صورة متداولة على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر جانباً من ضربات التحالف لمواقع حوثية

بعد أسبوع واحد من إطلاق ألوية العمالقة عمليتها العسكرية في الشمال الغربي من محافظة شبوة، تمكنت القوات من تحرير مركز مديرية بيحان بإسناد من تحالف دعم الشرعية في اليمن أمس (الجمعة)، لتمهد الطريق باتجاه محافظتي البيضاء ومأرب، وسط ترقب لتحرير مديرية عين وهي آخر مديريات شبوة من قبضة الميليشيات الحوثية.
وبحسب ما أورده الإعلام العسكري، فقد تمكنت قوات ألوية العمالقة من تحرير مفترق الطرق الرابط بين بيحان في شبوة والبيضاء، في حين شوهدت فلول الميليشيات الحوثية تلوذ بالفرار مرورا بوادي خير باتجاه عقبة القنذع في مديرية نعمان التابعة لمحافظة البيضاء المجاورة.
وأثارت مشاهد فرار الميليشيات الحوثية مع آلياتها العسكرية من مديرية بيحان وهي تخلف الغبار وراءها، تعليقات ساخرة من الناشطين اليمنيين على مواقع التواصل الاجتماعي، ووصفوا الأمر بأنه دليل على رعب الجماعة الانقلابية وهشاشتها.
وطبقا للمصادر العسكرية، فقد شنت مقاتلات تحالف دعم الشرعية ضربات موجعة على تحصينات الميليشيات الحوثية في الجبال المطلة على بيحان، قبل أن تستهدف الآليات والعناصر الفارين باتجاه البيضاء.
وكان تحالف دعم الشرعية أفاد (الخميس) بأنه نفذ 35 عملية استهداف للميليشيات في محافظة شبوة حيث تدور المعارك في أطراف مديرية بيحان، مؤكدا أن الاستهدافات أسفرت عن تدمير 25 آلية عسكرية ومقتل 240 عنصرا إرهابيا.
وأدت ضربات التحالف الداعم للشرعية في اليمن إلى مضاعفة خسائر الميليشيات الحوثية في مختلف الجبهات المحيطة بمأرب وفي محافظة شبوة، وسط تقديرات بأن الميليشيات خسرت خلال الشهرين الأخيرين نحو 8 آلاف عنصر ليترفع أعداد قتلاها إلى أكثر 30 ألف مسلح منذ فبراير (شباط) 2021.
ومن شأن تحرير مديرية بيحان التي احتلتها الميليشيات الحوثية في سبتمبر (أيلول) الماضي مع مديريتي عسيلان وعين، أن يفتح الطريق أمام قوات العمالقة والجيش اليمني للتوجه إلى مديرية حريب ومديريات جنوب مأرب فضلا عن فتح الطريق لعمليات عسكرية لتحرير محافظة البيضاء.
يشار إلى أن مديرية بيحان البالغ مساحتها نحو 616 كيلومترا مربعا ترتبط بمحافظة البيضاء المجاورة عبر طريقين الأول يمر عبر وادي خير وهو الذي سلكته الميليشيات للفرار، حيث يؤدي إلى عقبة القنذع أولى مناطق مديرية نعمان، في حين يربطها الطريق الآخر بمديرية ناطع.
وترجح مصادر ميدانية لـ«الشرق الأوسط» أن قوات ألوية العمالقة والوحدات العسكرية الأخرى، ستحاول فتح جبهة باتجاه مديرية عين عن طريق منطقة «الساق»، إلى جانب توجهها لتأمين القرى والمناطق الواسعة في وادي خير، حيث زرعت الميليشيات الآلاف من الألغام.
وبحسب ما ذكره المحلل السياسي والعسكري اليمني عبد الوهاب بحيبح لـ«الشرق الأوسط» فإن الفرصة باتت الآن سانحة أمام قوات الجيش الوطني الموجودة في مأرب بعد تحرير بيحان، للتقدم نحو تحرير مديريات جنوب مأرب بالتزامن مع تحرك القوات القادمة من بيحان لتحرير مديرتي عين وحريب واستغلال ارتباك الميليشيا الحوثية هناك.
وأوضح بحيبح أن «الانتصار في بيحان سيحيّد طرق الإمداد الحوثية القادمة من البيضاء وسيبقى لدى الميليشيات طريق إمداد رئيسي وهو خط المناقل - البيضاء، وأيضا خط فرعي وليس أساسيا وهو خط العبدية حريب».
كما أن هذا الانتصار - والحديث لبحيبح - «سيمهد الطريق لتحرير مديرية عين، وكذلك مديرية حريب التابعة لمحافظة مأرب وقطع خط العبدية، وأيضا سيمهد الطريق لتحرير مديريتي الجوبة وجبل مراد».
ويضيف «تلك المناطق متداخلة حيث ترتبط بطرق تجمع ثلاث محافظات هي مأرب وشبوة والبيضاء، وتحرير بيحان سيرفع الضغط عن مأرب ويسهل التقدم نحوها وخنق الميليشيا من الخلف بالأسلوب نفسه الذي استخدمته الميليشيات حينما احتلت مديريات بيحان وعين وحريب وما نتج عنه من حصار العبدية وفتح أكثر من جبهة على الجوبة».
من جهته، أعلن محافظ شبوة عوض العولقي، تحرير مركز مديرية بيحان (مدينة العليا) وحيا في تصريحات رسمية تضحيات القوات من ألوية العمالقة والجيش والمقاومة الشعبية لتحقيق هذا النصر العسكري الذي وصفه بـ«الثمين» مشيدا بإسناد طيران تحالف دعم الشرعية بقيادة المملكة العربية السعودية، كما نوه بأهمية التقدم المحوري في مسار العمليات الحربية على طريق تحرير ما تبقى من مناطق وقرى وأرياف مديرية بيحان.
وثمن العولقي هذا النصر العسكري «مؤكدا قيمته المعنوية لدى المقاتلين وجميع أبناء شبوة واليمن، كما حيا إصرار القوات على مواصلة تحرير كل شبر من فلول الميليشيا الحوثية الانقلابية».
وكانت قوات ألوية العمالقة حررت ( الخميس) مناطق جديدة غرب محافظة شبوة، وسيطرت نارياً على مفرق السعدي وقطعت الخط الرابط بين بيحان شبوة وحريب التابعة لمأرب. وتمكنت من تحرير منطقة الصفحة، والديمة، وجبل عتيق، بعد معارك عنيفة خاضتها ضد الميليشيات الحوثية استخدمت فيها مختلف أنواع الأسلحة المتوسطة والثقيلة.
ومنذ بدأت العملية العسكرية لتحرير مديريات شبوة، السبت الماضي، تكللت بالسيطرة على سلاسل من المرتفعات الجبلية الاستراتيجية المطلة على مركز مديرية عسيلان ومنها جبل بن عقيل، ولخضير والسليم، ومنطقة هجر كحلان وطوال السادة، لتواصل تقدمها لتسيطر على مفرق ومدينة النقوب وجبل سبيعان ومفرق الحمى الاستراتيجي وهو آخر مناطق عسيلان، رغم كثافة الألغام الحوثية.
كما سيطرت قوات ألوية العمالقة على اللواء 163 في محور بيحان ومناطق السليم والصفراء، وفرضت حصاراً نارياً على عناصر الحوثيين في مفرق السعدي وقطعت الخط الرابط بين بيحان - شبوة وحريب - مأرب، وخطوط إمداد الميليشيات الحوثية من جبهات مأرب الجنوبية.


مقالات ذات صلة

الحكومة اليمنية ترحب ببيان السعودية إزاء التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة

الخليج منظر عام للعاصمة اليمنية المؤقتة عدن (رويترز)

الحكومة اليمنية ترحب ببيان السعودية إزاء التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة

رحّبت الحكومة اليمنية بالبيان الصادر، الخميس، عن وزارة الخارجية السعودية، وما تضمّنه من موقف إزاء التطورات الأخيرة في محافظتي حضرموت والمهرة.

«الشرق الأوسط» (عدن)
الخليج السعودية تحث «الانتقالي» اليمني على الانسحاب من حضرموت والمهرة «بشكل عاجل»

السعودية تحث «الانتقالي» اليمني على الانسحاب من حضرموت والمهرة «بشكل عاجل»

شددت الخارجية على أن «الجهود لا تزال متواصلة لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه»، معربة عن أمل المملكة في تغليب المصلحة العامة.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج جانب من المشاركين في مشاورات مسقط بشأن المحتجزين والأسرى اليمنيين (إكس)

السعودية تُرحب بـ«اتفاق مسقط» لتبادل الأسرى والمحتجزين في اليمن

رحبت السعودية بالاتفاق الذي وُقّع عليه في مسقط لتبادل الأسرى والمحتجزين في اليمن، وعدته خطوةً مهمةً تُسهم في تخفيف المعاناة الإنسانية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الخليج أسرى يلوِّحون بأيديهم لدى وصولهم إلى مطار صنعاء في عملية تبادل سابقة (أرشيفية- رويترز)

أطراف النزاع في اليمن يتفقون على تبادل 2900 محتجز

أكد مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، أن أطراف النزاع في اليمن اختتمت، الثلاثاء، اجتماعاً استمر 11 يوماً في سلطنة عمان.

«الشرق الأوسط» (مسقط)
العالم العربي الجماعة الحوثية أظهرت تحدياً لمختلف القوى الدولية رغم ما تعرضت له من هجمات (أ.ب)

عقوبات قاصرة... الحوثيون يُعيدون رسم خريطة التهديد

رغم تجديد العقوبات الدولية عليهم، يُعزز الحوثيون قدراتهم العسكرية ويحولون التهديد المحلي إلى خطر إقليمي على الملاحة والأمن الدوليين مع تحالفاتهم العابرة للحدود.

وضاح الجليل (عدن)

«قسد»: تأجيل زيارة عبدي إلى دمشق «لأسباب تقنية»

الرئيس السوري أحمد الشرع (على اليمين) يصافح مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة والتي يقودها الأكراد في العاصمة السورية دمشق 10 مارس 2025 (سانا)
الرئيس السوري أحمد الشرع (على اليمين) يصافح مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة والتي يقودها الأكراد في العاصمة السورية دمشق 10 مارس 2025 (سانا)
TT

«قسد»: تأجيل زيارة عبدي إلى دمشق «لأسباب تقنية»

الرئيس السوري أحمد الشرع (على اليمين) يصافح مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة والتي يقودها الأكراد في العاصمة السورية دمشق 10 مارس 2025 (سانا)
الرئيس السوري أحمد الشرع (على اليمين) يصافح مظلوم عبدي قائد «قوات سوريا الديمقراطية» المدعومة من الولايات المتحدة والتي يقودها الأكراد في العاصمة السورية دمشق 10 مارس 2025 (سانا)

قال فرهاد شامي، مدير المركز الإعلامي لقوات سوريا الديمقراطية «قسد»، اليوم الاثنين، إنه كان من المقرر أن يقوم قائد «قسد» مظلوم عبدي والوفد المفاوض لشمال وشرق سوريا، بزيارة لدمشق، اليوم، إلا أن الزيارة تأجلت «لأسباب تقنية».

وأضاف، عبر حسابه على منصة «إكس»، أنه سيجري تحديد موعد جديد لزيارة قائد «قسد» مظلوم عبدي لدمشق، في وقت لاحق يجري الاتفاق عليه بالتوافق بين الأطراف المعنية.

وأكد أن تأجيل زيارة عبدي لدمشق في إطار ترتيبات لوجستية وفنية، ولم يطرأ أي تغيير على مسار التواصل أو الأهداف المطروحة.

كان التلفزيون السوري قد أفاد، الجمعة، بإصابة جندي من قوات الأمن الداخلي برصاص قناصة من قوات سوريا الديمقراطية «قسد» على حاجز أمني في مدينة حلب، في حين ذكرت وكالة الأنباء السورية «سانا» أن الجيش أسقط مُسيّرات أطلقتها «قسد» باتجاه مواقع تابعة له في سد تشرين، بريف حلب الشرقي.

وأوضح التلفزيون أن عناصر «قسد» المتمركزين في حي الأشرفية بحلب يطلقون النار على عناصر الأمن الداخلي الموجودين عند حاجز دوار شيحان.

لكن «قسد»، من جهتها، أكدت أن فصائل تابعة لحكومة دمشق أطلقت قذيفتين صاروخيتين على قواتها، ما أجبرها على الرد.

وفي وقت لاحق، قالت «قسد» إن الفصائل التابعة للحكومة السورية شنّت «هجوماً عنيفاً باستخدام الرشاشات الثقيلة والمدفعية» على أحياء الشيخ مقصود والأشرفية بحلب، ووصفت الهجوم بأنه «اعتداء سافر يهدد أمن المدنيين ويُنذر بتداعيات خطيرة».


الحوثي: أي وجود إسرائيلي في أرض الصومال يُعتبر «هدفاً عسكرياً»

عناصر حوثيون يستمعون إلى زعيمهم عبد الملك الحوثي بقاعة في صنعاء عبر البث التلفزيوني (أ.ف.ب)
عناصر حوثيون يستمعون إلى زعيمهم عبد الملك الحوثي بقاعة في صنعاء عبر البث التلفزيوني (أ.ف.ب)
TT

الحوثي: أي وجود إسرائيلي في أرض الصومال يُعتبر «هدفاً عسكرياً»

عناصر حوثيون يستمعون إلى زعيمهم عبد الملك الحوثي بقاعة في صنعاء عبر البث التلفزيوني (أ.ف.ب)
عناصر حوثيون يستمعون إلى زعيمهم عبد الملك الحوثي بقاعة في صنعاء عبر البث التلفزيوني (أ.ف.ب)

حذّر زعيم جماعة «الحوثي» عبد الملك الحوثي، يوم الأحد، من أن أي وجود إسرائيلي في أرض الصومال سيكون «هدفاً عسكرياً»، في آخر إدانة للتحرّك الإسرائيلي للاعتراف بالإقليم الانفصالي.

وقال الحوثي، في بيان، إن جماعته تعتبر «أي وجود إسرائيلي في إقليم أرض الصومال هدفا عسكرياً لقواتنا المسلحة، باعتباره عدواناً على الصومال وعلى اليمن، وتهديداً لأمن المنطقة»، وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية.

واعترفت إسرائيل، الجمعة، رسمياً، بـ«أرض الصومال» دولة مستقلة، في قرار لم يسبقها إليه أحد منذ إعلان الأخيرة انفصالها عن الصومال عام 1991.

وتقع أرض الصومال التي تبلغ مساحتها 175 ألف كيلومتر مربع، في الطرف الشمالي الغربي من الصومال. وأعلنت استقلالها من جانب واحد، في عام 1991، بينما كانت جمهورية الصومال تتخبّط في الفوضى عقب سقوط النظام العسكري للحاكم سياد بري. ولأرض الصومال عملتها الخاصة وجيشها وجهاز شرطة تابع لها.


«الانتقالي» على حافة الاختبار... هل يحفظ مكاسبه أو يتهيأ للاصطدام الكبير؟

مسلح في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (أ.ف.ب)
مسلح في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (أ.ف.ب)
TT

«الانتقالي» على حافة الاختبار... هل يحفظ مكاسبه أو يتهيأ للاصطدام الكبير؟

مسلح في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (أ.ف.ب)
مسلح في عدن من أنصار المجلس الانتقالي الجنوبي المطالب بالانفصال عن شمال اليمن (أ.ف.ب)

تشهد المناطق الشرقية من اليمن، وتحديداً في حضرموت، مرحلة حساسة من إعادة ضبط التوازنات داخل معسكر «الشرعية»، على وقع التصعيد العسكري الأحادي الذي نفذه المجلس الانتقالي الجنوبي، وما يقابله من رفض إقليمي ودولي؛ إذ قال مراقبون إنه لا يمكن السماح بفرض أمر واقع عن طريق القوة المسلحة مهما كانت المزاعم أو المبررات.

وبحسب المراقبين، فإن ما يجري ليس تفصيلاً محلياً عابراً، يمكن التغاضي عنه سواء من قبل «الشرعية» اليمنية أو من قبل الداعمين لها، بل اختبار سياسي وأمني متعدد الأبعاد، تتقاطع فيه حسابات الداخل الجنوبي نفسه، ومسار الحرب مع الحوثيين، وخيارات السلام الإقليمي.

وحتى الآن، يظهر سلوك المجلس الانتقالي أقرب إلى المناورة تحت الضغط منه إلى التحدي المباشر. فاللغة المستخدمة في بياناته الأخيرة - التي تمزج بين التبرير السياسي والتحركات العسكرية، وبين الحديث عن «التنسيق» و«تفهّم الهواجس» - تعكس إدراكاً متزايداً بأن مساحة المناورة تضيق بسرعة. لكن لا بد من التقاط القرار الصائب.

كما يشار إلى أن تحذيرات السعودية التي تقود «تحالف دعم الشرعية» في اليمن لم تكن عابرة أو قابلة للتأويل، بل جاءت متزامنة ومتدرجة، وانتقلت من مستوى التنبيه السياسي إلى الردع التحذيري الميداني من خلال ضربة جوية في حضرموت.

عناصر من المجلس الانتقالي الجنوبي يرفعون صورة زعيمهم عيدروس الزبيدي (إ.ب.أ)

هذا التحول في اللهجة يعني عملياً أن هناك قراراً واضحاً بمنع انتقال حضرموت والمهرة إلى مسرح صراع داخلي، أو إلى ساحة لفرض مشاريع جزئية بالقوة.

وربما يدرك المجلس الانتقالي وناصحوه معاً، أن تجاهل هذه الرسائل يضعه في مواجهة مباشرة مع الطرف الإقليمي الأثقل وزناً في الملف اليمني، وهو السعودية قائدة «تحالف دعم الشرعية»، وهو صدام لا يملك المجلس أدوات تحمّله، لا سياسياً ولا عسكرياً.

لذلك، يُنصح «الانتقالي» من قبل مراقبين للشأن اليمني بأن يتعامل مع التحذيرات بجدية، وعدم الركون إلى تكتيك الإبطاء، هذا إذا كان يبحث عن مخارج تحفظ له الحد الأدنى من المكاسب التي راكمها خلال السنوات الماضية، وإلا فلن يكون أمامه سوى الانصياع المتوقع بالقوة، وهو إن حدث سيعني لأنصاره هزيمة مدوية لا يمكن استيعابها.

ورطة غير محسوبة

وفق مراقبين للشأن اليمني، فقد أوقع «الانتقالي» نفسه في ورطة غير محسوبة؛ إذ جرى تسويق التحركات الأخيرة بوصفها «حماية للقضية الجنوبية» و«استجابة لمطالب شعبية»، ولقطع طرق التهريب وإمدادات الحوثيين ومحاربة التنظيمات الإرهابية، وفق زعمه، إلا أن الأوان لم يفت كما بينته الرسالة السعودية بوضوح عبر وزير الدفاع الأمير خالد بن سلمان؛ إذ بالإمكان الخروج من الورطة بأقل الخسائر، من خلال مغادرة قواته الوافدة إلى حضرموت والمهرة بشكل عاجل.

من ناحية ثانية، تشير المعطيات إلى أن المجلس الانتقالي لا يملك القدرة على تثبيت وجوده في حضرموت والمهرة، في ظل مجموعة عوامل ضاغطة، أبرزها وجود رفض محلي واسع، بخاصة في حضرموت، حيث تتمتع المكونات الاجتماعية والقبلية بحساسية عالية تجاه أي وجود مسلح وافد.

عناصر من قوات المجلس الانتقالي الجنوبي في عدن (إ.ب.أ)

إلى جانب ذلك، يفتقد المجلس - الذي يهيمن على قراره قيادات من مناطق بعينها - غياب الغطاء الإقليمي الذي يشكل شرطاً أساسياً لأي تغيير أمني في مناطق حساسة، وكذا في ظل موقف دولي واضح يرفض أي تغيير للواقع بالقوة، ويؤكد دعم وحدة المؤسسات الرسمية.

لذلك، يبدو السيناريو الأفضل والأسهل - كما يقترحه محللون - هو انسحاب منظم، تحت أسماء فنية مثل «إعادة انتشار»، أو «ترتيبات أمنية»، أو بأي طريقة تسمح للمجلس بالخروج من المأزق بأقل الخسائر السياسية الممكنة.

أما إذا قرر المجلس الانتقالي تجاهل الإشارات والاستمرار في التصعيد، فإن تكلفة ذلك - طبقاً للمراقبين - ستكون مرتفعة ومتعددة المستويات؛ فعلى المستوى السياسي سيخسر المجلس ما تبقى من صورة الشراكة في السلطة الشرعية، وسيتحول تدريجياً - في الخطاب الإقليمي والدولي - من فاعل سياسي ضمن «مجلس القيادة الرئاسي» والحكومة اليمنية إلى عنصر مُعطِّل للاستقرار، وقد يصل الأمر إلى فرض عقوبات دولية على قادته.

أما عسكرياً، فالرسالة السعودية واضحة بعد بيان «تحالف دعم الشرعية»؛ إذ لن يُسمح بفرض أمر واقع بالقوة في شرق اليمن، وأي تصعيد إضافي قد يُقابل بردع مباشر، ما يعني خسائر ميدانية مؤسفة لا يملك المجلس القدرة على تعويضها أو تبريرها.

وعلى المستوى الشعبي، فإن حضرموت والمهرة ليستا بيئة حاضنة للمجلس الانتقالي، واستمرار التصعيد سيُعمّق الهوة بينه وبين قطاعات واسعة من الجنوبيين، ويحوّل القضية الجنوبية من مظلة جامعة إلى مشروع انقسامي، بل إن أخطر الخسائر - كما يقرأها المحللون - تكمن في تشويه جوهر القضية الجنوبية، عبر ربطها بالعسكرة والانتهاكات وفرض الوقائع بالقوة، بدل ترسيخها كقضية سياسية عادلة قابلة للحل ضمن مسار تفاوضي، كما هو الأمر في الطرح الذي تتبناه القوى اليمنية المنضوية تحت «الشرعية»، والذي تدعمه السعودية.

عبء الانتهاكات

من جانب آخر، تمثل الانتهاكات الموثقة في حضرموت نقطة تحوّل خطرة في مسار التصعيد. فعمليات المداهمة، والاعتقالات التعسفية، والإخفاء القسري، وفرض الحصار على مناطق مأهولة... لا تُقرأ فقط كإجراءات أمنية، بل كنمط قمعي ممنهج، يضع المجلس الانتقالي في مواجهة مباشرة مع القانون الدولي الإنساني.

وبحسب تقارير حقوقية موثوقة، شملت الانتهاكات في الأيام الأخيرة اقتحام منازل مدنيين، واحتجازاً تعسفياً، وإخفاء قسرياً، وحصاراً عسكرياً لمناطق قبائل «الحموم»، ومنع تنقل المرضى، ونهب ممتلكات عامة وخاصة... وهذه الممارسات لا تُضعف موقف المجلس أخلاقياً فحسب، بل تُحوّل ملفه إلى عبء قانوني وسياسي قابل للاستخدام دولياً، وتفتح الباب أمام مساءلة مستقبلية قد لا تسقط بالتقادم.

المجلس الانتقالي الجنوبي صعّد عسكرياً في حضرموت والمهرة بشكل أحادي (إ.ب.أ)

من كل ذلك، يمكن القول إن ما يجري اليوم هو اختبار نضج سياسي للمجلس الانتقالي الجنوبي، فإما أن يلتقط الرسالة الواضحة محلياً وسعودياً ودولياً، ويعود إلى المسار السياسي، ويحدّ من الخسائر، وإما أن يواصل التصعيد، ويدفع أثماناً سياسية وعسكرية وقانونية قد يصعب تعويضها، وفق تقديرات المراقبين.

وطبقاً لتقديرات المرحلة وما يراه المشفقون على مستقبل المجلس الانتقالي الجنوبي، فإن اللحظة الراهنة لا تحتمل المغامرة، ومن يخطئ قراءتها سيدفع الثمن وحده.