«أمل» تتهم «تعطيليين» باستهداف مبادرة لحل تداعيات أزمة محقق مرفأ بيروت

TT

«أمل» تتهم «تعطيليين» باستهداف مبادرة لحل تداعيات أزمة محقق مرفأ بيروت

لم يخرج الاجتماع المنتظر بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي بأي مسارات لحل أزمة تعطيل أعمال مجلس الوزراء العاجز عن الانعقاد منذ أكثر من شهر بسبب الخلاف بين مكونات الحكومة حول عمل المحقق العدلي في تفجير بيروت القاضي طارق البيطار الذي يتهم «حزب الله» وحركة «أمل» بتسييس التحقيق، فيما كان لافتاً الهجوم الذي شنته حركة أمل التي يرأسها بري على صهر عون النائب جبران باسيل من دون أن تسميه، محملة إياه مسؤولية إجهاض حل مقترح للأزمة.
واتهمت «حركة أمل» من سمتهم بـ«التعطيليين»، بـ«استهداف» مبادرة أيدها البطريرك الماروني بشارة الراعي والرئيس اللبناني ميشال عون تقضي بـ«تصحيح المسار القضائي» المتصل بأزمة انفجار مرفأ بيروت، «عبر الالتزام بنصوص الدستور والقانون»، وسط مراوحة في معالجة الملف الذي يعد مسبباً رئيسياً في تعطيل اجتماعات مجلس الوزراء.
وعرض بري أمس مع رئيس مجلس الوزراء نجيب ميقاتي الأوضاع العامة والمستجدات السياسية، ووضعه ميقاتي في أجواء ونتائج زيارته للفاتيكان ولقائه البابا. وغادر ميقاتي مقر الرئاسة الثانية في عين التينة، دون الإدلاء بأي تصريح.
وجدد رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط إدانته لما سماه «تدمير القضاء لدفن التحقيق» في إنجار مرفأ بيروت. وقال: «البلاد تتخبط تحت وطأة الجوع وأسعار الدواء وفواتير الاستشفاء وما من كلمة حول البطاقة التموينية وما من إشارة حول إصلاح الكهرباء وما من ذكر حول تشريع الـcapital control، في ظل تنصل كامل حول مسؤولية انهيار الليرة». وسأل: «أين الدعم للجيش؟». وأضاف في تغريدة له في «تويتر»: «همكم تدمير القضاء لدفن التحقيق».
ويعد ملف التحقيقات في انفجار المرفأ والاعتراض على إجراءات المحقق العدلي في الملف القاضي طارق البيطار، أبرز العوائق التي تحول دون استئناف جلسات الحكومة، وتحيط به تجاذبات سياسية بين «حزب الله» و«حركة أمل» و«تيار المردة» و«تيار المستقبل» من جهة، و«التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» وحزب «الكتائب اللبنانية» من جهة أخرى.
وأشار المكتب السياسي في «حركة أمل» بعد اجتماعه الأسبوعي أمس، إلى أن «كل الحديث عن مقايضات في الشأن القضائي لا أساس أو قيمة لها، وهذا ما ترفضه الحركة ورئيسها»، موضحة أن ما حصل مع البطريرك الراعي خلال زيارته الأخيرة إلى عين التينة وبعدها لقاءات رئيس مجلس النواب مع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة «يؤكدان الحرص على تصحيح المسار القضائي عبر الالتزام بنصوص الدستور والقانون، وهذا ما عبّر عن تأييد البطريرك ورئيس الجمهورية وتم استهدافه من قبل التعطيليين الذين أصبح كل اللبنانيين يعرفونهم».
وتوقف المكتب السياسي أمام مسار التحقيقات في جريمة المرفأ والقرارات الأخيرة «الصادرة غب الطلب عن المتحكمين بهذا الملف التي لا تستقيم مع كل المعايير القانونية والدستورية، وتشكل فضيحة بكل معنى الكلمة في وقتٍ نرى الانفصام الفاضح لبعض القيادات التي تتحدث عن استقلالية القضاء وهي التي ساهمت وتساهم في الحمايات القضائية لقيادات حكومية وأمنية وإدارية وتنظّر علناً لمنطق الاستنسابية والتسييس».
وفي هذا المجال، قالت «أمل» إن «كل الحديث عن مسؤولية المجلس النيابي في تصحيح المسار القضائي يتطلب من مطلقيه أن يلتزموا الحضور والتصويت مما يؤمن انتظام عمل المؤسسات الدستورية وبهذا وحده تستقيم الأمور وتأخذ مسارها الصحيح إلى جانب إلزام القاضي المعني التزام حدود صلاحياته والنصوص الدستورية».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.