مطالب حوثية لوقف الهجمات على مأرب تعقد المشهد اليمني

القاعدي لـ«الشرق الأوسط»: الشروط استسلام وليست سلاماً

مقاتل موالٍ للقوات الحكومية على إحدى جبهات مأرب لمواجهة الحوثيين  (رويترز)
مقاتل موالٍ للقوات الحكومية على إحدى جبهات مأرب لمواجهة الحوثيين (رويترز)
TT

مطالب حوثية لوقف الهجمات على مأرب تعقد المشهد اليمني

مقاتل موالٍ للقوات الحكومية على إحدى جبهات مأرب لمواجهة الحوثيين  (رويترز)
مقاتل موالٍ للقوات الحكومية على إحدى جبهات مأرب لمواجهة الحوثيين (رويترز)

كشفت الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران أخيراً عن شروطها للموافقة على وقف الهجمات المتواصلة تجاه محافظة مأرب اليمنية التي تؤوي أكثر من مليوني نازح، وهي الشروط التي عدها مسؤولون يمنيون وناشطون تعقيداً لمساعي السلام، وإصراراً من الجماعة الانقلابية على تعقيد مهمة المبعوث الأممي الجديد.
الجماعة كشفت عن أن زعيمها وضع تسع نقاط أمام الوسطاء العمانيين أطلق عليها «مبادرة مأرب»، في مقابل المبادرة الأممية التي كان قد اقترحها المبعوث الأممي السابق مارتن غريفيث، والتي تتطابق في جوهرها مع المبادرة السعودية، إذ تضمنت الأخيرة وقفاً شاملاً لإطلاق النار، وفتح مطار صنعاء، وتخصيص موارد موانئ الحديدة لدفع الرواتب، ثم الشروع في المفاوضات للتوصل إلى سلام نهائي شامل.
وبحسب ما جاء في المبادرة الحوثية التي كشف عنها قادة الميليشيات، فإنها تشترط تشكيل قيادة مشتركة للمحافظة، وقوات أمنية مشتركة، ولجان فنية مشتركة. كما تشترط الحصول على حصص من النفط والغاز، إلى جانب إعادة تشغيل أنبوب التصدير من مأرب باتجاه ميناء رأس عيسى على البحر الأحمر غرباً الخاضع لسيطرتها، وإتاحة المجال أمام عناصر الجماعة للتنقل من وإلى المحافظة، مع إطلاق الأسرى الموالين لها في سجون الحكومة الشرعية.
وتعني المبادرة في جوهرها -بحسب مراقبين يمنيين- تسليم المحافظة النفطية للميليشيات الحوثية التي تراهن على احتلالها عسكرياً منذ أكثر من عام، من خلال الهجمات البرية المتواصلة، والقصف بالصواريخ والطائرات المسيرة.
وفي معرض تعليقه على الشروط الحوثية، قال وكيل وزارة الإعلام اليمنية، عبد الباسط القاعدي، لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه شروط استسلام، وليست شروط سلام، وما لم يأخذه الحوثي بالحرب يريد أن يأخذه بالسلام، وهذا الأسلوب هو فرض شروط، وليس رغبة حقيقية في السلام، ولن يحصل الحوثي في مأرب إلا على البارود»، وفق تعبيره.
وأضاف القاعدي أن «وفد الوسطاء العماني زار الحوثيين حاملاً المبادرة السعودية، لكن ما كشفه الحوثي فيما سماه (مبادرة مأرب) يؤكد رفض الميليشيات الموالية لإيران للمبادرة السعودية، وللجهود الدولية التي بذلت في هذا السياق. وهذا يثبت أن الحوثي لا يرفض مباشرة، لكنه يختلق مواقف لتتويه الوساطة العمانية».
ويتهم وكيل وزارة الإعلام اليمنية الميليشيات الحوثية بأنها «غير معنية بالسلام»، وأن زعيمها «يحاول فرض شروطه، كما يحاول التذاكي على المجتمع الدولي، وعلى الجهود الداعمة لعملية السلام».
ويتابع القاعدي قائلاً: «لقد جرب اليمنيون على مدار سنوات من الانقلاب، وحتى من قبل الانقلاب، كيف كانت الميليشيات تتهرب من أي جهود حقيقية لوقف القتال وإحلال السلام، وكيف أنها تنقلب على أي اتفاق، إلى جانب رفضها لكل القرارات الدولية، بما فيها قرار مجلس الأمن (2216)، وصولاً إلى إفشالها تنفيذ اتفاق استوكهولم، سواء ما يتعلق بالانسحاب من الحديدة وتخصيص الموارد للرواتب أو ما يتعلق بالأسرى والمختطفين أو ما يخص فك الحصار عن مدينة تعز».
ومن جهته، يرى المحلل السياسي اليمني محمود الطاهر أن الجماعة الحوثية، من خلال ما سمته «مبادرة مأرب»، تهدف إلى إرسال رسائل عدة، حيث تريد أن تقول للقبائل اليمنية، خصوصاً قبائل مأرب التي حاولت الميليشيا غير مرة إغراءهم بالمال للتخلي عن المحافظة النفطية، إن الجماعة أصبحت تفرض الشروط، وإنه لا مكان لهذه القبائل بعد أن يقوم المجتمع الدولي بتسليم المحافظة للميليشيات.
ويرى الطاهر أن الجماعة «تحاول أن توهم المجتمع الدولي، خصوصاً الولايات المتحدة الأميركية، من خلال هذه الشروط، بأنها تحارب تنظمي (داعش) و(القاعدة)، وتريد القول إن مقر التنظيمين في مأرب، وهو اتهام خطير لأبناء اليمن بشكل عام، مفاده أن من يرفض المشروع الإيراني هو (داعش) و(القاعدة)».
ويصف المحلل السياسي اليمني، في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، هذه الشروط الحوثية بأنها «محاولة لتجزئة الحلول العسكرية، وليس السياسية، بهدف إسقاط كل المحافظات بهذه الطريقة، من خلال إبرام اتفاقيات إدارة مشتركة».
يشار إلى أن الجماعة الموالية لإيران كانت قد رفضت خلال الأشهر الماضية المبادرة السعودية التي لقيت دعماً أممياً وأميركياً، في حين حاول الوسطاء العمانيون عرضها على زعيم الميليشيات، من خلال زيارتهم صنعاء للقائه، غير أن الجماعة أعادت الوفد الوسيط محملاً بما سمته «مبادرة مأرب».
وفي وقت سابق، أكد الرئيس اليمني، عبد ربه منصور هادي، على «ثبات الشرعية وقواها الوطنية والمجتمعية، وتماسكها قيادة وحكومة وشعباً، في مواجهة كل التحديات والظروف، للمضي قدماً نحو الأهداف الوطنية بصورة أكثر قوة ورسوخاً على الأرض، بفعل ثبات وجدارة الجيش والمقاومة الشعبية، ودفاعهما المشرف عن النظام الجمهوري والوحدة الوطنية والمرجعيات الثابتة».
وجدد هادي رفض استنساخ التجربة الإيرانية في بلاده، وقال إن الشعب اليمني لن يقبل بها مطلقاً، مشيراً إلى الموقف السعودي القومي المدافع عن الشرعية ونظامها الوطني.
ومن جهته، كان زعيم الميليشيات الحوثية قد دعا أتباعه، في خطبة له (الاثنين)، إلى الاستمرار في حشد المجندين للقتال، كما دعاهم إلى تشديد القبضة الأمنية على السكان، وإلى الاستمرار فيما وصفه بـ«تطهير» المؤسسات الحكومية ممن وصمهم بـ«الخونة والعملاء».
وعلى الصعيد الميداني، أكد الإعلام العسكري للجيش اليمني استمرار المعارك في جبهات مأرب، وقال إن طيران تحالف دعم الشرعية قصف اجتماعاً لقيادات حوثية جنوب مأرب في مديرية رحبة، ما أدى إلى مقتل جميع من كانوا في الاجتماع من عناصر الجماعة.
وأوضح المركز الإعلامي للقوات المسلحة اليمنية، في تغريدة على «تويتر»، أن «طيران تحالف دعم الشرعية استهدف، في وقت متأخر من مساء الاثنين، اجتماعاً لقيادات ميليشيا الحوثي الانقلابية في جبهة رحبة»، مؤكداً «مصرع جميع من كانوا في الاجتماع، إضافة إلى تدمير خمس عربات عسكرية، بما عليها من مسلحين وعتاد».


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
TT

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)
الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

في خطوة إضافية نحو مكافحة الفساد ومنع التجاوزات المالية، أحال رئيس الوزراء اليمني، الدكتور أحمد عوض بن مبارك، رئيس إحدى المؤسسات النفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

تأتي الخطوة متزامنة مع توجيه وزارة المالية خطاباً إلى جميع الجهات الحكومية على المستوى المركزي والسلطات المحلية، أبلغتها فيه بالامتناع عن إجراء أي عقود للشراء أو التزامات مالية جديدة إلا بعد الحصول على موافقة مسبقة من الوزارة.

الخزينة اليمنية خسرت نحو 3 مليارات دولار نتيجة توقف تصدير النفط (إعلام محلي)

وقال بن مبارك في حسابه على «إكس» إنه أحال ملفاً جديداً في قضايا الفساد إلى النائب العام، ضمن إجراءات مستمرة، انطلاقاً من التزام الحكومة المطلق بنهج مكافحة الفساد وإعلاء الشفافية والمساءلة بوصفه موقفاً وليس مجرد شعار.

وأكد أن الحكومة والأجهزة القضائية والرقابية ماضون في هذا الاتجاه دون تهاون، مشدداً على أنه لا حماية لمن يثبت تورطه في نهب المال العام أو الفساد المالي والإداري، مهما كان موقعه الوظيفي.

في السياق نفسه، أوضح مصدر حكومي مسؤول أن مخالفات جديدة في قضايا فساد وجرائم تمس المال العام تمت إحالتها إلى النائب العام للتحقيق واتخاذ ما يلزم، من خلال خطاب وجّه إلى النيابة العامة، يتضمن المخالفات التي ارتكبها المدير التنفيذي لشركة الاستثمارات النفطية، وعدم التزامه بالحفاظ على الممتلكات العامة والتصرف بشكل فردي في مباحثات تتعلق بنقل وتشغيل أحد القطاعات النفطية.

وتضمن الخطاب -وفق المصدر- ملفاً متكاملاً بالمخالفات التي ارتكبها المسؤول النفطي، وهي الوقائع التي على ضوئها تمت إحالته للتحقيق. لكنه لم يذكر تفاصيل هذه المخالفات كما كانت عليه الحال في إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة التسبب في إهدار 180 مليون دولار.

وجدّد المصدر التزام الحكومة المُطلق بالمحافظة على المال العام، ومحاربة جميع أنواع الفساد، باعتبار ذلك أولوية قصوى. وأشار إلى أن القضاء هو الحكم والفيصل في هذه القضايا، حتى لا يظن أحد أنه بمنأى عن المساءلة والمحاسبة، أو أنه فوق القانون.

تدابير مالية

في سياق متصل بمكافحة الفساد والتجاوزات والحد من الإنفاق، عمّمت وزارة المالية اليمنية على جميع الجهات الحكومية عدم الدخول في أي التزامات مالية جديدة إلا بعد موافقتها على المستويات المحلية والمركزية.

تعميم وزارة المالية اليمنية بشأن ترشيد الإنفاق (إعلام حكومي)

وذكر التعميم أنه، وارتباطاً بخصوصية الوضع الاقتصادي الراهن، واستناداً إلى قرار مجلس القيادة الرئاسي رقم 30 لعام 2022، بشأن وضع المعالجات لمواجهة التطورات في الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي، وفي إطار دور وزارة المالية بالموازنة بين النفقات والإيرادات، فإنها تهيب بجميع الجهات المشمولة بالموازنة العامة للدولة والموازنات الملحقة والمستقلة الالتزام بالإجراءات القانونية وعدم الدخول في أي التزامات جديدة أو البدء في إجراءات عملية الشراء إلا بعد أخذ الموافقة المسبقة منها.

وأكد التعميم أن أي جهة تُخالف هذا الإجراء ستكون غير مسؤولة عن الالتزامات المالية المترتبة على ذلك. وقال: «في حال وجود توجيهات عليا بشأن أي التزامات مالية فإنه يجري عرضها على وزارة المالية قبل البدء في إجراءات الشراء أو التعاقد».

دعم صيني للإصلاحات

وناقش نائب محافظ البنك المركزي اليمني، محمد باناجة، مع القائم بالأعمال في سفارة الصين لدى اليمن، تشاو تشنغ، مستجدات الأوضاع المتعلقة بتفاقم الأزمات المالية التي يشهدها اليمن، والتقلبات الحادة في أسعار الصرف التي تُعد نتيجة حتمية للوضع الاقتصادي المتدهور في البلاد، والذي أثر بشكل مباشر على القطاع المصرفي والمالي.

وأعاد المسؤول اليمني أسباب هذا التدهور إلى اعتداء «ميليشيات الحوثي» على منشآت تصدير النفط، ما أدى إلى توقف التصدير، الذي يُعد أهم مصدر لتمويل خزينة الدولة بالنقد الأجنبي، والذي تسبب في مضاعفة العجز في الموازنة العامة وميزان المدفوعات.

نائب محافظ البنك المركزي اليمني خلال لقائه القائم بالأعمال الصيني (إعلام حكومي)

وخلال اللقاء الذي جرى بمقر البنك المركزي في عدن، أكد نائب المحافظ أن إدارة البنك تعمل جاهدة على تجاوز هذه التحديات، من خلال استخدام أدوات السياسة النقدية المُتاحة. وأشار إلى استجابة البنك بالكامل لكل البنود المتفق عليها مع المبعوث الأممي، بما في ذلك إلغاء جميع الإجراءات المتعلقة بسحب «نظام السويفت» عن البنوك التي لم تنقل مراكز عملياتها إلى عدن.

وأعاد المسؤول اليمني التذكير بأن الحوثيين لم يتخذوا أي خطوات ملموسة، ولم يصدروا بياناً يعبرون فيه عن حسن نياتهم، في حين أكد القائم بأعمال السفارة الصينية دعم الحكومة الصينية للحكومة اليمنية في كل المجالات، ومنها القطاع المصرفي، للإسهام في تنفيذ الإصلاحات.