في لشكرجاه عاصمة ولاية هلمند أحد معاقل متمردي «طالبان»، حيث دار بعض من أشرس المعارك خلال انتشار القوات الأجنبية مدة 20 عاماً، حصن مقاتلو الحركة المسلحة موقعهم بعد أن قتل ما لا يقل عن 40 مدنياً وأصيب 118 في الساعات الأربع والعشرين الأخيرة؛ على ما أعلنت بعثة الأمم المتحدة لدى أفغانستان.
وفُجّرت آلية مفخخة أمام منزل نائب مجاور لمنزل وزير الدفاع الجنرال باسم الله محمدي الذي لم يصب في الاعتداء.
وبعد الانفجار تمكن معتدون عدة من دخول منزل النائب على ما أفادت به مصادر أمنية عدة وكالة الصحافة الفرنسية. أعلنت حركة «طالبان»، الأربعاء، مسؤوليتها عن الهجوم. وقال ذبيح الله مجاهد، المتحدث باسم «طالبان»، إن الحركة استهدفت مقر إقامة باسم الله محمدي القائم بأعمال وزير الدفاع مساء الثلاثاء، وأشار إلى أن اجتماعاً مهماً كان منعقداً هناك في ذلك الوقت.
ونجا محمدي من الهجوم، لكن الواقعة تمثل تدهوراً في الوضع الأمني بالبلاد، وعلامة على أن العاصمة تواجه خطر العنف مع سيطرة الحركة المسلحة على مساحات واسعة من الأراضي. واستهدف التفجير منطقة شديدة التحصين بالعاصمة التي لم تشهد في الأسابيع الأخيرة ذلك النوع من العنف الذي يعصف بأجزاء أخرى من البلاد.
وقتل 8 أشخاص؛ من بينهم امرأة، وجرح أكثر من 20 آخرين جراء التفجير، طبقاً لما ذكرته وزارة الداخلية أمس الأربعاء، بحسب وكالة «خاما برس» الأفغانية للأنباء. ووقع الهجوم في نحو الساعة الثامنة مساء بالتوقيت المحلي في منطقة شيربور بمنطقة الشرطة العاشرة في كابل، وتعد المنطقة مقر إقامة معظم المسؤولين الأفغان رفيعي المستوى. فقد فُجرت سيارة مفخخة أولاً، بالقرب من منزل محمدي ثم دخل 4 مسلحين منزلاً قريباً واشتبكوا مع حراس الأمن. وقالت مصادر إن 3 مهاجمين دخلوا منزل محمد عظيم محسني، وهو نائب في البرلمان عن إقليم باغلان، بعد التفجير. وأكد محسني أنه لم يكن في المنزل وقت وقوع الحادث. وذكرت مصادر: «كان هناك ما بين 4 و7 مهاجمين».
وقال مصدر أمني إن حارساً أمنياً بمنزل محمدي كان من بين هؤلاء القتلى وأصيب آخر. وفي رسالة صوتية انتشرت بشكل واسع عبر وسائل التواصل الاجتماعي، قال يونس قانوني؛ النائب السابق للرئيس الأفغاني، إن التفجير وقع عند مقر إقامة القائم بأعمال وزير الدفاع الأفغاني بسم الله محمدي. وقال قانوني إن محمدي لم يكن في المبنى وقت التفجير. وذكر المتحدث باسم وزارة الدفاع، فواد أمان، في تغريدة على «تويتر»، أن الوزير بخير وبصحة جيدة.
وقال أحد معاوني الوزير لوكالة الأنباء الألمانية إنه جرى إجلاء أسرة الوزير في أعقاب الهجوم. ووقع الانفجار قبل ساعة من دعوة سكان كابل إلى ترديد «الله أكبر» من فوق أسطح منازلهم لإظهار دعمهم قوات الدفاع والأمن الأفغانية التي تقاتل ضد «طالبان» في مناطق عدة من البلاد.
وبعد التفجير هتف آلاف من سكان كابل «الله أكبر» من فوق أسطح منازلهم أو أثناء سيرهم في الشوارع. من جهته، قال المتحدّث باسم وزارة الخارجيّة الأميركيّة، نيد برايس، لصحافيين: «لسنا في وارد تحميل المسؤولية رسمياً في هذه المرحلة، لكنّها (الاعتداءات) تحمل بالتأكيد كل بصمات موجة هجمات (طالبان) التي شهدناها في الأسابيع الأخيرة».
وأضاف برايس: «من المهمّ أن تقرّ (طالبان) بأنّها لا تستطيع تحقيق أهدافها عبر الاستيلاء على السلطة من طريق العنف»، مؤكّداً عزم واشنطن على «تسريع وتيرة مفاوضات السلام القائمة».
ويستعد الجيش الأفغاني لشن هجوم مضاد لطرد المتمردين من لشكرجاه الجنوبية، التي يقطنها أكثر من 200 ألف شخص، طالباً من السكان المغادرة غداة هجوم انتحاري في كابل. وتَكثف القتال خصوصاً حول مدينة هرات قرب الحدود الغربية مع إيران، وعند لشكركاه وقندهار في الجنوب.
وقال متحدث عسكري أفغاني إن حالة طوارئ أعلنت في لشكرجاه وإن قوات الحكومة تتلقى تعزيزات ودعماً جوياً أميركياً. وقال المتحدث العسكري الجنرال أجمل عمر شينواري لـ«رويترز»: «أُرسلت قوات خاصة للمنطقة. معنوياتهم مرتفعة». وستمثل خسارة لشكرجاه صفعة قوية للحكومة التي تعهدت بالدفاع عن المراكز المهمة بعد انتزاع حركة «طالبان» السيطرة منها على كثير من المناطق الريفية في الأشهر القليلة الماضية.
ودعا الجنرال سامي سادات كبير ضباط الجيش الأفغاني في جنوب البلاد في رسالة مسجلة بثها عبر وسائل الإعلام، السكان الثلاثاء إلى مغادرة المدينة تحسباً لهجوم مضاد من القوات الحكومية. وقال: «نناشدكم مغادرة منازلكم في أقرب وقت ممكن. سنواجه (المتمردين) وسنقاتلهم بشراسة»، متوعداً «ألا يبقى أي عنصر من حركة (طالبان) على قيد الحياة».
وقال أحد سكان لشكرجاه، طالباً عدم الكشف عن اسمه، لوكالة الصحافة الفرنسية إن المدينة محرومة «من التيار الكهربائي ومن المواد الغذائية، والمتاجر مغلقة فيها»، ويتواجه الطرفان «من شارع إلى آخر» فيما يقصف الطيران الأفغاني «كل دقيقة تقريباً».
وأضاف: «عناصر (طالبان) في كل مكان بالمدينة» ويتجولون على دراجات نارية، مشيرا إلى أن «المستشفيات تغص بالضحايا، في حين أن غالبية السكان لا يتجرأون على نقل أقاربهم في سيارة خاصة خوفاً من أن يقتلهم عناصر (طالبان) أو أن تقصفهم القوات الحكومية».
وسيطر المتمردون كذلك على إذاعات ومحطات تلفزيونية عدة توقف بثها.
وتتواجه حركة «طالبان» منذ أيام عدة مع القوات الحكومية قرب قندهار أيضاً في جنوب البلاد وفي هرات في الغرب، ثانية وثالثة كبرى مدن البلاد.
وأعلنت سلطات ولاية هرات الثلاثاء أن القوات الأفغانية استعادت مناطق عدة في ضواحي عاصمة الولاية من حركة «طالبان» التي كانت تقدمت في الأيام الأخيرة إلى مشارف المدينة.
ويثير احتمال عودة حركة «طالبان» إلى السلطة قلق عدد كبير من الأفغان. وكانت الحركة حكمت البلاد بين 1996 ونهاية عام 2001 قبل أن يطيح حكمها المتشدد جداً تحالف دولي بقيادة الولايات المتحدة بعد رفضها تسليم أسامة بن لادن إثر هجمات «الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)» في الولايات المتحدة.
الجيش الأفغاني يستعد لهجوم مضاد في لشكرجاه
انفجار كابل الانتحاري استهدف وزير الدفاع... و«طالبان» تعلن مسؤوليتها
الجيش الأفغاني يستعد لهجوم مضاد في لشكرجاه
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة