«السم» في السليمانية... حزب طالباني في المجهول

TT

«السم» في السليمانية... حزب طالباني في المجهول

في فبراير (شباط) 2020 توصل الاتحاد الوطني الكردستاني، حزب الرئيس العراقي الراحل جلال طالباني، إلى صيغة غير مسبوقة للقيادة؛ زعيمان شابان يتقاسمان النفوذ والسلطة في مدينة تحيطها الجبال، وتحاصرها معادلات إقليمية ومحلية مضطربة.
قبل ذلك، كانت السليمانية تبحث في مسارات شاقة لإعادة تعريف منصتها السياسية، منذ رحيل طالباني. لم يخرج الأمر عن سيطرة العائلة، لكنه بالزعامة الثنائية فتك بها، وأطاح سريعاً بمشروع سياسي منافس في إقليم كردستان. حملة اغتيالات كلاسيكية، بالتسميم، أسقطت صقور الحزب واحداً تلو الآخر. تبدو القصة مثل استعادة تاريخية لحالات اغتيال سياسي رافقت صعود وتفكك الاتحاد السوفياتي، لكننا هنا نتحدث عن اتحاد كردي يناور في مدينة صغيرة، متواضعة الموارد.
ظهرت القصة، أول الأمر، على نحو تسريبات صعبة التصديق. رجل الاستخبارات لاهور شيخ جنكي «يسمم» ابن عمه، بافل جلال طالباني. عناوين الصحافة، حينها، كانت تبث قصصاً خيالية، لكنه الخيال في السياسة العراقية، واقع ينشر نقاط التحول. حين تقاسم لاهور وبافل السلطة في السليمانية، توزعت بينهما صلاحيات الأمن والسياسية، لكن الشراكة في القيادة تحولت لاحقاً إلى ما يشبه الفصل بين تلك السلطات، واتجهت في مسار حتمي نحو الصدام، والتسميم.
وتضاربت المعلومات بشأن خلفية الصدام، وما كان أوصل الشراكة الثنائية إلى «القتل العمد»، كما يصف التسميم قياديون وأعضاء في الحزب. أبرز المؤشرات أفادت بأن لاهور تصرف «كقائد وحيد» للاتحاد، وتجاوز الآلية الثنائية، وأن بافل طالباني أجرى تغييرات إدارية وأمنية تحدّ من ذلك التفرد.
وحين ظهرت تسريبات قيام لاهور بتسميم ابن عمه، عمّت الفوضى مدينة السليمانية، اعتقالات «عاجلة» طالت ضباطاً موالين للاهور، تزامنت مع قرارات بتجريد موظفين كبار من مناصبهم واستبدالهم بآخرين، في عملية قادتها عائلة طالباني لتنظيف «المنزل».
«إخراج الثعبان» - هذا وصف لأحد المقربين من العائلة - تَطَلّب إجراءات سريعة، شملت الإطاحة بنفوذ لاهور، وإقصاءه من المشهد تماماً. يقول المصدر: «فُرضت عليه الإقامة الجبرية». كان هذا لفترة، قبل أن ينتبه الحزب إلى موعد الانتخابات في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وأن خيارات الاستعداد لها محدودة للغاية.
في تلك الفترة الحرجة، كان الطرف المستهدف بالاغتيال داخل العائلة «يتمنى» لو تمضي البلاد إلى موعد آخر للانتخابات التشريعية. كان الحزب يواجه تحدياً عائلياً، بينما يتطلب منه إدارة التحدي السياسي في النجاة من معركة التنافس الانتخابي.
حاولت العائلة احتواء الموقف، سُمح للاهور بالتظاهر بأن شيئاً لم يحدث، تحرر قليلاً قبل الانتخابات، لكن العائلة لم تتحمل ذلك، فأعادت عليه شروط «الصمت والاختفاء». عدد من قيادات الاتحاد لا ينفون «نية محاكمته أو نفيه خارج إقليم كردستان»، حتى هذا الخيار كان محفوفاً بالمخاطر.
والحال، أن هذه المعلومات، بضمنها تفاصيل سينمائية عن طرق التسميم والتجسس، ترد على لسان شخصيات مختلفة في الاتحاد الوطني، بمن فيهم بافل طالباني نفسه، ورغم ذلك لم تجد طريقها إلى تحقيق رسمي، من قبل المحاكم وأجهزة التحقيق الجنائية في السليمانية، وفضلاً عن هذا، بدا الحزب المنافس، الديمقراطي الكردستاني، متفرجاً دون تدخل.
لاحقاً، بقيت فوهة السم مفتوحةً، وتساقط الضحايا، بحسب بياناتهم الشخصية التي أعلنوها وفق فحوصات طبية، كما هو الحال في ضابط الأمن المخضرم حسن نوري، وأخيراً القيادي في الاتحاد ملا بختيار، الذي كان واحداً من مرشحي الحزب لخلافة برهم صالح في منصب رئيس الجمهورية.
بـ15 مقعداً، وقيادات ناجية، حتى الآن، من محاولات الاغتيال، يقف الاتحاد الوطني على بداية الطريق نحو مجهول سياسي، مرتبط بمصير مجهول آخر للعائلة الحاكمة، لكن هل يمكن عزل هذه التحولات عن المعادلة الإقليمية المحيطة.
تفرض الجغرافية، ومعها مسار تاريخي متقلب، معادلة صعبة على السليمانية وأحزابها، إنها في الحقيقة منطقة مناورات بين الإيرانيين والأتراك، وما بينهم من صراع على محاور متعددة ينشط فيها لاعبون كثر، أبرزهم الفصائل الموالية لإيران، والعمال الكردستاني، على طريق تجارة، هو الآخر مضطرب ومحكوم بالمناورات.
مع انتكاسة الاتحاد الوطني الكردستاني، عائلياً بمحاولات الاغتيال، وسياسياً بخسارة مقاعد في البرلمان، فإن السليمانية تتراجع إلى منطقة رخوة، يهددها فراغ أمني حساس، ومعادلة سياسية لم يعثر أحد على مفاتيحها.
ولا يبدو أن الحل الذي تحاول العائلة اتباعه كافياً لإعادة التوازن، فعلى الطريقة «الاتحادية» المعهودة في تنظيف المنزل «أمنياً»، ستبقى الفجوة السياسية عميقة لفترات طويلة، ما لم يتجرع المعنيون بالصراع حلولاً قاسية لابتكار معادلة جديدة.



جناح «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يستكمل خضوعه للحوثيين

جانب من اجتماعات سابقة لقيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء (إعلام محلي)
جانب من اجتماعات سابقة لقيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء (إعلام محلي)
TT

جناح «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يستكمل خضوعه للحوثيين

جانب من اجتماعات سابقة لقيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء (إعلام محلي)
جانب من اجتماعات سابقة لقيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء (إعلام محلي)

استكمل جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرة الحوثيين مسارَ الرضوخ لإملاءات الجماعة، وذلك بفصل الأمين العام للحزب، غازي علي الأحول، الذي لا يزال رهن الاعتقال، وتعيين شخصية مقرّبة من الجماعة نائباً لرئيس الحزب بديلاً عن أحمد علي صالح، نجل الرئيس اليمني الأسبق.

وعقدت اللجنة العامة (المكتب السياسي) لجناح الحزب اجتماعاً في صنعاء، الخميس، برئاسة صادق أمين أبو راس، رئيس الجناح في مناطق سيطرة الحوثيين، انتهى إلى اختيار عبد العزيز بن حبتور، الرئيس السابق لحكومة الحوثيين غير المعترف بها، نائباً لرئيس الحزب، في خطوة عُدّت استجابة مباشرة لمطالب حوثية علنية بعزل نجل الرئيس الأسبق، وتهديدات متكررة بإغلاق الحزب ومنع أنشطته.

جاء قرار إزاحة أحمد علي صالح بعد أسابيع من ضغوط متصاعدة مارستها الجماعة على قيادة جناح الحزب، شملت فرض قيود أمنية مشددة على تحركات رئيسه، وتهديدات بحل الحزب.


الدفاع المدني في غزة: سقوط 5 قتلى في قصف إسرائيلي على مدرسة

طفل فلسطيني يقف أمام منازل محطمة في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل فلسطيني يقف أمام منازل محطمة في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

الدفاع المدني في غزة: سقوط 5 قتلى في قصف إسرائيلي على مدرسة

طفل فلسطيني يقف أمام منازل محطمة في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل فلسطيني يقف أمام منازل محطمة في مخيم النصيرات وسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

أعلن الدفاع المدني في غزة مقتل 5 فلسطينيين، الجمعة، في قصف إسرائيلي على مدرسة حوّلت إلى ملجأ، في حين قال الجيش إنه أطلق النار على «أفراد مشبوهين».

وقال المتحدث باسم الدفاع المدني محمود بصل، لوكالة الصحافة الفرنسية، إنه تم «انتشال 5 شهداء جراء القصف الإسرائيلي لمركز إيواء مدرسة شهداء غزة» في حي التفاح، شرق مدينة غزة (شمال).

من جهته، قال الجيش الإسرائيلي لوكالة الصحافة الفرنسية إن قواته «أطلقت النار على الأفراد المشتبه بهم للقضاء على التهديد»، مضيفاً أنه «على علم بالادعاء المتعلق بوقوع إصابات في المنطقة، والتفاصيل قيد المراجعة».


العليمي يشيد بجهود السعودية والإمارات في خفض التصعيد شرق اليمن

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)
TT

العليمي يشيد بجهود السعودية والإمارات في خفض التصعيد شرق اليمن

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)
رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

أشاد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد محمد العليمي، بجهود السعودية والإمارات في احتواء التصعيد وخفض التوتر بالمحافظات الشرقية، مؤكداً أهمية عدم الانزلاق إلى خطوات أحادية، أو تحركات عسكرية خارج الأطر المرجعية للمرحلة الانتقالية.

وجاءت تصريحات العليمي خلال لقائه، الخميس، في الرياض، رئيس مجلس النواب، سلطان البركاني، وعضوي هيئة رئاسة المجلس، محمد الشدادي ومحسن باصرة، للتشاور حول المستجدات الوطنية، وفي مقدمتها التطورات في محافظتي حضرموت والمهرة، وجهود احتواء تداعياتها السياسية والاقتصادية والخدمية.

وبحسب المصادر الرسمية، استعرض العليمي خلال اللقاء، نتائج الاتصالات الجارية على المستويات المحلية والإقليمية والدولية، مشدداً على ضرورة الحفاظ على التوافق الوطني القائم، وعدم اتخاذ أي إجراءات أحادية قد تعقّد المشهد أو تقوّض مسار الشراكة السياسية، مع التذكير بالمرجعيات الناظمة للمرحلة الانتقالية، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

وأشاد رئيس مجلس القيادة الرئاسي بالدور الذي تضطلع به السعودية، ومعها الإمارات، في قيادة مسار تهدئة مسؤول يهدف إلى خفض التصعيد وإعادة تطبيع الأوضاع في المحافظات الشرقية، بما يشمل انسحاب القوات الوافدة من خارج هذه المحافظات، وتمكين أبنائها من إدارة شؤونهم المحلية، بما يعزز الاستقرار ويحافظ على السلم الأهلي.

وجدد العليمي التأكيد على موقف الدولة من القضية الجنوبية، بوصفها «قضية وطنية عادلة»، وجزءاً أصيلاً من أي تسوية سياسية شاملة، تبدأ بمعالجة مظالم الماضي، وتنفتح على الخيارات التي تقررها الإرادة الشعبية في ظروف طبيعية. كما رحب بما صدر عن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من دعم جهود خفض التصعيد، والتنبيه إلى مخاطر أي توترات على فرص العيش والسلم الأهلي والأمن الإقليمي.

تشييع قتلى ومخاوف حقوقية

ميدانياً، شُيعت في مدينة مأرب، الجمعة، جثامين عدد من قتلى المنطقة العسكرية الأولى في موكب جنائزي رسمي وشعبي، بحضور رئيس هيئة الأركان العامة، قائد العمليات المشتركة الفريق ركن صغير بن عزيز، وقيادات عسكرية وأمنية، وأعضاء مجلس النواب، وشخصيات اجتماعية. وأكد المشيعون، بحسب الإعلام الرسمي، المضي في استكمال ما وصفوه بالأهداف الوطنية، مع التشديد على استعادة مؤسسات الدولة وإنهاء انقلاب الجماعة الحوثية.

تشييع جنود في مأرب قتلوا خلال التصعيد العسكري بوادي حضرموت (سبأ)

من جهتها، أعلنت الشبكة اليمنية للحقوق والحريات توثيق 312 حالة اعتقال تعسفي وإخفاء قسري، قالت إن عناصر تابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي نفذتها في وادي وصحراء حضرموت خلال الفترة من 2 إلى 18 ديسمبر (كانون الأول) 2025. وأوضحت الشبكة أن الاعتقالات شملت عسكريين ومدنيين من محافظات عدة، بينها حضرموت وتعز وريمة وذمار وحجة وأبين.

وأشارت الشبكة إلى تلقي بلاغات عن حملات اقتحام واعتقال واسعة في مدينة الشحر دون أوامر قضائية، إضافة إلى توثيق حالات اختطاف في مدينة سيئون، من بينها قاصران، معتبرة أن ذلك يمثل انتهاكاً خطيراً للقوانين الوطنية والمواثيق الدولية، لا سيما اتفاقية حقوق الطفل. وطالبت الشبكة بالإفراج الفوري عن جميع المحتجزين وفتح تحقيقات مستقلة، محذرة من مخاطر استمرار هذه الممارسات على السلم المجتمعي وسيادة القانون.

الزبيدي: الوجهة صنعاء

في موازاة ذلك، قال عضو مجلس القيادة الرئاسي ورئيس المجلس الانتقالي الجنوبي عيدروس الزبيدي، إن الهدف المشترك للقوى الوطنية المناهضة للجماعة الحوثية، يتمثل في تحرير مناطق الشمال الخاضعة لسيطرتها، وصولاً إلى العاصمة صنعاء.

وجاءت تصريحاته خلال لقائه، في القصر الرئاسي بمدينة عدن، قيادات جبهة مريس وحجر شمال محافظة الضالع، حيث استعرض مستجدات الأوضاع العسكرية وسبل تنسيق الجهود لمواجهة ما وصفه بالتصعيد الحوثي.

ونقل إعلام المجلس الانتقالي الجنوبي عن الزبيدي قوله إن الإجراءات التي نفذتها القوات التابعة للمجلس أخيراً في محافظتي حضرموت والمهرة، جاءت في سياق «تأمين الجنوب»، ليكون منطلقاً لتحرير مناطق الشمال، مؤكداً أن «الوجهة هي صنعاء»، رغم ما عدّه محاولات بعض القوى «حرف مسار المعركة عبر افتعال صراعات جانبية».

الزُّبيدي مجتمعاً في القصر الرئاسي بعدن مع قيادات عسكرية مرابطة في جبهات الضالع (المجلس الانتقالي الجنوبي)

ودعا الزبيدي إلى عدم الالتفات لما وصفها بـ«حملات التشويش والضجيج الإعلامي» الصادرة عن قوى فقدت تأثيرها السياسي، معتبراً أن الالتزام بالمسؤولية الوطنية والشراكة الصادقة يمثل الطريق الوحيد لتحقيق النصر.

وأضاف أن المجلس الانتقالي والقوات الجنوبية «ماضون على العهد» في مواجهة الحوثيين، مجدداً التأكيد على أن المعركة الأساسية يجب أن تبقى موجهة نحو الجماعة المدعومة من إيران.

وتطرق الزبيدي إلى الأوضاع الإنسانية في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، معرباً عن أسفه لما يتعرض له السكان هناك من «قتل واضطهاد»، ومحملاً قيادات سابقة مسؤولية ما وصفه بالتخلي عن مسار التحرير والانحراف نحو مصالح خاصة، على حساب المصلحة الوطنية العليا، وفق تعبيره.