ليبيا: إخراج 300 من المرتزقة استجابة لطلب فرنسا

المنفي يدافع عن منجزات المجلس الرئاسي في مؤتمر باريس

محمد المنفي يجتمع في باريس مع عضوي لجنة (5+5) العسكرية  (المجلس الرئاسي)
محمد المنفي يجتمع في باريس مع عضوي لجنة (5+5) العسكرية (المجلس الرئاسي)
TT

ليبيا: إخراج 300 من المرتزقة استجابة لطلب فرنسا

محمد المنفي يجتمع في باريس مع عضوي لجنة (5+5) العسكرية  (المجلس الرئاسي)
محمد المنفي يجتمع في باريس مع عضوي لجنة (5+5) العسكرية (المجلس الرئاسي)

تزامنا مع انطلاق المؤتمر الدولي حول ليبيا في العاصمة الفرنسية باريس، أعلن وفد الجيش الوطني الليبي في اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) «إخراج 300 فرد من المقاتلين الأجانب والمرتزقة من المناطق الواقعة تحت سيطرة قوات الجيش بناء على طلب فرنسي». وبدا أمس أن «مؤتمر باريس بشأن ليبيا يتجه لفرض عقوبات ضد من يحاولون عرقلة الانتخابات والانتقال السياسي في البلاد»، وكشفت مسودة لنتائج المؤتمر أورجتها وكالة «رويترز» للأنباء أن «هؤلاء سيحاسبون وقد يواجهون عقوبات من الأمم المتحدة».
وحضت المسودة جميع الأطراف على «الالتزام بجدول زمني للانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي من المقرر أن تبدأ في 24 ديسمبر (كانون الأول) المقبل». ودعت لـ«تنفيذ خطة قائمة لسحب (المرتزقة) والقوات الأجنبية من ليبيا دون تأخير».
وأوضح بيان لأعضاء وفد الجيش الوطني للجنة (5+5) العسكرية أنه «تقرر إخراج 300 فرد من (المرتزقة) والمقاتلين الأجانب، بناء على طلب فرنسي من القيادة العامة للجيش بشأن إطلاق مبادرة عملية لإخراج دفعة أولى من (المرتزقة) والمقاتلين الأجانب المتواجدين في مناطق سيطرة الجيش» ، مشيراً إلى أنه «سيتم التنسيق مع بعثة الأمم المتحدة أثناء عملية نقل المقاتلين إلى دولهم وبمراعاة كافة المحاذير والأوضاع الأمنية».
وأدرج البيان هذه الخطوة كاستثناء من شرط الخروج المتزامن والمتوازن الذي تم الاتفاق عليه بين أعضاء اللجنة العسكرية (5+5) في خطتها لإخراج المقاتلين والمرتزقة الأجانب برعاية بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا.
ولم يوضح البيان الدول التي يتبع لها المرتزقة أو التي وفدوا منها، لكنه يمثل أول اعتراف رسمي من الجيش الوطني المتمركز في شرق البلاد بوجود مرتزقة أجانب في مناطق تخضع لسيطرة قواته. وتقاعد المشير خليفة حفتر عن منصبه موقتا كقائد عام للجيش لصالح الفريق عبد الرزاق الناظورى، استعدادا لإعلان ترشح حفتر للانتخابات الرئاسية المقبلة في البلاد.
في المقابل، امتنع الناطقان باسم المجلس الرئاسي برئاسة محمد المنفي، وحكومة الوحدة بقيادة عبد الحميد الدبيبة عن التعليق على تقارير محلية قالت إن «حكومة الوحدة رفضت طلبا من اللجنة لسحب (مرتزقة) موالين لقواتها من ليبيا»، إثر اجتماع سري عقده قادتها العسكريون في العاصمة طرابلس. وكانت لجنة (5+5) التي تضم ممثلي طرفي النزاع العسكري في البلاد، قد أعلنت اتفاقها في أغسطس (آب) الماضي على وضع خطة عاجلة لإخراج القوات الأجنبية والمرتزقة، دون استثناء وفي أسرع وقت ممكن، برعاية الأمم المتحدة.
بدوره، أشاد المنفي بجهود اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) في إخراج 300 من المرتزقة والمقاتلين الأجانب، من البلاد كدفعة أولى، والاستمرار في دعم انسياب حركة المواطنين على الطريق الساحلي. وحض المنفي لدى اجتماعه أمس بمقر إقامته في باريس، مع مراجع العمامي وأحمد أبو شحمة عضوي اللجنة، اللذين أطلعاه على آخر المستجدات على المستويين العسكري والأمني، على مواصلة جهود اللجنة من أجل الحفاظ على وحدة البلاد. كما أكد مجددا لدى لقائه وكيل الأمين العام للأمم المتحدة روزماري ديكارلو «ضرورة وفاء جميع الأطراف بالتزاماتها، بما في ذلك إجراء الانتخابات في موعدها، وضمان قبول نتائجها، والاستمرار في إخراج (المرتزقة) والمقاتلين الأجانب».
وقال المنفي إن «اللقاء تناول ملف الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، والاستمرار في إخراج المرتزقة والمقاتلين الأجانب»، معرباً عن أمله في نجاح مؤتمر باريس. كما دعا جميع الأطراف للتوافق بشأن خارطة طريق تمضي بالبلاد إلى بر الأمان. ونقل عن ديكارلو مناشدتها إياه مواصلة العمل لتحقيق التوافق بين جميع الأطراف، وأكدت استمرار تقديم الدعم للمجلس الرئاسي ولجنة (5+5) حتى خروج المرتزقة والمقاتلين الأجانب من البلاد.
ودافع المنفي عما وصفه بمنجزات المجلس ونجاحه في تنفيذ جميع الاستحقاقات التي أوكلت إليه، بما في ذلك استعداده لتسليم السلطة لاحقًا لجسم منتخب بانتخابات نزيهة مستقلة. وقال لدى مشاركته في منتدى باريس للسلام، إن «البلاد كانت مقسمة، وتشهد العديد من الصراعات، وقد نجح المجلس في تثبيت وقف إطلاق النار»، كما تم الإعلان عن مشروع المصالحة الوطنية الشاملة، الذي تزامن مع إطلاق سراح عدد من الذين انتهت محكوميتهم. ولفت إلى أن خروج المرتزقة والقوات الأجنبية من ليبيا، يعد عملًا منوطًا باللجنة الأمنية المشتركة (5+5) التي وضعت برنامجاً لإنجاز مهماتها. وأشاد بالدور الفرنسي، ودعوته لعقد مؤتمر باريس.
وشكل وجود نجلاء المنقوش، وزيرة الخارجية في حكومة الوحدة، في الوفد الذى ترأسه عبدالحميد الدبيبة لمؤتمر باريس، أول حضور دبلوماسي لها بعد قرار المجلس الرئاسي وقفها عن العمل وإحالتها على التحقيق ومنعها من السفر بسبب ما وصفه بـ«انفرادها بإدارة السياسة الخارجية للبلاد».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.