هاتفك قد يحولك إلى.. نجم تلفزيوني

تطبيقات تسهل البث المباشر للممارسات الرياضية أو الثقافية

هاتفك قد يحولك إلى.. نجم تلفزيوني
TT

هاتفك قد يحولك إلى.. نجم تلفزيوني

هاتفك قد يحولك إلى.. نجم تلفزيوني

لنفترض انك أخذت تتعلم لعبة «شافلبورد» الأميركية في أحد نوادي بروكلين، وفي تلك الأثناء أخذ زميلك في اللعبة يتحدث في هاتفه «آيفون» بعد أن أنزل عليه تطبيق «ييفو» Yevvo للبث الحي المباشر. وفي هذه اللعبة يقوم اللاعبون بدفع أقراص ثقيلة بواسطة أعواد نحو منطقة محددة في ساحة طويلة لتسجيل الأهداف.

* هاتف وجمهور
وتبدو المسألة بسيطة، فكل ما يراه هذا الهاتف أو يسمعه، ينتقل بحيث يكون بمقدور متابعي اللاعب من أصدقائه أن يروه ويسمعوه أيضا. وحتى إذا كانت زوجته قد بقيت في المنزل تلك الليلة، فإنها على الصعيد الافتراضي كانت تراقب كل حركة يقوم بها بفضل هذا التطبيق. لقد تحول اللاعب إلى نجم في واقعه هذا، كمن يقدم برنامجه التلفزيوني الخاص، وإن كان جمهوره ضئيلا جدا، وتحول اللاعبون معه إلى شخصيات ضمن برنامجه!
ومع «ييفو»، فإن كل ما نقوله ونفعله يبث على الإنترنت مباشرة، وبعد بضع دقائق يكون للاعب هذا متابعون آخرون يلاحقون ما يفعله. و«ييفو» الذي أطلق ثانية في العام الماضي بمميزات واسم جديد هو «أير» Air، ليس التطبيق الوحيد الذي يتيح للأشخاص إذاعة حياتهم الخاصة بشكل حي. فمع انتشار كاميرات الهواتف الذكية العالية النوعية، والمعدات التي توضع على الجسم والمجهزة بكاميرات، فإن استخدام مثل هذه التطبيقات سيصبح بالتأكيد أكثر شيوعا، كما أن مثل هذه الإذاعات الشخصية قد تبدأ بتغيير وسائط التواصل الاجتماعي.
ويقوم مستخدمو «إير» بتبليغ متصليهم عندما يشرعون ببث ما، ليقوم هؤلاء، أو أي شخص يلاحق البث، بتبليغ متابعيهم أيضا لمتابعة البث إذا شاءوا. لكن لا يجري حفظ أو تخزين أي شي من هذا لوقت لاحق. فإذا ما فاتك البث في الزمن الحقيقي، فاتك كل شيء.
و«إير» ليس لمجرد جذب الاهتمام كما يقول بن روبن أحد مؤسسي الشركة، إذ قام واثنان آخران بتأسيس «ييفو» بعد محاولتهم معرفة أي الحفلات التي ينبغي حضورها أثناء انعقاد مؤتمر تقني في أوستن في تكساس. فقرروا أنه من المفيد أن يعرضوا فيما بينهم ما يجري في هذه الحفلات.
ومنذ إطلاقه باسم «ييفو» عام 2013. تمكن «إير» من جمع 4 ملايين دولار. ولم يفصح روبن عن عدد الأشخاص الذين قاموا بتنزيل «ييفو»، أو «إير» الجديد الذي أعقبه، لكنه من الواضح لم يقم بتهديد «إنستغرام» بعد. وكان الرقم الأعلى من تنزيلات «ييفو» من مخزن تطبيقات «أبل»، هو في ديسمبر (كانون الأول) من عام 2013، وبلغ 223 فقط.
ومع ذلك هنالك سبب وجيه للاعتقاد أن البث الحي المباشر للفيديوهات من شأنه أن ينجح ويزدهر، فلدى متابعة هذا البث في خدمات مثل «فاين» Vine، الذي يسهل نشر الفيديوهات القصيرة في «فيسبوك» و«تويتر»، رأينا أن ذلك يجعله يستأثر بالاهتمام، نظرا لأنه يقلص الفترة الزمنية بين تاريخ الحدث ورؤية الناس له.

* بث مباشر
وحاليا تعد «سنابشات» في تحويل ذلك، أي الحدث، وسطا للمشاركة حتى في اللحظات العفوية الفورية وغير المقصودة ناقلة إياه إلى المتلقين فورا، بدلا من تجميع كل ذلك لإرساله على شكل حزمات لاحقة. وتقدم تطبيقات البث الحي أسلوبا مشابها، وحتى أكثر تلوينا للاتصالات غير المقيدة، ولا المرشحة (المفلترة) أو الصافية.
وقال جوش إلمان الذي يعمل في مؤسسة «غرايلوك» للاستثمار في وادي السيليكون، في حديث نقلته «تكنولوجي ريفيو» إنه يفكر في التشارك مع شركة روبن نظرا لموقعها الوسط في التحول الأخير الذي يشهده الوسط التلفزيوني، من حالة التنسيق الكبير والإنتاج الثقيل، إلى ماذا تريده وترغبه شخصيا، معتمدا على من تعرف.
ولكن هذا الوسط التشاركي الجديد يثير أسئلة أيضا حول الخصوصيات، والألفة والمودة، والسلوك اللائق، على مواقع التواصل الاجتماعي. ويبدو بعض اللاعبين غير واثقين من مدى تعرضهم لاختراق خصوصياتهم بسبب «ييفو»، إذ قام قسم منهم وبعد مضي شهور بشطب التطبيق هذا وإلغائه من الهاتف. إذ وجد أن الاستمرار في استخدامه أصبح ثقيلا.
وقد اقتنع بعضهم بالنهاية التخلي عن التطبيق هو رؤية أشخاص مسنين يتابعون فتيات صغار، وهو أمر مثير للاشمئزاز، فماذا لو علم أي أب وأم مثلا، أن هنالك من يراقب ابنتهما الصغيرة القابعة في الطابق العلوي من المنزل؟
ويقر رايان كوولي مدير الشركة لشؤون المواطنين بعامل الانحراف هذا، لكنه يشير كذلك إلى أن «إير» قامت ببعض التغييرات والتعديلات المصممة للإقلال من هذا الخطر. فحاليا لا يمكن دعوة الناس إلى أن يتبعوك إلا عن طريق الرسائل النصية القصيرة، فالتطبيق لا يروج لمستخدمين معينين، وبالتالي تعريضهم للغرباء، وللمستخدمين الخيار في الموافقة على كل شخص يود أن يلاحقهم: «فنحن لا نوصيك بأي شخص لكي تلاحقه، ما لم نكن واثقين تماما أنك تعرفه جيدا في العالم الواقعي، ولا أعتقد أن القذارة قد تختفي كلية، لكن سترى الكثير من الشفافية أيضا»، يضيف كولي.
ورغم كل هذه العيوب فإن البث الحي يبدو أمرا أخاذا، ومن العدل التصور أن مثل هذه الخدمة قد تصبح في يوم ما شكلا جديدا من أشكال التواصل الاجتماعي.



الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
TT

الذكاء الاصطناعي يزدهر بمجال التعليم وسط شكوك في منافعه

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)
بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم (رويترز)

بعد ازدهار التعلّم عبر الإنترنت الذي فرضته جائحة «كوفيد»، يحاول قطاع التكنولوجيا إدخال الذكاء الاصطناعي في التعليم، رغم الشكوك في منافعه.

وبدأت بلدان عدة توفير أدوات مساعَدة رقمية معززة بالذكاء الاصطناعي للمعلّمين في الفصول الدراسية. ففي المملكة المتحدة، بات الأطفال وأولياء الأمور معتادين على تطبيق «سباركس ماث» (Sparx Maths) الذي أُنشئ لمواكبة تقدُّم التلاميذ بواسطة خوارزميات، وفق ما ذكرته «وكالة الصحافة الفرنسية». لكنّ الحكومة تريد الذهاب إلى أبعد من ذلك. وفي أغسطس (آب)، أعلنت استثمار أربعة ملايين جنيه إسترليني (نحو خمسة ملايين دولار) لتطوير أدوات الذكاء الاصطناعي للمعلمين، لمساعدتهم في إعداد المحتوى الذي يدرّسونه.

وهذا التوجّه آخذ في الانتشار من ولاية كارولاينا الشمالية الأميركية إلى كوريا الجنوبية. ففي فرنسا، كان من المفترض اعتماد تطبيق «ميا سوكوند» (Mia Seconde) المعزز بالذكاء الاصطناعي، مطلع العام الدراسي 2024، لإتاحة تمارين خاصة بكل تلميذ في اللغة الفرنسية والرياضيات، لكنّ التغييرات الحكومية أدت إلى استبعاد هذه الخطة راهناً.

وتوسعت أعمال الشركة الفرنسية الناشئة «إيفيدانس بي» التي فازت بالعقد مع وزارة التعليم الوطني لتشمل أيضاً إسبانيا وإيطاليا. ويشكّل هذا التوسع نموذجاً يعكس التحوّل الذي تشهده «تكنولوجيا التعليم» المعروفة بـ«إدتِك» (edtech).

«حصان طروادة»

يبدو أن شركات التكنولوجيا العملاقة التي تستثمر بكثافة في الأدوات القائمة على الذكاء الاصطناعي، ترى أيضاً في التعليم قطاعاً واعداً. وتعمل شركات «مايكروسوفت» و«ميتا» و«أوبن إيه آي» الأميركية على الترويج لأدواتها لدى المؤسسات التعليمية، وتعقد شراكات مع شركات ناشئة.

وقال مدير تقرير الرصد العالمي للتعليم في «اليونيسكو»، مانوس أنتونينيس، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أعتقد أن المؤسف هو أن التعليم يُستخدم كنوع من حصان طروادة للوصول إلى المستهلكين في المستقبل».

وأعرب كذلك عن قلقه من كون الشركات تستخدم لأغراض تجارية البيانات التي تستحصل عليها، وتنشر خوارزميات متحيزة، وتبدي عموماً اهتماماً بنتائجها المالية أكثر مما تكترث للنتائج التعليمية. إلاّ أن انتقادات المشككين في فاعلية الابتكارات التكنولوجية تعليمياً بدأت قبل ازدهار الذكاء الاصطناعي. ففي المملكة المتحدة، خيّب تطبيق «سباركس ماث» آمال كثير من أولياء أمور التلاميذ.

وكتب أحد المشاركين في منتدى «مامِز نِت» على الإنترنت تعليقاً جاء فيه: «لا أعرف طفلاً واحداً يحب» هذا التطبيق، في حين لاحظ مستخدم آخر أن التطبيق «يدمر أي اهتمام بالموضوع». ولا تبدو الابتكارات الجديدة أكثر إقناعاً.

«أشبه بالعزلة»

وفقاً للنتائج التي نشرها مركز «بيو ريسيرتش سنتر» للأبحاث في مايو (أيار) الماضي، يعتقد 6 في المائة فقط من معلمي المدارس الثانوية الأميركية أن استخدام الذكاء الاصطناعي في التعليم يعود بنتائج إيجابية تَفوق العواقب السلبية. وثمة شكوك أيضاً لدى بعض الخبراء.

وتَعِد غالبية حلول «تكنولوجيا التعليم» بالتعلّم «الشخصي»، وخصوصاً بفضل المتابعة التي يوفرها الذكاء الاصطناعي. وهذه الحجة تحظى بقبول من المسؤولين السياسيين في المملكة المتحدة والصين. ولكن وفقاً لمانوس أنتونينيس، فإن هذه الحجة لا تأخذ في الاعتبار أن «التعلّم في جانب كبير منه هو مسألة اجتماعية، وأن الأطفال يتعلمون من خلال تفاعل بعضهم مع بعض».

وثمة قلق أيضاً لدى ليون فورز، المدرّس السابق المقيم في أستراليا، وهو راهناً مستشار متخصص في الذكاء الاصطناعي التوليدي المطبّق على التعليم. وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «يُروَّج للذكاء الاصطناعي كحل يوفّر التعلّم الشخصي، لكنه (...) يبدو لي أشبه بالعزلة».

ومع أن التكنولوجيا يمكن أن تكون في رأيه مفيدة في حالات محددة، فإنها لا تستطيع محو العمل البشري الضروري.

وشدّد فورز على أن «الحلول التكنولوجية لن تحل التحديات الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية الكبرى التي تواجه المعلمين والطلاب».