مستوطنون يتنكرون بزي عربي لاقتحام الأقصى

قلق أمني إسرائيلي من مواجهات شاملة في ساحات الحرم

مواجهات بين فلسطينيين وعناصر من الأمن الإسرائيلي داخل باحة المسجد الأقصى مايو الماضي (أ.ب)
مواجهات بين فلسطينيين وعناصر من الأمن الإسرائيلي داخل باحة المسجد الأقصى مايو الماضي (أ.ب)
TT

مستوطنون يتنكرون بزي عربي لاقتحام الأقصى

مواجهات بين فلسطينيين وعناصر من الأمن الإسرائيلي داخل باحة المسجد الأقصى مايو الماضي (أ.ب)
مواجهات بين فلسطينيين وعناصر من الأمن الإسرائيلي داخل باحة المسجد الأقصى مايو الماضي (أ.ب)

تلقى الفلسطينيون بالصدمة والهلع، نبأ قيام مجموعة من المستوطنين اليهود بالتدرب على إقامة صلوات يهودية في قاعات الصلاة في المسجد الأقصى، والتسلل اليه بعد التنكر بزي عربي.
وأعلن مدير المسجد الأقصى، الشيخ عمر الكسواني، أن هذه الخطة تعتبر «من أكبر تهديدات للمسجد الأقصى المبارك والمصلين المسلمين فيه». وحمل حكومة الاحتلال، كامل المسؤولية عن تبعاته وحذر من أن مثل هذه الخطوة تهدد بإغراق هذا المكان المقدس بالدماء.
وكانت مصادر أمنية وسياسية، قد سربت إلى «القناة 13» للتلفزيون الإسرائيلي، خبر قيام مجموعة من المستوطنين اليهود بالتدرب على أحكام الصلاة الإسلامية، بغرض التسلل إلى المسجد الأقصى والاندساس بين المصلين المسلمين هناك بزي عربي. فقامت القناة بإجراء تحقيق صحافي معمق وتمكنت من العثور على هذه المجموعة وتصويرها خلال التدريب.
وفي التقرير الذي بثته، مساء الأربعاء، يظهر المستوطنون وهم يتدربون على تلاوة سورة الفاتحة والركوع عدة ركعات، حسب أصول الصلاة الإسلامية.
وتبين أن الجهة التي تقف وراء هذه الخطة، مجموعة «العودة إلى الهيكل» اليمينية المتطرفة، التي تنادي بالسيادة اليهودية على الأقصى، بدعوى أنه يقوم مقام الهيكل اليهودي.
ونقلت القناة عن بعض قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، أنهم قلقون من مثل هذه الأفعال التي من شأنها أن تؤدي إلى مواجهات شاملة في ساحات الحرم وداخل قاعاته.
ولكن القناة لم تحدد الهدف من اندساس مستوطنين يهود بين المصلين المسلمين، وهل هو مجرد استفزاز، أم تمهيد لارتكاب جريمة على نمط «مذبحة الحرم الإبراهيمي في الخليل»، التي تمت في سنة 1994 عندما تسلل المستوطن باروخ غولدشتاين إلى القاعة الرئيسية خلال صلاة التراويح في شهر رمضان المبارك وقتل 29 مصليا.
وقال الشيخ الكسواني تعقيبا على ذلك: «إننا ننظر بعين الجدية والخطورة للنشاط الذي يعده المستوطنون في الأقصى. ونعتقد أن الكشف عن محاولات مستوطنين اقتحام المسجد الأقصى بالزي الإسلامي وأداء صلواتهم فيه، يأتي أيضا، من باب الضغط على الاحتلال للسماح لهم بتغيير الواقع في الأقصى والسماح لهم بأداء صلواتهم فيه، إضافة إلى أهداف أخرى خبيثة». وقال إن إدارة المسجد وإدارة الوقف، عمموا الشريط المصور، وأبلغوا جميع وحدات حرس المسجد الأقصى، الصباحية والمسائية، بأخذ المزيد من الحيطة والحذر، ويتوجهون إلى الرأي العام العالمي للتدخل لمنع هذا التدهور.
من جهته، حذر رئيس الهيئة الإسلامية العليا وخطيب المسجد الأقصى، الشيخ عكرمة صبري، من أساليب المستوطنين التي قد توقع الأذى بالأقصى والمصلين المسلمين، عبر أساليبهم الجديدة لاقتحام المسجد الأقصى.
وقالت دائرة الأوقاف في الأقصى، التابعة للحكومة الأردنية لكنها تعمل بالتنسيق أيضا مع السلطة الفلسطينية، إن المستوطنين اليهود باتوا يقتحمون المسجد الأقصى من جهة باب المغاربة، بالألوف في كل شهر، على دفعتين يوميتين، في الصباح وفي ساعات الظهر. فلماذا يحتاجون إلى التسلل داخل قاعات الصلاة في المسجد والتنكر بزي عربي.
وكانت «قناة 12» للتلفزيون الإسرائيلي، قد وصفت ما يقوم به المستوطنون اليهود داخل المسجد الأقصى بأنه «ثورة، يتجسد فيها تحطيم قواعد الوضع القائم التي سادت عشرات السنين، وذلك عبر السماح لليهود بأداء الصلوات التلمودية ومنح الحاخامات الحق في إلقاء المواعظ الدينية في الحرم». وأوضحت القناة في تقريرها، أن «حماسة اليهود لاقتحام الأقصى والحوارات التي دارت بين نشطاء (جماعات الهيكل)، والشرطة الإسرائيلية، ساعدت على إحداث التحول الكبير على مكانة اليهود في الحرم، حيث إن 35 ألف يهودي باتوا يقتحمونه في كل سنة».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.