تصعيد الحوثيين يرفع معدل التضخم في اليمن إلى 45%

TT
20

تصعيد الحوثيين يرفع معدل التضخم في اليمن إلى 45%

مع استمرار ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران، في التصعيد العسكري ورفض كل مقترحات السلام، توقع البنك الدولي أن يتسارع التضخم في اليمن خلال العام الحالي، إلى ما يقدر بنحو 45 في المائة مقارنة بـ35 في المائة في العام السابق.
ونبه البنك الدولي إلى أن التقدم المحرز في تنفيذ الاتفاقات السابقة بشأن وصول الإمدادات وواردات الوقود عبر ميناء الحديدة، فضلاً عن زيادة التمويل الإنساني من شأنه، رغم العوامل الأخرى، تحسين الأسعار والوصول إلى الغذاء. كما أنه سيعزز من تقديم الخدمات العامة والبيئة التشغيلية للعمليات الإنسانية.
وتوقع البنك في دراسة حديثة عن الفقر أن ينكمش الناتج بنسبة 2 في المائة في نهاية هذا العام، إلا أنه توقع أن يؤدي تحسين الإشراف النقدي وضوابط السياسة إلى تقليل تقلب أسعار الصرف، والحد مؤقتاً من أنشطة المضاربة، مع إمكانية تحقيق مكاسب معتدلة في القيمة النسبية للدولار الأميركي في مناطق سيطرة الحكومة، ولكن تحقيق ذلك سيتطلب مزيداً من الاستقرار لمعالجة الأسباب الجذرية للتقلبات.
ووفق ما جاء في الدراسة، «فإن الآفاق الاقتصادية في هذا العام وما بعده ستعتمد في شكل حاسم على التحسينات السريعة في الوضع السياسي والأمني، وفي نهاية المطاف ما إذا كان وقف الأعمال العدائية والمصالحة السياسية سيسمح بإعادة بناء الاقتصاد والنسيج الاجتماعي في اليمن بدون تمويل خارجي إضافي».
واستدركت الدراسة بأن استمرار جائحة «كورونا»، في ظل عدم وجود مصادر مستقرة للعملة الأجنبية، سيجعل السياسة النقدية التوسعية تخاطر بتسريع انخفاض قيمة الريال اليمني، إلا في حال زيادة إنتاج النفط والقدرة على التصدير، فإن ذلك «يمكن أن يخفف الضغط على المالية العامة في المناطق التي تسيطر عليها الحكومة».
الدراسة توضح أنه مع استمرار الصراع ستستمر قيمة الريال اليمني في الانخفاض إلى مستويات تاريخية جديدة، ما يؤدي إلى زيادات كبيرة في أسعار المواد الغذائية، ودفع المزيد من الناس إلى الفقر المدقع.
وأشارت الدراسة إلى تدهور الأوضاع الاجتماعية - الاقتصادية بسرعة، وقالت إن ذلك «تأثر في شكل أكبر بانخفاض التحويلات، والاضطرابات التجارية، والنقص الحاد في إمدادات الوقود، وتعطل العمليات الإنسانية وتراجعها.
حيث يؤدي استمرار العنف وتجزئة سياسات الاقتصاد الكلي إلى زيادة الضغوط على الظروف الاقتصادية الهشة».
وحسب ما ذكره معدو الدراسة، فإن التقديرات الأولية تشير إلى أن الاقتصاد قد تقلص بنسبة 8.5 في المائة في عام 2020، وقد تأثر النشاط الاقتصادي غير النفطي بالتباطؤ في التجارة الناجم عن فيروس كورونا، ونظم الضرائب المزدوجة في مناطق سيطرة الحكومة ومناطق سيطرة ميليشيات الحوثي، وندرة المدخلات، وأسعار السلع. كما تأثر تدفق تحويلات المغتربين منذ عام 2020 بفعل جائحة «كورونا»، واشتد النقص في شكل أكبر خلال العام الحالي.
وأفادت دراسة البنك الدولي بأنه وبسبب الانتعاش البطيء في إنتاج النفط وقدرات التصدير وتراجع التمويل الإنساني، فإن تخصيص صندوق النقد الدولي مبلغ 665 مليون دولار أميركي، من حقوق السحب الخاصة لليمن، من شأنه أن يخفف الضغوط على ميزان المدفوعات وأسواق الصرف الأجنبي، حيث تستمر السياسة المالية للحكومة المعترف بها دولياً في الاعتماد على طباعة النقود لتغطية الجزء الأكبر من النفقات الحكومية، التي تركز على الرواتب والسلع والخدمات.



غموض يكتنف خطة إعمار غزة مع عودة الضربات الإسرائيلية

أطفال فلسطينيون قرب خيام النازحين في خان يونس (رويترز)
أطفال فلسطينيون قرب خيام النازحين في خان يونس (رويترز)
TT
20

غموض يكتنف خطة إعمار غزة مع عودة الضربات الإسرائيلية

أطفال فلسطينيون قرب خيام النازحين في خان يونس (رويترز)
أطفال فلسطينيون قرب خيام النازحين في خان يونس (رويترز)

أثار استئناف إسرائيل للضربات العسكرية على قطاع غزة، الثلاثاء، تساؤلات بشأن مصير المشاورات الرامية لحشد الدعم الدولي المالي والسياسي للخطة العربية - الإسلامية لإعادة إعمار غزة.

وبينما أكد مراقبون وخبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط» أن تنفيذ خطة إعادة الإعمار مرتبط ارتباطاً وثيقاً بالوصول إلى المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، معولين على جهود الوسطاء في مصر وقطر للدفع نحو وقف الحرب، أشاروا إلى أن «محاولات الترويج للخطة ستستمر رغم الضربات الإسرائيلية، ورغم عدم وجود إشارات واضحة من تل أبيب وواشنطن لدعم إعادة الإعمار».

وشنّت إسرائيل ضربات جوية جديدة في أنحاء قطاع غزة، متعهدة بـ«تصعيد القوة العسكرية» بعد تعثر المحادثات مع حركة «حماس» بشأن الإفراج عن مزيد من الرهائن.

قوة عسكرية إسرائيلية عند حدود قطاع غزة الثلاثاء (رويترز)
قوة عسكرية إسرائيلية عند حدود قطاع غزة الثلاثاء (رويترز)

وأدانت مصر بـ«أشد العبارات» الغارات الجوية الإسرائيلية التي استهدفت قطاع غزة، رافضة في إفادة رسمية لوزارة الخارجية الثلاثاء، «العمل على إفشال الجهود الهادفة للتهدئة واستعادة الاستقرار». ودعت الأطراف إلى «ضبط النفس وإتاحة الفرصة للوسطاء لاستكمال جهودها للوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار».

وفي اتصال هاتفي، الثلاثاء، شدّد الرئيس المصري وأمير الكويت على «ضرورة اضطلاع المجتمع الدولي بمسؤولياته للدفع تجاه الوقف الفوري لإطلاق النار، وتنفيذ حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية على خطوط 4 يونيو (حزيران) 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، بما يعد الضمان الوحيد للتوصل للسلام الدائم بالشرق الأوسط».

ويرى عضو مجلس الشورى (الغرفة الثانية في البرلمان المصري)، الدكتور عبد المنعم سعيد، أن الاتصالات بشأن الترويج للخطة العربية لإعادة الإعمار مستمرة، وقال لـ«الشرق الأوسط»: «منذ بدء الحرب كانت هناك تناقضات مستمرة تؤدي للعنف، لكن ذلك لم يمنع من اعتماد مسارات المفاوضات والوساطة للتهدئة».

وأضاف: «خطة إعادة الإعمار هي مشروع حي لإنقاذ غزة وتحقيق السلام، كونها تتضمن رؤية أعم وأوسع للسلام بشكل عام»، مشيراً إلى الاتصالات التي أجرتها وزارة الخارجية المصرية أخيراً في هذا الصدد.

فلسطينيون ينزحون من منازلهم بعدما أمرت إسرائيل بإخلاء عدد من الضواحي في قطاع غزة الثلاثاء (رويترز)
فلسطينيون ينزحون من منازلهم بعدما أمرت إسرائيل بإخلاء عدد من الضواحي في قطاع غزة الثلاثاء (رويترز)

ويتفق معه عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، السفير محمد حجازي، مؤكداً في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن «الاتصالات مستمرة لحشد الدعم لإعادة الإعمار»، موضحاً أن «خطة إعادة الإعمار كانت متسقة مع اتفاق وقف إطلاق النار الذي تنصلت منه إسرائيل، لكن هذا لن يحول دون استمرار الجهود المصرية والعربية لوقف الحرب وبدء إعادة الإعمار»، معولاً على الضغوط الدولية لإنقاذ المنطقة من مزيد من التصعيد.

وقبيل استئناف الضربات الإسرائيلية على قطاع غزة، كثّفت مصر من تحركاتها، بهدف حشد وتعبئة الدعم السياسي والمادي للخطة العربية - الإسلامية للتعافي المبكر وإعادة إعمار غزة.

وفي هذا السياق، أجرى وزير الخارجية والهجرة المصري، بدر عبد العاطي، سلسلة اتصالات هاتفية مع نظرائه بالدول الأعضاء باللجنة الوزارية العربية الإسلامية، شملت السعودية والإمارات والأردن وقطر وفلسطين وتركيا ونيجيريا وإندونيسيا، بشأن تنفيذ مخرجات قمة القاهرة الطارئة وخطة إعادة إعمار غزة. كما استضافت الخارجية المصرية، الاثنين، اجتماعاً مع أكثر من 100 سفير أجنبي وممثلي سفارات ومنظمات دولية، حول إعادة تأهيل القطاع الصحي بقطاع غزة، حيث تم تقديم عرض مرئي حول خطة إعادة إعمار قطاع غزة.

وخلال الاجتماع، أشار عبد العاطي إلى وجود متطلبات أساسية لنجاح الخطة، من بينها تثبيت وقف إطلاق النار في غزة. وشدّد وزير الخارجية على أن خطة إعادة إعمار غزة حصلت على تأييد إقليمي ودولي واسع، وأن مصر تعمل حالياً على ترتيب استضافة مؤتمر لإعادة إعمار غزة في القاهرة لتأمين التمويل اللازم لتنفيذ الخطة.

أطفال فلسطينيون قرب خيام النازحين في خان يونس (رويترز)
أطفال فلسطينيون قرب خيام النازحين في خان يونس (رويترز)

وعدّ أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، إسرائيل «أحد المعوقات الرئيسية لتنفيذ خطة إعادة الإعمار»، مشيراً في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن «الولايات المتحدة هي الجهة الوحيدة القادرة على إقناع إسرائيل بوقف إطلاق النار، لكنها على النقيض منحت تل أبيب ضوءاً أخضر لاستئناف الحرب».

وقال الرقب: «حتى الآن لا توجد إجراءات أو خطوات من جانب واشنطن تشير إلى رغبتها في إنجاح خطة إعادة إعمار غزة»، مشيراً إلى أن «إعادة الإعمار تتطلب الانتقال إلى المرحلة الثانية من وقف إطلاق النار في غزة، وهي ما لم يتحقق حتى الآن». وأضاف: «من غير الواضح ما إذا كان الوسطاء سيتمكنون من إقناع إسرائيل وواشنطن بالانتقال إلى المرحلة الثانية».

بدوره، أكد مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير رخا أحمد حسن، أنه منذ اليوم الأول لاعتماد الدول العربية وبعدها الإسلامية خطة إعادة الإعمار، «بدا أن إسرائيل مصرة على عدم تنفيذها، وظهر ذلك من خلال عرقلة المفاوضات حول المرحلة الثانية، والتمسك بمقترح أميركي لتمديد المرحلة الأولى».

وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا يمكن تنفيذ إعادة الإعمار دون وقف كامل لإطلاق النار»، معولاً على إمكانات الوسطاء لبذل مزيد من الجهد للدفع نحو المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار بمساعدة أميركية، مشيراً إلى أن استئناف الضربات على قطاع غزة من شأنه تنفيذ خطة التهجير التي رفضتها مصر والدول العربية.

وكانت الإدارة الأميركية أرسلت إشارات متضاربة بشأن موقفها من خطة إعادة الإعمار، فبينما قالت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية، تامي بروس، في وقت سابق هذا الشهر، إن الاتفاق المقترح «لا يلبي الشروط ولا طبيعة ما يطالب به ترمب»، مضيفة أنها «ليست على قدر التوقعات». أشاد مبعوث ترمب إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، بجهود مصر. من دون أن يؤيد تفاصيل الخطة، وقال: «نحتاج إلى مزيد من النقاش بشأنها، لكنها تشكل خطوة أولى لحسن النية من جانب المصريين».

يذكر أن خطة إعادة الإعمار تتضمن تشكيل لجنة لتتولى إدارة شؤون قطاع غزة في مرحلة انتقالية لمدة 6 أشهر، على أن تكون مستقلة ومكونة من شخصيات غير فصائلية «تكنوقراط» تعمل تحت مظلة الحكومة الفلسطينية. ووفق الخطة، سيتم توفير سكن مؤقت للنازحين في غزة خلال عملية إعادة الإعمار، ومناطق داخل القطاع في 7 مواقع تستوعب أكثر من 1.5 مليون فرد. وقدّرت الخطة إعادة إعمار غزة بـ53 مليار دولار، وستستغرق 5 سنوات.