مطعم «نصرت» التركي... غلاؤه يتفوق على مذاقه

بعد افتتاحه فرعه اللندني وبعده في الرياض

من الصور التي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر فاتورة تعدت المنطق في مطعم «نصرت» بلندن
من الصور التي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر فاتورة تعدت المنطق في مطعم «نصرت» بلندن
TT

مطعم «نصرت» التركي... غلاؤه يتفوق على مذاقه

من الصور التي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر فاتورة تعدت المنطق في مطعم «نصرت» بلندن
من الصور التي انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر فاتورة تعدت المنطق في مطعم «نصرت» بلندن

«لولا اختلاف الأذواق لبارت السلع»... مثل شعبي ومقولة نسمعها مراراً وتكراراً، وتنطبق على الكثير من الحالات، وهذه المرة فهي مناسبة للتكلم عن ظاهرة الجزار التركي الذي تحول إلى شيف عالمي بعد انتشار صوره على وسائل التواصل الاجتماعي وهو يرش الملح بطريقة فريدة من نوعها، فأطلق عليه اسم «Salt Bae»، وهي اختصار لعبارة Salt Baby ليصبح بعدها من أشهر الطهاة والأكثر تقليداً حول العالم، ويتبعه على حسابه الخاص على «إنستغرام» 38 مليون متابع من شتى أنحاء المعمورة.
نتكلم اليوم عن الشيف نصرت عقب افتتاح فرعه الجديد في لندن بعد طول انتظار لينتقل من بعدها إلى العاصمة السعودية ويتحف الذواقة هناك بأطباقه التي تفوق صيت أسعارها على مذاقها.
نبدأ من لندن، قصة نصرت Nusr.ET طويلة والسبب هو تغيير تاريخ افتتاح المطعم الواقع في فندق «بارك تاور» في منطقة نايتسبردج، أكثر من مرة، فكانت هناك عقبات كثيرة بدأت مع جائحة «كورونا» واستمرت بسبب «بريكست» ومشكلة توفر العاملين في المطاعم، إلى أن جاء اليوم الذي أبصر فيه مطعم «نصرت» المتخصص بتقديم الستيك واللحوم النور في عاصمة الطعام لندن.
رغم مواظبة الشيف نصرت على الوجود في المطعم يومياً لتقطيع اللحم ورش الملح والتقاط الصور مع الزبائن لم يستطع إقناع الصحافيين ونقاد الطعام بمن فيهم أنا والزبائن، بأن أسعاره منطقية، فجاءت جميع التقارير سلبية لدرجة أن مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي الذين زاروا المطعم نشروا صور الفواتير التي تعدت آلاف الجنيهات بدلاً من نشر صور الطعام مثلما درجت العادة على تطبيق «إنستغرام».
سعر البرغر المغلف بورق الذهب الصالح للأكل مائة جنيه إسترليني (نحو 150 دولاراً) أما سعر ضلع اللحم بـ765 جنيهاً إسترلينياً، وأسعار الطعام ليست هي الوحيدة موضع الانتقاد الشديد، إنما أيضا أسعار المشروبات حيث تباع عبوة «ريد بول» بسعر 11 جنيهاً إسترلينياً.
ومن أشهر الصور التي انتشرت على شبكات التواصل الاجتماعي كانت صورة فاتورة لستة أشخاص بسعر 1815 جنيهاً إسترلينياً وهذا السعر يعتبر خيالياً وغير منطقي، لا سيما أن لندن تضم أهم المطاعم العالمية والراقية ولكن لم يتجرأ أي منها بوضع مثل هذه الأسعار على قائمة الأطباق.
ومن جملة الانتقادات التي رافقت مطعم «نصرت» في لندن مقطع فيديو لمسؤول فيتنامي كبير يستمتع بشريحة لحم مغطاة بورق الذهب في المطعم في حين يبلغ متوسط الدخل في بلاده بضعة دولارات في اليوم.
وكتب أحد مستخدمي الإنترنت معلّقاً «من أين له بالمال؟ راتبه السنوي لا يستطيع حتى دفع ثمن هذه الوجبة».
المطعم مليء بالزبائن والمشاهير أمثال ديفيد بيكهام وواين روني وغيرهما من لاعبي كرة القدم والأثرياء المقيمين في لندن، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه «هل يمكن أن يستمر المطعم بنفس النمط؟».
المعروف عن المطاعم أنها تجذب الزبائن لعدة أسباب، فبعضها يعول على نوعية الطعام ونكهات الأطباق بغض النظر عن الديكورات ورقي المنطقة التي يوجد فيها المطعم، والبعض الآخر يعتمد على الاسم والموقع وشهرة الطاهي المشرف عليه، وهذا النوع من المطاعم يزوره المقتدرون مادياً لأنه مرتع للأثرياء ويشكل مكاناً مناسباً للتلاقي ونشر الصور على الإنترنت للتباهي، كما أن هذا النوع من المطاعم يقصده الناس العاديون للاحتفال بمناسبات خاصة، ولكنهم يخرجون جائعين لأنه عليهم التنبه للأسعار قبل اختيار الأطباق.
بالنسبة لمطعم «نصرت»، فهو اختار منطقة راقية في وسط لندن، يقصدها الزوار العرب كثيراً ويسكنها أغنى أغنياء روسيا والشرق الأوسط، فهذا النوع من الزبائن هو الهدف للشيف نصرت، أما بالنسبة لهذه الفئة من الزبائن فهي لا تأبه للأسعار ولكنها تزوره للوجود والتعرف على الشيف نصرت المعروف بنظارته المدورة السوداء وشعره المشدود إلى الخلف وطريقة تقطيعه للحم ورش الملح.
اليوم انتهى العرض الذي يقوم به الشيف نصرت لأنه ترك لندن واتجه إلى الرياض لافتتاح فرعه الثامن والعشرين في العاصمة السعودية، وبعد الثورة التي أثارها نصرت في لندن حصل نفس الشيء في السعودية، حيث لاقى الشيف التركي انتقادات عديدة دعت الجهات المختصة إلى درس مسألة الأسعار.
وقام أحدهم بكتابة «ستيك بسعر خروف» على أحد المواقع.
ووصف المغردون أسعار الوجبات في المطعم بـ«الباهظة»، إذ تقدر بعض الوجبات بآلاف الريالات، وقال بعضهم إن الأسعار لا تناسب الكثير من فئات المجتمع السعودي.
ووفقاً لما تم تداوله فإن سعر ستيك من الذهب (مغلف بأوراق الذهب عيار 24 قيراطاً) يتراوح بين 2400 - 4300 ريال سعودي (640 دولاراً - 1146 دولاراً).
فيما بلغ سعر فخذ الضأن الذهبي 2500 ريال (666 دولاراً)، أما ستيك نصرت الذهبي (400 غراماً) فبلغ سعره 1250 ريالاً (نحو 333 دولاراً).
لا شك أن نوعية اللحم الذي يقدم في كافة مطاعم «نصرت» عالية الجودة ويتم اختيارها بعناية ويمكن رؤيتها وهي معلقة في خزائن تحفظها لفترات زمنية طويلة، وكلما طالت فترة الحفظ كان اللحم ألذ وأكثر طراوة، ولكن هذا لا يبرر الأسعار العشوائية والخيالية، ففي لندن تحديداً هناك الكثير من المطاعم الأرجنتينية والأميركية المتخصصة بتقديم أجود أنواع الستيك بأسعار مقبولة جداً، ولكن «نصرت» تحول إلى ماركة عالمية مسجلة وزبائنه هم من رواد العالم الافتراضي. ورغم كل الانتقادات اللاذعة التي تعرض لها نصرت منذ افتتاحه لفرعيه الجديدين في كل من لندن والرياض يبقى هناك من يحبذ هذا النوع من المطاعم، والدليل هو صعوبة إيجاد الحجوزات، فالمعروف عن مطاعم نصرت في الولايات المتحدة والإمارات والدوحة وتلك التي توجد في تركيا أنها ناجحة ولها عشاقها. وفي النهاية يبقى لكم الخيار.



«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
TT

«أبو حصيرة» من غزة إلى القاهرة

توابل  فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)
توابل فلسطينية تعزز مذاق الأسماك (الشرق الأوسط)

من غزة إلى القاهرة انتقل مطعم «أبو حصيرة» الفلسطيني حاملاً معه لمساته في الطهي المعتمد على التتبيلة الخاصة، وتنوع أطباقه التي تبدأ من زبدية الجمبري والكاليماري إلى الفسيخ بطريقة مختلفة.

وتعتبر سلسلة المطاعم التي تحمل اسم عائلته «أبو حصيرة» والمنتشرة بمحاذاة شاطئ غزة هي الأقدم في الأراضي الفلسطينية، لكن بسبب ظروف الحرب اتجه بعض أفراد العائلة إلى مصر؛ لتأسيس مطعم يحمل الاسم العريق نفسه، وينقل أطباق السمك الحارة المميزة إلى فضاء جديد هو مدينة القاهرة، وفق أحمد فرحان أحد مؤسسي المطعم.

«صينية السمك من البحر إلى المائدة»، عنوان إحدى الأكلات التي يقدمها المطعم، وهي مكونة من سمك الـ«دنيس» في الفرن بالخضراوات مثل البقدونس والبندورة والبصل والثوم والتوابل، وإلى جانب هذه الصينية تضم لائحة الطعام أطباق أسماك ومقبلات منوعة، تعتمد على وصفات قديمة وتقليدية من المطبخ الفلسطيني. وتهتم بالنكهة وطريقة التقديم على السواء، مع إضفاء بعض السمات العصرية والإضافات التي تناسب الزبون المصري والعربي عموماً؛ حيث بات المطعم وجهة لمحبي الأكلات البحرية على الطريقة الفلسطينية.

على رأس قائمة أطباقه السمك المشوي بتتبيلة خاصة، وزبدية الجمبري بصوص البندورة والتوابل وحبات القريدس، وزبدية الجمبري المضاف إليها الكاليماري، والسمك المقلي بدقة الفلفل الأخضر أو الأحمر مع الثوم والكمون والليمون، وفيليه كريمة مع الجبن، وستيك، وجمبري بصوص الليمون والثوم، وجمبري بالكريمة، وصيادية السمك بالأرز والبصل والتوابل.

فضلاً عن قائمة طواجن السمك المطهو في الفخار، يقدم المطعم قائمة متنوعة من شوربات السي فود ومنها شوربة فواكه البحر، وشوربة الكريمة.

يصف محمد منير أبو حصيرة، مدير المطعم، مذاق الطعام الفلسطيني لـ«الشرق الأوسط»، قائلاً: «هو أذكى نكهة يمكن أن تستمتع بها، ومن لم يتناول هذا الطعام فقد فاته الكثير؛ فالمطبخ الفلسطيني هو أحد المطابخ الشرقية الغنية في منطقة بلاد الشام، وقد أدى التنوع الحضاري على مر التاريخ إلى إثراء نكهته وطرق طبخه وتقديمه».

أطباق سي فود متنوعة يقدمها أبو حصيرة مع لمسات تناسب الذوق المصري (الشرق الأوسط)

وأضاف أبو حصيرة: «وفي مجال المأكولات البحرية يبرز اسم عائلتنا التي تتميز بباع طويل ومميز في عالم الأسماك. إننا نتوارثه على مر العصور، منذ بداية القرن الماضي، ونصون تراثنا الغذائي ونعتبر ذلك جزءاً من رسالتنا».

«تُعد طرق طهي الأسماك على الطريقة الغزاوية خصوصاً حالة متفردة؛ لأنها تعتمد على المذاق الحار المميز، وخلطات من التوابل، والاحتفاء بالطحينة، مثل استخدامها عند القلي، إضافة إلى جودة المكونات؛ حيث اعتدنا على استخدام الأسماك الطازجة من البحر المتوسط المعروفة»، وفق أبو حصيرة.

وتحدث عن أنهم يأتون بالتوابل من الأردن «لأنها من أهم ما يميز طعامنا؛ لخلطتها وتركيبتها المختلفة، وقوتها التي تعزز مذاق أطباقنا».

صينية أسماك غزوية يقدمها أبو حصيرة في مصر (الشرق الأوسط)

لاقت أطباق المطعم ترحيباً كبيراً من جانب المصريين، وساعد على ذلك أنهم يتمتعون بذائقة طعام عالية، ويقدرون الوصفات الجيدة، والأسماك الطازجة، «فنحن نوفر لهم طاولة أسماك يختارون منها ما يريدون أثناء دخول المطعم».

ولا يقل أهمية عن ذلك أنهم يحبون تجربة المذاقات الجديدة، ومن أكثر الأطباق التي يفضلونها زبدية الجمبري والكاليماري، ولكنهم يفضلونها بالسمسم أو الكاجو، أو خليط المكسرات، وليس الصنوبر كما اعتادت عائلة أبو حصيرة تقديمها في مطاعمها في غزة.

كما انجذب المصريون إلى طواجن السي فود التي يعشقونها، بالإضافة إلى السردين على الطريقة الفلسطينية، والمفاجأة ولعهم بالخبز الفلسطيني الذي نقدمه، والمختلف عن خبز الردة المنتشر في مصر، حسب أبو حصيرة، وقال: «يتميز خبزنا بأنه سميك ومشبع، وأصبح بعض الزبائن يطلبون إرساله إلى منازلهم بمفرده أحياناً لتناوله مع وجبات منزلية من فرط تعلقهم به، ونلبي لهم طلبهم حسب مدير المطعم».

تحتل المقبلات مكانة كبيرة في المطبخ الفلسطيني، وهي من الأطباق المفضلة لدى عشاقه؛ ولذلك حرص المطعم على تقديمها لزبائنه، مثل السلطة بالبندورة المفرومة والبصل والفلفل الأخضر الحار وعين جرادة (بذور الشبت) والليمون، وسلطة الخضراوات بالطحينة، وبقدونسية بضمة بقدونس والليمون والثوم والطحينة وزيت الزيتون.

ويتوقع أبو حصيرة أن يغير الفسيخ الذي سيقدمونه مفهوم المتذوق المصري، ويقول: «طريقة الفسيخ الفلسطيني وتحضيره وتقديمه تختلف عن أي نوع آخر منه؛ حيث يتم نقعه في الماء، ثم يتبل بالدقة والتوابل، ومن ثم قليه في الزيت على النار».

لا يحتل المطعم مساحة ضخمة كتلك التي اعتادت عائلة «أبو حصيرة» أن تتميز بها مطاعمها، لكن سيتحقق ذلك قريباً، حسب مدير المطعم الذي قال: «نخطط لإقامة مطعم آخر كبير، في مكان حيوي بالقاهرة، مثل التجمع الخامس، أو الشيخ زايد».