ودعت ليبيا الأديب والصحافي علي مصطفى المصراتي، بعد رحلة طويلة من الإبداع جمعت بين النضال السياسي والإنتاج الفكري والأدبي، ترك خلالها عشرات الأعمال، والدراسات التي عُنيت بالتراث الشعبي، والتعريف بتاريخ البلاد، فضلاً عن البحث في كيفية تطوير الفن الصحافي.
ونعى مثقفون وسياسيون وأكاديميون، المصراتي، الذي توفي مساء أول من أمس، عن (95 عاماً) ووصفوه بـ«شيخ الأدباء» الليبيين، مشيرين إلى أنّ رحيله يمثل خسارة كبيرة للبلاد لكونه يمثّل علامة بارزة في مسيرة الإبداع على مدار أكثر من نصف قرن.
وقال الكاتب والسياسي الليبي عمر الحمدي، إنّ الأديب الراحل أمضى حياته في «خدمة وطنه وأمته العربية مثقفاً وخطيباً ناطقاً باسم حزب (المؤتمر الوطني) بعد الحرب العالمية الثانية برئاسة المناضل بشير السعداوي، عام 1948، ووهب قلمه للدفاع عن تاريخ ليبيا».
ولد الراحل في مدينة الإسكندرية بمصر، في الثامن عشر من أغسطس (آب) عام 1926، لأسرة ليبية مهاجرة، وتلقى تعليمه في المدارس المصرية فجامعة الأزهر، إلى أن حصل على كلية أصول الدين عام 1946، من ثمّ شهادة التدريس العالية من كلية اللغة العربية عام 1949.
ترأس المصراتي، مجلة «هنا طرابلس» عام 1954، كما تولى أمانة اتحاد الأدباء والكتاب، وأصدر وترأس تحرير صحيفة «الشعب»، كما تولى مهمة مدير الإذاعة الليبية، وترجمت أعماله إلى اللغات الإنجليزية والفرنسية والألمانية والهندية والإيطالية والصينية.
وعقب اعتراف الأمم المتحدة باستقلال ليبيا، قرر المصراتي العودة نهائياً إلى طرابلس في عام 1949، ومن هناك بدأ مسيرة حافلة بالإبداع والكتابة للصحف المحلية والعربية، مركزاً على قضايا الوحدة وإجلاء القوات الأجنبية عن بلاده، لذا قاده الحس القومي والنزعة الوطنية لدخول السجن مرة في القاهرة عندما انطلق في مظاهرة تندد بالاحتلال الانجليزي على مصر، وثلاث مرات في طرابلس بسبب أيضاً مواقفه المعادية للاستعمار الأجنبي.
ومؤلفات المصراتي التي تجاوزت الخمسين عملاً، تنوعت ما بين الأدب والتاريخ، والسياسة، من بينها مجموعات قصصية منها «عبد الكريم تحت الجسر»، و«الدخول من الباب الخلفي»، و«صائدة الفراشات»، بالإضافة إلى «الجنرال في محطة فكتوريا»، ودراسة في الأدب الشعبي، «جحا في ليبيا»، بالإضافة إلى دراسة عن صحافة ليبيا في نصف قرن.
وكرّس الراحل حياته للتعريف ببلاده، لدرجة أنّ كثيرين يتداولون مقولة للأديب المصري الراحل الدكتور مصطفى محمود، قال فيها «لا تستطيع أن تعرف أي شيء عن ليبيا دون أن تمر بكتب المصراتي»، وتتشابه هذه المقولة مع رأي آخر منسوب للكاتب المصري الراحل أنيس منصور، بأنّ «هناك طريقتين لكي تعرف ليبيا كلها، أن تذهب إليها وأن تلتقي بالأديب الصحافي المجاهد علي مصطفى المصراتي».
وقال السفير الليبي إبراهيم موسى غرادة، كبير المستشارين بالأمم المتحدة سابقاً، عن المصراتي، عندما وقع «الانقلاب العسكري» في عام 1969، في إشارة إلى «ثورة الفاتح من سبتمبر» التي قادها الرئيس الراحل معمر القذافي، كان عمر المصراتي 43 عاماً فقط، «فانزوى في (صوفية زاهدة) لمعبد كتبه ومحراب قلمه وفسحة تفكيره وبراح عقله، وهو في عمر أوج الإشعاع وذروة الوهج، لأنّ العسكر والقلم لا يلتقيان»، لكنّه أنتج أعمالاً ستظل تنير طريق الليبيين والمهمومين بالثقافة والتاريخ، وتعطي دروساً للحاضر والمستقبل.
واحتفلت (الميديا) الليبية أمس، بصور للقاءات الراحل السابقة مع أعلام الأدب والفن الراحلين في مصر، مثل (عميد الأدب العربي) طه حسين، الأديب العالمي نجيب محفوظ، و(سيدة الغناء العربي) أم كلثوم.
ليبيا تودع «شيخ الأدباء» علي المصراتي
جمع بين النضال السياسي والإنتاج الفكري
ليبيا تودع «شيخ الأدباء» علي المصراتي
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة