لجان البرلمان اللبناني توافق على تقريب موعد الانتخابات إلى مارس المقبل

TT

لجان البرلمان اللبناني توافق على تقريب موعد الانتخابات إلى مارس المقبل

وافقت اللجان النيابية المشتركة على تقريب موعد الانتخابات النيابية التي كان يفترض أن تجري في شهر مايو (أيار) المقبل إلى 27 مارس (آذار).
وقال النائب جورج عدوان بعد جلسة اللجان: «استطعنا أن نتوصل إلى ما يمكن القول إنه تفاهم بين الكتل على أكثرية النقاط التي تم بحثها. كان هناك تساؤل عن تاريخ إجراء الانتخابات، لأن هذا الأمر تدور حوله كثير من التقنيات، وأيضًا إن كانت الانتخابات ستجري في شهر مايو فستصادف بعد شهر رمضان الفضيل، وبالتالي كان موقفنا أن تجري في مارس، مراعاة لشركائنا في الوطن، خصوصاً أنه لا يمكن إجراء الحملات الانتخابية في شهر رمضان».
ولفت إلى أن «هذا الموضوع بات في يد الحكومة لأننا أدخلنا التعديلات اللازمة على المواد؛ فإذا كانت الانتخابات ستجري في 27 مارس، تكون المهل صحيحة ولا نقفل اللوائح في 31 مارس الماضي، بل وضعنا تواريخ جديدة لنعطي أكبر فرص للناس للمشاركة».
وعن انتخابات المغتربين قال عدوان: «في السابق كان هناك أفرقاء لديهم تحفظ لأسباب تتعلق بعدم تكافؤ الفرص أو وضعهم في الخارج. ولكن اليوم كل الأفرقاء وكل المكونات تفاهموا على أنه لا يجوز حرمان غير المقيمين حقهم في الانتخاب، وهذا موضوع لا رجوع عنه».
وقال: «لكن النقطة التي يدور حولها النقاش، التي لم نتفاهم عليها، هي هل يصوت غير المقيمين كما حصل في المرة السابقة للـ128 مقعداً أو نخصص لهم 6 مقاعد؟».
ولفت إلى أن موقف «القوات» هو أن هذه المقاعد الستة التي يطلب تخصيصها لغير المقيمين، لا تؤدي الغرض من إشراكهم في لبنان، لأسباب عدة، فهؤلاء الناس معنيون بودائعهم في الداخل، وبتحويل الأموال لأهلهم في الداخل، ومعنيون بأنهم يشترون أراضي في قراهم، ويزورون أهلهم مرة أو مرتين في السنة، فما مدى معلوماتهم بمن سيصوتون لهم في الخارج؟ وكيف لمن سيترشحون للانتخابات أن يقوموا بجولات انتخابية بين القارات في الخارج خلال الأشهر المقبلة؟».
وأضاف: «كلها أسباب إن نظرنا إليها وبعمقها لا تستقيم، وبالتالي نحن نقول من الطبيعي إعطاء حق التصويت للنواب في أماكن تسجيل نفوس غير المقيمين».
وأوضح أن «آخر مرة انتخب فيها غير المقيمين بلغ العدد 34 ألف مقترع، فيما عدد المهجرين من لبنان يبلغ 400 ألف شخص»، سائلاً: «هل تريدون أن تحرموا هؤلاء بعدما هجروا، حقهم في إبداء رأيهم فيمَن كان السبب في تهجيرهم؟».
من جهته، أعلن أمين سر كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب هادي أبو الحسن، في كلمة أثناء جلسة اللجان أن «التوجه هو للبحث حصراً في تعديل القانون الحالي كونه يستحيل ويستعصي الوصول إلى توافق سياسي عام حول إقرار قانون جديد للانتخابات. ومع التزامنا بقرار اللجان المشتركة، فإن هذا الأمر لا يجعلنا نتخلى عن منطقنا الأساسي، فنحن كنا من دعاة تعديل أو تغيير هذا القانون، فالقانون الحالي ساهم أكثر في زيادة الشرخ على المستوى الوطني، وزيادة التقوقع والانغلاق والطائفية والمذهبية على حساب المساحة الوطنية المشتركة، وبالتالي كان لا بد من القيام بخطوات معينة من أجل الوصول إلى أفضل قانون ممكن وفق الصيغة الحالية، فسجلنا ملاحظاتنا على هذا القانون».
ورداً على سؤال، قال أبو الحسن: «نصرّ على إجراء الانتخابات في موعدها، ويجب ألا تكون هناك أي ذريعة تؤخر الانتخابات، وتبقى بعض الاقتراحات التقنية كالبطاقة الممغنطة والميغاسنتر، فتطبيق هاتين المسألتين يحتاج إلى مزيد من الوقت».
وعن تخصيص 6 مقاعد للاغتراب، قال: «غير مقتنعين بهذا الأمر، لأنه سيخلق إشكالية وذريعة لتأجيل الانتخابات، وهذا ما نرفضه، وعلى المغتربين أن يختاروا من يرونه مناسباً من بين الـ128 نائباً للتعبير عن تطلعاتهم».



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.