على الرغم من «الانخفاض الكبير» الذي تشهده الولايات المتحدة في أعداد الإصابات بفيروس كورونا، وقلة حالات الدخول إلى المستشفيات، فإن الممانعة من تلقي اللقاحات تعدّ أمراً محيّراً للحكومة الأميركية، التي تجاهد لعودة الفتح الكامل للاقتصاد، وتخطي مرحلة الصعوبات التي تسببت بها جائحة «كوفيد 19» حتى الآن.
وفي أحدث إحصائية، قال مصدر مطلع في الحكومة الأميركية لـ«الشرق الأوسط» إن نسب الممانعة في المجتمع الأميركي لعدم تلقي اللقاح تصل إلى نحو 25 في المائة؛ حيث اعتبرها «نسبة كبيرة»، في الوقت الذي أثبتت اللقاحات فاعليتها في الوقاية من المرض، والمتحورات الجديدة مثل متحور دلتا.
وأرجع المصدر الذي يعمل في مبادرة «كوفاكس» لنشر اللقاحات، فضّل عدم الكشف عن هويته، تلك الممانعات في عدم تلقي اللقاح، إلى تفشي «المعلومات المضللة» حول عمل اللقاحات، والاستناد إلى المصادر غير الموثوقة في نقل المعلومة، دون الأخذ بالرأي الطبي والمختصين في هذا المجال، إضافة إلى اتباع البعض لآراء «دينية متشددة»، تساهم في تعزيز الصورة الخاطئة عن اللقاحات.
وفي تحقيق أجرته صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، أظهرت البيانات والمعلومات أن عدد الوفيات هذا العام 2021 بسبب «كوفيد 19» في الولايات المتحدة، الذي تم تسجيله رسمياً، تجاوز الأعداد المسجلة في العام الماضي 2020. مستدلة في ذلك بالبيانات الفيدرالية الصادرة من مراكز السيطرة على الأمراض، وكذلك البيانات الصادرة من جامعة جونز هوبكنز، ما يدل على استمرار تهديد الفيروس.
وتظهر بيانات «جونز هوبكنز» أن العدد الإجمالي للوفيات المبلغ عنها المرتبطة بالمرض تجاوز 770800 وفاة، وهذا يجعل إجمالي عدد الوفيات الناجمة عن الوباء أكثر من ضعف عدد الوفيات العام الماضي، الذي بلغ 385343 وفاة العام الماضي، وهذا العام 385457 وفاة، أي أن الفارق هذا العام بلغ حتى الآن وفاة 114 شخصاً، وفقاً لأحدث بيانات شهادة الوفاة من مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها.
وأوضحت أن هذه المقارنة بين السنتين الوبائيتين تعتبر «غير كاملة»، لأن الوفيات الأولى المرتبطة بفيروس كورونا في الولايات المتحدة لم يتم تسجيلها حتى فبراير (شباط) 2020. على عكس عام 2021. وتظهر بيانات مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها المعروفة اختصاراً بـ«CDC» أنه خلال أسبوع واحد فقط في يناير (كانون الثاني) سجّلت الولايات المتحدة ذروة ما يقرب من 26000 حالة وفاة بسبب «كورونا».
وأرجع خبراء الأمراض المعدية انتشار نوع «دلتا» وهو شديد العدوى إلى انخفاض معدلات التطعيم في بعض المجتمعات، وهو من أهم العوامل التي زادت في ارتفاع نسبة الوفيات، إلا أن حالات الاستشفاء وعدم الدخول إلى المستشفيات انخفضت بشكل واضح؛ خصوصاً في الولايات مثل نيو إنجلاند شرقاً، والغرب الأوسط، والشمال الغربي من البلاد.
وفاجأت حصيلة القتلى في الولايات المتحدة في عام 2021 بعض الأطباء، إذ اعتقدوا أن زيادة التطعيمات، والإجراءات الاحترازية مثل التباعد الاجتماعي، وتقليص الوجود في الأماكن العامة، سيساهم في الحد من انتشار العدوى وتقليل الحالات الشديدة، إلا أنهم أقرّوا بأن معدلات التحصين كانت أقل من المتوقع، وكذلك عدم الالتزام بالإجراءات الاحترازية مثل عدم ارتداء الكمامات أو الأقنعة، ساهم بانتشار متغير دلتا شديد العدوى، إلى حد كبير بين غير الملقحين.
وتشير بيانات مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها أيضاً إلى وجود عدد أقل من وفيات «كوفيد 19» عندما كان المرض حديثاً بسبب ندرة الاختبارات، ما جعل تأكيد بعض الإصابات أمراً صعباً، وأن نحو 54 في المائة من 875000 حالة وفاة زائدة تنسبها الوكالة إلى الوباء جاءت العام الماضي، كما يعكس ارتفاع وفيات الجرعات الزائدة إلى مشكلات طبية أخرى مع تجنب الناس المستشفيات.
ومن بين المفارقات، أنه تم تطوير اللقاحات في عام 2020، وفي عام 2021 تم تطعيم نحو 59 في المائة من سكان الولايات المتحدة بالكامل، وفقاً لمركز السيطرة على الأمراض، ونحو 17 في المائة تلقوا حقناً معززة، كما تشير الدراسات إلى أن اللقاحات فعالة للغاية في الوقاية من الأمراض الشديدة، على الرغم من أنها أقل فعالية قليلاً ضد «دلتا»، وتحث السلطات جميع البالغين على الحصول على جرعات معززة لتعزيز المناعة المتضائلة.
وكانت محكمة استئناف فيدرالية في ولاية لويزيانا أصدرت حكماً مؤقتاً بوقف القواعد الجديدة لإدارة بايدن، التي تجبر كثيراً من أصحاب العمل على فرض التلقيح على العاملين لديهم، أو اختبارهم أسبوعياً للتأكد من سلامتهم من «كوفيد 19».
وانتهجت الإدارة الأميركية هذه السياسة، لتوفير الاختبارات أو الدفع مقابلها، مع «استثناءات محتملة»، بالإضافة إلى اختبار سلبي أسبوعي، وإجبار الموظفين غير الملقحين على ارتداء قناع في مكان العمل، لعودة فتح الاقتصاد بالكامل في البلاد، وتخطي مرحلة الجائحة، إلا أن ردات الفعل الممانعة تصدّت لتلك الجهود الحكومية.
وقال بايدن إنه كان متردداً في إصدار فرض أخذ اللقاح، لكنه لفت إلى أنه شعر أنه «استنفد الخيارات الأخرى»، بعد أن رفض بعض الأميركيين التطعيم، على الرغم من الحملة التي دامت شهوراً من قبل الإدارة للترويج له.
وفيات الوباء في أميركا تتجاوز معدل 2020
نسبة رافضي اللقاح تبلغ 25 % من السكان
وفيات الوباء في أميركا تتجاوز معدل 2020
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة