مخاوف من تصعيد عسكري على الحدود البيلاروسية ـ البولندية

اللاجئون يرفضون العودة إلى بلدانهم... ولوكاشينكو يهدد الغرب بـ«ردٍ قاسٍ»

أحد المهاجرين يلقي حجراً تجاه قوات الأمن البولندية على الحدود بين بيلاروسيا وبولندا أمس (إ.ب.أ - وكالة بيلتا)
أحد المهاجرين يلقي حجراً تجاه قوات الأمن البولندية على الحدود بين بيلاروسيا وبولندا أمس (إ.ب.أ - وكالة بيلتا)
TT

مخاوف من تصعيد عسكري على الحدود البيلاروسية ـ البولندية

أحد المهاجرين يلقي حجراً تجاه قوات الأمن البولندية على الحدود بين بيلاروسيا وبولندا أمس (إ.ب.أ - وكالة بيلتا)
أحد المهاجرين يلقي حجراً تجاه قوات الأمن البولندية على الحدود بين بيلاروسيا وبولندا أمس (إ.ب.أ - وكالة بيلتا)

اتجهت أزمة اللاجئين على الحدود البيلاروسية - البولندية إلى مزيد من التصعيد أمس، مع وقوع مواجهات بين حرس حدود بولندا ومجموعات من اللاجئين حاولت اقتحام الحواجز المقامة في المنطقة. وتبادلت مينسك ووارسو الاتهامات حول ما وصف بأنه «حرب هجينة» تتفاقم في المنطقة، وسط تصاعد المخاوف من انزلاق الوضع نحو مواجهة عسكرية، بعدما أعلنت الخارجية البولندية أن الجانب البيلاروسي زود بعض اللاجئين بأسلحة.
وعلى الرغم من القناعة التي أكدها الطرفان البيلاروسي والبولندي بضرورة عدم السماح بأن يتحول الوضع إلى أعمال عسكرية، بدا من تصريحات مسؤولين في الجانبين أنه لا يمكن استبعاد هذا التطور.
وأعرب نائب رئيس الوزراء البولندي، ياروسلاف كاتشينسكي، عن قناعة بأن بلاده «لن تواجه حرباً تستخدم فيها التقنيات العسكرية»، لكنه أشار إلى ما وصفه بـ«حرب هجينة اندلعت بالفعل بين بولندا وبيلاروسيا». وأوضح كاتشينسكي أنه «عندما نستخدم هذه العبارة حول استبعاد الحرب، فإننا نعبر عن أمل، لأننا نتعامل مع خصم لا يمكن التنبؤ بتصرفاته»، في إشارة إلى الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو.
وفي الوقت ذاته، أعربت الخارجية البولندية عن «مخاوف» من حصول بعض المهاجرين على أسلحة. وقال بافيل جابلونسكي، نائب وزير الخارجية، إن بولندا «تخشى أن يكون المهاجرون على الحدود مع بيلاروسيا مسلحين، ولدينا معلومات، من الشبكات الاجتماعية والمراسلين التي يستخدمها الجانب البيلاروسي للتواصل مع المهاجرين الذين يحضرونهم إلى هناك، عن أن هناك أفكاراً لتسليح بعض المهاجرين بالأسلحة النارية حتى يتمكنوا من مهاجمة حرس الحدود البولنديين»، مشيراً إلى أن «الوضع في الوقت الحالي لا يزال متوتراً للغاية، وقد يتفاقم في أي لحظة».
وكانت بولندا قد اتهمت مينسك بنشر قناصة قرب المناطق الحدودية، وقالت إنهم قد يعملون على تأجيج الموقف، لكن هذه المعطيات نفى الجانب البيلاروسي صحتها.
ومن جانب آخر، اتهمت بولندا مسؤولي الأمن البيلاروسيين بتدمير الأسوار الحدودية. وقالت وزارة الدفاع البولندية، على «تويتر»، إن «القوات البيلاروسية تهدم السياج في الليل من أجل تمكين المهاجرين من عبور الحدود بشكل غير قانوني».
ومع تواصل السجالات بين الطرفين، بدا أن وضع اللاجئين يزداد سوءاً، مع تواصل الظروف القاسية بسبب تدني درجات الحرارة، وافتقاد الأغذية والأدوية والمياه. وقد حاولت مجموعات من اللاجئين مجدداً، أمس، اختراق الحدود البولندية، لكن حرس الحدود البولندي رد باستخدام الغاز وخراطيم المياه لتفريق المهاجرين المحتشدين عند المعبر الحدودي وعلى طول الحدود بين بيلاروسيا وبولندا.
وأظهرت مقاطع فيديو نشرتها وسائل إعلام حكومية روسية حرس الحدود البولندي وهو يطلق الغاز المسيل للدموع ويوجه خراطيم المياه باتجاه المهاجرين المحتشدين، في محاولة لإبعادهم.
وفي الأثناء، لفت الأنظار أن الرئيس البيلاروسي ألكسندر لوكاشينكو لمح إلى دور يمكن أن تقوم به الإمارات للمساعدة في تسوية الأزمة، حيث قال خلال اجتماع حكومي، أمس، إن «الإمارات مستعدة للانضمام إلى الجهود المبذولة لتسوية أزمة المهاجرين على الحدود بين بيلاروسيا والاتحاد الأوروبي».
ونقلت وكالة الأنباء البيلاروسية (بيلتا) عن لوكاشينكو تأكيده أن «هناك كثيراً من الأشخاص الطيبين المستعدين لتقديم مساهمة كبيرة في حل الوضع مع اللاجئين، وليس فقط على حدود بيلاروسيا وبولندا وليتوانيا ولاتفيا... وهنا، أود أن أذكر الإمارات». ولم يوضح ماذا يقصد بالمساعدة الإماراتية.
وفي الوقت ذاته، لوح الرئيس البيلاروسي بـ«ردٍ قاسٍ» إذا تبنى الاتحاد الأوروبي عقوبات جديدة ضد بلاده. وقال لوكاشينكو إن توجيه الاتهامات ضد بيلاروسيا يجري بزعم أنها تقف وراء أزمة المهاجرين على الحدود مع الاتحاد الأوروبي، مشدداً على أن بلاده «ليست طرفاً في أزمة اللاجئين». وزاد: «يرهبوننا بالعقوبات... يعتقدون أنني أمزح، هذا ليس كذلك، سندافع عن أنفسنا، ولا مجال للتراجع».
وحذر لوكاشينكو في وقت سابق الاتحاد الأوروبي من فرض عقوبات جديدة على بلاده، وأشار إلى أن بيلاروسيا قد توقف تدفق الغاز الروسي عبر أراضيها إلى أوروبا، رداً على توسيع العقوبات.
إلى ذلك، أبلغ المحلل السياسي البيلاروسي أندريه كريفاشييف «الشرق الأوسط» بأن رؤية بلاده لتسوية الأزمة تنحصر في موافقة بولندا على فتح ممر إنساني لعبور اللاجئين إلى ألمانيا أو النمسا أو بريطانيا. وقال كريفاشييف، وهو يشغل منصب نقيب الصحافيين في بيلاروسيا، إن «بولندا افتعلت الأزمة بشكل مصطنع، وهي ترفض فتح ممر إنساني للاجئين، وتعاملهم بشكل لا إنساني يعارض كل المواثيق الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان».
وزاد أن غالبية اللاجئين على الحدود هم من الأكراد، ومطلبهم هو الوصول إلى ألمانيا التي يقيم فيها نحو مليون كردي، وهؤلاء نظموا مسيرات وفعاليات يطالبون فيها بولندا بتسهيل عبورهم.
وأشار إلى الإجراءات على الحدود، مؤكدا أن وارسو نشرت نحو 20 ألف عسكري، وأنها استخدمت خراطيم المياه والغاز «على الرغم من أن هذا الأمر محرم دولياً بسبب انخفاض درجات الحرارة في المنطقة الحدودية إلى ما دون 3 تحت الصفر». ولفت كذلك إلى استخدام المروحيات بشكل مكثف لترويع اللاجئين.
وأوضح كريفاشييف أن المشكلة تكمن في أن «اللاجئين يرفضون بشكل حازم فكرة العودة إلى بلدانهم، وغالبيتهم الكبرى قدموا من العراق ومن سوريا واليمن، ويرفضون كذلك فكرة تقديم طلبات للحصول على لجوء سياسي أو إنساني في بيلاروسيا، بسبب أن رزمة الضمانات الاجتماعية التي تقدمها مينسك للاجئين محدودة».
وزاد أن اللافت للأنظار هو أن كل هذه الأزمة «يتم تأجيجها في حين أن عدد اللاجئين على الحدود لا يزيد على 5 إلى 6 آلاف مهاجر، وهو رقم بالمعايير الأوروبية أو العالمية محدود للغاية، ويمكن التعامل معه بسهولة».
ورأى أن الحل الوحيد للأزمة هو في فتح الممر الإنساني، وأن هذا الموضوع هو محور البحث بين القيادة البيلاروسية والأطراف الأوروبية، بما في ذلك ألمانيا وروسيا وغيرها من الأطراف المهتمة.
وكشف عن وجود «اتصالات بين مينسك وأطراف أوروبية، بعضها معلن وبعضها سري، وكلها تسعى إلى إيجاد حل»، مشيراً إلى اتصالات جرت مع المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، ورئيس الدبلوماسية الأوروبية جوزيب بوريل.
وفي باريس، اتهمت الحكومة الفرنسية، الثلاثاء، بيلاروسيا بتدبير «مسرحية مروعة» عند الحدود مع بولندا. وقال المتحدث باسم الحكومة، غابريال أتال: «إنهم يأخذون آلاف المهاجرين اليائسين، ويحشدونهم عند الحدود، يلتقطون بأنفسهم الصور (...) بهدف إثارة انقسامات بيننا وشرذمتنا في أوروبا، وبث الخوف بين الأوروبيين».
وعلى صعيد آخر، قال وزير الداخلية الفرنسي، جيرالد دارمانان، أمس، بعد حديث له مع نظيرته البريطانية، بريتي باتيل، الليلة قبل الماضية، إن فرنسا وبريطانيا ستشددان إجراءاتهما ضد مهربي المهاجرين.
وتصاعد من جديد استياء بريطانيا من ارتفاع أعداد المهاجرين الذين يعبرون القنال الإنجليزي من الشواطئ الفرنسية، بعد أيام من وصول أكثر من ألف لاجئ إلى جنوب إنجلترا في يوم واحد الأسبوع الماضي. وقامت الشرطة الفرنسية، أمس، بإجلاء 1500 مهاجر من مخيم مؤقت للاجئين عند بحر المانش، وذلك بسبب محاولتهم العبور بصورة غير قانونية إلى بريطانيا.



«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
TT

«كايسيد»: نستثمر في مستقبل أكثر سلاماً

الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)
الدكتور زهير الحارثي أمين عام المركز خلال الحفل (كايسيد)

أكد الدكتور زهير الحارثي، أمين عام مركز الملك عبد الله العالمي للحوار «كايسيد»، أن برامجهم النوعية تستثمر في مستقبل أكثر سلاماً بجمعها شخصيات دينية وثقافية لتعزيز الحوار والتفاهم وسط عالم يعاني من الانقسامات.

واحتفى المركز بتخريج دفعة جديدة من برنامج «الزمالة» من مختلف المجموعات الدولية والعربية والأفريقية في مدينة لشبونة البرتغالية، بحضور جمع من السفراء والممثلين الدبلوماسيين المعتمدين لدى جمهورية البرتغال.

وعدّ الحارثي، البرنامج، «منصة فريدة تجمع قادة من خلفيات دينية وثقافية متنوعة لتعزيز الحوار والتفاهم، وهو ليس مجرد رحلة تدريبية، بل هو استثمار في مستقبل أكثر سلاماً»، مبيناً أن منسوبيه «يمثلون الأمل في عالم يعاني من الانقسامات، ويثبتون أن الحوار يمكن أن يكون الوسيلة الأقوى لتجاوز التحديات، وتعزيز التفاهم بين المجتمعات».

جانب من حفل تخريج دفعة 2024 من برنامج «الزمالة الدولية» في لشبونة (كايسيد)

وجدَّد التزام «كايسيد» بدعم خريجيه لضمان استدامة تأثيرهم الإيجابي، مشيراً إلى أن «البرنامج يُزوّد القادة الشباب من مختلف دول العالم بالمعارف والمهارات التي يحتاجونها لبناء مجتمعات أكثر شموليةً وتسامحاً».

وأضاف الحارثي: «تخريج دفعة 2024 ليس نهاية الرحلة، بل بداية جديدة لخريجين عازمين على إحداث تغيير ملموس في مجتمعاتهم والعالم»، منوهاً بأن «الحوار ليس مجرد وسيلة للتواصل، بل هو أساس لبناء مستقبل أكثر وحدة وسلاماً، وخريجونا هم سفراء التغيير، وسنواصل دعمهم لتحقيق رؤيتهم».

بدورها، قالت ويندي فيليبس، إحدى خريجات البرنامج من كندا، «(كايسيد) لم يمنحني فقط منصة للتعلم، بل فتح أمامي آفاقاً جديدة للعمل من أجل بناء عالم أكثر عدلاً وسلاماً»، مضيفة: «لقد أصبحت مستعدة لمواجهة التحديات بدعم من شبكة متميزة من القادة».

الدكتور زهير الحارثي يتوسط خريجي «برنامج الزمالة الدولية» (كايسيد)

وحظي البرنامج، الذي يُمثل رؤية «كايسيد» لبناء جسور الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، وتعزيز التفاهم بين الشعوب؛ إشادة من الحضور الدولي للحفل، الذين أكدوا أن الحوار هو الوسيلة المُثلى لتحقيق مستقبل أفضل للمجتمعات وأكثر شمولية.

يشار إلى أن تدريب خريجي «برنامج الزمالة الدولية» امتد عاماً كاملاً على ثلاث مراحل، شملت سان خوسيه الكوستاريكية، التي ركزت على تعزيز مبادئ الحوار عبر زيارات ميدانية لأماكن دينية متعددة، ثم ساو باولو البرازيلية وبانكوك التايلاندية، إذ تدربوا على «كيفية تصميم برامج حوار مستدامة وتطبيقها»، فيما اختُتمت بلشبونة، إذ طوّروا فيها استراتيجيات لضمان استدامة مشاريعهم وتأثيرها الإيجابي.