أندريه راجولينا... رئيس مدغشقر المثير للجدل

لمّح إلى تورّط فرنسا في مخطط لاغتياله

أندريه راجولينا... رئيس مدغشقر المثير للجدل
TT

أندريه راجولينا... رئيس مدغشقر المثير للجدل

أندريه راجولينا... رئيس مدغشقر المثير للجدل

مستغلاً مهارته الإعلامية وعشقه اللافت للأضواء، منذ عمله «منسقاً للأسطوانات الغنائية» عندما كان العشرينات من عمره، استطاع أندريه راجولينا (47 سنة) رئيس جمهورية مدغشقر، جذب الانتباه العالمي إلى بلاده عبر تصريحاته وأخباره المثيرة للجدل دائماً، ولعل أشهرها إعلانه الكشف عن مشروب عشبي لعلاج «كوفيد - 19»، وأخيراً تلميحه بتورط فرنسا في محاولة اغتياله وقلب الحكم في المستعمرة الفرنسية السابقة.
فقد نجا راجولينا من محاولة اغتيال، وفق ما أعلنته النيابة العامة في مدغشقر، يوم 22 يوليو (تموز) الماضي، وجرى توقيف فرنسيين اثنين ومواطنين آخرين، خلال عملية أمنية على خلفية الأمر. ووفق النيابة، فإن المعتقلين كانوا يخططون لقتل مسؤولين كبار في الدولة، من بينهم الرئيس. ومع أن النيابة تحدثت عن وجود أدلة لدى أجهزة الأمن، فإن المدعي العام في مدغشقر لم يقدم أي معلومات بخصوص هذه الأدلة. أما الفرنسيان فهما شرطيان متقاعدان، كما ذكرت وكالة أنباء «تاراترا» المحلية التابعة لوزارة الاتصالات. ومن جانبها، قالت المدعية العامة برتين رازافياريفوني «لقد أوقف مواطنون أجانب وملغاش (أي مدغشقريون) في إطار تحقيق بشأن هجوم طال أمن الدولة». وتابعت «استناداً إلى الأدلة المادية التي نملكها، وضع هؤلاء الأفراد خطة للقضاء على العديد من الشخصيات الملغاشية وتحييدها بمن فيهم رئيس البلاد».
لم يخفِ رئيس مدغشقر آندريه راجولينا شكوكه حول تورط محتمل لفرنسا في مخطط لـ«الانقلاب» ببلاده. وقال بعد أسبوعين من توقيف المتهمين «إذا كانوا يريدون قتلي فذلك بسبب التزامي بحماية أمتنا». وأردف «من بين مدبري الاغتيال هناك كولونيل فرنسي قاد وحدات في تشاد وكوسوفو وأفغانستان». ومن ثم، دعا راجولينا، في مداخلة على القنوات التلفزيونية العامة، إلى «السماح للقضاء بمواصلة عمله»، مؤكداً «ليس لدي مشكلة شخصية في علاقاته مع فرنسا... وعلينا انتظار نتائج التحقيق التي ستكشف ما إذا كان عملاً منفرداً أم لا، والتحقيق هو الذي سيجيب على كل ذلك».
من ناحية أحرى، نفى راجولينا صلة الفاتيكان بالأمر، قائلاً «في السيرة الذاتية للعقل المدبر للخطة وبطاقات عمله، كتب أنه مستشار لرئيس أساقفة (العاصمة الملغاشية) أنتاناناريفو. لكن كل ما يمكنني قوله هو إنني تلقيت خطاباً من الفاتيكان يعبّر عن تضامنه معي، بعد محاولة الاغتيال هذه». وهنا تجدر الإشارة، إلى أن مدغشقر (أو الجمهورية الملغاشية) التي تغطي أرضها إحدى أكبر جزر العالم، كانت إحدى الدول الأفريقية الخاضعة للاستعمار الفرنسي، ونالت استقلالها عام 1960. هذا، ومَثُل المتهمان الفرنسيان أمام قاضٍ في الرابع من أغسطس (آب) (أب) الجاري، كما أعلن محاموهما. وقرّر القاضي توجيه الاتهام إليهما رسمياً واحتجازهما في سجن شديد الحراسة، وذلك بعد توقيفهما لمدة أسبوعين بتهم «تعريض أمن الدولة للخطر، والتآمر لقتل الرئيس، والتعامل مع مجرمين»
حسب دليل الشركات في مدغشقر، يدير فيليب ف. شركة استثمار واستشارات للمستثمرين الدوليين في مدغشقر. وكان هذا الكولونيل السابق في الجيش الفرنسي استقر في الجزيرة مطلع 2020، كما أشارت وكالة الصحافة الفرنسية (أ.ف.ب). أما بول ر. فهو فرنسي ملغاشي يعرف الرئيس راجولينا جيداً، بل كان مستشاراً دبلوماسياً له حتى عام 2011، وهو يقدم نفسه على الإنترنت على أنه مستشار لأبرشية أنتاناناريفو التي نأت بنفسها عنه مؤكدة أنها ليست «مسؤولة عن الأشخاص الذين يستخدمون اسمها من دون تفويض صريح».
وبول ر. هذا، من مواليد 1963 وكان برتبة كابتن عندما غادر قوات الدرك في 1994، حسب مصدر في الدرك الفرنسي.
- مُنسّق أسطوانات عصامي
محاولة اغتيال آندري راجولينا الأخيرة، هي حلقة ضمن حلقات حياته المليئة بالإثارة، بفضل تطلعاته وسعيه للصعود. إذ وُلد راجولينا يوم 30 مايو (أيار) عام 1974، في مدينة أنتسيرابي، ثالث كبرى مدن مدغشقر، لعائلة كاثوليكية ثرية نسبياً من شعب الميرينا، أكبر الشعوب المكوّنة للنسيج الديمغرافي الملغاشي. أما والده فهو العقيد المُتقاعد روجيه إيف راجولينا، الذي حارب في صفوف الجيش الفرنسي في «حرب الجزائر» ويحمل جنسية مزدوجة.
مارس آندري راجولينا الرياضة مبكّرا وتفوق فيها، وفي سن الـ13 أصبح بطلاً وطنياً في لعبة الكاراتيه لفئة الناشئين وكان ذلك عام 1987. ومع أن ثراء أسرة راجولينا كان كفيلاً بتعليم ابنها، اختار آندري أن يوقف دراسته بعد المرحلة الثانوية، ليبدأ مشواره كريادي أعمال «عصامي»، كما يفضل أن يوصف نفسه. وكانت أول مهنة امتهنها هي مُنسّق أغاني «دي جي» في النوادي، حيث كان مولعاً بالموسيقى منذ صغره، ثم امتهن لاحقاً تعهد الأحداث الموسيقية في العاصمة أنتاناناريفو وتنظيمها.
وبالفعل، عام 1993 أسّس راجولينا شركة إنتاج للمناسبات أسماها «شو بيزنيس». وبفضل معرفته وشغفه، إلى جانب شبكة علاقات أبيه الواسعة، نجحت الشركة بشكل كبير. وبحلول العام التالي وتثبيت قدم الشركة واشتهارها بين الشباب في تنظيم الحفلات نظمت الشركة الحفل السنوي «لايف» يجمع الفنانين الموسيقيين الأجانب والملغاشيين. وسُرعان ما أسّس إذاعة «فيفا راديو» الخاصة به، التي كانت تبثّ مزيجاً متنوعاً من الموسيقى، وهكذا، بدأ نجم راجولينا يلمع أكثر على مستوى البلاد.
الشهرة أهّلت راجولينا أيضاً لاقتحام عالم الإعلام؛ إذ أسس عام 1999 شركة «انجيت»، للإعلان والطباعة الرقمية، التي نمت أيضاً بسرعة وعُرفت في جميع أنحاء العاصمة، وكانت أول شركة جعلت تقنية الطباعة الرقمية متوافرة في عموم مدغشقر. وازدهرت أعمال الشاب الطموح أكثر وتوسّع حضوره في مجال الإعلام، وبعد زواجه عام 2000، استثمر والدا زوجته في شركته وأتاحا له الحصول على شركة الإعلانات «دومابوب» عام 2001، بعدما كانت هذه الشركة تنافسه. ومن ثم، وعمل الزوجان على إدارة شركات العائلتين؛ ما أسهم في خصول راجولينا حصوله على لقب أفضل رجل أعمال في مدغشقر من قبَل البنك الفرنسي عام 2003.
- الرحلة إلى السلطة
مشاريع راجولينا الإعلامية الناجحة، أهّلته أيضاً لكسب نفوذ قوي في الدولة، ومهّدت لدخوله الساحة السياسية، عبر إنشاء حزب رسمي أسماه «تي جي في» - وتعني «الشباب الملغاشي المصمم» - . وبفضل هذا المنبر السياسي، ترشح لانتخابات منصب عمدة العاصمة أنتاناناريفو، وفاز بالمنصب.
ولم يتوقف قطار طموح الشاب المنطلق بقوة، إذ عارض بشدة الرئيس (يومذاك) مارك رافالومانانا. ومع حلول عام 2009، قاد سلسلة من التجمّعات السياسية في وسط أنتاناناريفو، للاحتجاج على سياسات رئيس بلاده، مستخدماً القنوات الإعلامية التي سبق واشتراها كمنافذ لنقد إدارة رافالومانانا، وسرعان ما حوّل صورته العامة إلى صورة زعيم معارض قوي، إلى أن أجبر الرئيس على تقديم استقالته. وفي 31 يناير (كانون الثاني) 2009، أعلن راجولينا، بدعم الجيش، أنه مسؤول عن شؤون البلاد، وقال «بما أن الرئيس والحكومة لم يتحملا مسؤولياتهما، فإني أعلن بالتالي أنني سأدير كل الشؤون الوطنية اعتباراً من اليوم».
وحكم راجولينا مدغشقر، اعتباراً مارس (آذار) 2009، وهو في عُمر الـ34 سنة كـ«رئيس انتقالي»، وبذا غدا أصغر رئيس في تاريخ البلاد، وفي قارة أفريقيا في ذلك الوقت.
غير أن انقلاب راجولينا قوبل برفض دولي واسع. إذ قاطع سفراء دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة مراسم تنصيبه آنذاك، اعتراضاً على ما اعتبر «استيلاءً على السلطة» بطريقة غير دستورية، كما قرّر الاتحاد الأفريقي تعليق عضوية مدغشقر، مُعتبراً أن وصول راجولينا إلى الحكم «مُنافٍ للدستور». ومع هذا، لم يثنِ الموقف الدولي غير المرحِّب راجولينا عن مواصلة تنفيذ مخططه في الحكم. إذ اعتبر أن «صعوده جاء بعد انتفاضة شعبية». كذلك، أشار رئيس وزرائه الانتقالي مونجا روانديفو «لا نعتقد أننا نفذنا انقلاباً، بل نعتبر ذلك ممارسة مباشرة للديمقراطية».
- إجراءاته كرئيس
بعد وصوله إلى السلطة، حل آندري راجولينا مجلس الشيوخ والجمعية الوطنية (مجلس النواب) ونقل صلاحياتها إلى مجموعة متنوعة من هياكل الحكم الجديدة التي ألقى على عاتقها مسؤولية الإشراف على التحول نحو سلطة دستورية جديدة. ثم دفع بتعديل دستوري أدى، من بين أمور أخرى، إلى خفض الحد الأدنى لسن المرشحين للرئاسة من 40 إلى 35 سنة؛ ما جعله مؤهلاً للترشح لهذا المنصب.
ووافق الناخبون على الدستور الجديد في استفتاء وطني نظمته إدارة راجولينا في نوفمبر (تشرين الثاني) 2010، وبذا أعلن قيام «الجمهورية الرابعة»، وحدد 2013، موعداً للانتخابات الجديدة.
ولكن، تحت ضغط دولي، لم يخض راجولينا انتخابات عام 2013، وبدلاً من ذلك، دعم وزير المال السابق المنتصر هيري راجاوناريمامبيانينا. وفي الانتخابات الأخيرة، التي أجريت في ديسمبر (كانون الأول) 2018، فاز راجولينا على منافسه الرئيس وسلفه رافالومانانا في انتخابات شابتها ادعاءات بالتزوير من خصومه. وجرى تنصيبه من جديد رئيساً لمدغشقر يوم 19 يناير 2019، وبعدما أدّى القسم الرئاسي أمام 9 قضاة من المحكمة الدستورية في ملعب رياضي بالعاصمة إنتاناناريفو، قال راجولينا «للمرة الأولى في تاريخ جمهورية مدغشقر، منذ عودة الاستقلال، نشهد تغييراً ديمقراطياً ونقلاً سلمياً للسلطة بين رئيسين مُنتخبين». ومن ثم، وعد بأن «لا أحد سيكون فوق القانون، وسنستعيد قيم سيادة القانون»، مُتعهداً بتعزيز النمو الاقتصادي في البلاد التي تعدّ من أفقر بلدان العالم؛ إذ قال «سنبني مصانع في عاصمة كل إقليم لتأمين فرص عمل».
- مشجّع كروي
بحضوره الحيوي وتشجيعه الحماسي، متخلياً عن رابطة العنق وزيه الرسمي، لفت آندري راجولينا الأنظار بشدة خلال تشجيعه منتخب بلاده لكرة القدم، من مُدرجات استاد الإسكندرية في مصر، إبان مُنافسات كأس الأمم الأفريقية عام 2019، التي وصلت إليها بلاده للمرة الأولى في تاريخها. ولقد حرص راجولينا على مؤازرة مُنتخب بلاده، متخلياً عن بروتكولات الرؤساء. ونزل غير مرة إلى غرف تبديل ملابس اللاعبين لتحفيزهم قبل المباريات، خاصة المباراة التي جمعت منتخب بلاده مع منتخب الكونغو الديمقراطية والتي تمكن فيها المنتخب الملغاشي من تحقيق إنجاز تاريخي بالتأهل إلى ربع نهائي بطولة أمم أفريقيا. وحقاً، ظهر الرئيس في حالة من الفرح العارم، إلى جانب زوجته ميالي، التي حرصت على الظهور بقميص المنتخب الأخضر، فاكتسبا إعجاباً كبيراً في القارة الأفريقية بسبب تفاعلهما التلقائي مثل أي مشجع عادي.
- أعشاب لعلاج «كوفيد ـ 19»
كعادته حصد راجولينا شهرة عالمية جديدة خلال أزمة جائحة فيروس «كوفيد - 19»، عندما أعلن توصل بلاده إلى علاج بالأعشاب ضد الفيروس، وأطلق عليه «كوفيد أورغانكس»، رفضاً الانتقادات الموجه للعلاج، وقال إنها جاءت لأن «الدواء أفريقي». ومن ثم، عبّر عن رفضه للانتقادات التي وجهت إلى «العلاج»، الذي «اكتشفته» بلاده ضد الفيروس، وهو عبارة عن مشروب من خلاصات الأعشاب. وقال، إن المشككين في هذا العلاج يشككون فقط لأنه يأتي من أفريقيا «ولا يمكنهم الاعتراف بأن دولة مثل مدغشقر... توصلت إلى هذا العلاج لإنقاذ العالم»، مضيفاً أنه «لا يجوز الاستهانة بالعلماء الأفارقة». كذلك، رفض خلال مقابلة مع قناة «فرانس24»، الانتقادات التي استهدفته لترويجه للعلاج، متهماً الغرب بازدراء الطب الأفريقي التقليدي.
هذا، ويؤمن راجولينا بأن الغرب لا يريد التقدم لبلاده أو لدول العالم الثالث بشكل عام، متابعاً «لو لم تكن مدغشقر هي التي اكتشفت هذا العلاج ولو كانت دولة أوروبية هي التي اكتشفته، فهل سيكون هناك هذا الكم من الشك؟ لا أعتقد ذلك».
في أي حال، يحتوي هذا العلاج على نبتة لها خصائص مثبتة مضادة للملاريا، وأعشاب محلية أخرى. غير أن منظمة الصحة العالمية حذّرت مراراً من أن مشروب الأعشاب «كوفيد أورغانكس»، لم يُختبَر سريرياً. ورداً على مخاوف المنظمة، قال راجولينا بنبرة تحدٍ «لن يمنعنا أي بلد أو منظمة من المضي قدماً». وتابع «إن الدليل على فاعلية المشروب هو شفاء مرضانا... لقد شُفي المرضى بحصولهم على جرعات من (كوفيد أورغانكس) حصراً»، على حد زعمه.
غير أن الواقع يقول إن مدغشقر تواجه راهناً موجة «قاتلة» من فيروس «كوفيد - 19»، منذ دخول السلالة الجنوب أفريقية إلى الساحل الغربي للبلاد. وبين شح الأوكسجين ونقص الأدوية واكتظاظ المستشفيات، يبدو الوضع الصحي في طريقه للخروج عن السيطرة، وذلك رغم طمأنة السلطات الصحية. وفي هذه الأثناء، تقلل الأرقام الرسمية إلى حد بعيد من خطر الأزمة الصحية التي غرقت فيها البلاد.


مقالات ذات صلة

اختيار هاريس قد لا يكفي لتجنيب الديمقراطيين الهزيمة

حصاد الأسبوع كمالا هاريس... أمام الأختبار السياسي الأكبر (رويترز)

اختيار هاريس قد لا يكفي لتجنيب الديمقراطيين الهزيمة

هل نجح انسحاب الرئيس الأميركي جو بايدن من سباق الرئاسة في تجنيب الديمقراطيين هزيمة... كانت تتجمع نُذُرها حتى من قبل «مناظرته الكارثية» مع منافسه الجمهوري

حصاد الأسبوع ديفيد لامي

ديفيد لامي... وجه الدبلوماسية البريطانية الجديد يواجه قضايا عالمية شائكة

انتهت 14 سنة من حكم حزب المحافظين باتجاه بريطانيا يساراً مع تحقيق حزب العمال تحت زعامة السير كير ستارمر فوزاً ساحقاً منحه غالبية ضخمة بلغت 172 مقعداً. وفي حين توقف المحللون طويلاً عند حقيقة أن هذا الفوز الساحق لم يأت نتيجة زيادة كبرى في نسبة التأييد عما حصل عليه العمال في الانتخابات السابقة قبل 4 سنوات، بل بسبب انهيار الأحزاب والقوى المنافسة للحزب في عموم المناطق البريطانية التي كان يسعى إلى كسبها. وحقاً أدى تحدّي حزب الإصلاح الانعزالي اليميني المناوئ للهجرة وللتكامل الأوروبي إلى قضمه نسبة عالية وقاتلة من أصوات المحافظين ما أدى إلى انهيارهم في معاقلهم التقليدية. كذلك انهار الحزب القومي الأسكوتلندي في أسكوتلندا، وكانت الحصيلة إعادة العمال هيمنتهم عليها. ومن جهة ثانية، بينما كانت القضايا الداخلية - والاقتصادية بالذات - في اهتمامات الناخبين، فإن أنظار المتابعين الدوليين اتجهت إلى معالم السياسة الخارجية للحكومة العمالية الجديدة، أما الوجه الجديد الذي سيقود الدبلوماسية البريطانية للسنوات القليلة المقبلة فهو وزير الخارجية الجديد ديفيد لامي.

«الشرق الأوسط» (لندن)
حصاد الأسبوع جيريمي كوربن (رويترز)

سنوات المحافظين الـ14 الأخيرة غيّرت الكثير في بريطانيا

> شهدت السنوات الـ14 الأخيرة تغيّرات مهمة على مشهد الساحة السياسية البريطانية أثّرت في كيميائها داخلياً وبدلت الكثير من الأولويات والمقاربات لمعظم القضايا .

حصاد الأسبوع الرئيس قيس سعيّد ... يعد العدة لاختبار انتخابي مهم. (رويترز)

تونس... على أبواب انتخاباتها الرئاسية الجديدة

تعيش تونس هذه المدة أجواء ما قبل الانتخابات الرئاسية الثالثة منذ إطاحة حكم الرئيس زين العابدين بن علي في يناير (كانون الثاني) 2011. إذ أعلنت السلطات و«الهيئة العليا للانتخابات» عن انطلاق العملية الانتخابية رسمياً يوم 14 يوليو (تموز) الحالي. ومن المقرر الكشف عن القائمة النهائية للمرشحين المقبولين في آخر الأسبوع الأول من أغسطس (آب) المقبل، في حين تنطلق الحملات الانتخابية الرسمية خلال سبتمبر (أيلول) تأهباً ليوم الاقتراع العام وهو 6 أكتوبر (تشرين الأول) المقبل. بيد أن هذه الانتخابات تنظم في «مناخ استثنائي جداً» وفق معظم المراقبين، وسط استفحال مظاهر أزمة اقتصادية اجتماعية سياسية أثرت في خطب غالبية المرشحين والسياسيين وأولوياتهم. وبالتالي، تكثر التساؤلات حول مدى انعكاس الملفات الاقتصادية الاجتماعية «الحارقة» على العملية الانتخابية الجديدة وعلى المشهد السياسي... وهل سيستفيد من هذه الملفات ممثلو المعارضة والنقابات أم الرئيس قيس سعيّد، الذي أعلن رسمياً ترشحه لدورة ثانية، وعاد إلى اتهام «المتآمرين على الأمن القومي للبلاد» بتأزيم الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية وقطع الكهرباء والماء ومواد الاستهلاك عن المواطنين لأسباب سياسية وانتخابية أو «خدمة لأجندات أجنبية».

كمال بن يونس (تونس)
حصاد الأسبوع من لقاء أوربان - بوتين في موسكو (رويترز)

روسيا وأوكرانيا في صميم هموم البرلمان الأوروبي الأكثر يمينية

مطلع الشهر الماضي ذهب الأوروبيون إلى صناديق الاقتراع لتجديد عضوية البرلمان الأوروبي، فيما أجمعت الآراء على وصفها بأنها أهمّ انتخابات في تاريخ الاتحاد،

شوقي الريّس (بروكسل)

اختيار هاريس قد لا يكفي لتجنيب الديمقراطيين الهزيمة

كمالا هاريس... أمام الأختبار السياسي الأكبر (رويترز)
كمالا هاريس... أمام الأختبار السياسي الأكبر (رويترز)
TT

اختيار هاريس قد لا يكفي لتجنيب الديمقراطيين الهزيمة

كمالا هاريس... أمام الأختبار السياسي الأكبر (رويترز)
كمالا هاريس... أمام الأختبار السياسي الأكبر (رويترز)

هل نجح انسحاب الرئيس الأميركي جو بايدن من سباق الرئاسة في تجنيب الديمقراطيين هزيمة... كانت تتجمع نُذُرها حتى من قبل «مناظرته الكارثية» مع منافسه الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترمب بكثير؟ الإجابة عن هذا السؤال، لا يختصرها الإجماع السريع الذي توافقت عليه تيارات الحزب لدعم كامالا هاريس، نائبة الرئيس الحالية. ذلك أن الصعوبات التي يواجهها الديمقراطيون، والأزمات التي لم يتمكنوا بعد من ابتكار الحلول لها، أكبر من أن يحتويها استعاضتهم عن مرشح مسنّ ضعيف وغير ملهم، بمرشحة شابة ملوّنة. ولكن مع ذلك، يبدو أن الديمقراطيين مقتنعون الآن بأنه باتت لديهم الفرصة لإعادة تصوير السباق على أنه تكرار لهزيمة مرشح «مهووس بالغرور والانتقام»، في حين يعيد خصومهم الجمهوريون تشكيل سياسات حزبهم، وفق أجندة قد تغير وجهه ووجهة أميركا، التي عدّها البعض، «دعوة للعودة إلى الوراء».

في حملة الانتخابات الرئاسية الأميركية، ثمة انزياح الجمهوريين إلى سياسات انعزالية خارجياً وحمائية اقتصادية داخلياً، معطوفة على سياسات اجتماعية يمينية متشددة، قد يكون من الصعب إقناع بعض الشارع بخطورتها. وفي المقابل، ما لم يقدم الديمقراطيون حلولاً للمشاكل التي أبعدت ولا تزال تبعد، شريحة واسعة من أبناء الطبقة العاملة إلى التصويت مرتين لمصلحة دونالد ترمب، فإنهم سيفقدون السيطرة على حملتهم.

الأمر لا يقتصر على أفراد الطبقة العاملة البيضاء الذين غادروا الحزب الديمقراطي بأعداد كبيرة خلال العقود الأخيرة، إذ أظهرت استطلاعات الرأي أن ترمب يُعد لاجتذاب الناخبين السود واللاتينيين من الطبقة العاملة بنسب تاريخية محتملة. ومع اعتناق ترمب ومرشحه لمنصب نائب الرئيس، جي دي فانس، لسنوات، سياسات «شعبوية» فإنهما سعيا أيضاً إلى استخدام حتى بعض الانتقادات «التقدمية» للسوق الحرة، ولو كانا سيخدمان الأثرياء في نهاية المطاف.

ترمب يهاجم هاريس خلال مهرجان انتخابي في ولاية نورث كارولينا (آب)

ولاغتنام هذه الفرصة، قد يفكر الديمقراطيون في قراءة كيف تمكّن حزبهم من التعافي من الأزمات الخطيرة في ماضيهم. ومعلوم أنه في حين كانت الانتخابات الماضية تدور حول السياسات، وليس التدهور الذهني للمرشحين والتشكيك بقدرتهم على الفوز، كما كان الحال مع بايدن في هذه الانتخابات، فإنهم لم ينجحوا إلا عندما قدّموا أجندة اقتصادية، تروّج لرأسمالية أكثر أخلاقية وأقل ضراوة وقسوة.

توحد حول «أجندة تقدمية»يقول مايكل كوزين، أستاذ التاريخ في جامعة جورجتاون، إنه منذ القرن التاسع عشر، لم ينجح الديمقراطيون في قلب هزائمهم، إلّا بعد توحيد صفوفهم خلف أجندة، قدمت مساراً مختلفاً لمعالجة الأزمات، من «الكساد الكبير» إلى التصدي للعنصرية، وكسر الخطاب الشعبوي - الذي هدف إلى كسب تأييد المزارعين وعمال المناجم - ومن ثم طرحوا حلولاً بشأن العمل والضمانات الاجتماعية والصحية والمال.

في العشرينات من القرن الماضي، دارت أزمة الديمقراطيين حول قضايا الثقافة والعِرق بدلاً من تحديد من فاز ومن خسر فيما كان آنذاك اقتصاداً مزدهراً. ولقد تطلب الأمر أسوأ كساد في تاريخ البلاد، لإعطاء الديمقراطيين الفرصة لوضع هذه الاختلافات وراء ظهورهم. وعام 1932، تحت قيادة فرانكلين روزفلت، فازوا بغالبية كبيرة في الكونغرس وأنشأوا أكبر توسع في السلطات المحلية للحكومة الفيدرالية في تاريخ الولايات المتحدة.

وبعدها، في عام 1968، بدا أن انسحاب ليندون جونسون من السباق أشبه بانسحاب جو بايدن هذا العام... إذ كان الرجلان يخطّطان للترشح لإعادة الانتخاب، لكن المعارضة الشرسة داخل حزبهما أثنتهما عن ذلك. واليوم، كما حصل سابقاً، أخذ نائب الرئيس مكانه على رأس القائمة. غير أن معارضة عودة جونسون كانت بسبب أكثر أهمية بكثير من القلق بشأن أداء الرئيس في مناظرة، أو على قدراته الجسدية والمعرفية التي قسا عليها الزمن. كان الخلاف يومذاك حول «حرب فيتنام» يقسم الديمقراطيين، والأميركيين عموماً، وهو ما أدى إلى خسارتهم أمام الجمهوريين وفوز المرشح الجمهوري ريتشارد نيكسون.

اصطفاف التيار التقدمياليوم، باستثناء الحرب في غزة، وانتقاد التيار التقدمي لإسرائيل، فإن الديمقراطيين متّحدون بشكل ملحوظ حول القضايا التي ركّز عليها بايدن في حملته الانتخابية. وبدا أن تمسك هذا التيار به والاصطفاف اليوم وراء نائبته كامالا هاريس، دليل على إجماع على أن «خطر» إدارة ترمب أخرى قد طغى على استيائه منهما. وفي غياب أي استثناءات تقريباً، يتفق ممثلوهم مع أعضاء الحزب في مجلسي الشيوخ والنواب، على تشجيع العمال على تشكيل النقابات ويريدون القيام باستثمارات جادة في مجال الطاقة المتجددة، ويؤيدون بالإجماع زيادة الضرائب على الأغنياء وتسليح أوكرانيا.

بيد أن تغير موقف «التيار التقدمي» بشأن هاريس - التي لطالما تعرضت للانتقادات منه - يعكس إلى حد كبير الديناميكيات السياسية المتغيرة داخل الحزب الديمقراطي نفسه. وحقاً، منذ التراجع المطّرد لدور اليساري المخضرم بيرني ساندرز وتحوّله إلى شيء من الماضي، وكون النجوم التقدميين مثل النائبة ألكساندريا أوكازيو كورتيز، ما زالوا أصغر من أن يتمكنوا من الترشح للرئاسة، لا يوجد بديل واضح عند هذا التيار. وأيضاً، مع تهميش أولويات «التقدميين» التشريعية السابقة كالتعليم الجامعي المجاني والرعاية الصحية الشاملة، واستمرار تعثر القضايا الحالية كالحرب في غزة من دون نهاية واضحة، تقلصت فرص «تيارهم» في لعب دور أكبر داخل الحزب.

ولكن إذا أعطى انسحاب بايدن الديمقراطيين فرصة لإحياء حظوظهم فيما بدا لفترة وكأنه سباق خاسر، فإنه قد لا يفعل ذلك الكثير لمعالجة الأزمة الأعمق التي واجهوها منذ أعاد ترمب تشكيل الحزب الجمهوري.

الديمقراطيون تجنّبوا الانقسامفإجماع الديمقراطيين على الدفع بكامالا هاريس خياراً لا بد منه، قد يكون جنبهم على الأقل خطر الانقسام. ورغم كونها خطيبة مفوهة، على خلفيتها بوصفها مدعية عامة وسيناتوراً سابقاً عن كاليفورنيا - كبرى الولايات الأميركية وأهمها - يظل العديد من الأميركيين ينظرون إليها على أنها «ليبرالية» و«تقدمية» تهتم بشدة بالحقوق الإنجابية والتنوع العرقي. وهم أيضاً يأخذون عليها أنها لم تظهر، حتى الآن على الأقل، قدرتها على التواصل بالقوة نفسها مع ناخبي الطبقة العاملة الذين يعتقدون أن لا الحزب الديمقراطي ولا الحكومة أظهرا الاهتمام نفسه بمشاكلهم الاقتصادية... وخوفهم من أن حياة أطفالهم قد تتعرض للخطر.

واستناداً إلى استطلاعات رأي تشير منذ عدة سنوات إلى أن أغلب الناس يعتقدون أن الولايات المتحدة «تسير على المسار الخطأ»، استخدم جي دي فانس، نائب ترمب، هذه المخاوف التي عرضها في كتابه «مرثية هيلبيلي» لتصعيد الخطاب الشعبوي، الذي عدّه البعض دعوة إلى إعادة عقارب الزمن عبر إحياء الصناعات المنقرضة، بدلاً من الاستثمار في المستقبل.

صعود المظالممع هذا، إذا اكتفت هاريس بالترويج والدفاع عن إنجازاتها وبايدن فقط، فقد تفشل في معالجة هذه المخاوف، وربما تسمح لترمب بالفوز مرة أخرى. الاعتراف باللامساواة بين الجنسين وقبول «الهويات» الجنسية، ونقد الاستعمار والعنصرية وكراهية الأجانب، وصعود حركة حماية البيئة، كلها مظالم وتحديات لشرائح واسعة تعتقد أنها تتعرّض للخطر وتدعو الساسة للعودة إلى الأنماط القديمة دفاعاً عنها. كما أن اضطرابات أخرى لعبت أيضاً دوراً في صعود هذه المظالم، من تغير المناخ والتحديات الاقتصادية التي فرضها، واستمرار التفاوت في الدخل، وموجات المهاجرين إلى أوروبا والولايات المتحدة، والانهيار الاقتصادي عام 2008، وجائحة «كوفيد-19» التي ألحقت أضراراً بالغة بالاقتصادات في جميع أنحاء العالم.

ومع تصاعد الشكوى من الهجرة والمهاجرين والتغير الديموغرافي والعولمة في كل مكان، يهدّد خطاب «الشعبوية» الجديد الديمقراطيات الليبرالية القديمة. وبدا أن احتضان الناخبين الأميركيين لترمب، يشبه تحول الناخبين الفرنسيين نحو حزب «التجمّع الوطني» اليميني المناهض للمهاجرين بزعامة مارين لوبان، الذي يدّعي أنه يمثل «فرنسا الحقيقية»، ومعه صعود العديد من أحزاب اليمين المتطرف في أوروبا، وفق الكاتب الأميركي إدواردو بوتر.

فشل ديمقراطي

مع ذلك، فشل الديمقراطيون منذ عهد باراك أوباما في تقديم برنامج سياسي متماسك حول الوجهة التي يريدون أخذ أميركا إليها، والتكلم عن أولئك الذين يكافحون من أجل تغطية نفقاتهم، وهذا، بصرف النظر عن دفاعهم عن مصالح الطبقة الوسطى والتسامح مع الاختلافات الثقافية والتحرك نحو اقتصاد أكثر خضرة.

ومع أن ترشيح كامالا هاريس قد يعطيهم الفرصة للبدء في تغيير تلك الصورة، يظل الخطر كامناً في أنهم قد يعتقدون أن الأزمة الأخيرة التي مروا بها، أمكن حلها بتغيير المرشحين من دون معالجة حالة السخط التي تعصف بالبلاد. وهذا ما بدا من خطابهم الذي عاد للتشديد على أن المهمة الرئيسية هي منع عودة ترمب. فقد التحمت الأصوات الديمقراطية في خطاب شبه موحّد لتصوير الانتخابات على «أنها بين مجرم مُدان لا يهتم إلا بنفسه ويحاول إعادة عقارب الساعة إلى الوراء بما يخص حقوقنا وبلدنا، ومدعية عامة سابقة ذكية ونائبة رئيس ناجحة تجسد إيمانناً بأن أفضل أيام أميركا لا تزال أمامنا»، على ما كتبته الثلاثاء، هيلاري كلينتون في مقالة رأي في «نيويورك تايمز».

ربما لا حاجة إلى التذكير بأن خسارة كلينتون نفسها للسباق الرئاسي أمام ترمب عام 2016، كان بسبب إحجام ناخبي ولايات ما يعرف بـ«حزام الصدأ» - حيث قاعدة العمال البيض - عن تأييدها، بعدما خسر مرشحهم بيرني ساندرز الانتخابات التمهيدية للحزب الديمقراطي، الذي كان ينظر إليه على أنه مرشح واعد للدفاع عن حقوق الطبقة العاملة، ومنحهم أصواتهم لترمب الذي نجح في مخاطبة هواجسهم.

فرصة هاريس

اليوم، في ضوء انتزاع هاريس - إلى حد بعيد - بطاقة الترشيح قبل انعقاد مؤتمر الحزب في 19 أغسطس (آب) المقبل، ما يوفر عليها خوض انتخابات تمهيدية جديدة والفوز فيها، فإنها تحظى بفرصة لإعادة تقديم نفسها. وخلال الأيام الأخيرة، تعززت حملتها بفضل زيادة الحماسة والدعم وجمع التبرعات الذي حقق أرقاماً قياسية خلال 48 ساعة، وكل ذلك كان مفقوداً في حملة بايدن وسط مخاوف بشأن عمره وصحته.

لكن الحزب ما زال منقسماً حيال الرد على هجمات الجمهوريين، إذ يشعر البعض بالقلق من أن الغرق في مناقشات حول العنصرية والتمييز الجنسي، يمكن أن يستهلك حملة هاريس لدى انشغالها بمخاطبة جمهور الناخبين الأوسع. ولذا تصاعدت الأصوات الديمقراطية الداعية إلى جسر الهوة إزاء الهجرة والجريمة والتضخم، التي يركز الجمهوريون عليها، بينما يتساءل آخرون، عمّا إذا كان الكلام الصارم عن الإجهاض والضرائب والعنصرية، وغير ذلك من بنود جدول الأعمال التي يسعى الديمقراطيون بشدة إلى إعادتها إلى قمة الأولويات العامة، هو الطريقة الأفضل لخوض السباق ضد ترمب. الديمقراطيون متّحدون اليوم حول القضايا التي ركّز عليها بايدن

لطّف الجمهوريون خطابهم المتشدد... بينما يبحث الديمقراطيون عن نائب لهاريس

> لا يخفى، لدى تفحّص المشهد الانتخابي الأميركي، أن الجمهوريين سعوا للاستفادة من مكاسب استطلاعات الرأي مع الأميركيين الذين كانوا مترددين في السابق تجاه دونالد ترمب، وخاصة الناخبين غير البيض. إذ أعادوا تنظيم مؤتمرهم الوطني للتأكيد على «الوحدة»، بعد محاولة الاغتيال التي تعرّض لها ترمب، وتقديمه كرجل دولة وليس محارباً للثقافة والعرق. وتضمن المؤتمر كلمات دحضت الاتهامات بالعنصرية ضد ترمب، إلى جانب عدد من المتكلمين الذين أكدوا على خلفياتهم المهاجرة وعلى أن الجمهوريين مهتمون فقط بأمن الحدود. وبينما يقلّب الديمقراطيون الأسماء لاختيار نائب الرئيس على بطاقة الاقتراع مع كمالا هاريس، برز عدد من الأسماء على رأسهم جوش شابيرو حاكم ولاية بنسلفانيا المتأرجحة. وحظي شابيرو، وهو يهودي أبيض،

ترمب يهاجم هاريس خلال مهرجان انتخابي في ولاية نورث كارولينا (آب)

بالاهتمام كونه حقق فوزاً كبيراً في انتخابات عام 2022، متغلباً على سيناتور يميني متشدد أنكر فوز بايدن في انتخابات عام 2020، ويلقى دعماً كبيراً من الرئيس السابق باراك أوباما. أيضاً، برز السيناتور مارك كيلي (من ولاية أريزونا المتأرجحة أيضاً) الذي عُدّ منافساً محتملاً في مواجهة نائب ترمب، السيناتور جي دي فانس (من ولاية أوهايو). ويقف الرجلان على النقيض في العديد من قضايا السياسة الخارجية، وخصوصاً فيما يتعلق بمسألة مساعدة أوكرانيا. وبدا كيلي مرشحاً مثالياً ضد فانس؛ للموازنة بين الحفاظ على الولايات المتأرجحة، والحفاظ على سياستهم الخارجية. واتهمه بأنه «سيتخلى» عن أوكرانيا لصالح روسيا. وأردف كيلي قائلاً، إنه «أمام ما قد يفعله ترمب وفانس للتخلي عن حليف، فهذا من شأنه أن يؤدي إلى عالم أكثر خطورة بكثير». ورغم رفضه تأكيد أن يكون من بين المرشحين، قائلاً إن الأمر يتعلق بهاريس، «المدعية العامة التي تتمتع بكل هذه الخبرة، وترمب الرجل المدان بـ34 جناية ولديه خيار بشأن المستقبل، قد يعيدنا إلى الماضي حين كنا أقل أماناً».