تستعد مدينة الصويرة المغربية (جنوب الدار البيضاء) لدورة مبكرة من مهرجان كناوة وموسيقى العالم، الذي فرض اقتراب رمضان على منظميه نقل تاريخ تنظيمه من يونيو (حزيران) إلى منتصف مايو (أيار).
ويرتقب أن يجمع المهرجان هذه السنة 300 من كبار الفنانين والموسيقيين من القارات الأربع، ما بين 14 و17 مايو، في سهرات تتمازج فيها الإيقاعات الأفريقية والمدائح النبوية والأهازيج المغربية، التي تشكل موسيقى كناوة، بمختلف أنماط الموسيقى العالمية التقليدية والمعاصرة.
ويشارك في هذه الدورة 20 معلما كناويا مغربيا في عروض فردية أو عبر عروض مشتركة مع فنانين عالميين تتمازج فيها الأنماط الموسيقية وتنصهر في لوحات فنية عابرة للثقافات.
وككل سنة ستقام عروض المهرجان في خمس خشبات في فضاءات عمومية مفتوحة للجميع، إضافة إلى الليالي الخاصة التي تنظم في أماكن مغلقة، خاصة دار الصويري المخصصة لنخبة محدودة من المستمعين الذواقين.
وقالت نائلة التازي عبدي، منتجة ومديرة مهرجان كناوة وموسيقى العالم في الصويرة «هذه السنة مع بلوغ المهرجان الدورة 18. أي سن الرشد، اخترنا أن نولي عناية أكبر للنوع على حساب الكم، وأن ندشن لمرحلة جديدة». وأشارت التازي، خلال لقاء صحافي عقدته مساء أول من أمس في الدار البيضاء، إلى أن جمهور زوار المهرجان فاق 500 ألف زائر، وأصبح تدبير هذا الكم الهائل مقارنة بقدرات مدينة الصويرة يطرح تحديات كبيرة على المنظمين. وأضافت: «ليس من السهل تقليص عدد الزوار. غير أننا آثرنا إعطاء الأولوية بشكل أكبر للمحتوى والجودة».
وأضافت التازي أن من أبرز مستجدات هذه الدورة قبول منظمة اليونيسكو طلب تصنيف موسيقى كناوة كتراث عالمي غير مادي يوم 30 مارس (آذار) الماضي. وقالت: «ستشرع لجان تابعة لمنظمة اليونيسكو في القيام بأبحاث ودراسات حول هذا التراث، والتي على أساسها ستقرر المنظمة تصنيف فن كناوة كتراث عالمي. هذه الإجراءات ستأخذ وقتا لكننا متفائلون بأننا سنحتفل بعد عامين بتصنيف اليونيسكو بالتزامن مع الذكرى العشرين لانطلاق المهرجان».
وأشارت التازي إلى أن الدراسة الأنطولوجية التي أعدتها جمعية الصويرة ومغادور ونشرتها السنة الماضية، وتضمنت جمع التراث الموسيقي العريق لكناوة في 9 أقراص مدمجة، سيكون لها وزن كبير في قرار اليونيسكو.
وبخصوص منتدى «أفريقيا قادمة» الذي ينظم على هامش المهرجان بشراكة مع المجلس الوطني لحقوق الإنسان، قالت التازي إن المنظمين اختاروا له هذه السنة أن يتمحور حول موضوع «النساء الأفريقيات، الإبداع والمبادرة». وأشارت إلى أن أزيد من 30 متحدثا من أفريقيا وأوروبا وأميركا وآسيا سيشاركون في المنتدى.
وأوضحت التازي أن الدورة الحالية تتميز أيضا بكونها الدورة الأولى التي تساهم فيها بلدية الصويرة في موازنة المهرجان البالغة 12.5 مليون درهم (1.2 مليون دولار)، وذلك اعترافا بالوقع الاقتصادي والاجتماعي للمهرجان على المدينة وضواحيها. وأشارت التازي إلى أن الصويرة كانت مدينة منسية قبل إطلاق المهرجان، وبفضله عرفت نموا قويا وتحسنا ملحوظا في ظروف عيش سكانها. وأشارت إلى أن دراسة أنجزها مكتب خبرة دولي السنة الماضية أبرزت أن كل درهم يستثمر في تنظيم المهرجان يعود بالنفع على المدينة بما يعادل 17 درهما كمداخيل سياحية وتجارية.
ويضرب فن موسيقى كناوة عميقا بجذوره في التاريخ المغربي، ويستمد إيقاعاته البسيطة وأدواته من أفريقيا، وأبعاده الروحية والمعنوية من التراث العربي الإسلامي، خاصة المدائح النبوية والتغني بحب النبي، الذي يشكل أحد الأسس الثقافية لمدينة الصويرة التي لا تكاد جدران بناية من بناياتها التاريخية العتيقة تخلو من لوحة حجرية نقشت عليها عبارة «بركة محمد». ويبدأ المهرجان كل سنة باجتماع فرق ومعلمي كناوة القادمين من مختلف مناطق المغرب، مع الفرق الموسيقية المغربية والعالمية المشاركة، خارج أسوار المدينة. ويدخلون في موكب فني كبير، تحمل كل فرقة وجماعة علمها المميز، ويرددون أغنية مغربية قديمة تتضمن كلازمة عبارة «العفو، العفو يا مولانا».
300 فنان من أنحاء العالم يشاركون في الدورة 18 لمهرجان كناوة في الصويرة
مساع للاعتراف بموسيقاها تراثًا عالميًا في الذكرى العشرين لإطلاقه
300 فنان من أنحاء العالم يشاركون في الدورة 18 لمهرجان كناوة في الصويرة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة