ما التهديد الذي يشكله تنظيم «داعش» في أفغانستان؟

أعضاء من قوات «طالبان» يتجمعون وينظرون إلى صورة زعيمهم الملا هيبة الله أخوندزاده في كابل (رويترز)
أعضاء من قوات «طالبان» يتجمعون وينظرون إلى صورة زعيمهم الملا هيبة الله أخوندزاده في كابل (رويترز)
TT

ما التهديد الذي يشكله تنظيم «داعش» في أفغانستان؟

أعضاء من قوات «طالبان» يتجمعون وينظرون إلى صورة زعيمهم الملا هيبة الله أخوندزاده في كابل (رويترز)
أعضاء من قوات «طالبان» يتجمعون وينظرون إلى صورة زعيمهم الملا هيبة الله أخوندزاده في كابل (رويترز)

ما زال تنظيم «داعش»؛ الذي يعدّه الأميركيون تهديداً لآلاف الأفغان الذين ينتظرون بفارغ الصبر في مطار كابل للفرار إلى الغرب، يكن كراهية شديدة تجاه «طالبان»؛ الحكام الجدد للبلاد.
وبرر الرئيس الأميركي جو بايدن، أول من أمس الثلاثاء، قراره الإبقاء على 31 أغسطس (آب) الحالي، موعداً نهائياً لانسحاب القوات الأجنبية من أفغانستان وإنهاء عمليات الإجلاء، بقوله: «هناك خطر هجوم كبير ومتزايد» من جانب تنظيم «داعش» في المطار.
وأشارت لندن صباح اليوم الخميس إلى تهديد إرهابي «خطير جداً» و«وشيك» ضد مطار كابل.
بعد وقت قصير من إعلان تنظيم «داعش» عن «الخلافة» في العراق وسوريا في عام 2014، أعلن أعضاء سابقون في حركة «طالبان» باكستان، ولاءهم لزعيم الجماعة أبو بكر البغدادي.
وانضم إليهم لاحقاً أفغان محبطون ومنشقون عن حركة «طالبان»، وفي أوائل عام 2015، اعترف تنظيم «داعش» بإنشاء ولاية له في «خراسان».
و«خراسان» هو الاسم القديم الذي يطلق على منطقة تضم أجزاءً من أفغانستان الحالية وباكستان وإيران وآسيا الوسطى.
أنشأ «داعش في العراق والشام - ولاية خراسان» رأس جسر عام 2015 في منطقة اشين الجبلية، بمقاطعة ننغارهار في شرق أفغانستان، وهو الوحيد الذي تمكن من إقامة وجود ثابت، وكذلك في منطقة كونار المجاورة.
وفي كل المناطق الأخرى، اشتبك التنظيم مع «طالبان» رغم أنه تمكن من تشكيل خلايا نائمة في أماكن أخرى في أفغانستان، خصوصاً في العاصمة، وفي باكستان، وفقاً للأمم المتحدة.
وتفيد أحدث التقديرات بأن أعداد مقاتليه تتراوح بين 500 وبضعة آلاف؛ بحسب تقرير لمجلس الأمن الدولي صدر في يوليو (تموز).
وأعلن «تنظيم داعش - ولاية خراسان» مسؤوليته عن بعض أكثر الهجمات دموية في السنوات الأخيرة في أفغانستان وباكستان؛ ذبح مدنيين في مساجد ومستشفيات وأماكن العامة.
وفي أغسطس 2019، أعلن التنظيم مسؤوليته عن هجوم على شيعة خلال حفل زفاف في كابل، أسفر عن مقتل 91 شخصاً.
وأسفر هجوم في مايو (أيار) 2020 استهدف مستشفى للتوليد في كابل، عن مقتل 25 شخصاً؛ من بينهم 16 أماً ورضيعاً.
وفي الولايات التي تمركز فيها، ترك وجوده آثاراً عميقة. أطلق مقاتلوه النار على قرويين وقطعوا رؤوسهم وعذبوهم وأرهبوهم وتركوا ألغاماً أرضية في كل مكان، حسب ما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.
ورغم أنهما مجموعتان متطرفتان، فإنهما تختلفان من حيث العقيدة والاستراتيجية، وتتنافسان حول تجسيد التطرف.
وفي دليل على العداء الشديد بينهما، وصفت بيانات لتنظيم «داعش» حركة «طالبان» بـ«الكفار».
واجه «تنظيم داعش - ولاية خراسان» قمعاً من «طالبان» استهدف المنشقين عنها، ولم يتمكن من توسيع أراضيه، بخلاف النجاح الذي حققه التنظيم في العراق وسوريا.
في عام 2019، أعلن الجيش الحكومي في أفغانستان، بعد عمليات مشتركة مع الولايات المتحدة، هزيمته في ولاية ننغارهار (شرق).
ووفقاً لتقديرات الولايات المتحدة والأمم المتحدة، يعمل «تنظيم داعش - ولاية خراسان» منذ ذلك الحين من خلال خلاياه النائمة في المدن، من أجل شن هجمات كبيرة.
انتقد تنظيم «داعش» بشدة الاتفاق الذي أبرم في فبراير (شباط) 2020 في الدوحة بين واشنطن و«طالبان» والذي ينص على انسحاب القوات الأميركية والأجنبية من أفغانستان، متهماً الحركة بالتراجع عن القضية الجهادية.
وبعد دخول كابل والاستيلاء على السلطة في 15 أغسطس الحالي، تلقت «طالبان» تهنئة من العديد من الجماعات متطرفة، لكن ليس من تنظيم «داعش».
لكن التنظيم قد يستفيد من انهيار أفغانستان. وأشار «مستر كيو»، وهو مختص غربي في شؤون تنظيم «داعش» وينشر بحوثه على «تويتر» تحت هذا الاسم المستعار، إلى 216 هجوماً نفذه تنظيم «داعش - ولاية خراسان» بين 1 يناير (كانون الثاني) الماضي و11 أغسطس الحالي، مقارنة بـ34 هجوماً خلال الفترة نفسها من العام الماضي.
وقال لوكالة الصحافة الفرنسية الأسبوع الماضي: «هذا الأمر يجعل أفغانستان من أكثر ولايات تنظيم (داعش) نشاطاً. ليس كل شيء مرتبطاً مباشرة بالانسحاب الأميركي، لكن انتصار (طالبان) يوفّر متنفسا لتنظيم (داعش - ولاية خراسان)».
وأقر كولن كلارك، مدير «مركز صوفان للبحوث الجيوسياسية» في نيويورك، بأن «انهيار الجيش الأفغاني تذكير غريب لما رأيناه في العراق عام 2011 أخشى أن يتكرر الوضع في أفغانستان، مع تطور تنظيم (داعش) وانبعاث (القاعدة)».
يقول المسؤولون الأميركيون إن المطار الذي يضمن أمنه جنودهم ويتجمع فيه آلاف الأفغان الراغبين في مغادرة بلادهم، عرضة لتهديد مباشر من تنظيم «داعش - ولاية خراسان».
ودعت الولايات المتحدة وأستراليا وبريطانيا ليل الأربعاء - الخميس رعاياها إلى الابتعاد بأسرع ما يمكن عن المطار بسبب تهديدات «إرهابية».
وفي الأيام الأخيرة، غادرت طائرات نقل عسكرية كابل بإطلاق مواد متوهجة، وهي تستخدم خصوصاً بهدف تشتيت الصواريخ.


مقالات ذات صلة

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

الولايات المتحدة​ أحمد الشرع مجتمعاً مع رئيس حكومة تسيير الأعمال محمد الجلالي في أقصى اليسار ومحمد البشير المرشح لرئاسة «الانتقالية» في أقصى اليمين (تلغرام)

«رسائل سريّة» بين إدارة بايدن و«تحرير الشام»... بعلم فريق ترمب

وجهت الإدارة الأميركية رسائل سريّة الى المعارضة السورية، وسط تلميحات من واشنطن بأنها يمكن أن تعترف بحكومة سورية جديدة تنبذ الإرهاب وتحمي حقوق الأقليات والنساء.

علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي فصائل الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا تدخل منبج (إعلام تركي)

عملية للمخابرات التركية في القامشلي... وتدخل أميركي لوقف نار في منبج

يبحث وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في تركيا الجمعة التطورات في سوريا بعد سقوط نظام بشار الأسد.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي مواطنون من عفرين نزحوا مرة أخرى من قرى تل رفعت ومخيمات الشهباء إلى مراكز إيواء في بلدة الطبقة التابعة لمحافظة الرقة (الشرق الأوسط)

ممثلة «مسد» في واشنطن: «هيئة تحرير الشام» «مختلفة» ولا تخضع لإملاءات تركيا

تقول سنام محمد، ممثلة مكتب مجلس سوريا الديمقراطي في واشنطن، بصفتنا أكراداً كنا أساسيين في سقوط نظام الأسد، لكن مرحلة ما بعد الأسد تطرح أسئلة.

إيلي يوسف (واشنطن)
المشرق العربي مقاتلون من المعارضة في حمص يتجمعون بعد أن أبلغت قيادة الجيش السوري الضباط يوم الأحد أن حكم بشار الأسد انتهى (رويترز)

«داعش» يعدم 54 عنصراً من القوات السورية أثناء فرارهم

أعدم تنظيم «داعش» 54 عنصراً من القوات الحكومية في أثناء فرارهم في بادية حمص وسط سوريا، تزامناً مع سقوط الرئيس بشار الأسد.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
المشرق العربي عنصر من المعارضة السورية المسلحة في حمص يحتفل بدخول العاصمة دمشق (إ.ب.أ)

الأردن ومخاوف من خلط أوراق المنطقة والخشية من فوضى سوريا

يبدي أمنيون أردنيون مخاوفهم من عودة الفوضى لمناطق سورية بعد الخروج المفاجئ للأسد إلى موسكو، وان احتمالات الفوضى ربما تكون واردة جراء التنازع المحتمل على السلطة.

محمد خير الرواشدة (عمّان)

«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)

دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرار غير ملزم صدر بغالبية ساحقة وصوّتت ضدّه خصوصا الولايات المتحدة وإسرائيل إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في قطاع غزة.

والقرار الذي صدر بغالبية 158 دولة مؤيدة في مقابل 9 دول صوّتت ضدّه و13 دولة امتنعت عن التصويت، يدعو إلى "وقف لإطلاق النار فوري وغير مشروط ودائم" وكذلك أيضا إلى "الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن"، وهي صيغة مشابهة لتلك التي وردت في مشروع قرار استخدمت ضدّه واشنطن في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الفيتو في مجلس الأمن الدولي.

واستخدمت الولايات المتحدة يومها حق النقض لحماية إسرائيل التي تشن منذ أكثر من سنة هجوما عسكريا في قطاع غزة ردا على هجوم غير مسبوق نفذته حركة حماس على جنوب الدولة العبرية. وعطّل الأميركيون في حينها صدور قرار في مجلس الأمن يطالب بوقف إطلاق نار "فوري وغير مشروط ودائم" في غزة، مشترطين من أجل إقرار أي هدنة إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في القطاع منذ هجوم حماس.

وقبيل التصويت على النصّ، قال نائب السفيرة الأميركية في الأمم المتّحدة روبرت وود إنّه سيكون من "المخزي" تبنّي مشروع القرار لأنّه "قد يوجّه إلى حماس رسالة خطرة مفادها أنّ لا حاجة للتفاوض أو لإطلاق سراح الرهائن"، في وقت تحدّثت فيه وزارة الدفاع الإسرائيلية عن "فرصة" لإبرام اتفاق لاستعادة الرهائن.

بدوره قال السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة داني دانون إنّ "تصويت اليوم ليس تصويت رحمة، بل هو تصويت تواطؤ" و"خيانة" و"تخلّ" عن الرهائن المحتجزين في القطاع الفلسطيني.