أميركا تحث السودان على تكوين جيش تحت قيادة موحدة

سامنثا باور مع سيدات من المجتمع المدني خلال زيارتها للخرطوم أمس (أ.ف.ب)
سامنثا باور مع سيدات من المجتمع المدني خلال زيارتها للخرطوم أمس (أ.ف.ب)
TT

أميركا تحث السودان على تكوين جيش تحت قيادة موحدة

سامنثا باور مع سيدات من المجتمع المدني خلال زيارتها للخرطوم أمس (أ.ف.ب)
سامنثا باور مع سيدات من المجتمع المدني خلال زيارتها للخرطوم أمس (أ.ف.ب)

أوضحت مسؤولة أميركية بارزة وقوف الإدارة الأميركية مع إنشاء جيش سوداني موحد، تُدمج فيه كل من قوات الدعم السريع، وقوات الحركات المسلحة، ويخضع لقيادة عسكرية وسياسية واحدة، ضمن باقة الدعم الذي تقدمه الإدارة الأميركية للحكومة الانتقالية، التي يقودها المدنيون، معلنةً تقديم دعم للسودان بنحو 600 ألف جرعة من لقاحات «كورونا».
وقالت سامنثا باور، المديرة التنفيذية للوكالة الأميركية للتنمية الدولية «يو إس أيد»، أمس، في محاضرة بجامعة الخرطوم، وفي مؤتمر صحافي عقدتهما على التوالي، خلال ختام زيارتها للسودان التي استمرت 5 أيام، إن تكوين جيش وطني تُدمج فيه القوات المسلحة، وقوات الدعم السريع، وقوات حركات الكفاح المسلح، وتكوين جيش موحد تحت قيادة موحدة، «يعد إحدى الوسائل الفعالة لتحقيق الاستقرار في السودان».
وأوضحت باور في المحاضرة التي أبدت فيها إعجابها بالثورة السودانية، أن السودان يحتاج قبل حاجته للمعونات والدعم الخارجي، إلى وقوف الشباب ومنظمات المجتمع المدني خلف الثورة التي جاءوا بها، من دون دعم خارجي وأذهلت العالم بسلميتها، التي حالت دون استمرار الرئيس المعزول عمر البشير، وأفقدته سلاح الحروب الذي استخدمه للبقاء في الحكم.
وكانت باور، التنفيذية الأميركية رفيعة المستوى، قد شغلت عدداً من الوظائف الحساسة تحت إدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما، وزارت السودان عندما كانت تعمل صحافية، وغطت أحداث دارفور، ومن خلال تجربتها الشخصية قالت إن السودان «لم يكن في يوم من الأيام أشد تمتعاً بالأمن مما هو عليه الآن، مقارنةً بالأعوام الثلاثين الماضية».
واستندت باور في ذلك إلى اختفاء ما سمتها «بيوت الأشباح» واتساع هامش الحريات، وتوقف القتال والحروب والانفتاح على العالم، بعد إزالة اسم البلاد من قائمة وزارة الخارجية الأميركية للدول الراعية للإرهاب، ما أهّله ليكون شريكاً للولايات المتحدة الأميركية،
وقالت باور بهذا الخصوص: «السودان والولايات المتحدة الآن في حالة سعي لتأسيس شراكة متينة بين البلدين، بعد أن كانا في حالة عداء واحتراب استمرت طوال ثلاثين عاماً».
وأشارت باور إلى ما سمتها «موارد السودان الغنية»، لكنها عدّت «الإنسان السوداني هو أهم موارد البلاد... والشيء الذي يمكن أن يعوّل عليه هو المواطن السوداني، وعلى الدولة تفجير طاقاته»، مطالبة الشباب بـ«أن يتذكر دوماً ما فعله وجعل الثورة السودانية مثالاً وقدوة، ودليلاً على أن ما قد يعتقد الناس باستحالته يمكن أن يصبح ممكناً».
في سياق ذلك، أعلنت باور عن وقوف الولايات المتحدة الأميركية مع السودان، ما دام التزم مبادئ السلام والحرية والعدالة والمساواة والديمقراطية، موضحةً أن واشنطن «ستسهم وتساعد السودان على استغلال ثرواته وموارده العديدة، رغم التحديات التي تجابه السودانيين».
ودعت المسؤولة الأميركية السودانيين إلى التحلي بالصبر، ودعم الحكومة التي أتوا بها عبر ثورتهم، وتحمل القرارات القوية والقاسية التي اتخذتها لتصحيح الأوضاع الاقتصادية، لكونها «لازمة» لإخراج البلاد من أزماتها، وهو الأمر الذي أهّل السودان للاستفادة من مبادرة إعفاء ديون الدول الفقيرة المثقلة بالديون «هيبك».
كما أعلنت باور عن تقديم عدد من المساعدات الأميركية للسودان، تتضمن معونة قدرها 56 مليون دولار لدعم المناطق الطرفية والمهمشة، وتوفير الخدمات الأساسية لها، ومبلغ 4.3 مليون دولار لدعم الانتخابات، فضلاً عن إرسال دعم صحي يُتوقع أن تصل بموجبه 600 ألف جرعة من لقاح «كورونا».
كما تعهدت باور بدعم جهود الحكومة السودانية لتخفيف آثار البرنامج الاقتصادي، وتقديم الدعم المباشر للمواطنين عن طريق برنامج «ثمرات» من أجل الوصول لجميع الأسر المستحقة في البلاد، فضلاً عن دعم الزراعة وتطويرها، ودعمه لاستغلال ثرواته الطبيعية، ودعم منظمات المجتمع المدني.
وبدأت المديرية التنفيذية للمعونة الأميركية «يو إس أيد» زيارة للسودان دامت أربعة، زارت خلالها إقليم دارفور والتقت خلالها المجتمعات المحلية والنازحين، ومنطقة شرق السودان، حيث معسكرات اللاجئين الإثيوبيين، ويُنتظر أن تتجه إلى إثيوبيا قبل أن تعود إلى بلادها.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.