المنتدى الاقتصادي العالمي يبحث الدور الإقليمي في اليمن ويتطلع لدور سعودي ريادي

دوسيك: سياسة الرياض تجتذب الاستثمار النوعي وتعزز التنويع الاقتصادي

ميروسلاف دوسيك (تصوير: بشير صالح)
ميروسلاف دوسيك (تصوير: بشير صالح)
TT

المنتدى الاقتصادي العالمي يبحث الدور الإقليمي في اليمن ويتطلع لدور سعودي ريادي

ميروسلاف دوسيك (تصوير: بشير صالح)
ميروسلاف دوسيك (تصوير: بشير صالح)

قال لـ«الشرق الأوسط»، ميروسلاف دوسيك، رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، إن السياسات التي تتبعها الحكومة السعودية، تمكن الاقتصاد من تجنب مخاطر الاعتماد على البترول كمصدر دخل رئيسي. وأضاف دوسيك: «إن السياسات السعودية تتجه نحو تعزيز التنويع الاقتصادي، من خلال تحفيز واجتذاب الاستثمار الأجنبي ذي القيمة المضافة وإطلاق الكثير من التسهيلات للاستثمار في سوقها المالية، فضلا عن الاستثمار في الصناعات الجديدة».
ولفت إلى أن هذه السياسة تعتبر الأجدى لاقتصاد كان يعتمد على البترول كمصدر دخل رئيسي في ظل انخفاض أسعاره إلى أكثر من 50 في المائة، في ظل الظروف الجيوسياسية وتمدد الخطر الأمني من قبل المنظمات الإرهابية مثل «القاعدة» و«داعش» بجانب حرب الحوثيين في اليمن. وأكد دوسيك أن السياسات السعودية قادرة على تجاوز أكبر التحديات التي تواجه الاقتصاد الوطني، وذلك من خلال عملية دفع وتشجيع القطاع الخاص كشريك أصيل في توفير فرص العمل لدى الشباب باعتباره الشريحة الأكبر في المجتمع.
وقال دوسيك: «منذ وقت طويل، هناك تركيز سعودي على تطوير الصناعات الجديدة وتوجه نحو استثمار في موارد الطاقة الأخرى كالطاقة الشمسية في السعودية، وذلك لتفادي تأثير هبوط أسعار البترول على اقتصادها»، مشيرا إلى أن دول الخليج تحاور السير على هذا المنهج كخيار استراتيجي مهم.
ويعتقد من الصعوبة بمكان الجزم بتقديرات حاسمة لأسعار النفط خلال الفترة المقبلة، نسبة لتداخل الأسباب الجيوسياسية وانتشار ظاهرة الإرهاب والتطرف وتمدد تنظيم داعش والقاعدة في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مع الأسباب الاقتصادية الأخرى.
وأوضح أن المنتدى الاقتصادي العالمي في تحاور متصل مع السعودية، للتفاكر والتحاور حول الكثير من القضايا الاقتصادية الملحة، مستصحبين مخرجات منتدى دافوس السنوي، لتبادل الخبرات وتقييم السياسات القائمة، مشيرا إلى أن المنتدى يستفيد من التجارب السعودية لمساعدة الدول التي تحتاج إلى بعض النصح الاقتصادي. وقال دوسيك: «إن اقتصاد السعودية مهم جدا، وهو أكبر اقتصاد في المنطقة، وهي الدولة الوحيدة من بين دول منطقة الشرق الأوسط في مجموعة العشرين، حيث إنها تتمتع بملاءة اقتصادية قوية، بسبب وجود إدراك من الجهات المسؤولة بأهمية بذل المزيد من الجهود لتجاوز تحدي توظيف الشباب». ولفت إلى أن السعودية تحتضن حاليا مشروعات جديدة تمكنها من معالجة تحدي توظيف الشباب، خلال ثلاثة أو أربعة أعوام مقبلة، مبينا أن هناك طرقا وجهودا مبذولة لاجتذاب استثمارات أجنبية واستقبال شركات خارجية، من شأنها الإسهام في خلق فرص وظيفية لدى الشباب ومنحهم فرص تأسيس أعمال خاصة بهم. وزاد دوسيك: «المنتدى الاقتصادي العالمي، يركز على مسألة توظيف الشباب كمسألة ملحّة جدا ليس فقط للسعودية، ولكن لكل أنحاء العالم، حيث تعتبر نسبة البطالة لدى الشباب بمنطقة الشرق الأوسط، هي الأكبر في العالم وتتراوح بين 25 و27 في المائة، وهذا يعد فوق المعدل العالمي».
ونوّه رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بأن المنتدى يحاول إيجاد طرق مختلفة لمعالجة البطالة، من خلال طرحها في عدة مؤتمرات مختلفة، مبينا أن وزارة العمل السعودية بالتعاون مع أطراف أخرى، أدركت أهمية تجاوز هذا التحدي.
ولفت إلى أن المنتدى يركز في هذا الإطار على تعزيز دور القطاع الخاص والشركات الخاصة في كيفية تكوين بيئة لخلق ظروف ملائمة، من خلالها يمكن توفير فرص عمل في هذا القطاع، مشيرا إلى أن توظيف الشباب فقط ليس هدفا استراتيجيا وإنما تمكينهم من إطلاق أعمال خاصة لهم وتأسيس شراكات جديدة لخدمتهم.
وكشف دوسيك عن خطوات متسارعة لإطلاق المنتدى الاقتصادي بالأردن، لإطلاق حوار اقتصادي مفتوح يثمر عن نتائج إيجابية لاقتصادات المنطقة، في ظل الأزمات السياسية التي تشهدها بعض دول المنطقة والصراعات الملتهبة التي تشهدها دول المنطقة، مع تنامي ظاهرة التطرف وانتشار العمليات الإرهابية.
وأكد أن المنتدى يعتزم مناقشة أربعة محاور اقتصادية مهمة من خلال مؤتمر الأردن الاقتصادي، منها بحث سبل خلق الفرص الوظيفية للشباب وتعزيز ثقافة، وريادة الأعمال، وتخصيص جلسة لخلق حوار للمشاركة في حل سريع وصناعة مستقبل أفضل لليمن وشبابه.
ووفق دوسيك، فإن مؤتمر الأردن سيبحث إيجاد سبل للتصدي للإرهاب وبسط الأمن والسلام، بالإضافة إلى خلق التنافسية وتعزيز ثقافة الحوكمة في الشركات والمؤسسات التجارية والاستثمارية والاقتصادية، وصناعة الاستقرار وتنمية البنى التحتية، خاصة بالدول التي تمر بمراحل انتقالية.
وقال دوسيك: «هناك فرصة في كيفية تعزيز الشراكة بين السعودية وبعثة الدول في شمال أفريقيا، ونحن نهدف للتعرف أكثر بالفرص لتكثيف هذا التعاون الاستثماري والتجاري، وسنركز على بناء التخطيط بالاستفادة من الخبرات السعودية المتمثلة في مركز الملك عبد الله المالي وهيئة المدن والمدن الصناعية».
وأضاف رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: «نسعى جاهدين لمعرفة كيفية اكتساب الخبرات السعودية، لمساعدة دول أخرى كالأردن ومصر والمغرب وغيرها في مختلف المشروعات لتخطيط وتطوير وتنمية مستقبل اقتصادات المنطقة».
وفي ما يتعلق بواقع الاقتصاد العالمي من حيث التحديات وبطء النمو ومستقبله على المدى القريب، أكد دوسيك أن بعض الاقتصادات بدأت تحقق نموًا جيدًا، حيث إن هناك تفاؤلاً نسبيًا في الولايات المتحدة وتفاؤلاً نسبيًا بالنسبة لبعض الاقتصادات الأخرى، خاصة في الأسواق الناشئة.
وقال: «يشهد اقتصاد منطقة الشرق الأوسط نوعين من السرعة بالنسبة للنمو، فعلى صعيد الاقتصاد الخليجي، هناك نمو أكبر من المعدل العالمي، على الرغم من سرعة التغييرات بالنسبة للطاقة وأسواقها وأسعار النفط التي تؤثر في أسواق الخليج بشكل أكبر؛ كونها دولاً منتجة».



إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
TT

إنشاء 18 منطقة لوجيستية في السعودية باستثمارات تتجاوز 2.6 مليار دولار

وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)
وزير النقل والخدمات اللوجيستية متحدثاً للحضور في «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»... (الشرق الأوسط)

أعلن وزير النقل والخدمات اللوجيستية السعودي، المهندس صالح الجاسر، عن تحقيق الموانئ تقدماً كبيراً بإضافة 231.7 نقطة في مؤشر اتصال شبكة الملاحة البحرية، وفق تقرير «مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (أونكتاد)» لعام 2024، إلى جانب إدخال 30 خطاً بحرياً جديداً للشحن.

كما كشف عن توقيع عقود لإنشاء 18 منطقة لوجيستية باستثمارات تتجاوز 10 مليارات ريال (2.6 مليار دولار).

جاء حديث المهندس الجاسر خلال افتتاح النسخة السادسة من «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية»، في الرياض، الذي يهدف إلى تعزيز التكامل بين أنماط النقل ورفع كفاءة الخدمات اللوجيستية، ويأتي ضمن مساعي البلاد لتعزيز موقعها مركزاً لوجيستياً عالمياً.

وقال الوزير السعودي، خلال كلمته الافتتاحية في المؤتمر، إن «كبرى الشركات العالمية تواصل إقبالها على الاستثمار في القطاع اللوجيستي؛ من القطاع الخاص المحلي والدولي، لإنشاء عدد من المناطق اللوجيستية».

يستضيف المؤتمر، الذي يقام يومي 15 و16 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، عدداً من الخبراء العالميين والمختصين، بهدف طرح التجارب حول أفضل الطرق وأحدث الممارسات لتحسين أداء سلاسل الإمداد ورفع كفاءتها. كما استُحدثت منصة تهدف إلى تمكين المرأة في القطاع من خلال الفرص التدريبية والتطويرية.

وأبان الجاسر أن منظومة النقل والخدمات اللوجيستية «ستواصل السعي الحثيث والعمل للوصول بعدد المناطق اللوجيستية في السعودية إلى 59 منطقة بحلول 2030، من أصل 22 منطقة قائمة حالياً، لتعزيز القدرة التنافسية للمملكة ودعم الحركة التجارية».

وتحقيقاً لتكامل أنماط النقل ورفع كفاءة العمليات اللوجيستية، أفصح الجاسر عن «نجاح تطبيق أولى مراحل الربط اللوجيستي بين الموانئ والمطارات والسكك الحديدية بآليات وبروتوكولات عمل متناغمة؛ لتحقيق انسيابية حركة البضائع بحراً وجواً وبراً، بالتعاون مع الجهات ذات العلاقة، ودعم العمليات والخدمات اللوجيستية وترسيخ مكانة المملكة مركزاً لوجيستياً عالمياً».

وخلال جلسة بعنوان «دور الازدهار اللوجيستي في تعزيز أعمال سلاسل الإمداد بالمملكة وتحقيق التنافسية العالمية وفق (رؤية 2030)»، أضاف الجاسر أن «الشركة السعودية للخطوط الحديدية (سار)» تعمل على تنفيذ ازدواج وتوسعة لـ«قطار الشمال» بما يتجاوز 5 مليارات ريال (1.3 مليار دولار)، وذلك مواكبةً للتوسعات المستقبلية في مجال التعدين بالسعودية.

إعادة التصدير

من جهته، أوضح وزير الصناعة والثروة المعدنية السعودي، بندر الخريف، أن السعودية سجلت في العام الحالي صادرات بلغت 61 مليار ريال (16.2 مليار دولار) من قطاع إعادة التصدير، بنمو قدره 23 في المائة مقارنة بالعام الماضي، «وهو ما تحقق بفضل البنية التحتية القوية والتكامل بين الجهات المعنية التي أسهمت في تقديم خدمات عالية الكفاءة».

وأشار، خلال مشاركته في جلسة حوارية، إلى أن شركة «معادن» صدّرت ما قيمته 7 مليارات ريال (1.8 مليار دولار) من منتجاتها، «وتحتل السعودية حالياً المركز الرابع عالمياً في صادرات الأسمدة، مع خطط لتحقيق المركز الأول في المستقبل».

جلسة حوارية تضم وزير النقل المهندس صالح الجاسر ووزير الصناعة والثروة المعدنية بندر الخريف (الشرق الأوسط)

وبين الخريف أن البلاد «تتمتع بسوق محلية قوية، إلى جانب تعزيز الشركات العالمية استثماراتها في السعودية، والقوة الشرائية الممتازة في منطقة الخليج»، مما يرفع معدلات التنمية، مبيناً أن «قوة السعودية في المشاركة الفاعلة بسلاسل الإمداد تأتي بفضل الموارد الطبيعية التي تمتلكها. وسلاسل الإمداد تساهم في خفض التكاليف على المصنعين والمستثمرين، مما يعزز التنافسية المحلية».

وفي كلمة له، أفاد نائب رئيس «أرامكو السعودية» للمشتريات وإدارة سلاسل الإمداد، المهندس سليمان الربيعان، بأن برنامج «اكتفاء»، الذي يهدف إلى تعزيز القيمة المُضافة الإجمالية لقطاع التوريد في البلاد، «أسهم في بناء قاعدة تضم أكثر من 3 آلاف مورد ومقدم خدمات محلية، وبناء سلاسل إمداد قوية داخل البلاد؛ الأمر الذي يمكّن الشركة في الاستمرار في إمداد الطاقة بموثوقية خلال الأزمات والاضطرابات في الأسواق العالمية».

توقيع 86 اتفاقية

إلى ذلك، شهد «مؤتمر سلاسل الإمداد والخدمات اللوجيستية» في يومه الأول توقيع 86 اتفاقية؛ بهدف تعزيز أداء سلاسل الإمداد، كما يضم معرضاً مصاحباً لـ65 شركة دولية ومحلية، بالإضافة إلى 8 ورشات عمل تخصصية.

جولة لوزيرَي النقل والخدمات اللوجيستية والصناعة والثروة المعدنية في المعرض المصاحب للمؤتمر (الشرق الأوسط)

وتسعى السعودية إلى لعب دور فاعل على المستوى العالمي في قطاع الخدمات اللوجيستية وسلاسل التوريد، حيث عملت على تنفيذ حزمة من الإصلاحات الهيكلية والإنجازات التشغيلية خلال الفترة الماضية، مما ساهم في تقدمها 17 مرتبة على (المؤشر اللوجيستي العالمي) الصادر عن (البنك الدولي)، وساعد على زيادة استثمارات كبرى الشركات العالمية في الموانئ السعودية».