مصر تشدد على «إنجاح المسار السياسي» في ليبيا

تصريحات لافروف بخصوص وجود قوات روسية في البلاد تُغضب برلمانيين

محمد المنفي مستقبلاً السفير الألماني لدى ليبيا ميخائيل أونماخت (المجلس الرئاسي)
محمد المنفي مستقبلاً السفير الألماني لدى ليبيا ميخائيل أونماخت (المجلس الرئاسي)
TT

مصر تشدد على «إنجاح المسار السياسي» في ليبيا

محمد المنفي مستقبلاً السفير الألماني لدى ليبيا ميخائيل أونماخت (المجلس الرئاسي)
محمد المنفي مستقبلاً السفير الألماني لدى ليبيا ميخائيل أونماخت (المجلس الرئاسي)

وسط معلومات عن قرب خروج «المرتزقة» من ليبيا، قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إنه توافق مع وفد أميركي رفيع المستوى، التقاه في القاهرة أمس، برئاسة جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي الأميركي، على تكثيف التنسيق المشترك بين الجانبين، ومع الشركاء الدوليين بشأن الترتيبات المتعلقة بالانتخابات المقبلة في ليبيا، وملف سحب القوات الأجنبية و«المرتزقة»، وتوحيد المؤسسات العسكرية والأمنية.
وبحسب بيان للرئاسة المصرية، فقد أكد السيسي، خلال الاجتماع الذي عقده مع الوفد الأميركي بحضور سامح شكري وزير الخارجية، وعباس كامل، رئيس الاستخبارات العامة، الأهمية التي توليها مصر لإنجاح المسار السياسي، وسحب القوات الأجنبية كافة من ليبيا، مشدداً على أهمية إجراء الانتخابات الوطنية بليبيا في موعدها المقرر في ديسمبر (كانون الأول) المقبل. كما اعتبر أن السبيل الناجح لتحقيق الاستقرار في المنطقة هو عودة الدول التي تعاني من أزمات إلى إطار الدولة الوطنية بالمفهوم الشامل.
وفيما يتعلق بملف «المرتزقة»، بحث رئيس المجلس الرئاسي، محمد المنفي، أمس، مع السفير الألماني لدى ليبيا، ميخائيل أونماخت، الاستحقاقات القادمة، وملفي إخراج «المرتزقة» والقوات الأجنبية من ليبيا، و«المصالحة الوطنية».
وأشاد السفير الألماني بنتائج اجتماع «عملية السلام الليبية» لوزراء خارجية عدد من الدول الصديقة، الذي عُقد في نيويورك بحضور المنفي، وضرورة استمرار التنسيق والتشاور من أجل الوصول إلى حلول كاملة للوضع في ليبيا. وقالت مصادر، إن معسكرات «المرتزقة» الذين جلبتهم تركيا للقتال إلى جانب القوات المحسوبة على حكومة «الوحدة الوطنية»، تشهد استعدادات لبدء إخلائها قريباً، فيما بدا أنه بمثابة تحرك ضمن اتفاق لإنهاء تواجد «المرتزقة»، والقوات الأجنبية على الأراضي الليبية.
في المقابل، كشف الفريق فرج الصوصاع، عضو وفد «الجيش الوطني» باللجنة العسكرية المشتركة «5+5»، الذي التقى الوفد الأميركي، عن أن الولايات المتحدة أبدت استعدادها لدعم العمليات العسكرية للجيش بالجنوب الليبي، ونقل عن قائد القيادة العسكرية الأميركية في أفريقيا (أفريكوم)، الجنرال ستيفين تاونسند، إشادته بجهود الجيش في محاربة الإرهاب هناك. وقال، إن «الجيش الوطني» طالب خلال الاجتماع بتجميد الاتفاقيات الأجنبية إلى حين انتخاب الرئيس المقبل للبلاد.
من ناحية أخرى، استغرب 48 من أعضاء مجلس النواب الليبي إعلان وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، مؤخراً، أن تواجد القوات الروسية في ليبيا «كان بطلب من مجلسهم».
ونفى بيان أصدره «النواب» «توجيه أي طلب بتدخل الروس، أو المطالبة بالاستعانة بأي قوات أجنبية؛ كما نفوا مناقشة هذا الموضوع، أو التصويت عليه بمقر المجلس»، وطالبوا بضرورة خروج القوات الأجنبية كافة من الأراضي الليبية فوراً، ودون قيد أو شرط. كما لفت «النواب» إلى تناقض تصريحات لافروف، مع نفي رئيسه فلاديمير بوتين وجود أي قوات تابعة لروسيا على الأراضي الليبية.
بدوره، اعتبر فوزي النويري، النائب الأول لرئيس مجلس النواب، تصريحات لافروف «مجرد ادعاءات منافية للواقع»، وطالبه بالكشف عن المستندات والوثائق، التي تثبت صحة ادعائه، وتسمية الأطراف التي قدمت الدعوة. مؤكداً أنه «لم تتم دعوة أي قوات أجنبية من قبل مجلس النواب الليبي طوال فترة انعقاده وتواجده»، وشدد على أن موقف المجلس «لا يزال ثابتاً في إدانة وجود هذه القوات، وإدانة من تورط في جلبها».
إلى ذلك، استغل خالد المشري، رئيس المجلس الأعلى للدولة، اجتماعه في العاصمة طرابلس مساء أول من أمس، مع سفير ألمانيا لتجديد رفضه للقانون الصادر عن مجلس النواب، بشأن انتخاب رئيس البلاد، خاصة فيما يتعلق بازدواجية الجنسية، وترشح العسكريين، وعودتهم إلى مناصبهم حال فشلهم في الانتخابات.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.