أوامر بتعزيز الحواجز الإسرائيلية لمواجهة عمليات الدهس

فتى يقتحم حاجزاً ويصيب جندياً... ووزير عربي يطالب بتحريك «الملف الفلسطيني»

صورة تداولها ناشطون في مواقع التواصل لسيارة الفتى الفلسطيني مصدومة بالحاجز
صورة تداولها ناشطون في مواقع التواصل لسيارة الفتى الفلسطيني مصدومة بالحاجز
TT

أوامر بتعزيز الحواجز الإسرائيلية لمواجهة عمليات الدهس

صورة تداولها ناشطون في مواقع التواصل لسيارة الفتى الفلسطيني مصدومة بالحاجز
صورة تداولها ناشطون في مواقع التواصل لسيارة الفتى الفلسطيني مصدومة بالحاجز

في الوقت الذي طالب فيه وزير التعاون الإقليمي في الحكومة الإسرائيلية عيساوي فريج بـ«تحريك الملف الفلسطيني»، محذراً من خطورة استمرار الجمود وما يسببه من يأس وعمليات يائسة، أمر وزير الدفاع بيني غانتس قوات الجيش بتعزيز حشودها حول الحواجز العسكرية ومواجهة عمليات الدهس «شبه الانتحارية».
وجاءت تعليمات غانتس في أعقاب قيام فتى فلسطيني في السادسة عشرة من عمره، فجر أمس (الاثنين)، باقتحام حاجز عسكري جنوب مدينة طولكرم، ودهس أحد الجنود فأصيب بجروح متوسطة، قبل أن يطلق الجنود الرصاص عليه ويردونه. والفتى الشهيد هو محمد نضال يونس من نابلس. وقد رفض والده، نضال يونس، رواية الاحتلال، وقال إن ابنه تأخر عن البيت فخرج يفتش عنه بعد منتصف الليلة الفائتة (الأحد - الاثنين)، فتلقى اتصالاً من أحد ضبّاط جيش الاحتلال، يطلب منه العودة إلى منزله. وأضاف: «قلت له إنني أبحث عن ابني ولا يُمكنني العودة فوراً إلى البيت، فأخبرني أن محمد لديهم، ولم يخبرني شيئاً عن استشهاده. وعدت إلى البيت وإذا بقوة من جيش الاحتلال تحتله وتجري تفتيشاً تخريبياً فيه».
وقالت مصادر الجيش إن التحقيق الأولي بين أن الفتى قاد سيارة والده، وهي من طراز «كايا»، بسرعة جنونية بلغت 90 كيلومتراً في الساعة، داخل المعبر. وقال المدير العام لوزارة الدفاع، أمير إيشل، الذي وصل إلى المعبر، فامتدح عمل جنوده: «الحراس عملوا بسرعة، مثلما ندربهم، وأنهوا الحدث خلال ثوانٍ. ونحقق في ظروف الحدث وسندرس خطوات أخرى من أجل تحسين حماية الحراس».
وتعد هذه خامس عملية دهس ينفذها الفلسطينيون في غضون أسبوعين. وقد جرى تقييم حول الموضوع في قيادة الجيش والمخابرات، وأعرب أحدهم عن قناعته بأن الفتى تشاجر مع أهله فأخذ سيارة والده وتوجه إلى أقرب حاجز عسكري ممكن، ونفذ عمليته. ولكن كان هناك من اعتقد بأن كثرة هذه العمليات لم تأتِ صدفة في الأيام الأخيرة، وأن هناك خطراً لقدوم موجة من العمليات الفلسطينية ضد الجيش الإسرائيلي في الضفة الغربية والقدس الشرقية. ولذلك، أوعز غانتس برفع مستوى التأهب والاستنفار في جميع المعابر والحواجز العسكرية في الضفة الغربية.
من جهة ثانية، قال رئيس لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست رام بن باراك، للإذاعة العامة الإسرائيلية (كان) صباح أمس: «نحن في أوج عملية تشجع فيها حماس والجهاد الإسلامي من خلالها على تنفيذ عمليات في يهودا والسامرة» (الضفة الغربية). وأضاف بن باراك الذي كان في الماضي نائباً لرئيس الموساد: «الشاباك (جهاز المخابرات الإسرائيلي)، نجح في إحباط البنية التحتية الكبرى للتنظيمات المحلية المسلحة، لكن هناك موجة عمليات فردية. وينبغي السيطرة عليها. لكن الواقع هو أنه توجد موجة كهذه الآن. وبحوزتنا وسائل، لكن يصعب منع عمليات فردية. والطريقة هي جمع معلومات استخباراتية وإحباط والوجود في المكان».
إلا أن الوزير العربي في الحكومة الإسرائيلية عيساوي فريج قال إن «الجمود في عملية السلام مع الفلسطينيين لا يجدي أحداً. وكل ما يفعله هو دب اليأس في صفوف الناس. وتدهور الوضع الاقتصادي يزيد الطين بلة. فيعدم الأمل ويخيب الرجاء». ودعا إلى «تحريك عملية السلام وعدم الاكتفاء بالإجراءات الأمنية والعقابية». وأكد «ضرورة العودة لإحياء عملية السلام على أساس حل الدولتين، كأفضل وسيلة لإحياء الأمل ومقاومة اليأس والعمليات اليائسة».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.