شيرين عبد الوهاب في السعودية: شكراً على الحب

ختام موسم صيف جدة بحفل رائع بثه «شاهد»

شيرين
شيرين
TT

شيرين عبد الوهاب في السعودية: شكراً على الحب

شيرين
شيرين

أتت شيرين عبد الوهاب إلى السعودية مُحمّلة بحاجة عميقة إلى طي صفحات مؤلمة. قاسية تجارب الماضي، والعفوية المفرطة على المسرح. هذه المرة، بدت يقظة. تخاف الزلات وتردداتها المزلزلة؛ فالقلب ما عاد يتحمّل، والجهاز العصبي يرتبك سريعاً بأقل هزّة. تشتاق إلى الغناء، فتتحرك كالفراشات الضاحكة. ترافقها ابنتاها إلى ختام حفلات صيف جدة مع زوجها الفنان حسام حبيب، سندها وإحساسها الملحّ بالرغبة في الاحتضان والتفهّم. تغني بشغف، كأنها تعود دفعة واحدة إلى جمهورها. تغني لتُسقط الآهات المتمكّنة من روحها. سنة وثمانية أشهر، مدة الغياب عن حفلات المملكة. تأتي لتعوّض الوقت. لتستعيد لحظات فاتتها وتقبض على فرحها التائه.
بثّ «شاهد» الحفل مباشرة، وكم نشتاق في لبنان إلى الجوّ الصاخب! يمرّ الوقت ثقيلاً منذ أن غادرتنا الحفلات والمهرجانات، وتوالت الضربات والصفعات. دعونا الآن نستمتع بشيرين. كأننا هناك، في «جدة سوبر دوم»، بين الحضور المحصّن من الوباء، نلمح على وجه المطربة شعوراً بالامتنان، وبحب الحياة، وعظمة الحب. وبما يشبه البريق الأبيض فوق عينيها المتأثرتين بحجم الشوق، تلمع الأضواء بألوانها وبهجتها، فترفع الصوت البديع فوق كل ضجيج الكون، ولا يبقى سواه، مدندناً، شادياً، و«لما أنت قادر عالبعاد قرّبت ليه حبيبي». «إيه إيه».
سهرة ختام راقية لمهرجان عربي جمع النجوم على الأمل، نظّمتها «بنش مارك» بالتعاون مع «هيئة الترفيه». يطول التصفيق وتعلو الهتافات لنجمة تطلّ كعروس. لا يعلم أحد أي نوع من الرواسب يتقلّب في أعماقها، فيخضّ صميم القلب. تأتي بوجه لا يكفّ عن توزيع الابتسامات. هي أجمل ما تملك بعد فيض المحبة.
لعلّ ثمة من حذّرها من الانجراف خلف الطيبة الزائدة. المسرح للأغنيات ولجماليات صوتها، لا لدعابات تنقلب عليها فتستفز الغضب. نوعها تفاعلي، يحرّكها قلب طفل. هو نعمتها ونقمتها. «بقالي سنتين قاعدة في البيت»، تفضفض لجمهورها. تسمّيه «حبايبي»، وتقول إنها سعيدة لوجودها معه. تمازحه. وتستجيب لصرخات تسألها الغناء وفق مزاج الفؤاد: «حاضر، ومن عيني». و«آه يا ليل، إيه يعني غرامك ودّعني»، مع هزّة كتف ورأس مرفوع يفاخر بالتجاوز. «أنا بيك من غيرك مش فارقة»... اللامبالاة تردّ الكرامة.
لا يخلو الحفل من شخصية شيرين العصية على الانضباط. هي دائماً نفسها، ولو وضعت نصب عينيها نصيحة تقتضي تقليل الكلام والانتباه للتعبير والمفردات. تغني «وأخيراً تجرّأت»، وتتوجّه للمعنيات: «يا رب الأغنية دي تكون عجبت الستات. بس أنا ما بعلّيش صوتي على جوزي». تردّ على كلمات تقول: «وأخيراً أنا دلوقت أعلّي صوتي عليك». ترافقها حاجة مُعذّبة إلى التبرير، كأنها مصحوبة دائماً بسوء الفهم. تكلّفها خفة دمها ما لا تقوى أحياناً على تسديده. يتذكر الجميع إلى أين أودى بها المزاح في حفلها بالإمارات، حين حمّلت مياه النيل سمعة التسبب بمرض البلهارسيا. وأي جدل رافق قولها إنها «خسارة في مصر». وحين تفوّهت بنعت «العنوسة»، واتُّهمت بإهانة المرأة والخضوع للرجل. وكم طالبتها أصوات بالاكتفاء بالغناء ووضع حد للزلات. يمرّ حفلها في جدة على خير. لا زوابع ولا عواصف.
عسل، مطربة مصر شيرين عبد الوهاب؛ في الغناء السعيد والغناء الأليم. حين تغني «مش عايزة غيرك إنت» مع بعض الدلع: «pa pa pa». وحين تُطرب بـ«مشاعر» و«يا دي يا دي المشاعر». تحاول تفادي أغنيات الأحزان: «فلنفرح قليلاً. الجائحة قضت علينا». مع بشرى سارّة: «الألبوم الجديد قريباً».
تلمس البيانو بيد، والمايكرفون باليد الأخرى وهي تغني: «حبيتو بيني وبين نفسي». إحساس مذهل يُشعر المرء بامتلاك جناحين يحلّق بهما فوق الآلام والوحدة. لم تفتها شارة مسلسل «خمسة ونص». جمالٌ باللبناني، «وعم جرّب حب ووقّف، عم جرّب مش عم أعرف». زهور لكل الفصول. «يا بتفكر يا بتحس، ما فيك توقف بالنص». المنتصف حارق.
كل الغناء متعة، وأداؤها أغنية «تاج راسك»، متعة خالصة. تهتزّ من صميمها، وتدمع، ثم تبتسم. تتذكر وتتألم، ثم تشعر بالعبور وقوة التخطي. تنزع المايكروفون من مكانه، وتجرف الجمهور وراءها، كما يفعل النهر المتدفق في لحظة ارتطام بمصبّه. غنّت للغناء بأسره، للحب بأسره، لردّ الاعتبار، للجريحات جميعهن. وغنّت رفضاً للتخاذل والتواطؤ والدوس على الطموح وقتل الأحلام من دون رأفة. تحلّق في العالي، كلحظة «انتقام» فريدة من نوعها؛ ضد كل من استغلّ، وحطّم، وغدر وطعن. وضد التسريبات الأخيرة، والأزمات المتتالية والعصي في الدواليب، والتدخل في الحياة الشخصية والشر المتطاير من حولها. أغنية «تاج راسك»، بكيفية غنائها، بالانفعال الزائد؛ هي شيرين على حقيقتها، ترفض الظروف ولا ترضى بمواقف تفلت من يدها. «أنا مش جارية ولا عبدة، أنا ستك وتاج راسك». «آه آه آه»... رائعة!
تشكر الفرقة الموسيقية وهيئة الترفيه، والمخرج اللبناني طوني قهوجي. و«شكراً للجمهور على الحب». حين تنسى الكلمات، لعوامل الذاكرة وضغط الحياة، تعتذر: «دي قعدة البيت. ألزهايمر على بكير». تبارك للمنتخب السعودي فوزه على منتخب فيتنام في تصفيات كأس العالم، «وشّي حلو عليكم». ثلاثة أهداف. ثمة من همس في أذنها يخبرها أنّ والدتها في المستشفى، ولم تترك الأسى يغلب الفرح. أرادت سهرة بعظمة استعادة الحياة، لا رداً على «الكوفيد» وانتصاراً عليه، بل كانتصار على نفسها وظروفها، ولرغبتها في الإحساس بالجدوى. وبالإنسانة في داخلها، بوجودها وقيمتها. مكلف النجاح. شيرين تدفع أغلى الأثمان.



«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
TT

«البحر الأحمر السينمائي» يشارك في إطلاق «صنّاع كان»

يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما
يتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما

في مسعى لتمكين جيل جديد من المحترفين، وإتاحة الفرصة لرسم مسارهم المهني ببراعة واحترافية؛ وعبر إحدى أكبر وأبرز أسواق ومنصات السينما في العالم، عقدت «معامل البحر الأحمر» التابعة لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» شراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»، للمشاركة في إطلاق الدورة الافتتاحية لبرنامج «صنّاع كان»، وتمكين عدد من المواهب السعودية في قطاع السينما، للاستفادة من فرصة ذهبية تتيحها المدينة الفرنسية ضمن مهرجانها الممتد من 16 إلى 27 مايو (أيار) الحالي.
في هذا السياق، اعتبر الرئيس التنفيذي لـ«مؤسسة مهرجان البحر الأحمر السينمائي» محمد التركي، أنّ الشراكة الثنائية تدخل في إطار «مواصلة دعم جيل من رواة القصص وتدريب المواهب السعودية في قطاع الفن السابع، ومدّ جسور للعلاقة المتينة بينهم وبين مجتمع الخبراء والكفاءات النوعية حول العالم»، معبّراً عن بهجته بتدشين هذه الشراكة مع سوق الأفلام بـ«مهرجان كان»؛ التي تعد من أكبر وأبرز أسواق السينما العالمية.
وأكّد التركي أنّ برنامج «صنّاع كان» يساهم في تحقيق أهداف «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» ودعم جيل جديد من المواهب السعودية والاحتفاء بقدراتها وتسويقها خارجياً، وتعزيز وجود القطاع السينمائي السعودي ومساعيه في تسريع وإنضاج عملية التطوّر التي يضطلع بها صنّاع الأفلام في المملكة، مضيفاً: «فخور بحضور ثلاثة من صنّاع الأفلام السعوديين ضمن قائمة الاختيار في هذا البرنامج الذي يمثّل فرصة مثالية لهم للنمو والتعاون مع صانعي الأفلام وخبراء الصناعة من أنحاء العالم».
وفي البرنامج الذي يقام طوال ثلاثة أيام ضمن «سوق الأفلام»، وقع اختيار «صنّاع كان» على ثمانية مشاركين من العالم من بين أكثر من 250 طلباً من 65 دولة، فيما حصل ثلاثة مشاركين من صنّاع الأفلام في السعودية على فرصة الانخراط بهذا التجمّع الدولي، وجرى اختيارهم من بين محترفين شباب في صناعة السينما؛ بالإضافة إلى طلاب أو متدرّبين تقلّ أعمارهم عن 30 عاماً.
ووقع اختيار «معامل البحر الأحمر»، بوصفها منصة تستهدف دعم صانعي الأفلام في تحقيق رؤاهم وإتمام مشروعاتهم من المراحل الأولية وصولاً للإنتاج.
علي رغد باجبع وشهد أبو نامي ومروان الشافعي، من المواهب السعودية والعربية المقيمة في المملكة، لتحقيق الهدف من الشراكة وتمكين جيل جديد من المحترفين الباحثين عن تدريب شخصي يساعد في تنظيم مسارهم المهني، بدءاً من مرحلة مبكرة، مع تعزيز فرصهم في التواصل وتطوير مهاراتهم المهنية والتركيز خصوصاً على مرحلة البيع الدولي.
ويتطلّع برنامج «صنّاع كان» إلى تشكيل جيل جديد من قادة صناعة السينما عبر تعزيز التعاون الدولي وربط المشاركين بخبراء الصناعة المخضرمين ودفعهم إلى تحقيق الازدهار في عالم الصناعة السينمائية. وسيُتاح للمشاركين التفاعل الحي مع أصحاب التخصصّات المختلفة، من بيع الأفلام وإطلاقها وتوزيعها، علما بأن ذلك يشمل كل مراحل صناعة الفيلم، من الكتابة والتطوير إلى الإنتاج فالعرض النهائي للجمهور. كما يتناول البرنامج مختلف القضايا المؤثرة في الصناعة، بينها التنوع وصناعة الرأي العام والدعاية والاستدامة.
وبالتزامن مع «مهرجان كان»، يلتئم جميع المشاركين ضمن جلسة ثانية من «صنّاع كان» كجزء من برنامج «معامل البحر الأحمر» عبر الدورة الثالثة من «مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي» في جدة، ضمن الفترة من 30 نوفمبر (تشرين الثاني) حتى 9 ديسمبر (كانون الأول) المقبلين في المدينة المذكورة، وستركز الدورة المنتظرة على مرحلة البيع الدولي، مع الاهتمام بشكل خاص بمنطقة الشرق الأوسط.