اليمن يستعد لاستئناف إنتاج نحو 30 ألف برميل نفط يومياً

باعبود لـ«الشرق الأوسط»: الخطوة تدعم خزينة الدولة والاقتصاد الوطني

TT

اليمن يستعد لاستئناف إنتاج نحو 30 ألف برميل نفط يومياً

أعلن وزير النفط والثروة المعدنية اليمني، عبد السلام باعبود، إسناد تشغيل قطاع 5 (جنة هنت) بمحافظة شبوة لشركة «بترومسيلة» الوطنية لاستكشاف وإنتاج البترول، وذلك بعد توقف واستغلال وعبث بعض الشركات الأجنبية لسنوات، وفقاً للوزير.
ومن المنتظر أن يعيد تشغيل قطاع 5 (جنة هنت) إنتاج ما بين 25 و30 ألف برميل من النفط الخام يومياً، خلال الفترة القريبة بحسب مصادر في وزارة النفط اليمنية.
وأكد باعبود في تصريح خاص لـ«الشرق الأوسط»، أن وزارته بصدد استعادة قطاعات نفطية أخرى؛ لوقف ما أسماه «العبث» الحاصل في الثروة السيادية للبلاد؛ وذلك بتوجيهات مباشرة ومتابعة من الرئيس عبد ربه منصور هادي.
وأضاف «جميع إجراءات تمكين المشغل الوطني (بترومسيلة) جارية بشكل سلس لتشغيل القطاع في أسرع وقت ممكن (...) تم الاتفاق مع مجموعة المقاول (الشركاء) في القطاع 5 (جنة هنت) على تعيين شركة (بترومسيلة) الوطنية كمشغل للقطاع؛ وذلك بغية بدء واستئناف الإنتاج في القريب العاجل».
ووفقاً لوزارة النفط والثروة المعدنية اليمنية، توقف الإنتاج في قطاع 5 (جنة هنت) منذ سنوات عدة، استغلت خلالها بعض الشركات الأجنبية من أعضاء مجموعة المقاول فترة التوقف للقيام ببعض العبث المؤسسي في ملكية الحصص في القطاع؛ الأمر الذي استدعى تدخل الوزير عبد السلام باعبود بحزم وبصورة عاجلة لوقف هذا العبث حفاظاً على حقوق الدولة السيادية، والعمل الحثيث على تشغيل القطاع واستئناف الإنتاج.
وشدد باعبود على أن الخطوة التي اتخذتها وزارته بتكليف شركة «بترومسيلة» كشركة وطنية تشغيل وإدارة القطاع إنما تهدف إلى استعادة القطاعات النفطية نشاطها وإنتاجها بما يمكّن من رفد خزينة الدولة ودعم الاقتصاد الوطني في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها الوطن والذي هو في حاجة إلى الاستفادة من موارده كافة، إلى جانب العمل على تنمية مناطق الامتياز النفطية والحفاظ على الكادر المحلي في القطاع، على حد تعبيره.
وكان الوزير حضر أول من أمس جلسة المفاوضات بين وفد إدارة المشغل الحالي للقطاع 5 (جنة هنت)، والذي ضم مايكل قراهم، من إدارة «جنة هنت»، والدكتور عبد الله عمير، المدير العام التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية والمعدنية (وايكوم)، ومن جانب شركة «بترومسيلة» المهندس محمد بن نبهان، مدير وحدة تطوير الأعمال، والمهندس عبد الله الزبيدي، كبير المديرين لقطاع 10.53، وتود ستيوارت، المستشار القانوني للشركة، وبحضور أعضاء اللجنة من الشركتين.
وتمثل الحكومة اليمنية في قطاع 5 (جنة هنت) بمحافظة شبوة الشركة اليمنية للاستثمارات النفطية والمعدنية (وايكوم)، وتقوم بالإشراف المباشر والرقابة على أعمال المشغل (جنة هنت) وتساهم بنسبة 20 في المائة من إجمالي حصة الشركاء.
وكان إنتاج القطاع قبل بدء الحرب عام 2014 نحو 30 ألف برميل يومياً، في حين تقدر كميات الغاز المتوفرة في القطاع بأكثر من واحد تريليون متر مكعب. ويبلغ المخزون النفطي في (قطاع 5 جنة) وفقاً لآخر تقييم نحو 205 ملايين برميل قابل للزيادة.
وتحدثت مصادر بوزارة النفط اليمنية لـ«الشرق الأوسط» عن قرب بدء تصدير النفط الخام عبر أنبوب قطاع (جنة هنت) إلى قطاع 4 غرب منطقة عياد، ومنها إلى ميناء النشيمة النفطي الواقع على البحر العربي.
وأشارت المصادر نفسها إلى أن عودة الإنتاج في هذا القطاع سيمكّن من استعادة إنتاج ثلاث قطاعات كبيرة هي «18 صافر، قطاع 5 جنة هنت، S1 عسيلان»، وربطها بميناء النشيمة على بحر العرب وتشغيل القطاعات كافة في مأرب وشبوة.



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.