«التخطيط» اليمنية: انخفاض التصدير يحد من فوائد أسعار النفط

الوزير باذيب قال لـ«الشرق الأوسط» إن بلاده تصدر 20% من إجمالي الإنتاج

وزير التخطيط اليمني (واس)
وزير التخطيط اليمني (واس)
TT

«التخطيط» اليمنية: انخفاض التصدير يحد من فوائد أسعار النفط

وزير التخطيط اليمني (واس)
وزير التخطيط اليمني (واس)

قال وزير التخطيط والتعاون الدولي اليمني الدكتور واعد باذيب، إن ارتفاع أسعار النفط المسجلة في الأسواق العالمية والتي وصلت إلى قرابة 82 دولاراً للبرميل، ليس لها أي انعكاسات إيجابية على الخزينة اليمنية، مرجعاً ذلك لعدة عوامل في مقدمتها انخفاض القدرة التصديرية للنفط من جميع الحقول في البلاد.
وقال باذيب، في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» إن اليمن يصدر في هذه الفترة ما نسبته 20 في المائة من إجمالي إنتاجه والذي يصل إلى قرابة 55 ألف برميل يوميا، وهذا الانخفاض في معدل التصدير له تبعات مختلفة على الإيرادات بشكل عام، موضحاً أن بعض الحقول المهمة تحتاج إلى صيانة لعودتها للضخ.
وأضاف، أن العائد النفطي المتوقع من ارتفاع أسعار النفط لن يغطي التزامات الشعب والحكومة اليمنية من النفقات الجارية الأساسية، والتي يذهب منها قرابة 55 في المائة من هذه العائدات للأجور والمرتبات للقطاعات المختلفة ومنها القطاع العسكري، لاسيما مع وجود الحرب التي تخوضها الحكومة ضد الانقلابيين.
وكانت الحكومة اليمنية أعلنت في نهاية مايو (أيار) من العام الحالي عن عودة خمس شركات نفطية عالمية للإنتاج بعد توقف لسنوات جراء الانقلاب والحرب، إلى جانب استئناف شركات عالمية كبرى مختصة في خدمات الحقول النفطية، إضافة إلى حفر عدد من الآبار الاستكشافية خلال الأشهر الثلاثة الماضية في قطاع تسعة النفطي، فيما يجري العمل حالياً على إعادة الإنتاج في قطاع خمسة وتصدير النفط عبر الأنبوب الجديد ما يعني إضافة كمية تقدر بين 20 و25 ألف برميل يومياً في مراحل الإنتاج الأولى.
وتسبب الانقلاب على الحكومة الشرعية في اليمن، في تراجع إنتاج النفط وخسائر كبيرة انعكست على أداء الحكومة الاقتصادي، إذ تشكل عوائد النفط قبل الانقلاب 70 في المائة من موارد الموازنة العامة للدولة، و63 في المائة من إجمالي صادرات البلاد، و30 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
وأشار الوزير، إلى أن هناك العديد من الإجراءات والخطوات التي يجب اتباعها لدعم الخزينة ومن ذلك رفع الطاقة التصديرية للنفط في جميع المناطق التي تسيطر عليها الحكومة، بخلاف المناطق الشرقية التي يحدث فيها الآن نوع من أنواع القلق وترتب عليه تأخير عودة الشركات الأجنبية العاملة في اليمن والتي خرجت في وقت سابق بسبب الحرب.
وتابع الوزير، أن هناك خيارات أخرى لرفع حجم الإيرادات ومن ذلك رفع الطاقة غير النفطية والتي تتمركز في إيرادات غير نفطية ومنها الضرائب، وهذا الجانب من الصعب في هذا التوقيت تطبيقه مع تعثر الأداء الاقتصادي بشكل عام، إذ لا يمكن فرض مزيد من الضرائب في هذه المرحلة، إلا أنه يمكن رفع كفاءة الأوعية الضريبية في المنافذ بحيث تصل مباشرة إلى البنك المركزي اليمني.
وعن حال العملة المحلية التي سجلت تراجعاً كبيراً مقابل الدولار تجاوز ألف ريال يمني، قال باذيب، إن البنك المركزي ما زال بحاجة إلى استخدام أدوات السياسة النقدية المباشرة وغير المباشرة، وبحاجة لملاءمة ذلك مع السياسة المالية لإنتاج سياسة اقتصادية متكاملة تنعكس على أداء الريال في الأسواق المحلية وتسهم في رفع قيمته.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.