إثيوبيا تعلن «الطوارئ» مع تقدم متمردي تيغراي نحو العاصمة

بايدن يمهد لإخراجها من برنامج تجاري أميركي رئيسي

صورة أرشيفية للعاصمة الإثيوبية التي يتقدم نحوها حالياً متمردو تيغراي (رويترز)
صورة أرشيفية للعاصمة الإثيوبية التي يتقدم نحوها حالياً متمردو تيغراي (رويترز)
TT

إثيوبيا تعلن «الطوارئ» مع تقدم متمردي تيغراي نحو العاصمة

صورة أرشيفية للعاصمة الإثيوبية التي يتقدم نحوها حالياً متمردو تيغراي (رويترز)
صورة أرشيفية للعاصمة الإثيوبية التي يتقدم نحوها حالياً متمردو تيغراي (رويترز)

أعلنت السلطات الإثيوبية حالة الطوارئ في كل أنحاء البلاد، أمس (الثلاثاء)، على إثر تقدم قوات «الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي» المتمردة في الشمال باتجاه العاصمة أديس أبابا. جاء ذلك فيما اتخذ الرئيس الأميركي جو بايدن خطوة رئيسية لإخراج إثيوبيا من برنامج التجارة الأميركي، ممهداً الطريق لمزيد من العقوبات الأميركية بسبب الإخفاق في إنهاء حرب تيغراي التي تشهد «انتهاكات جسيمة» لحقوق الإنسان.
وأُعلنت حال الطوارئ عبر وسائل الإعلام الحكومية، بعد يومين من طلب رئيس الوزراء آبي أحمد من المواطنين حمل السلاح للدفاع عن أنفسهم. وكانت السلطات في أديس أبابا أصدرت توجيهات للسكان من أجل تسجيل أسلحتهم والاستعداد للدفاع عن الأحياء التي يقطنون فيها. وجاء في البيان: «يستطيع السكان التجمع في محال إقامتهم، وأن يحرسوا الأماكن القريبة منهم... ننصح من بحوزتهم أسلحة ولكنهم لا يستطيعون المشاركة في حراسة الأماكن القريبة منهم بأن يسلموا سلاحهم إلى الحكومة أو إلى أقرب أقاربهم أو أصدقائهم».
وقال الناطق باسم الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي، جيتاتشيو رضا، إن قوات تيغراي وحلفاءها سيؤسسون حكومة موقتة في حالة النجاح في الإطاحة بالحكومة. وأوضح أنه «في حال سقوط الحكومة سيتم وضع ترتيبات موقتة»، مضيفاً أنه «ستكون هناك حاجة أيضاً إلى حوار وطني، لكن لن يُدعى آبي ووزراؤه للمشاركة فيه»، بل «سيحاكمون».

وتزامنت هذه التطورات مع اقتراب الذكرى السنوية للحرب في تيغراي. وقتل آلاف في هذا النزاع. وأكدت الولايات المتحدة والأمم المتحدة أن السلطات الإثيوبية منعت مرور الشاحنات التي تحمل مواد غذائية ومساعدات أخرى إلى تيغراي.
في غضون ذلك، كتب الرئيس بايدن إلى الكونغرس أن إثيوبيا لم تفِ بمتطلبات الأهلية للبقاء مستفيدة من قانون النمو والفرص في أفريقيا، الذي يوفر لدول أفريقيا وجنوب الصحراء إمكان الوصول إلى الولايات المتحدة من دون رسوم جمركية بشرط أن تفي بمتطلبات معينة، بما في ذلك إزالة الحواجز أمام الاستثمار والتجارة الأميركية وإحراز تقدم نحو التعددية السياسية. وقال إن إثيوبيا ترتكب «انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان المعترف بها دولياً»، مشيراً إلى أن غينيا ومالي، اللتين شهدتا انقلابات هذا العام، غير ممثلتين أيضاً.
ومارست الحكومة الإثيوبية ضغوطاً علنية لتجنب هذه الخطوة. وعبّرت وزارة التجارة الإثيوبية في بيان عن «خيبة شديدة من التهديد بسحب (اسم إثيوبيا) من قانون النمو والفرص في أفريقيا الذي تنظر فيه الحكومة الأميركية حالياً»، محذرة من أنه «سيعكس المكاسب الاقتصادية الكبيرة في بلدنا، وسيؤثر بشكل غير عادل، ويضر النساء والأطفال». وأضافت: «ستواصل إثيوبيا بذل قصارى جهدها لتصحيح أي أخطاء غير مقصودة أو متصورة».
وقال المبعوث الأميركي الخاص بالقرن الأفريقي، جيفري فيلتمان، للصحافيين إن أطراف النزاع «لا يبدو أنهم قريبون من» وقف النار أو المحادثات، واصفاً الظروف الإنسانية في تيغراي بأنها «غير مقبولة». وأشار إلى أن الرئيس بايدن وقّع قراراً تنفيذياً في سبتمبر (أيلول) الماضي يسمح بفرض عقوبات على رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد وغيره من المشاركين في النزاع، مضيفاً أنه «من دون شك، الوضع يزداد سوءاً، وبصراحة نحن قلقون من الوضع». وأشار إلى حصار القوات الحكومية الإثيوبية لتيغراي، بالإضافة إلى توغل قوات تيغراي في منطقتي أمهرة وعفر المجاورتين، ما يهدد باتساع الأزمة الإنسانية. وقال إن 13 في المائة فقط من المساعدات الإنسانية المطلوبة دخلت إلى تيغراي في الأشهر الأخيرة بسبب القيود الحكومية «المتعمدة»، واضطر بعض شركاء توزيع الأغذية إلى تعليق عملهم، لافتاً إلى مشاهد عن «مجاعة». وإذ أقرّ بأنه «لا يمكن لأي حكومة أن تتسامح مع تمرد مسلح»، قال إنه «لا ينبغي على أي حكومة الانخراط في تجويع جماعي ضد المواطنين». وكذلك حذّر فيلتمان من أن «الولايات المتحدة تعارض أي محاولة» من قوات تيغراي لـ«حصار» أديس أبابا بعد سيطرة المقاتلين على مدينتي ديسي وكومبولتشا الاستراتيجيتين في الأيام القليلة الماضية، ما جعلهم في وضع يسمح لهم بالتحرك على طريق سريع رئيسي باتجاه العاصمة.
وكان لدى إثيوبيا في السنوات الأخيرة أحد أسرع الاقتصادات نمواً في أفريقيا، لكن الحرب أدت إلى توقف هذا الزخم.
وفي تعليق، الشهر الماضي، بمجلة «فورين بوليسي»، كتب كبير المفاوضين التجاريين الإثيوبيين، مامو ميهريتو، أن «قطاع التصنيع الوليد في إثيوبيا يمكن أن يواجه تهديداً وجودياً»، مضيفاً أن «إزالة أهلية قانون النمو والفرص في أفريقيا لن يؤدي إلا إلى تفاقم حالة الإثيوبيين العاديين الذين لا علاقة لهم بنزاع تيغراي». وأكد أن خروج إثيوبيا من هذا القانون «سيوجّه ضربة خطيرة لرفاهية الملايين من العمال ذوي الدخل المنخفض».



أكثر من نصفهم في غزة... عدد قياسي لضحايا الأسلحة المتفجرة في 2024

فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)
TT

أكثر من نصفهم في غزة... عدد قياسي لضحايا الأسلحة المتفجرة في 2024

فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)
فلسطيني يحمل جسداً ملفوفاً لضحية من ضحايا الغارات الإسرائيلية على غزة (أ.ف.ب)

خلُص تقرير جديد إلى أن عدد ضحايا الأسلحة المتفجرة من المدنيين وصل إلى أعلى مستوياته عالمياً منذ أكثر من عقد من الزمان، وذلك بعد الخسائر المدمرة للقصف المُكثف لغزة ولبنان، والحرب الدائرة في أوكرانيا.

ووفق صحيفة «الغارديان» البريطانية، فقد قالت منظمة «العمل على الحد من العنف المسلح» (AOAV)، ومقرها المملكة المتحدة، إن هناك أكثر من 61 ألف مدني قُتل أو أصيب خلال عام 2024، بزيادة قدرها 67 في المائة على العام الماضي، وهو أكبر عدد أحصته منذ بدأت مسحها في عام 2010.

ووفق التقرير، فقد تسببت الحرب الإسرائيلية على غزة بنحو 55 في المائة من إجمالي عدد المدنيين المسجلين «قتلى أو جرحى» خلال العام؛ إذ بلغ عددهم أكثر من 33 ألفاً، في حين كانت الهجمات الروسية في أوكرانيا السبب الثاني للوفاة أو الإصابة بنسبة 19 في المائة (أكثر من 11 ألف قتيل وجريح).

فلسطينيون يؤدون صلاة الجنازة على أقاربهم الذين قُتلوا بالغارات الجوية الإسرائيلية في مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح (د.ب.أ)

وشكّلت الصراعات في السودان وميانمار معاً 8 في المائة من إجمالي عدد الضحايا.

ووصف إيان أوفيرتون، المدير التنفيذي لمنظمة «العمل على الحد من العنف المسلح»، الأرقام بأنها «مروعة».

وأضاف قائلاً: «كان 2024 عاماً كارثياً للمدنيين الذين وقعوا في فخ العنف المتفجر، خصوصاً في غزة وأوكرانيا ولبنان. ولا يمكن للمجتمع الدولي أن يتجاهل حجم الضرر الناجم عن هذه الصراعات».

هناك أكثر من 61 ألف مدني قُتل أو أصيب خلال عام 2024 (أ.ب)

وتستند منظمة «العمل على الحد من العنف المسلح» في تقديراتها إلى تقارير إعلامية باللغة الإنجليزية فقط عن حوادث العنف المتفجر على مستوى العالم، ومن ثم فهي غالباً ما تحسب أعداداً أقل من الأعداد الحقيقية للمدنيين القتلى والجرحى.

ومع ذلك، فإن استخدام المنظمة المنهجية نفسها منذ عام 2010 يسمح بمقارنة الضرر الناجم عن المتفجرات بين كل عام، ما يُعطي مؤشراً على ما إذا كان العنف يتزايد عالمياً أم لا.