تكدس النفايات في بيروت وجبل لبنان نتيجة إضراب العمال

TT

تكدس النفايات في بيروت وجبل لبنان نتيجة إضراب العمال

تجددت أزمة النفايات في بيروت وجبل لبنان، إثر إضراب عمال شركتين مسؤولتين عن جمع النفايات، مطالبين بتصحيح أجورهم، وهو ما دفع وزير البيئة ناصر ياسين إلى طرح مبادرة لتفادي أزمة إضراب عمال شركات جَمع النفايات.
وتوقف عمال شركتي «سيتي بلو» و«رامكو» الموكلتين جمع النفايات وكنس الشوارع في بيروت وجبل لبنان عن العمل، اعتراضا على عدم تسوية العقود مع مجلس الإنماء والإعمار. ويطالب العمال بتصحيح أجورهم، ويقولون إن «مجلس الإنماء والإعمار» لم يطبق بنود الاتفاق بين الشركات والدولة اللبنانية التي تلحظ تصحيح الأجور، في ظل أزمة اقتصادية تعصف بالبلاد، وتعجز الدولة اللبنانية عن دفع مستحقات إضافية للشركات المتعهدة جمع النفايات. وطالبوا بتحسين الأجور والحصول على بدل النقل الذي أقرته وزارة العمل.
وقال مدير عام شركة «رامكو» وليد أبو سعد إن الإضراب «نفذه سائقو الشاحنات في الشركة الذين لا يستطيعون الحصول على كامل حقوقهم من الشركة»، مشيراً إلى أن «الدولة اللبنانية لا تلتزم بتطبيق العقد»، موضحاً أن «مطلبنا موجود في العقد وينص على أنه مع أي ارتفاع في الأجور أو ارتفاع في سعر المازوت، يتغير سعر الطن»، لافتاً إلى أن هذا البند «لا يُطبق».
وغالباً ما تتجدد أزمة تكدس النفايات في لبنان كل فترة على ضوء بلوغ المطامر قدراتها الاستيعابية، وأخيرا مع الأزمة الاقتصادية التي طالت متعهدي سائر الخدمات في لبنان الذين يطالبون بتغيير قيمة عقودهم، وهو ما يجدد الدعوات للوصول إلى حلول مستدامة.
وبحث وزير البيئة ناصر ياسين مع رئيس الحكومة نجيب ميقاتي أمس في وضع خطة أكثر استدامة للنفايات الصلبة. وقال ياسين بعد اللقاء: «بحثنا في موضوع النفايات الصلبة والخطة التي نعمل عليها من أجل إدارة أكثر استدامة لهذا الملف، ونعمل لتفادي أزمة إضراب عمال شركات جَمع النفايات، فهناك مشكلة في العقود بين الشركات وبين مجلس الإنماء والإعمار، وجرى نقاش حول كيفية حلها، والتفكير في إدارة مستدامة لهذا القطاع».
وقال ياسين: «إننا حاول تسيير عقود الشركات مع مجلس الإنماء والإعمار وإدخال تعديلات عليها، آخذين في الاعتبار التضخم الحاصل، وسأتابع الموضوع مع وزير الداخلية من أجل تفادي أزمة في الشارع».
وكانت شركة «رامكو» طلبت من مجلس الإنماء والإعمار «الإسراع بإطلاق مناقصة جديدة لرفع النفايات من المتن وكسروان وبيروت مع استعداد الشركة للمساعدة بتقديم الآليات بقيمتها الدفترية للمشغل الذي سيتم تعيينه بالمهام التشغيلية لجمع ونقل النفايات المنزلية الصلبة»، وذلك «لتفادي وقوع أزمة نفايات جديدة تنعكس على صحة المواطنين وعلى السلامة العامة، وهو أمر لا يمكن أن تتحمل مسؤوليته ولا يمكن أن تسأل عنه الشركة بأي شكل من الأشكال».
وقالت الشركة إنه منذ أكثر من 7 أشهر بدأت تناشد بوجوب تنفيذ أحكام العقد الموقع مع مجلس الإنماء والإعمار وبلدية بيروت، مشيرة إلى أن هذا الأمر «لم يحصل، نتيجة لعدم انعقاد كل من مجلس الوزراء ومجلس إدارة مجلس الإنماء والإعمار، الأمر الذي جعل من الحلول التي قبلت الشركة بالسير بها غير قابلة للتطبيق في المدى المنظور نظراً لعجز الشركة عن الاستمرار في تمويل وتغطية الخسائر الفادحة التي تتكبدها يوميا مما حتم عليها اتخاذ قرار حاسم في ظل عدم تنفيذ الاتفاق».
وإلى جانب «رامكو»، أعلنت بلدية الغبيري، وهي واحدة من أكبر البلديات في محيط بيروت، «توقف شركة سيتي بلو عن كنس الطرقات ورفع النفايات نتيجة الغبن الذي لحق بهم بموجب العقد الموقع مع مجلس الإنماء والإعمار، حيث باتت الشركة تخسر نتيجة سعر صرف الدولار، وتدهور قيمة الليرة اللبنانية، وارتفاع سعر المحروقات لا سيما المازوت». وعليه، قررت شركة «سيتي بلو» وقف كافة الأعمال التي كانت تقوم بها من كنس ورفع للنفايات ضمن أقضية بعبدا وعاليه والشوف. وقالت البلدية إنها تعمل ضمن إمكانياتها المتواضعة على التخفيف من النفايات الموجودة في بعض الشوارع الرئيسية.



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».