«النقد الدولي» يرصد تسارعاً لتحقيق التحول الرقمي في الشرق الأوسط

أزعور: السعودية حققت نمواً أسرع في التعافي ومواجهة تحديات الوباء... ونقدم الدعم للبنان وتونس

جهاد أزعور مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي (رويترز)
جهاد أزعور مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي (رويترز)
TT

«النقد الدولي» يرصد تسارعاً لتحقيق التحول الرقمي في الشرق الأوسط

جهاد أزعور مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي (رويترز)
جهاد أزعور مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي (رويترز)

أبدى مسؤولون وخبراء اقتصاديون تفاؤلاً كبيراً في قدرة دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على تحقيق التعافي الاقتصادي واتباع مزيد من السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية للعودة إلى مرحلة ما قبل وباء «كوفيد19» والإسراع في عمليات التحول الرقمي واستخدام التكنولوجيا. وجاءت المملكة العربية السعودية في مقدمة الدول التي حققت معدلات نمو أسرع من بقية دول مجلس التعاون الخليجي ودول الشرق الأوسط بشكل عام، وأشاد الخبراء بقيام البحرين وسلطنة عمان والسعودية باتباع خطوات متقدمة في تقديم التمويل وتنويع الاقتصاد. وتوقع الخبراء تسارع معدلات التحول الرقمي في دول المنطقة بحلول عام 2040 بما يحقق كفاءة الأنظمة المالية.
وقال جهاد أزعور، مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى بصندوق النقد الدولي، خلال ندوة صباح الأربعاء، إن مرحلة التعافي من التأثيرات السلبية لوباء «كوفيد19» تتباين في منطقة الشرق الأوسط؛ «حيث اعتمد بعض الدول على العمل لتوفير اللقاحات، واعتمدت دول أخرى على مكافحة تأثيرات (كوفيد19) ليس فقط بتوفير اللقاحات؛ وإنما باتباع مزيد من السياسات الاقتصادية والمالية التي سارعت في تحقيق مستويات متقدمة من التعافي»، وأوضح أن السعودية «نجحت في تحقيق معدلات نمو أسرع من بقية الدول في المنطقة بسبب اتباع تلك السياسات والتمكين التكنولوجي».
وأشار أزعور خلال الندوة التي أدارتها بيكي آندرسون؛ مذيعة شبكة «سي إن إن» بالإمارات، إلى أن الدول الأخرى بالمنطقة تأثرت بسبب ارتفاع أسعار السلع وارتفاع أسعار النفط، «وكانت الفئات الأكثر تأثراً بالصدمات الاقتصادية؛ هي الشركات الصغيرة والمتوسطة، وفئتي الشباب والنساء؛ حيث ارتفعت البطالة في هذه الفئة بنسبة 1.5 في المائة». وطالب أزعور بـ«الإسراع في عمليات التحول الرقمي واتباع سياسة لزيادة الإنتاجية والشمولية وبناء القدرات والمهارات واتباع استراتيجيات بيئية تقلل الاعتماد على مصادر الطاقة التقليدية والاتجاه إلى الطاقة النظيفة». ونصح البنوك المركزية بـ«مواجهة معدلات التضخم المرتفعة وتقديم المساعدات وتسهيل الحصول على القروض، إضافة إلى توجيه الحكومات استثمارات أكبر في القطاع الصحي».
وأوضح أزعور أن منطقة الشرق الأوسط تشابهت مع منطقة اليورو وآسيا والولايات المتحدة في مواجهة تحديات انخفاض معدلات النمو وارتفاع معدلات البطالة، «لكن دول المنطقة تحتاج إلى مزيد من الاستثمارات لدفع نمو الاقتصادات بشكل أسرع، حيث شهدت الدول المصدرة للنفط تسريعاً في عمليات التحول الرقمي أكثر من الدول المستوردة للنفط». وقال إن «المغرب قام بإصلاحات أدت إلى زيادة صادراته، ونجحت مصر في تطبيق سياسات كلية حافظت على معدلات النمو»، مشيراً إلى أن مصر «تحتاج إلى ما بين 700 و800 ألف فرصة عمل سنوياً للحفاظ على معدلات النمو المرتفعة، بينما تحتاج دول مثل لبنان وتونس إلى مزيد من الدعم من صندوق النقد للإسراع في التعافي من تأثيرات الوباء».
وأشارت مونيكا مالك، كبيرة الاقتصاديين في «بنك أبوظبي التجاري»، إلى أن السعودية والإمارات اتبعتا سياسة استجابة استباقية لتداعيات الوباء وتسريع وصول اللقاحات؛ «مما أثر بشكل إيجابي على عودة النشاط الاقتصادي بكفاءة وسرعة». ونصحت دول المنطقة بـ«التركيز على الإصلاحات النقدية، وزيادة الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وزيادة الشراكات بين القطاعين العام والخاص، والسعي لتحقيق استقرار مالي وخفض لمستويات الدين». وطالبت القطاع المصرفي بـ«توفير السيولة وخطوط الإقراض لمشروعات التنمية، خصوصاً في القطاع الخاص، أكثر من الاعتماد على السندات ورأس المال الحكومي».
وشدد بدر جعفر، الرئيس التنفيذي لشركة «الهلال»، على «أهمية دعم المشروعات الصغيرة، وتحسن اللوائح التنظيمية للحصول على رأس المال لتلك المشروعات، إضافة إلى زيادة الاستثمار في رأس المال البشري، وزيادة الثقة بالقطاع الخاص شريكاً للدولة في تحقيق أهداف التنمية»، محذراً من «دخول الحكومة منافساً للقطاع الخاص». وقال إن «إعادة توجيه دور الدولة إلى الإصلاحات التشريعية وخفض المخاطر المالية، يعد من المتطلبات الأساسية لتحقيق التعافي».
وركز شريف كامل، عميد كلية إدارة الأعمال بالجامعة الأميركية في القاهرة، على «ما تحقق من زيادة التحول الرقمي نتيجة للوباء»، مطالباً بـ«التركيز على تنمية رأس المال البشري، وتعزيز البنية التحتية، وإمكانية النفاذ للأسواق». وقال كامل إن «التحدي الذي يواجه التحول للاقتصاد الرقيم هو البيروقراطية وثقافة رفض التغيير، وعمل بعض القطاعات كجزر منعزلة»، مؤكداً أن «ميكنة الإجراءات واستغلال التكنولوجيا وتدريب متخذي القرار على الرقمنة سيساعد في صياغة سياسات حكومية أكثر كفاءة ورفع مستويات الحوكمة والشفافية».
وكان صندوق النقد الدولي قد توقع ارتفاع الناتج المحلي لدول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بنسبة 4.1 في المائة خلال العامين الحالي والمقبل، بعد أن كان 3.2 في المائة خلال عام 2020. لكنه ألقى الضوء على التباين في تحقيق التعافي ودفع معدلات النمو بين الدول المصدرة للنفط والمستوردة مع الارتفاعات في أسعار النفط، إضافة إلى ارتفاع معدلات التضخم، مما يقلل القدرة على استخدام السياسات النقدية لتحفيز النمو. وأبدى الصندوق تخوفه من حالة عدم اليقين بسبب موجات جديدة من وباء «كوفيد19»، وتأخير توفير اللقاحات، والاضطرابات الاجتماعية، والمخاطر الجيوسياسية، إضافة إلى مخاطر التغير المناخي.


مقالات ذات صلة

بعثة صندوق النقد الدولي تختتم زيارتها إلى مصر لإجراء المراجعة الرابعة لبرنامج القرض

الاقتصاد  مئذنة مسجد قيد الإنشاء في القاهرة (رويترز)

بعثة صندوق النقد الدولي تختتم زيارتها إلى مصر لإجراء المراجعة الرابعة لبرنامج القرض

اختتمت بعثة صندوق النقد الدولي زيارتها إلى مصر وأحرزت تقدماً كبيراً في المناقشات المتعلقة بالسياسات نحو استكمال المراجعة الرابعة لبرنامج القرض، وفق الصندوق.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد رئيس سريلانكا أنورا كومارا ديساناياكي مغادراً بعد حفل افتتاح البرلمان العاشر للبلاد في البرلمان الوطني بكولومبو (أ.ف.ب)

سريلانكا تتوقّع اتفاقاً على مستوى موظفي صندوق النقد الدولي الجمعة

قال الرئيس السريلانكي أنورا كومارا ديساناياكي، أمام البرلمان الجديد، إن بلاده تتوقّع أن يعلن صندوق النقد الدولي يوم الجمعة، اتفاقاً بشأن برنامج إنقاذ البلاد.

«الشرق الأوسط» (كولومبو)
الاقتصاد علم أوكراني يرفرف بالقرب من المباني التي دمرتها الضربة العسكرية الروسية بكييف في 15 فبراير 2023 (رويترز)

في اليوم الألف للحرب... أوكرانيا تحصل على دعم جديد من صندوق النقد

أعلن صندوق النقد الدولي، يوم الثلاثاء، أن موظفيه والسلطات الأوكرانية توصلوا إلى اتفاق يتيح لأوكرانيا الوصول إلى نحو 1.1 مليار دولار.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد منظر عام لمدينة الكويت (رويترز)

ارتفاع التضخم السنوي في الكويت 2.44 % خلال أكتوبر

سجل معدل الأرقام القياسية لأسعار المستهلكين، وهو ما يعرف بالتضخم، ارتفاعاً بنسبة 2.44 في المائة خلال شهر أكتوبر الماضي، على أساس سنوي.

«الشرق الأوسط» (الكويت)
الاقتصاد سفينة وحاويات شحن في ميناء ليانيونغو بمقاطعة جيانغسو (رويترز)

صندوق النقد الدولي يحذر من تأثير التعريفات الجمركية الانتقامية على آفاق نمو آسيا

حذر صندوق النقد الدولي يوم الثلاثاء من أن التعريفات الجمركية الانتقامية «المتبادلة» قد تقوض الآفاق الاقتصادية لآسيا، وترفع التكاليف، وتعطل سلاسل التوريد.

«الشرق الأوسط» (سيبو )

ارتفاع مؤشر نشاط الأعمال الأميركي لأعلى مستوى خلال 31 شهراً

يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
TT

ارتفاع مؤشر نشاط الأعمال الأميركي لأعلى مستوى خلال 31 شهراً

يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)
يتجه المتسوقون إلى المتاجر في «وودبيري كومون بريميوم أوتليتس» في سنترال فالي، نيويورك (رويترز)

ارتفع مؤشر نشاط الأعمال في الولايات المتحدة إلى أعلى مستوى خلال 31 شهراً في نوفمبر (تشرين الثاني)، مدعوماً بالتوقعات بانخفاض أسعار الفائدة وتطبيق سياسات أكثر ملاءمة للأعمال من إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب في العام المقبل.

وقالت «ستاندرد آند بورز غلوبال»، يوم الجمعة، إن القراءة الأولية لمؤشر مديري المشتريات المركب في الولايات المتحدة، الذي يتتبع قطاعي التصنيع والخدمات، ارتفعت إلى 55.3 هذا الشهر. وكان هذا أعلى مستوى منذ أبريل (نيسان) 2022، مقارنة بـ54.1 نقطة في أكتوبر (تشرين الأول)، وفق «رويترز».

ويشير الرقم الذي يتجاوز 50 إلى التوسع في القطاع الخاص. ويعني هذا الرقم أن النمو الاقتصادي ربما تسارع في الربع الرابع. ومع ذلك، تشير البيانات الاقتصادية «الصعبة» مثل مبيعات التجزئة إلى أن الاقتصاد حافظ على وتيرة نمو قوية هذا الربع، مع استمرار ضعف في قطاع الإسكان وتصنيع ضعيف.

ونما الاقتصاد بمعدل نمو سنوي قدره 2.8 في المائة في الربع من يوليو (تموز) إلى سبتمبر (أيلول). ويقدّر الاحتياطي الفيدرالي في أتلانتا حالياً أن الناتج المحلي الإجمالي للربع الرابع سيرتفع بمعدل 2.6 في المائة.

وقال كبير خبراء الاقتصاد في شركة «ستاندرد آند بورز غلوبال ماركت إنتليجنس»، كريس ويليامسون: «يشير مؤشر مديري المشتريات الأولي إلى تسارع النمو الاقتصادي في الربع الرابع. وقد أدت التوقعات بانخفاض أسعار الفائدة والإدارة الأكثر ملاءمة للأعمال إلى تعزيز التفاؤل، مما ساعد على دفع الإنتاج وتدفقات الطلبات إلى الارتفاع في نوفمبر».

وكان قطاع الخدمات مسؤولاً عن معظم الارتفاع في مؤشر مديري المشتريات، على الرغم من توقف التراجع في قطاع التصنيع.

وارتفع مقياس المسح للطلبات الجديدة التي تلقتها الشركات الخاصة إلى 54.9 نقطة من 52.8 نقطة في أكتوبر. كما تباطأت زيادات الأسعار بشكل أكبر، إذ انخفض مقياس متوسط ​​الأسعار التي تدفعها الشركات مقابل مستلزمات الإنتاج إلى 56.7 من 58.2 في الشهر الماضي.

كما أن الشركات لم تدفع لزيادة الأسعار بشكل كبير في ظل ازدياد مقاومة المستهلكين.

وانخفض مقياس الأسعار التي فرضتها الشركات على سلعها وخدماتها إلى 50.8، وهو أدنى مستوى منذ مايو (أيار) 2020، من 52.1 في أكتوبر.

ويعطي هذا الأمل في أن يستأنف التضخم اتجاهه التنازلي بعد تعثر التقدم في الأشهر الأخيرة، وهو ما قد يسمح لمجلس الاحتياطي الفيدرالي بمواصلة خفض أسعار الفائدة. وبدأ بنك الاحتياطي الفيدرالي دورة تخفيف السياسة النقدية في سبتمبر (أيلول) بخفض غير عادي بلغ نصف نقطة مئوية في أسعار الفائدة.

وأجرى بنك الاحتياطي الفيدرالي خفضاً آخر بمقدار 25 نقطة أساس هذا الشهر، وخفض سعر الفائدة الرئيسي إلى نطاق يتراوح بين 4.50 و4.75 في المائة.

ومع ذلك، أظهرت الشركات تردداً في زيادة قوى العمل رغم أنها الأكثر تفاؤلاً في سنتين ونصف السنة.

وظل مقياس التوظيف في المسح دون تغيير تقريباً عند 49. وواصل التوظيف في قطاع الخدمات التراجع، لكن قطاع التصنيع تعافى.

وارتفع مؤشر مديري المشتريات التصنيعي السريع إلى 48.8 من 48.5 في الشهر السابق. وجاءت النتائج متوافقة مع توقعات الاقتصاديين. وارتفع مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات إلى 57 نقطة، وهو أعلى مستوى منذ مارس (آذار) 2022، مقارنة بـ55 نقطة في أكتوبر، وهذا يفوق بكثير توقعات الاقتصاديين التي كانت تشير إلى قراءة تبلغ 55.2.