تجار «السوق السوداء» في شرق لبنان يتفردون برفع الدعم عن البنزين

TT

تجار «السوق السوداء» في شرق لبنان يتفردون برفع الدعم عن البنزين

كشف بيع المحروقات في السوق السوداء بمنطقة بعلبك - الهرمل في شرق لبنان، عن ضعف الرقابة الحكومية على المحروقات المدعومة، وفرض أسئلة حول مصادر تلك المحروقات التي تُباع بنحو ضعف السعر الرسمي، في غياب المحاسبة والرقابة من السلطات المعنية.
وغابت الطوابير من أمام المحطات في منطقة بعلبك، مع نشاط تجار السوق السوداء على معظم المحطات منذ أكثر من أسبوعين. ويعلن تجار السوق السوداء عن توفر البنزين بسعر يفوق السعر الرسمي، وذلك في إعلانات ينشرونها في مواقع التواصل الاجتماعي؛ إذ نشر أصحاب 3 محطات من قرى غرب وشرق بعلبك أمس (الأربعاء) إعلانات في مواقع التواصل الاجتماعي لبيع البنزين بـ260 ألف ليرة للصفيحة الواحدة (20 ليتراً)، علماً بأن السعر الرسمي لها هو 130 ألف ليرة (8 دولارات وفق سعر الصرف في السوق السوداء أمس). ولدى الاتصال بهم، قالوا إن مخزونهم نفد، ليتبين أنهم يبيعون المخزون لتجار التجزئة في السوق السوداء الذين يبيعون الصفيحة بمبلغ يتراوح بين 400 و500 ألف ليرة، ويعلنون عن توفر البنزين لديهم في حساباتهم على مواقع التواصل.
هذا النشاط الاقتصادي في السوق السوداء، والسمسرة بين أصحاب المحطات وتجار السوق السوداء، بات مفضوحاً الآن، بحسب ما تقول فعاليات بعلبك، «ما يحرم المواطنين من الحصول على الوقود المدعوم». ويشير هؤلاء إلى أن «ضعف الرقابة الحكومية وغياب أجهزة الدولة، حرم الناس من حقهم في الحصول على البنزين المدعوم من الدولة».
المحطات القانونية، أقفلت أبوابها بشكل كامل، وسوّرت محيطها بالخراسانات والجنازير، تحت حجة أنهم أقفلوا «لتلافي المشكلات وإطلاق النار والتضارب والتلاسن»، وهي تحديات أمنية تشهدها معظم المناطق اللبنانية يومياً. وقد سجل وقوع جرحى في أواخر أغسطس (آب) الماضي إثر أشكال بين شخصين في بعلبك.
وتعد هذه الظاهرة «جديدة في المنطقة»، بحسب ما تقول فعاليات المنطقة؛ إذ «رفع أصحاب المحطات غير المرخصة وتجار السوق السوداء الدعم منذ أسبوعين». وتسير آلية البيع وفق اتفاق بين أصحاب المحطات المرخصة التي أقفلت أبوابها، وأصحاب المحطات غير القانونية. ويشرح أحد فعاليات المنطقة لـ«الشرق الأوسط» الآلية بالقول إن المحطات القانونية «أقفلت أبوابها، ويبدو أنها تبيع مخزونها من البنزين الذي تسلمته على السعر المدعوم، للمحطات غير القانونية التي تقوم بدورها ببيعه لتجار السوق السوداء بالغالونات (9 ليترات)، وهم يبيعونه بدورهم للناس بسعر السوق السوداء»، أي بـ4 أضعاف السعر الرسمي.
تجري هذه الدورة في بعض مناطق النفوذ البعيدة عن سلطة الدولة في أحياء بعلبك والقرى التي يسيطر عليها نافذون من العشائر. واللافت أن ذلك «يتم جهاراً من دون الخوف من الأجهزة الأمنية». وتسأل ع. د. (36 عاماً): «أين الدولة من هذا النشاط؟ ولماذا لا يلاحقون تجار السوق السوداء؟».
وقالت ع. وهي مهاجرة تمضي إجازة في لبنان، إنها دفعت ثمن 4 غالونات من البنزين (سعة 9 ليترات لكل غالون) مليون ليرة (نحو 75 دولاراً على سعر السوق السوداء) علماً بأن السعر الحقيقي لهذه الكمية يعادل 262 ألف ليرة، مضيفة أن «هذا الوضع دفعني لمغادرة لبنان على عجل بسبب الجشع والطمع والإذلال الذي تعرضنا له على المحطات في البقاع».
وإثر ازدهار تجارة البنزين، فُقد غالون المياه الفارغ من منطقة البقاع وارتفع سعره بشكل قياسي. ويقول علي (55 عاماً)؛ وهو من سكان المنطقة، إن بعض أصحاب المحطات «يتابعون العمل على محطاتهم ليلاً ويراقبون عمليات البيع بالسوق السوداء وبأسعار خيالية، وهو ما حفزهم على الدخول في اللعبة مع مندوبين عنهم»، مشيراً إلى أن تجارة البنزين «باتت أكثر ربحية من تجارة الممنوعات»، في إشارة إلى تجارة المخدرات التي تنشط في المنطقة.
وتنامى هذا الواقع في البقاع الشمالي بعدما انسحب الجيش اللبناني من العملية الأمنية التي كانت موكلة له بحفظ أمن المحطات، ومع غياب الرقابة نشطت السوق السوداء ليُباع البنزين بأسعار خيالية.
وخلافاً لهذا الواقع في البقاع الشمالي، تبدو الصورة معكوسة في زحلة بالبقاع الأوسط، حيث يجري بيع المخزون بطريقة سلسة وتفتح معظم المحطات أبوابها في أوقات محددة وتبيع البنزين لزبائنها بالسعر المدعوم.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.