الكشف عن ثقب أسود مختفٍ باستراتيجية «شيرلوك هولمز»

أكبر 11 مرة من كتلة الشمس

تصور فني للثقب الأسود المكتشف (المرصد الأوروبي الجنوبي)
تصور فني للثقب الأسود المكتشف (المرصد الأوروبي الجنوبي)
TT

الكشف عن ثقب أسود مختفٍ باستراتيجية «شيرلوك هولمز»

تصور فني للثقب الأسود المكتشف (المرصد الأوروبي الجنوبي)
تصور فني للثقب الأسود المكتشف (المرصد الأوروبي الجنوبي)

باستخدام التلسكوب الكبير جداً، التابع للمرصد الأوروبي الجنوبي (ESO›s VLT)، اكتشف علماء الفلك ثقباً أسود صغيراً خارج مجرة درب التبانة من خلال النظر في كيفية تأثيره على حركة نجم في جواره القريب. وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها استخدام هذه الطريقة للكشف عن وجود ثقب أسود خارج مجرتنا، وقد تكون المفتاح للكشف عن الثقوب السوداء المخفية في مجرة درب التبانة والمجرات القريبة، وتساعد في تسليط الضوء على كيفية تشكل هذه الأجسام الغامضة وتطورها.

- طريقة «شيرلوك هولمز»
تم رصد الثقب الأسود المكتشف حديثاً في العنقود النجمي (NGC 1850)، وهو مجموعة من آلاف النجوم على بعد نحو 160 ألف سنة ضوئية في سحابة ماجلان الكبيرة، وهي مجرة مجاورة لمجرة درب التبانة.
تقول سارة ساراتشينو، من معهد أبحاث الفيزياء الفلكية بجامعة ليفربول في المملكة المتحدة، والتي قادت البحث الذي تم قبوله للنشر في الإشعارات الشهرية للجمعية الملكية الفلكية «على غرار (شيرلوك هولمز) الذي يتعقب عصابة إجرامية من زلاتها، فإننا ننظر إلى كل نجم في هذا العنقود النجمي باستخدام عدسة مكبرة ونحاول العثور على بعض الأدلة على وجود ثقوب سوداء ولكن دون رؤيتها مباشرة».
وتضيف في تقرير نشره الموقع الإلكتروني للمرصد الأوروبي الجنوبي 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي «النتيجة المعروضة هنا تمثل واحدا فقط من المطلوبين، ولكن عندما تجد واحداً، فأنت في طريقك لاكتشاف العديد من الآخرين، في عناقيد نجمية مختلفة». وتبين أن هذا «المطلوب» الأول الذي تعقبه الفريق البحثي يبلغ حجمه 11 ضعف كتلة شمسنا، وتم اكتشافه من تأثيره على حركة النجم.
واكتشف علماء الفلك سابقاً مثل هذه الثقوب السوداء الصغيرة «ذات الكتلة النجمية» في المجرات الأخرى عن طريق التقاط وهج الأشعة السينية المنبعث أثناء ابتلاعهم للمادة، أو من موجات الجاذبية الناتجة من اصطدام الثقوب السوداء ببعضها بعضاً أو مع النجوم النيوترونية.
ومع ذلك، فإن معظم الثقوب السوداء ذات الكتل النجمية لا تتخلى عن وجودها من خلال الأشعة السينية أو موجات الجاذبية.

- رصد ديناميكي
يقول ستيفان دريزلر، عضو الفريق في جامعة غوتنغن في ألمانيا «لا يمكن كشف النقاب عن الغالبية العظمى إلا بشكل ديناميكي، عندما يشكلون (الباحثون) نظاماً بنجم، فإنهم سيؤثرون على حركته بطريقة خفية ولكن يمكن اكتشافها؛ لذلك يمكننا العثور عليها بأدوات متطورة». ويمكن أن تسمح هذه الطريقة الديناميكية التي استخدمتها ساراتشينو وفريقها لعلماء الفلك بالعثور على العديد من الثقوب السوداء والمساعدة في حل ألغازهم. ويقول المؤلف المشارك للدراسة مارك جيليس من جامعة برشلونة بإسبانيا «كل اكتشاف نقوم به سيكون مهما لفهمنا المستقبلي للعناقيد النجمية والثقوب السوداء فيها».
ويمثل اكتشاف الثقب الأسود في العنقود النجمي «NGC 1850» الأول من نوعه، الذي يوثق العثور على ثقب أسود في مجموعة صغيرة من النجوم (يبلغ عمر العنقود نحو 100 مليون سنة فقط، وهو في عمر المقاييس الفلكية يمثل غمضة عين)، ويمكن أن يؤدي استخدام طريقتهم الديناميكية في مجموعات نجمية مماثلة إلى كشف النقاب عن المزيد من الثقوب السوداء الفتية وإلقاء ضوء جديد على كيفية تطورها.
وبمقارنتها بالثقوب السوداء الأكبر والأكثر نضجاً في العناقيد الأقدم، سيكون علماء الفلك قادرين على فهم كيفية نمو هذه الأجسام من خلال التغذي على النجوم أو الاندماج مع الثقوب السوداء الأخرى.
ولإجراء بحثهم، استخدم الفريق البيانات التي تم جمعها على مدار عامين باستخدام المستكشف الطيفي متعدد الوحدات (MUSE) المثبت في المرصد الأوروبي الجنوبي (ESO›s VLT)، الواقع في صحراء أتاكاما التشيلية.
يقول المؤلف المشارك سيباستيان كامان، خبير المستكشف الطيفي متعدد الوحدات في معهد أبحاث الفيزياء الفلكية في ليفربول «سمح لنا هذا المستكشف بمراقبة المناطق المزدحمة للغاية، مثل المناطق الداخلية للعناقيد النجمية، وتحليل ضوء كل نجم في المنطقة المجاورة، والنتيجة الصافية هي معلومات حول آلاف النجوم في لقطة واحدة، على الأقل 10 مرات أكثر من أي أداة أخرى».
يضيف «سمح ذلك لنا بتحديد النجم الغريب الذي تشير حركته الغريبة إلى وجود الثقب الأسود، ومكنتنا البيانات المأخوذة من تجربة عدسة الجاذبية البصرية في جامعة وارسو ومن تلسكوب هابل الفضائي التابع لـ(ناسا) ووكالة الفضاء الأوروبية من قياس كتلة الثقب الأسود وتأكيد النتائج التي توصلنا إليها».


مقالات ذات صلة

المسبار الفضائي «بيبي كولومبو» يلتقط أقرب صور لعطارد

تكنولوجيا وكالة الفضاء الأوروبية أصدرت أفضل الصور القريبة حتى الآن لكوكب عطارد (أ.ب)

المسبار الفضائي «بيبي كولومبو» يلتقط أقرب صور لعطارد

قالت وكالة «أسوشييتد برس» للأنباء إن وكالة الفضاء الأوروبية أصدرت أفضل الصور القريبة حتى الآن لكوكب عطارد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق الشيخ حمدان بن محمد ولي عهد دبي وزير الدفاع والدكتور أحمد الفلاسي وزير الرياضة رئيس وكالة الإمارات للفضاء وفيصل البناي مستشار رئيس الإمارات للأبحاث الاستراتيجية والتكنولوجيا المتقدمة ممثل معهد الابتكار التكنولوجي خلال توقيع الاتفاقية (الشرق الأوسط)

الإمارات تطور مركبة هبوط لاستكشاف كويكب «جوستيشيا»

أُعلن في الإمارات توقيع اتفاقية تطوير مركبة الهبوط لمهمة استكشاف حزام الكويكبات.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق قاعة من المرايا بأبعاد كونية (ناسا)

«قوس تنين» في الفضاء تحوَّل إلى «قاعة مرايا بأبعاد كونية»

رصد تلسكوب «ويب» القوي، التابع لوكالة «ناسا»، أكثر من 40 نجماً قديماً في مجرّة بعيدة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
تكنولوجيا تظهر هذه الصورة غير المؤرخة المقدمة من شركة «فايرفلاي آيروسبايس» مركبة الهبوط القمرية «بلو غوست ميشين» المجمعة بالكامل (أ.ف.ب)

شركة أميركية خاصة سترسل قريباً مركبة إلى القمر

سترسل شركة «فايرفلاي آيروسبايس» الأميركية مركبة فضائية إلى القمر في منتصف يناير.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
علوم الذكاء الاصطناعي نجح في إنجاز محرك صاروخي متطور في 3 أسابيع

الذكاء الاصطناعي نجح في إنجاز محرك صاروخي متطور في 3 أسابيع

نجح الذكاء الاصطناعي في تصنيع محرك صاروخي متطور بالطباعة التجسيمية.

جيسوس دياز (واشنطن)

علماء يستخرجون نواة جليدية عمرها أكثر من مليون سنة

أشخاص يعملون في كهف تخزين في موقع يُدعى «ليتل دوم سي» في القارة القطبية الجنوبية (أ.ب)
أشخاص يعملون في كهف تخزين في موقع يُدعى «ليتل دوم سي» في القارة القطبية الجنوبية (أ.ب)
TT

علماء يستخرجون نواة جليدية عمرها أكثر من مليون سنة

أشخاص يعملون في كهف تخزين في موقع يُدعى «ليتل دوم سي» في القارة القطبية الجنوبية (أ.ب)
أشخاص يعملون في كهف تخزين في موقع يُدعى «ليتل دوم سي» في القارة القطبية الجنوبية (أ.ب)

أعلن فريق دولي من العلماء، اليوم الخميس، أنهم نجحوا في حفر واحدة من أعمق الحفر الجليدية حتى الآن، بعمق ميلين (2.8 كيلومتر) للوصول لطبقة جليدية في القارة القطبية الجنوبية يرجح أن يبلغ عمرها على الأقل 1.2 مليون سنة.

ويقول العلماء، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، إنهم بتحليل القطعة الجليدية من المتوقع أن يظهر كيف تطور الغلاف الجوي والمناخ على كوكب الأرض، وكذلك توفير رؤى حول كيفية تغير دورات العصور الجليدية، والمساعدة في فهم كيف أثر الكربون في الغلاف الجوي على المناخ.

قال كارلو باربانتي، عالم الجليد الإيطالي ومنسق مشروع «بيوند إيبيكا» للحصول على النواة الجليدية: «بفضل نواة الجليد، سنفهم ما الذي تغير من حيث غازات الدفيئة والمواد الكيميائية والغبار في الغلاف الجوي».

نواة جليدية استخرجت من موقع يُدعى «ليتل دوم سي» في القارة القطبية الجنوبية (أ.ب)

سبق واستخرج الفريق نفسه نواة جليدية عمرها نحو 800 ألف سنة. وقد وصلت عملية الحفر الأخيرة إلى عمق 2.8 كيلومتر (نحو 1.7 ميل)، حيث عمل فريق مكون من 16 عالماً وموظفي دعم، كل صيف على مدى أربع سنوات في درجات حرارة تبلغ نحو 35 درجة مئوية تحت الصفر.

وشارك الباحث الإيطالي فيديريكو سكوتو في إكمال عمليات الحفر في بداية يناير (كانون الثاني) في موقع يُدعى «ليتل دوم سي»، بالقرب من محطة أبحاث كونكورديا.

وقال سكوتو: «كانت لحظة رائعة بالنسبة لنا عندما وصلنا إلى الصخور الأساسية». وأشار إلى أن تحليل النظائر أظهر أن عمر النواة الجليدية لا يقل عن 1.2 مليون سنة.

الموقع «ليتل دوم سي» في القارة القطبية الجنوبية (أ.ب)

وأضاف كل من باربانتي وسكوتو أنه بفضل تحليل نواة الجليد من حملة «إيبيكا» السابقة، ظهر أن تركيزات غازات الدفيئة، مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان، حتى خلال أدفأ الفترات في الـ800 ألف سنة الماضية، لم تتجاوز المستويات التي تم رصدها منذ بدء الثورة الصناعية في العصر الحديث.

وأوضح باربانتي: «اليوم نشهد مستويات من ثاني أكسيد الكربون تزيد بنسبة 50% عن أعلى المستويات التي شهدناها خلال الـ800 ألف سنة الماضية».

تم تمويل مشروع «بيوند إيبيكا»، وهو اختصار لعبارة: المشروع الأوروبي لحفر الجليد في القارة القطبية الجنوبية، من قبل الاتحاد الأوروبي بدعم من دول عبر القارة، وتقوم إيطاليا بتنسيق المشروع.

أشخاص يعملون في كهف تخزين في موقع يُدعى «ليتل دوم سي» في القارة القطبية الجنوبية (أ.ب)

وأعرب ريتشارد ألي، عالم المناخ في جامعة ولاية بنسلفانيا، الذي لم يكن منخرطاً في المشروع والذي حصل مؤخراً على ميدالية العلوم الوطنية تقديراً لمسيرته في دراسة الصفائح الجليدية، عن سعادته بالاكتشاف الجديد، وقال: «التقدم في دراسة أنوية الجليد مهم لأنه يساعد العلماء على فهم أفضل لظروف المناخ في الماضي ويعزز فهمهم لمساهمات البشر في تغير المناخ في الحاضر».