جدد بيع مجموعة فنية نادرة للتشكيلي المصري سيف وانلي عبر دار Livrauctioneers للمزادات بالولايات المتحدة الأميركية بأسعار زهيدة، الجدل حول ضرورة ترسيخ مكانة الفن التشكيلي العربي في الغرب، والاهتمام بتقديم صورة صادقة لإبداعات الفنانين العرب؛ إذ بيعت الأعمال بأسعار تراوحت ما بين 150 و2800 دولار للقطعة الواحدة في المزاد الذي أقيم أخيراً لخبيئة وجدت في أحد البيوت في بالم بيتش بفلوريدا. وضمت نحو 220 قطعة فنية، منها 210 لوحات واسكتشات، بالإضافة إلى 10 كروت بريدية مرسومة بيد الفنان أثناء سفرياته المختلفة حول العالم كان قد بعث بها إلى زوجته إحسان مختار في الإسكندرية.
ويُعد سيف وانلي (1906 - 1979) من أشهر التشكيليين المصريين، والذي قدم مسيرة طويلة ورصيداً إبداعياً غزيراً منذ تتلمذه هو وأخيه أدهم على يد الفنان الإيطالي الشهير أتورينو بيكي في مرسمه بمصر، ليفتتحا بعد رحيله مرسماً خاصاً لتعليم الرسم، والذي كان مزاراً للفنانين والمثقفين لأكثر من 40 عاماً، ومن خلاله تعمق المصريون في الفن التشكيلي الحديث وتنقلوا بين المدارس والاتجاهات الفنية الغربية، حيث قدم سيف وانلي نحو ثلاثة آلاف لوحة زيتية وأكثر من خمسين ألف اسكتش، كان يسابق فيها الاتجاهات الفنية الغربية، كما كان من أوائل أساتذة فن التصوير الزيتي في كلية الفنون الجميلة بالإسكندرية، وحصل على العديد من الجوائز والتكريمات الرفيعة، منها جائزة الدولة التقديرية عام 1973.
الدكتور أحمد الجمال، رئيس معمل الفنون والذكاء الاصطناعي بجامعة روتجرز بالولايات المتحدة، يقول لـ«الشرق الأوسط»، «لفت نظري أخيراً خبر العثور على مجموعة كبيرة من أعمال الفنان معروضة للبيع بثمن بخس للغاية؛ ما جعلني أشعر بالحزن الشديد والرغبة في معرفة المزيد عن المجموعة والتأكد من أصالتها».
ووفق الدكتور الجمال، فإن أعمال الفنان المصري الراحل أصلية تماماً، ويضيف «ساعدتني طبيعة عملي وأبحاثي وشهادة الدكتوراه المتخصصة في استخدام الذكاء الاصطناعي في التمييز بين اللوحات الأصلية والمزيفة أن أكون على يقين من أن هذه المجموعة أصلية، إضافة إلى أن هناك عدداً من الدلائل التي تضمها المجموعة، ومنها أنها تضم اسكتشات كانت بداية للوحات شهيرة لوانلي، كما أنها تتميز بسماته الفنية نفسها، وتحتفظ بعفوية الخطوط والريشة».
ويؤكد الجمال قائلاً «إن وجود مجموعة من الأشياء الشخصية، مثل الكروت البريدية المرسومة والمكتوبة باليد والمرسلة من أماكن مختلفة حول العالم من الفنان إلى زوجته، تعد من أبرز الأسباب التي تجعلنا نوقن بأنها من أعماله، فكل تلك المتعلقات تؤكد أن المجموعة لها طابع شخصي للغاية، كما تقودنا إلى كيف انتهى المطاف بالمجموعة في المنزل الذي تم العثور عليها داخله بفلوريدا. فيبدو أن المجموعة احتفظت بها السيدة إحسان وتوارثها أحد أفراد العائلة الذي هاجر إلى الولايات المتحدة محتفظاً بها، أو وصلت بشكل أو بآخر إلى يد أخرى انتهت إلى هذا المنزل إلى أن أصبحت من دون صاحب ليجدها المالك الجديد الذي بالطبع لم يكن يعلم أي شيء عن الفنان سيف وانلي، وباعها إلى دار المزادات».
تتسق المجموعة مع ما اشتهرت به مسيرة الفنان السكندري، فهي تضم اسكتشات لأعمال من مراحل مختلفة في مشواره من قبل اتجاهه إلى التجريد إلى قمة مساره الفني في التجريد، وتتماهى مع الصورة الشخصية عن الفنان والإنسان سيف وانلي وعن موهبته المتدفقة، وعند تأملها يتوقف المشاهد أمام تفاصيلها التي تحكي الكثير عن مصر في القرن الماضي. إذ تضم أعماله من أواخر الثلاثينات إلى أوائل السبعينات. وفيها سجل كل شيء حوله في أي مكان زاره، من بائعي الفول والعرقسوس والجالسين على المقاهي في الحواري الضيقة، إلى الصيادين في المدن الساحلية والفلاحين في الحقول إلى المصلين في المساجد، ولاعبي السيرك والراقصات والمسارح وسباقات الخيل وعازفي الناي والربابة والدف في الجنوب.
كما تضم المجموعة رسوماً لفنانين مشهورين وسياسيين، وتعكس بعض الاسكتشات المناظر الطبيعية ومناظر المدينة في دول عديدة، منها قبرص وإيطاليا وإسبانيا وروسيا.
من جهته، أكد الفنان الدكتور مصطفى الرزاز، عميد كلية التربية النوعية الأسبق، على أصالة المجموعة «يقيناً غير مزيفة لأنها تتسق تماماً مع أعمال الفنان»، واستطرد المؤرخ الفني قائلاً «لكنها تضم إلى جانب أعمال سيف اسكتشات لشقيقه أدهم وانلي، والدليل على ذلك أنها موقّعة بـ(وانلي) وهو الاسم الذي كان يعتمده أدهم في التوقيع، في حين كان من المعروف أن سيف يوقّع باسمه».
ووصف الرزاز المجموعة بأنها «شاهد جديد على أن الفن المصري لم ينل بعد المكانة التي يستحقها، وأنه لا يزال المشوار طويلاً أمامنا كي نعرّف العالم بفنانينا الرواد والمعاصرين سواء، وإلا ما كانت قد بيعت بهذه الأسعار البخسة، وهو ما يفتح من جديد قضية دعم مصر لفنانيها في الخارج من خلال إقامة هيئة متخصصة تضم فنانين وخبراء متخصصين في التسويق الفني، وتكون ذات مهام متعددة، منها العمل على مشاركة التشكيليين في المعارض والبيناليات الدولية والحصول على نسبة من البيع، وتسليط الضوء على مسيرتهم وقيمتهم الفنية عبر دعاية واسعة؛ ما يؤدي إلى رفع قيمة لوحاتهم، ومتابعة أخبار المتاحف والمزادات لكيلا يتكرر ما حدث لهذه الخبيئة، التي كان من الممكن شراؤها وعرضها في متحف الأخوين سيف وأدهم وانلي في الإسكندرية لقيمتها النقدية والفنية».
مصر: بيع خبيئة نادرة لسيف وانلي بسعر زهيد يثير الجدل
عُرضت في مزاد بأميركا وتشمل 220 قطعة فنية
مصر: بيع خبيئة نادرة لسيف وانلي بسعر زهيد يثير الجدل
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة