تواجه شركة «فيسبوك» مأزقاً حقيقياً، بعد تسريب وثائق داخلية تفيد بأن المنصة الشهيرة تفضّل الربح المادي على سلامة المستخدمين.
وحسب صحيفة «نيويورك تايمز»؛ فمشكلة الشركة ليست مالية ولا قانونية؛ وإنما هي نوع من التدهور البطيء والمستمر يمكن لأي شخص رأى من قرب شركة تحتضر التعرف عليه. وتصف الصحيفة الأميركية الوضع بأنه «سحابة من الرهبة الوجودية التي تخيم على منظمة تركت أفضل أيامها وراءها».
ووجدت «فيسبوك» نفسها في وضع عصيب بعد تسريب مهندسة بيانات سابقة في المجموعة وثائق داخلية تفيد بأن منصة التواصل الاجتماعي تختار «الربح المادي على سلامة المستخدمين»، في تسريبات أثارت قلق الجمهور ومسؤولين أميركيين في آن.
وقبل مغادرتها الشركة في مايو (أيار) الماضي، أخذت مهندسة البيانات فرنسيس هوغن معها مستندات داخلية للشركة وأرسلتها خصوصاً إلى صحيفة «وول ستريت جورنال».
وفي مقال نُشر منتصف سبتمبر (أيلول) الماضي، كشفت الصحيفة اليومية، استناداً إلى هذه المعلومات، عن أن الشركة كانت تجري بحوثاً حول شبكة «إنستغرام» التابعة لها منذ 3 سنوات لتحديد تأثيراتها على المراهقين. وأظهرت البحوث خصوصاً أن 32 في المائة من الفتيات المراهقات شعرن بأن استخدام «إنستغرام» منحهن صورة أكثر سلبية عن جسدهن فيما لم يكنّ راضيات أصلاً عنه، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.
وتحت الضغط، أعلنت الشركة؛ التي تتخذ في كاليفورنيا مقراً، أنها علّقت تطوير نسخة من «إنستغرام» للأطفال دون الثالثة عشرة؛ لكنها لم تتخلّ عن ذلك.
وقالت هوغن إنها شعرت خلال فترة عملها بأن «فيسبوك» يواصل التركيز على النمو، رغم أن الشركة كانت على دراية بالتأثير السلبي للمنصة على المستخدمين. وزعمت أن الشركة «أدركت أنها إذا قامت بتغيير الخوارزمية لتكون أكثر أماناً، فسوف يقضي الناس وقتاً أقل على الموقع، وسوف ينقرون على إعلانات أقل، وأنهم سوف يجنون أموالاً أقل».
وحسب الوثائق المسربة، تخشى شركة «فيسبوك» من أنها تفقد قوتها وتأثيرها. وتُظهر أبحاثها أن العديد من منتجاتها لا يزدهر بشكل جيد، وأنها بدلاً من التطوير تعمل على تحسين صورتها السامة، لمنع المستخدمين من التخلي عن تطبيقاتها لصالح بدائل أكثر إقناعاً، وفقاً لصحيفة «نيويورك تايمز».
وانخفض استخدام «فيسبوك» بين المراهقين في الولايات المتحدة لسنوات، ومن المتوقع أن ينخفض أكثر قريباً. وتوقع باحثون داخليون أن الاستخدام اليومي سينخفض بنسبة 45 في المائة بحلول عام 2023. وكشف الباحثون أيضاً عن أن «إنستغرام» يفقد حصته في السوق أمام منافسين أسرع نمواً مثل «تيك توك».
وأطلق صبي صغير يبلغ من العمر 11 عاماً رصاصة الرحمة على الشركة عندما قال إن «(فيسبوك) هو تطبيق لكبار السن»، وفقاً للوثائق الداخلية التي وصفت الحُكم بـ«الوحشي».
وانضمت المهندسة فرنسيس هوغن إلى «فيسبوك» في 2019؛ وجرى تعيينها في «قسم النزاهة المدنية» المعني بالأخطار التي قد يشكلها بعض المستخدمين أو محتوى معين، على حسن سير الانتخابات.
وقبل الانتخابات الرئاسية الأميركية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2020؛ أدخلت «فيسبوك» تعديلات على خوارزمياتها للحد من انتشار المعلومات المضللة. لكن؛ وفقاً لهوغن «بمجرد انتهاء الانتخابات» أعادت المجموعة الخوارزميات كما كانت عليه «بهدف إعطاء الأولوية للنمو على السلامة».
وأضافت: «كان هناك تضارب في المصالح بين ما هو مفيد للجمهور وما هو مفيد لـ(فيسبوك)»، مشيرة إلى أنه «مرة تلو الأخرى، وضعت المجموعة مصالحها أولاً، أي كسب مزيد من المال».
وأوضحت هوغن: «لا أحد في (فيسبوك) شرير... لكن المصالح ليست متوافقة». وهي تعدّ أن مارك زوكربيرغ؛ المؤسس المشارك لـ«فيسبوك» ورئيسها التنفيذي، لم يكن يسعى لجعل الموقع منصة كراهية، «لكنه سمح باتخاذ خيارات» للترويج لنشر محتوى يحض على الكراهية.
ويفترض أن تمثل هذه الثلاثينية أمام لجنة التجارة في مجلس الشيوخ الأميركي (الثلاثاء). وقد أشاد السيناتور الديمقراطي ريتشارد بلومنتال، عضو اللجنة، (الأحد) بشجاعة هذه الشابة. وكتب في بيان: «تُظهر تصرفات (فيسبوك) بوضوح أنه لن يصلح نفسه بنفسه... نحن في حاجة إلى تنظيم أكثر صرامة».
أفضل الأيام مرت... «فيسبوك» في مأزق بعد نشر وثائق مسربة
أفضل الأيام مرت... «فيسبوك» في مأزق بعد نشر وثائق مسربة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة