قتلى في أول صدام بين «طالبان» ومعارضين لحكمها

إطلاق نار لتفريق حشود في مطار كابل... وقيادي في «شبكة حقاني» يلتقي مسؤولين من الحكم السابق

مقاتلون من «طالبان» يجوبون حي وزير أكبر خان في كابل أمس (أ.ب)
مقاتلون من «طالبان» يجوبون حي وزير أكبر خان في كابل أمس (أ.ب)
TT

قتلى في أول صدام بين «طالبان» ومعارضين لحكمها

مقاتلون من «طالبان» يجوبون حي وزير أكبر خان في كابل أمس (أ.ب)
مقاتلون من «طالبان» يجوبون حي وزير أكبر خان في كابل أمس (أ.ب)

شهدت أفغانستان، أمس، أول مواجهة بين حركة «طالبان» ومعارضين لحكمها في جلال آباد، عاصمة ولاية ننغرهار بشرق البلاد، في حين أطلق عناصر الحركة النار في الهواء لتفريق حشود عند مطار كابل الذي يشهد جسراً جوياً لنقل آلاف من الأجانب والأفغان الذين يخشون انتقام «طالبان» منهم بسبب عملهم مع القوات الغربية أو الحكومة الأفغانية السابقة.
وقال شاهدان لـ«رويترز»، إن ثلاثة أشخاص قُتلوا وأكثر من عشرة أصيبوا بجروح بعد أن فتح مقاتلون من «طالبان» النار خلال احتجاجات ضد الحركة في مدينة جلال آباد الأفغانية أمس (الأربعاء). وقال مصدر من «طالبان»، إن شخصاً قُتل في المدينة الواقعة على بعد نحو 150 كيلومتراً إلى الشرق من كابل.
وقال الشاهدان، إن إطلاق النار حدث عندما حاول سكان رفع العلم الوطني الأفغاني في ميدان بالمدينة.
وأظهرت لقطات مصورة لوكالة «باجوك» المحلية للأنباء محتجين في المدينة يحملون العلم الأفغاني ويفرون، بينما يتردد في الخلفية دوي إطلاق النار.
وقال مسؤول سابق بالشرطة لـ«رويترز»، إن أربعة قُتلوا وأصيب 13 في الاحتجاجات. ولم يذكر تفاصيل. ولم يتسن التحقق من كيفية سقوط القتلى.
وقال عضو في «طالبان» كان موجوداً في جلال آباد أثناء الحادث لـ«رويترز»، «كان هناك بعض مثيري الشغب الذين أرادوا إثارة مشكلات لنا». وأضاف «هؤلاء يستغلون سياساتنا اللينة».
واجتمع ممثلون من «طالبان» أمس مع ممثلي قوى سياسية أخرى في أفغانستان، ومن بينهم الرئيس السابق حامد كرزاي، وفق صور منشورة على موقع «تويتر» للتواصل. وأظهرت الصور كرزاي، ورئيس المجلس الأعلى للمصالحة الوطنية، عبد الله عبد الله، في لقاء مع أنس حقاني، العضو البارز بحركة «طالبان»، والزعيم البارز لشبكة حقاني المتشددة والمسلحة، حسب ما أوردت وكالة الأنباء الألمانية.
ونقلت وسائل إعلام محلية أفغانية عن مصادر، لم تكشف عن هويتها، القول، إن الاجتماع تم في منزل عبد الله عبد الله بالعاصمة كابل.
ووزعت «طالبان» أمس بياناً تناولت فيه قرارها إطلاق سراح المعتقلين السياسيين من جميع سجون البلد. وجاء في البيان «بناءً على قرار العفو العام الصادر من قبل زعيم الإمارة الإسلامية (...) هبة الله آخندزاده (...) فإنه يُحكم بإطلاق سراح المعتقلين السياسيين من جميع سجون البلاد... لذا؛ على جميع حكام الولايات - من الغد - أن يطلقوا سراح جميع المعتقلين السياسيين (كبارا وصغاراً) دون أي قيد أو شرط».

إجلاء الأجانب
في غضون ذلك، قال المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) جون كيربي، أمس، إن القوات الأميركية التي تقوم بحماية عمليات الإجلاء من مطار كابل أطلقت بعض الأعيرة النارية في الهواء خلال الليل في مسعى للسيطرة على الحشود، لكن ليس هناك مؤشرات على سقوط ضحايا أو وقوع إصابات بسبب ذلك.
وأضاف كيربي في إفادة صحافية، أن الأعيرة النارية التي أطلقتها القوات الأميركية لم توجه صوب الأفغان أو أي شخص آخر. وأشار إلى أن عدد القوات الأميركية في مطار كابول الدولي أمس وصل إلى 4500 جندي تقريباً، وأن مئات عدة من المتوقع وصولهم خلال الساعات الأربع والعشرين المقبلة.
وقال مسؤول من «طالبان» بشكل منفصل، إن قادة من الحركة وجنوداً أطلقوا النار في الهواء أمس لتفريق حشود في مطار كابل. وأضاف المسؤول لـ«رويترز»، «لا نية لدينا لإيذاء أو إصابة أي أحد». وقال المسؤول، إن الفوضى متواصلة خارج المطار وألقى باللائمة على القوات الغربية بسبب «خطة الإجلاء الفوضوية» من أفغانستان.
وجاء إطلاق النار في وقت يتواصل إجلاء دبلوماسيين وأجانب وأفغان عملوا معهم، في ظروف صعبة في كابل منذ سقوطها في أيدي «طالبان». وأقيم جسر جوي منذ الأحد مع تسيير طائرات من العالم أجمع إلى مطار كابل الذي اجتاحته حشود تريد الفرار من البلاد وتسيطر «طالبان» على محيطه، حسب ما ذكرت وكالة الصحافة الفرنسية. وبات الجزء الأكبر من الأشخاص الذين لجأوا إلى سفارة فرنسا في كابل في مكان آمن بعد إجلاء الجيش الفرنسي ليل الثلاثاء - الأربعاء 216 شخصاً ظهر الأربعاء، وهم 184 أفغانياً «من المجتمع المدني في حاجة إلى حماية» و25 فرنسياً وأربعة هولنديين وإيرلندي وكينيان. والثلاثاء، أُخرج 41 مواطناً فرنسياً وأجنبياً بالطريقة نفسها.
من جهتها، أجلت المملكة المتحدة 306 بريطانيين و2052 أفغانياً على ما أعلن رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون.
وأجلى الجيش الأميركي من جهته أكثر من 3200 شخص، هم خصوصاً موظفون أميركيون، بواسطة طائرات عسكرية. ونُقل أيضاً نحو ألفي لاجئ أفغاني إلى الولايات المتحدة.
وتنوي الولايات المتحدة إجلاء أكثر من 30 ألف شخص عبر قواعدها في الكويت وقطر.
وتمكنت طائرة عسكرية ألمانية حطت ليل الاثنين - الثلاثاء في كابل من نقل سبعة أشخاص فقط، في حين كان مئات آخرون ينتظرون، حسب تقرير الوكالة الفرنسية.
وتتهم برلين حركة «طالبان» بعرقلة وصول الأفغان إلى المطار، في حين ينبغي إجلاء عشرة آلاف منهم تعاونوا مع الجيش الألماني أو مع منظمات غير حكومية، وأفراد من عائلاتهم.
وقالت النمسا ورومانيا كذلك، إن رعاياهما والأفغان الذين تنويان إجلاؤهم يواجهون صعوبة في التوجه إلى المطار.
وأشارت وزارة الخارجية الأوزبكستانية إلى أنها قدمت «مساعدة فنية لألمانيا» مع توقف الأشخاص الذين تم اجلاؤهم في مطار طشقند إلى حين مغادرتهم إلى ألمانيا.
ووصلت طائرة عسكرية إسبانية الأربعاء إلى كابل عبر دبي وستتبعها طائرتان أخريان. كما أجلت هولندا الأربعاء دفعة أولى من رعاياها. وتعذر على بعض الذين كانوا سيستقلون طائرة أولى الوصول إلى المطار في الوقت المناسب بسبب عرقلة من جنود أميركيين. إلا أن طائرة أخرى أقلعت من كابل ناقلة 35 هولندياً وبلجيكياً تقريباً فضلاً عن ألمان وبريطانيين، متوجهة إلى تبيليسي على ما ذكرت وزارة الدفاع الهولندية.
وأجلت بولندا 50 شخصاً إلى أوزبكستان من حيث ستعيدهم طائرة مدنية إلى بلدهم. وستواصل طائرتان عسكريتان رحلات الذهاب والإياب. وقال رئيس الوزراء البولندي ماتوش مورافيتشي، إن حلف شمال الأطلسي والاتحاد الأوروبي طلبا من وارسو إخراج موظفين لهما.
وأخرجت النرويج 14 من رعاياها وتواصل عملياتها في وضع «صعب للغاية» على ما قالت وزيرة الخارجية النرويجية.
وحصلت عمليات إجلاء أخرى لرعايا أوروبيين وأفغان منذ الاثنين من قبل تشيكيا ومقدونيا الشمالية وألبانيا وكوسوفو. وأجلت كازاخستان من جهتها 42 شخصاً من كابول.

الهزارة
على صعيد آخر، دُمر الأربعاء رأس تمثال عبد العلي مزاري، وهو زعيم سياسي لأقلية الهزارة قُتل عندما كان سجيناً لدى «طالبان» في تسعينات القرن الماضي، في مدينة باميان في وسط أفغانستان، وفق ما أفاد أحد السكان. وقال المصدر من دون كشف اسمه لوكالة الصحافة الفرنسية «التمثال دُمّر الليلة (قبل) الماضية. لقد استخدموا متفجرات»، من دون التمكن من القول من الجهة التي تقف وراء ذلك. وأطاحت المتفجرات رأس التمثال، لكن القسم المتبقي ما زال سليماً. وأضاف «لا نعرف تحديداً من فجر التمثال، لكن هناك مجموعات مختلفة من (طالبان) موجودة هنا، بعضها معروف بوحشيته». وتابع «لا نعرف من وراء هذا الأمر، لكن بعض المسنين التقوا حاكم (طالبان) (...) واشتكوا له وقال إنه سيحقق» في الحادث.
أما زارا، وهي إحدى السكان طلبت أيضاً عدم كشف هويتها، فألقت باللوم على «طالبان» بشكل مباشر قائلة، إن مجموعة من مقاتليها استخدمت قاذفة صواريخ من أجل تدمير التمثال. وأضافت «دمّر التمثال والناس يشعرون بالحزن، لكنهم خائفون أيضاً».
وفي عام 2001، أثارت «طالبان» احتجاجات دولية بعد تدميرها تماثيل بوذا في باميان، تعود إلى 1500 عام.
وقتل مزاري عام 1995 بعدما أسرته «طالبان» التي زعمت أنه حاول الاستيلاء على سلاح أحد حراسه أثناء نقله بهليكوبتر، وأنه أصيب بطلق ناري بعد مواجهة مع الأخير.
وتمثل أقلية الهزارة الشيعية ما بين 10 و20 في المائة من 38 مليون أفغاني.



الأمم المتحدة تسعى لجمع 47 مليار دولار لمساعدة 190 مليون شخص في 2025

فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
TT

الأمم المتحدة تسعى لجمع 47 مليار دولار لمساعدة 190 مليون شخص في 2025

فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)
فلسطينيون يتجمعون للحصول على طعام في مركز توزيع بقطاع غزة (أ.ب)

أطلق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا»، الأربعاء، نداء لجمع أكثر من 47 مليار دولار، لتوفير المساعدات الضرورية لنحو 190 مليون شخص خلال عام 2025، في وقتٍ تتنامى فيه الحاجات بسبب النزاعات والتغير المناخي.

وقال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية، ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، توم فليتشر، مع إطلاق تقرير «اللمحة العامة عن العمل الإنساني لعام 2025»، إن الفئات الأكثر ضعفاً، بما في ذلك الأطفال والنساء والأشخاص ذوو الإعاقة والفقراء، يدفعون الثمن الأعلى «في عالم مشتعل».

سودانيون فارُّون من المعارك بمنطقة الجزيرة في مخيم للنازحين بمدينة القضارف (أ.ف.ب)

وفي ظل النزاعات الدامية التي تشهدها مناطق عدة في العالم؛ خصوصاً غزة والسودان وأوكرانيا، والكلفة المتزايدة للتغير المناخي وظروف الطقس الحادة، تُقدِّر الأمم المتحدة أن 305 ملايين شخص في العالم سيحتاجون إلى مساعدات إنسانية، العام المقبل.

أطفال يحملون أواني معدنية ويتزاحمون للحصول على الطعام من مطبخ يتبع الأعمال الخيرية في خان يونس بقطاع غزة (إ.ب.أ)

وأوضح «أوتشا»، في تقريره، أن التمويل المطلوب سيساعد الأمم المتحدة وشركاءها على دعم الناس في 33 دولة و9 مناطق تستضيف اللاجئين.

وقال فليتشر: «نتعامل حالياً مع أزمات متعددة... والفئات الأكثر ضعفاً في العالم هم الذين يدفعون الثمن»، مشيراً إلى أن اتساع الهوة على صعيد المساواة، إضافة إلى تداعيات النزاعات والتغير المناخي، كل ذلك أسهم في تشكُّل «عاصفة متكاملة» من الحاجات.

ويتعلق النداء بطلب جمع 47.4 مليار دولار لوكالات الأمم المتحدة وغيرها من المنظمات الإنسانية لسنة 2025، وهو أقل بقليل من نداء عام 2024.

وأقر المسؤول الأممي، الذي تولى منصبه في نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بأن الأمم المتحدة وشركاءها لن يكون في مقدورهم توفير الدعم لكل المحتاجين.

أم أوكرانية تعانق ابنها بعد عودته من روسيا... الصورة في كييف يوم 8 أبريل 2023 (رويترز)

وأوضح: «ثمة 115 مليون شخص لن نتمكن من الوصول إليهم»، وفق هذه الخطة، مؤكداً أنه يشعر «بالعار والخوف والأمل» مع إطلاق تقرير «اللمحة العامة»، للمرة الأولى من توليه منصبه.

وعَدَّ أن كل رقم في التقرير «يمثل حياة محطمة» بسبب النزاعات والمناخ «وتفكك أنظمتنا للتضامن الدولي».

وخفضت الأمم المتحدة مناشدتها لعام 2024 إلى 46 مليار دولار، من 56 ملياراً في العام السابق، مع تراجع إقبال المانحين على تقديم الأموال، لكنها لم تجمع إلا 43 في المائة من المبلغ المطلوب، وهي واحدة من أسوأ المعدلات في التاريخ. وقدمت واشنطن أكثر من 10 مليارات دولار؛ أي نحو نصف الأموال التي تلقتها. وقال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية إن عمال الإغاثة اضطروا لاتخاذ خيارات صعبة، فخفّضوا المساعدات الغذائية 80 في المائة في سوريا، وخدمات المياه في اليمن المعرَّض للكوليرا. والمساعدات ليست سوى جزء واحد من إجمالي إنفاق الأمم المتحدة، التي لم تفلح لسنوات في تلبية احتياجات ميزانيتها الأساسية بسبب عدم سداد الدول مستحقاتها. وعلى الرغم من وقف الرئيس المنتخب دونالد ترمب بعض الإنفاق في إطار الأمم المتحدة، خلال ولايته الرئاسية الأولى، فإنه ترك ميزانيات المساعدات في الأمم المتحدة بلا تخفيض. لكن مسؤولين ودبلوماسيين يتوقعون تقليل الإنفاق في ولايته الجديدة، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

من جانبه، قال يان إيغلاند، الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين: «الولايات المتحدة علامة استفهام كبيرة... أخشى أننا ربما نتعرض لخيبة أمل مريرة؛ لأن المزاج العام العالمي والتطورات السياسية داخل الدول ليست في مصلحتنا». وكان إيغلاند قد تولّى منصب فليتشر نفسه من 2003 إلى 2006. والمشروع 2025، وهو مجموعة من المقترحات المثيرة للجدل التي وضعها بعض مستشاري ترمب، يستهدف «الزيادات المسرفة في الموازنة» من الوكالة الأميركية للتنمية الدولية. ولم تردَّ الإدارة التي يشكلها ترامب على طلب للتعليق. وأشار فليتشر إلى «انحلال أنظمتنا للتضامن الدولي»، ودعا إلى توسيع قاعدة المانحين. وعند سؤال فليتشر عن تأثير ترمب، أجاب: «لا أعتقد أنه لا توجد شفقة لدى هذه الحكومات المنتخبة». ويقول مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية إن أحد التحديات هو استمرار الأزمات لفترة أطول تبلغ عشر سنوات في المتوسط. وقال مايك رايان، المدير التنفيذي لبرنامج منظمة الصحة العالمية للطوارئ الصحية، إن بعض الدول تدخل في «حالة أزمة دائمة». وحلّت المفوضية الأوروبية، الهيئة التنفيذية في الاتحاد الأوروبي، وألمانيا في المركزين الثاني والثالث لأكبر المانحين لميزانيات الأمم المتحدة للمساعدات، هذا العام. وقالت شارلوت سلينتي، الأمين العام لمجلس اللاجئين الدنماركي، إن إسهامات أوروبا محل شك أيضاً في ظل تحويل التمويل إلى الدفاع. وأضافت: «إنه عالم أكثر هشاشة وعدم قابلية على التنبؤ (مما كان عليه في ولاية ترمب الأولى)، مع وجود أزمات أكثر، وإذا كانت إدارة الولايات المتحدة ستُخفض تمويلها الإنساني، فقد يكون سد فجوة الاحتياجات المتنامية أكثر تعقيداً».