لبنان: ترجيح دولي لسعر صرف بين 8 و10 آلاف ليرة للدولار

توقعات متفائلة لمآلات خطة الإنقاذ والمفاوضات مع صندوق النقد

ترجح مؤسسات مالية دولية أن يتراوح سعر الصرف ما بين 8 و10 آلاف ليرة لبنانية مقابل الدولار (رويترز)
ترجح مؤسسات مالية دولية أن يتراوح سعر الصرف ما بين 8 و10 آلاف ليرة لبنانية مقابل الدولار (رويترز)
TT

لبنان: ترجيح دولي لسعر صرف بين 8 و10 آلاف ليرة للدولار

ترجح مؤسسات مالية دولية أن يتراوح سعر الصرف ما بين 8 و10 آلاف ليرة لبنانية مقابل الدولار (رويترز)
ترجح مؤسسات مالية دولية أن يتراوح سعر الصرف ما بين 8 و10 آلاف ليرة لبنانية مقابل الدولار (رويترز)

يحظى تطور سعر صرف الليرة اللبنانية باهتمام متزايد من قبل مؤسسات مالية دولية، وسط تقاطع التحليلات عن التأثير السلبي للمبالغات السعرية التي تفرضها المبادلات النقدية خارج سوق القطع الرسمي بالاستناد إلى تشرذم إدارة الدولة وضمور دور السلطة النقدية وعوامل غير سوقية أغلبها نفسي، مما يدفع إلى ترجيح مستمر لحركة الطلب وأحجام المدخرين عن البيع توخيا لحفظ القيمة أو تحصيل مبالغ تبادلية أعلى.
وتراقب المؤسسات المحلية والخارجية عن كثب طبيعة المقاربة الخاصة بتحديد سعر صرف الليرة التقييمي للفجوة المالية التي تعانيها البلاد وكيفية ربطه ببرنامج الإصلاحات الهيكلية الموعودة وتدرجها في السنوات اللاحقة. وذلك ضمن التحديثات التي سيجريها فريق العمل الوزاري والاستشاري الذي سيتولى إعادة صوغ بنود وأرقام خطة الإنقاذ والتعافي توطئة لاستئناف المفاوضات المباشرة مع إدارة صندوق النقد الدولي، والمرتقب إعلان موعدها الرسمي فور إنجاز الملف التحضيري وموافقة مجلس الوزراء خلال ثلاثة أسابيع.
وفي محاكاة تحليلية ترتكز إلى معادلات حسابية وتوقعات بشأن الخيارات التي ستعتمدها الحكومة، سعت مؤسسة «سيتي» المصرفية إلى استنباط المستوى المحتمل الذي سيصل إليه سعر الصرف الجديد. وسعى قسم الأبحاث في المؤسسة الدولية، في بحث حديث عن الاقتصاد اللبناني إلى تحديد سعر الصرف الذي يحقق استدامة في المالية العامة وفي الحساب الخارجي. مبينا في التمهيد أن «تأليف الحكومة شكل خطوة أولى نحو بدء تذليل العقبات. فيما سيكون التحدي التالي إعداد خطة تعافي اقتصادي تتضمن على الأرجح برنامج صندوق النقد وتتمحور حول ثلاثة مداميك متداخلة، وهي إعادة هيكلة الدين العام وإعادة هيكلة القطاع المصرفي وتحديد سعر صرف جديد».
ومع التقدير بالتوجه إلى إقرار خطة مغايرة للإنقاذ والنهوض تتناسب مع حجم التدهور الكبير الذي تفاقم بصورة دراماتيكية خلال فترة استقالة الحكومة وتعليق المفاوضات المباشرة بما يزيد على 15 شهرا متتاليا، ترجح التحليلات اعتماد سعر صرف أدنى لليرة من سابقه المعتمد في الخطة السابقة والبالغ نحو 3500 ليرة لكل دولار، نظرا للتراجع الكبير في الاحتياطات بالعملة الأجنبية. إنما من دون إسقاط معادلة أن تراجع في سعر صرف الليرة سينجم عنه شطب مبالغ كبيرة في أصول ومطلوبات القطاع المالي تبعا لتعرض القطاع المصرفي للدين السيادي.
ضمن هذا الإطار، يعد التقرير الدولي بأن سعر الصرف في السوق السوداء (يبلغ حاليا نحو 18 ألف ليرة لكل دولار) يتضمن علاوات متعلقة بالسيولة وحالة عدم اليقين. في حين أن السعر المستهدف والمرجح يبلغ 10 آلاف ليرة مقابل الدولار. وهو يوازي نسبة جيدة تقارب 25 في المائة للاحتياطات مقابل المعروض النقدي. وتمحورت الطريقة التي اعتمدها قسم الأبحاث بمضاهاة تقييم سعر الصرف الحقيقي الثنائي مع الولايات المتحدة عبر اعتماد نسب التضخم بين البلدين خلال الفترة الممتدة بين بداية العام 2018 وحتى شهر يوليو (تموز) من العام الحالي، والتي تبين من خلالها أن سعر صرف الدولار أعلى من مستواه الحقيقي بنسبة 50 في المائة، ما يستوجب تنزيله بنسبة 33 في المائة للتعويض عن هذا الارتفاع، وما ينتج عنه أيضاً سعر صرف بمستوى 10 آلاف ليرة مقابل الدولار.
بالتوازي، رجحت شركة «غولدمان ساكس»، في أحدث تقاريرها عن لبنان، حصول تحسن في سعر صرف الليرة إلى مستوى 8 آلاف ليرة لكل دولار في المدى المتوسط، مع الإشارة إلى أنه «عند الأخذ بعين الاعتبار تحسن سعر الصرف الحقيقي الفعلي (real effective exchange rate) بنسبة 75 في المائة مقابل متوسط العام 2019 فإن القيمة الفعلية للعملة المحلية هي عند 6 آلاف ليرة للدولار الواحد، ما يستتبعه أن السعر العادل لليرة اللبنانية هو أعلى بكثير من السعر الحالي السوقي.
وفي حين أشارت إلى أن خطة الحكومة السابقة تبقى مبهمة في تحديد مصادر تعويض جزء من الفجوة المالية البالغة نحو 65 مليار دولار عبر استعادة التحويلات ما بعد «ثورة» أكتوبر (تشرين الأول) 2019 أو عبر حملة لمكافحة الفساد، شددت على وجوب شمولية خطة الإنقاذ بحيث تتضمن الإصلاح المالي لجهة حل مشكلة الكهرباء وتوسيع قاعدة المداخيل والاقتطاع من النفقات، والإصلاح النقدي لجهة توحيد تعدد أسعار الصرف، والإصلاح الاقتصادي عبر تحديث نموذج لبنان الاقتصادي من خلال تعزيز القدرة التنافسية الدولية للبلاد وتطوير الصادرات، والإصلاح السياسي القائم خصوصا على تفعيل المحاسبة ومكافحة الفساد.
ومع التنويه أن برنامج صندوق النقد الدولي يعد ضرورة في ظل الأزمات الاقتصادية التي تعصف بلبنان، حذرت المؤسسة المالية الدولية بأن الاستحصال على مساعدة صندوق النقد الدولي لن يكون نزهة، بحيث سيحد تدخل الصندوق من قدرة الحكومة على التوفيق بين الاحتياجات المتناقضة لشركائها المحليين بالإضافة إلى قدرتها على تأجيل أو التخفيف من الإجراءات المقترحة. وبذلك على الحكومة اللبنانية أن تبرهن قدرتها على تطبيق الإصلاحات؛ خاصة أن إدارة الصندوق ستطلب حل مسألة خسائر القطاع المالي قبل الموافقة على أي اتفاق مع الحكومة.
وتكتسب اتفاقية البرنامج مع الصندوق أهمية فائقة بذاتها أساسا وكونها تشكل مدماكاً لتأمين تمويل إضافي ولا سيما منه المتعلق بمؤتمر «سيدر». علما بأن هذا التمويل سيكون مرتبطا بالضرورة بتطبيق الإصلاحات ولن يكون له أثر ملحوظ مباشر على ميزان المدفوعات بما أن التمويل سيكون على صعيد كل مشروع على حدة، إنما سينعكس إيجاباً على صعيد الموازنة لجهة خفض النفقات الاستثمارية.



الميزانية السعودية... استدامة مالية واستمرار في الإصلاحات

ولي العهد في أثناء توقيعه على الميزانية العامة للدولة لعام 2025 (واس)
ولي العهد في أثناء توقيعه على الميزانية العامة للدولة لعام 2025 (واس)
TT

الميزانية السعودية... استدامة مالية واستمرار في الإصلاحات

ولي العهد في أثناء توقيعه على الميزانية العامة للدولة لعام 2025 (واس)
ولي العهد في أثناء توقيعه على الميزانية العامة للدولة لعام 2025 (واس)

أقر مجلس الوزراء السعودي برئاسة الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد رئيس مجلس الوزراء أمس (الثلاثاء)، ميزانية عام 2025 بإيرادات متوقعة عند 1.184 تريليون ريال (315.7 مليار دولار)، ونفقات بقيمة 1.285 تريليون ريال (342.6 مليار دولار)، وعجز بـ101 مليار ريال (26.9 مليار دولار).

وتظهر أرقام الميزانية المحافظة على الاستدامة المالية والاستمرار في تنفيذ الإصلاحات لتعزيز قوة الاقتصاد.

وقال ولي العهد في كلمة عقب إقرار الميزانية، إن المملكة ستواصل العمل على تنويع وتوسيع القاعدة الاقتصادية وتعزيز متانة مركزها المالي. وأضاف أن ميزانية 2025 تؤكد العزم على تعزيز قوة ومتانة ومرونة اقتصاد المملكة، وهو ينمو بوتيرة متسارعة ويوجِد فرصاً غير مسبوقة.

وأكد الأمير محمد بن سلمان استمرار مساهمة الإنفاق الحكومي في تنويع الاقتصاد من خلال التركيز على تمكين القطاعات الواعدة، وتعزيز جذب الاستثمارات، وتحفيز الصناعات، ورفع نسبة المحتوى المحلي والصادرات غير النفطية. كما شدد على الاستمرار في تحقيق كامل برامج «رؤية 2030» والاستراتيجيات الوطنية، وتعزيز دور القطاع الخاص لزيادة مساهمته في المشاريع الاستثمارية، ما يمكّن الحكومة من مواصلة العمل على تعزيز النمو الاقتصادي الشامل والمستدام. وشدد على أن «المؤشرات الإيجابية للاقتصاد السعودي تأتي امتداداً للإصلاحات المستمرة في المملكة في ظل رؤية المملكة 2030»، معتبراً أن الإصلاحات التي قامت بها المملكة «انعكست إيجابياً على تصنيفاتها الائتمانية، نتيجةً لتبني الحكومة سياسات مالية تساهم في المحافظة على الاستدامة المالية وكفاءة التخطيط المالي».